المبادئ الفقهية التي تستصحب عند تطبيق قانون الأحوال الشخصية للمسلمين لسنة 1991
المبادئ الفقهية التي تستصحب عند تطبيق قانون الأحوال الشخصية للمسلمين لسنة 1991
نصت المادة (6) على ان يستصحب القاضي ، وهو يطبق أحكام هذا القانون ، المبادئ الفقهية الآتية، وهى :
(أ ) الصلح جائز بين المسلمين ، الا صلحاً أحل حراماً ، أو حرم حلالاً ،:
يقصد بهذا المبدأ ان في اي نزاع بين اثنين يجب الصلح فالصلح يرضي الطرفين وتنتهي به الخصومة بالتراضي.
وقد استمد المبدأ من حديث النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عمرو بن عوف المزني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (الصلح جائز بين المسلمين، إلا صلحا حرم حلالا أو أحل حراما، والمسلمون على شروطهم، إلا شرطا حرم حلالا أو أحل حراما) وقال الترمذي: هذا حديث صحيح.
ومن قوله تعالى في ندب الصلح بين الطائفتين في الدماء فقال تعالي : { وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ....} سورة الحجرات الآية 9 وأيضا قوله تعالى في ندب الزوجين إلى الصلح عند التنازع في حقوقهما ، فقال تعالى : { وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا ۚ وَالصُّلْحُ خَيْرٌ .....} سورة النساء الآية 128 وأيضا قوله تعالى : { ا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ .....}سورة النساء الآية 114.
وتطبيقا لهذا المبدأ أصلح النبي صلى الله عليه وسلم بين بني عمرو بن عوف لما وقع بينهم ، ولما تنازع كعب بن مالك وابن أبي حدرد في دين على ابن أبي حدرد ، أصلح النبي صلى الله عليه وسلم بأن استوضع من دين كعب الشطر و [ أمر ] غريمه بقضاء الشطر.
وقال عمر رضي الله عنه " ردوا الخصوم لعلهم أن يصطلحوا ، فإنه آثر للصدق ، وأقل للخيانة " .وايضا قال وقال عمر أيضا : " ردوا الخصوم إذا كانت بينهم قرابة ، فإن فصل القضاء يورث بينهم الشنآن.
وقد جعلت كثير من القوانين العربية هذا المبدأ من النظام العام ,مثل القانون المصري .
(ب) اليقين لا يزول بالشك ،:
معنى هذا المبدأ:
المعنى اللغوي: اليقين: هو طمأنينة القلب على حقيقة الشيء ويقال: يقِن الماء في الحوض إذا استقر فيه.
والشك في اللغة: هو مطلق التردد، أو هو التردد بين النقيضين دون ترجيح لأحدهما.
والشك عند الفقهاء: تردد الفعل بين الوقوع وعدمه، فهو قريب من المعنى اللغوي، وأما الشك في اصطلاح الأصوليين: فهو استواء طرفي الشيء، وهو الوقوف بين شيئين حيث لا يميل القلب لأحدهما، فإن ترجح أحدهما ولم يطرح الآخر فهو ظن، فإن طرحه فهو غالب الظن، وهو بمنزلة اليقين، وإن لم يترجح فهو وهم.
هذه القاعدة من أصول أبي حنيفة رحمه الله وقد عبر عنها في تأسيس النظر بقوله: (الأصل عند أبي حنيفة أنه متى عُرِف ثبوت الشيء من طريق الإحاطة والتيقن لأي معنى كان فهو على ذلك ما لم يتيقن بخلافه) . وهي الأصل الأول من أصول الإمام الكرخي وعبر عنها بقوله: (إن ما ثبت باليقين لا يزول بالشك) .
أدلة ثبوت هذه القاعدة:
(ا) من الكتاب العزيز:
قوله تعالى: (وما يتَبِعُ أكثرهُم إلا ظناً إنَّ الظن لا يغني من الحقِ شيئاً) . يونس، آية (٣٦) .
(ب) من السنة المطهرة:
١. قوله صلى الله عليه وسلم: (إذا وجد أحدكم في بطنه شيئاً فأشكل عليه أخرج منه شيء أم لا؟ فلا يخرجن من المسجد حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً) . قال النووي رحمه الله: (وهذا الحديث أصل من أصول الإسلام وقاعدة عظيمة من قواعد الفقه، وهي أن الأشياء يحكم ببقائها على أصولها حتى يتيقن خلاف ذلك، ولا يضر الشك الطارئ عليها) .
٢. وفي الصحيحين عن عبد الله بن زيد رضي الله عنه قال: شُكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم الرجلُ يخيَّلُ إليه أنه يجد الشيء في الصلاة، قال: (لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً) .
٣. وروى مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى أثلاثاً أم أربعاً! فليطرح الشك وليبن على ما استيقن، ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم، فإن كان صلى خمساً شفعن له صلاته، وإن كان صلى إتماماً لأربع كانتا ترغيماً للشيطان) .
٤. وروى الترمذي عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا سها أحدكم في صلاته فلم يدر واحدة صلى أم اثنتين فليبن على واحدة، فإن لم يتيقن صلى اثنتين أم ثلاثاً فليبن على اثنتين، فإن لم يدر أثلاثاً صلى أم أربعاً فليبن على ثلاث، وليسجد سجدتين قبل أن يسلم) .
(ج) دليل عقلي:
وهو أن اليقين أقوى من الشك، لأن في اليقين حكماً قطعياً جازماً فلا ينهدم بالشك.
(ج ) الأصل :
(أولا) الأصل بقاء ما كان على ما كان ،:
معنى المبدأ :
انه ينظر إلى الشيء على أي حال كان في الماضي، فيحكم بدوامه على ذلك الحال ما لم يقم دليل خلافه؛ لأنه تحقق وجود ذلك الشيء في الماضي، فيحكم بدوامه في الحاضر.
ومثال ذلك في الفقه ان من تيقن الطهارة وشك في الحدث: فهو طاهر ولو استيقن في الحدث وشك في الطهارة فهو محدِث.
ومثال ذلك في قانون الأحوال الشخصية اذا ادعت المطلقة عدم انقضاء العدة: صدقت، ولها النفقة؛ لأن الأصل بقاؤها.
(ثانيا) الأصل براءة الذمة ،:
معنى المبدأ :
ان ذمة كل شخص بريئة؛ أي: غير مشغولة بحق الآخر.
فكل شخص ادعى خلاف ذلك يطلب منه البرهان؛ لأن الإنسان يولد وذمته فارغة عن الآخر.
والذمة: وصف يصير به الإنسان أهلاً لِما له وما عليه.
وقد استمدت هذه القاعدة من قوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عباس: أنه قال: (لو يعطى الناس بدعواهم لادعى ناس دماء رجال وأموالهم، ولكن اليمين على المدعى عليه)
ومثال لذلك
إذا ادعى رجل على الآخر قرضًا، والمدعى عليه أنكر؛ فالقول للمدَّعى عليه مع اليمين؛ لأن الأصل براءة الذمة، نعم لو أثبت بالبرهان فالقول للمدعي.
ومثال لذلك في قانون الأحوال الشخصية اذا ادعت الزوجة مهرا اكثر من الثابت والذي اقر به الزوج بحيث انكر الزيادة فعلى الزوجة اثبات الزيادة لان الأصل براء زمته من الزيادة والثابت ما اقر به .
(ثالثا) الأصل في الصفات العارضة العدم ،:
معنى المبدأ:
الصفة العارضة: هي التي توجد مع الموصوف ولم تُوصَفْ به ابتداءً.
اما الصفة الأصلية: هي التي توجد مع الموصوف.
وهذا المبدأ متفرع عن قاعدة: (اليقين لا يزول بالشك)
والأصل في الصفات العارضة: العدم؛ يعني أن السلامة أمر يقيني، والعيب أمر عارض مشكوك، واليقين لا يزول بالشك.
ومثال لذلك
لو اشترى رجل سيارة فاستعملها، ثم ادعى العيب فيها، وقال البائع: ما كان فيها عيب، فالقول للبائع مع اليمين؛ لأن الأصل عدم العيب، وهو السلامة، والعيب صفة عارضة.
ومثال لذلك في قانون الأحوال الشخصية اذا ادعت الزوجة على زوجها العنه تكلف البينة لان الاصل سلامة الزوج والعنة امر عارض.
(د ) العادة محكمة ،:
معنى المبدأ:
العادة في اللغة: مأخوذة من العود وهو: التكرار، ومعنى محكمة: أن نجعلها حاكماً في فصل النزاع.
والمعنى العام: أن العادة هي المرجع للفصل في التنازع، ولكن هذا ليس على الإطلاق، فلا بد له من تقييد، وهو أن العادة تكون مرجعاً للفصل في التنازع إن لم نجد من الشرع الأدلة التي تفصل في النزاعات.
إذاً: العادة محكمة هي المرجع للفصل بين التنازع بشرط ألا يكون ثمة شرع هنا.
ومعنى: العادة محكمة اصطلاحاً: أن نثبت بها حكماً شرعياً.
أدلة مبدا العادة محكمة
من الكتاب: فقد قال الله تعالى(فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ)البقرة:١٧٨، وقال الله تعالى -بالنسبة لما تستحقه النساء)وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ )البقرة:٢٣٣ فأرجع سبحانه كل هذه المعاملات إلى العرف المعروف بين الناس.
وأما من السنة ففي الحديث الصحيح أن هند زوجة أبي سفيان رضي الله عنه وأرضاه قالت: يا رسول! إن أبا سفيان رجل شحيح، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم:(خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف).
فقيد الأخذ من مال الزوج بالمعروف.
(هـ) الساقط لا يعود ،:
معنى المبدأ:
وتعرف أيضا ب (المعدوم لا يعود) ويعني أن ما يسقط من الحقوق بسبب مسقط يصبح بسقوطه معدوما فلا يعود، كما لا يعود المعدوم. فلو أبرا الدائن مدينه سقط الدين، فلا يمكن استعادته إذا ندم الدائن.
والمراد بالساقط هنا الحكم أو التصرف الذي تم، والساقط صفة لموصوف محذوف وهو الحكم أو التصرف، وإسقاطه يكون بفعل المكلف أو بالإسقاط الشرعي.
ومعنى لا يعود: أي يصبح كالمعدوم لا سبيل لإعادته إلا بسبب جديد يعيد مثله لا عينه.
هذه القاعدة تجري في كثير من الأبواب الفقهية.
ما يجري فيه الإسقاط:
يجري الإسقاط في الحقوق المجرد' كالخيارات، والشفعة، والإبراء عن الدعاوى، وإبراء الذمم.
والمراد بالحقوق هنا حقوق العباد، لأن حقوق الله تعالى لا تقبل الإسقاط من العبد، كما لو عفا المقذوف ثم عاد وطلب، حُدَّ القاذف ولكن لا يقام الحد بعد عفو المقذوف لعدم المطالب.
ومثال لذلك في قانون الأحوال الشخصية اذا أجاز الورثة الزائد عن الثلث من وصية مورثهم سقط حقهم المتعلق بالزائد، فلا يصح رجوعهم عن الإجازة، لأن الساقط لا يعود.
(و ) التصرف على الرعية منوط بالمصلحة ،:
معنى المبدأ:
أن تصرف كل من ولي شيئا من أمور المسلمين، يجب أن يكون مبنيا على المصلحة العامة، وما لم يكن كذلك، لم يكن صحيحا ولا نافذا شرعا.
هَذِهِ الْقَاعِدَةُ نَصَّ عَلَيْهَا الشَّافِعِيُّ وَقَالَ " مَنْزِلَةَ الْإِمَامِ مِنْ الرَّعِيَّةِ مَنْزِلَة الْوَلِيِّ مِنْ الْيَتِيمِ ". قُلْت: وَأَصْلُ ذَلِكَ: مَا أَخْرَجَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي سُنَنِهِ. قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " إنِّي أَنْزَلْتُ نَفْسِي مِنْ مَالِ اللَّهِ بِمَنْزِلَةِ وَالِي الْيَتِيمِ، إنْ احْتَجْتُ أَخَذْتُ مِنْهُ فَإِذَا أَيْسَرْتُ رَدَدْتُهُ فَإِنْ اسْتَغْنَيْتُ اسْتَعْفَفْتُ ".
(ز ) إعمال الكلام أولى من إهماله ،:
معنى المبدأ:
إن إعمال الكلام بما يمكن إعماله بحمله على معنى أولى من إهماله، لأن المهمل
لغو، وكلام العاقل يصان عنه، فيجب حمله ما أمكن على أقرب وأولى وجه يجعله معمولاً به من حقيقة ممكنة، وإلا فمجاز، طالما يمكن استعماله في معنى يناسبه؛ لأن الكلام الصادر من العاقل يحمل على الحقيقة ما أمكن، فإذا تعذرت يصار إلى المجاز، لتصحيح كلامه إلا إذا تعذر فيلغو.
ومثال لذلك
لو وقف أحد على أولاده، أو أوصى لأولاده، فيتناول أولاده الصلبية فقط إن كانوا، لأنه الحقيقة، فإن لم يكن له أولاد من الصلب تناول أولادهم حملاً عليهم بطريق المجاز، صوناً للفظ عن سقوطه؛ لأن إعمال الكلام أولى من إهماله.
(ح ) ذكر بعض ما لا يتجزأ كذكر كله ،:
معنى المبدأ:
إن ذكر بعض ما لا يتجزأ على وجه الشيوع كنصفه مثلاً، كذكر كله، والموضوع أن المحدَّث عنه لا يتجزأ، يلزم إهمال الكلام بالمرة، والحال أن إعمال الكلام ما أمكن إعماله أولى من إهماله.
مثال لذلك
لو قال رجل لامرأة: تزوجت نصفك، صح العقد على المفتى به عند الحنفية.
وأيضا لو طلق ثلث امرأته، أو نصفها، طلقت كلها، أو طلقها نصف طلقة، أو ربع طلقة، وقع عليها طلقة كاملة رجعية؛ لأنها مما لا يتجزأ.
(ط ) لا ينسب إلى ساكت قول ، لكن السكوت فى معرض لحاجة بيان ،:
معنى المبدأ:
هذه القاعدة مشتملة على فقرتين:
الفقرة الأولى: تفيد أن الشرع حيث ربط معاملات الناس بالعبارات الدالة على المقاصد فما جعل للسكوت حكماً ينبني عليه شيء كما تبنى الأحكام على الألفاظ.
ولهذا قال: لا ينسب إلى ساكت قول.
الفقرة الثانية: كالاستثناء مما قبلها، وهي قاعدة ذكرها الأصوليون أيضاً حيث أفادت أن السكوت في حكم النطق، وذلك في كل موضع تمس الحاجة فيه إلى البيان.
وسمى الأصوليون هذا بيان الضرورة، وهو نوع من أنواع البيان يقوم السكوت فيه مقام الكلام، إما لدلالة حال في المتكلم، تدل على أن سكوته لو لم يكن بياناً ما كان ينبغي له أن يسكت عنه وذلك كسكوت صاحب الشرع صلى الله عليه وسلم عند أمر يعاينه، عن التغيير أو الإنكار، فيكون سكوته إذناً به.
وإما لأجل حال في الشخص اعتبر سكوته كلاماً لأجل حاله، كسكوت البكر البالغة في إجازة النكاح لأجل حالها الموجبة للحياء عن بيان الرغبة في الرجال، وكسكوت الناكل عن اليمين، فإنه يجعل بياناً لثبوت الحق عليه عند أبي حنيفة وأحمد رحمهما الله.
مثال الفقرة الأولى:
إذا سكتت الثيب عند الاستئذان في النكاح لم يقم سكوتها مقام الإذن قطعاً.
مثال الفقرة الثانية:
من هذه المبدأ فهي كالاستثناء من الأولى؛ إذ يعتبر السكوت فيها كالنطق، ومسائلها محصورة معدودة بالاستقراء حيث أوصلها بعض الفقهاء إلى نيف وأربعين مسألة، منها:
سكوت البكر عند استشارة وليها قبل التزويج.
سكوتها عند قبض أبيها مهرها من زوجها.
سكوتها إذا بلغت بكراً فلا خيار لها بعده.
لو حلفت أن لا تتزوج فزوجها أبوها فسكتت حنثت.
سكوت المتصدق عليه يعتبر قبولاً بخلاف الموهوب له.
سكوت الوكيل قبول ويرتد برده.
إذا قال الزوج المطلق رجعياً، قد راجعت، والزوجة تسمع فتسكت، ثم تدعي من الغد أن عدتها كانت قد انقضت، فلا يعتد بقولها هذا، ويعتبر سكوتها إقراراً بالرجعة.
(ى ) الإشارات المعهودة للأخرس كالبيان باللسان ،:
معنى المبدأ:
إن الإشارة المعهودة أي المعلومة المعتادة للأخرس الأصلي، بعضو من أعضائه، كيده، أو رأسه، أو عينه، أو حاجبه، معتبرة كالبيان باللسان، وهي بمنزلة نطقه فتعتبر.
وهذا استحسان ضرورة، كما أن الشرع اعتبر ذلك منه في العبادات، فإذا حرك لسانه بالتكبير والقراءة ونحوها كان صحيحا، ولو لم يعتبر ذلك منه مات جوعاً وعطشاً، وقد ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أخبر بالإشارة بقوله: " الشهر هكذا وهكذا وهكذا، وخنس إصبعه في الثالثة، يعني تسعاً وعشرين، وثلاثين "
أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة وأحمد.
ويشترط لصحة اعتبار إشارة الأخرس أن تكون مفهومة ومعهودة يفهمها كل من وقف عليها كالتحريك برأسه طولاً للموافقة وعرضاً للرفض.
(ك ) من استعجل الشيء قبل أوانه ، عوقب بحرمانه ،:
معنى المبدأ:
إن الذي يستعجل الشيء الذي وضع له وطلب الحصول عليه قبل أوانه، أي وقت حلول سببه العام، ولم يستسلم إلى ذلك السب الموضوع، بل عدل عنه، وقصد تحصيل ذلك الشيء بغير ذلك السبب قبل ذلك الأوان، فإنه يعاقب بحرمانه ، فيكون باستعجاله هذا أقدم على تحصيله بسبب محظور فيعاقب بحرمانه ثمرة عمله التي قصد تحصيلها بذلك السبب الخاص المحظور، وكذلك من احتال على تحليل الحرام أو تحريم الحلال، فإنه يعامل بنقيض قصده عقوبة له.
امثله لذلك:
١ - لو قتل إنسان مورثه، فيحرم القاتل من الميراث.
٢ - لو قتل الموصي له الموصي يحرم من الوصية عند الحنفية والحنابلة.
٣ - لو طلق الزوج زوجته طلاقاً بائناً بلا رضاها، وهو في مرض موته، ثم مات وهي في العدة، فإنها ترثه .
٥ - لو جاءت الفرقة من قبل الزوجة بسبب ردتها، فليس لها أن تتزوج بعد توبتها بغير زوجها.
(ل ) من سعى في نقض ما تم من جهته فسعيه مردود عليه ،:
معنى المبدأ:
أنه إذا عمل شخص على نقض ما أجراه وتم من جهته باختياره ورضاه فلا اعتبار لنقضه ونكثه .
والحكمة من ذلك لما في عمله من التعارض والمنافاة بين الشيء الذي تم من قِبَله وبين سعيه الأخير في نقضه، وهذا تدافع بين كلاميين متناقضين يمنع استماع الدعوى فيكون سعيه مردوداً عليه وغير معتبر.
مثال لذلك :
لو أقر شخص لغيره بمبلغ من المال، فلا يجوز رجوعه عن إقراره.
وأيضا لو طلق مريض مرض الموت امراته لمنعها من ان ترثه وماتت قبله فيحرم من ان يرثها.
وتعرف في الاثبات بقاعدة اغلاق الحجة .
(م ) الضرر يزال ،:
معنى المبدأ:
انه يفيد وجوب إزالة الضرر ورفعه بعد وقوعه.
ومثال لذلك:
إذا طالت أغصان شجرة لشخص وتدلت على دار غيره فأضرته يكلف رفعها أو قطعها.
وقد شرع كثير من الخيارات في بعض العقود لإزالة الأضرار الواقعة على أحد المتعاقدين، كخيار العيب وخيار الغبن.
(ن ) يستعان بأهل الخبرة في معرفة السلامة والأهلية وعوارضهما .:
معنى المبدأ:
انه اذا ورد امر امام القاضي مما يعمل فيه براي اهل الخبرة كمعرفة السلامة كالجنون من عدمه او الاهلية وعوارضها فيجب على القاضي اخذ راي اهل الخبرة في ذلك بإحالة الامر اليهم , وقد حصر المشرع الامر هنا فقط في انه يجب اخذ راي اهل الخبرة في معرفة السلامة والأهلية وعوارضها فقط.