سابقة منشورة بمجلة 1973
سابقة منشورة بمجلة 1973
المحكمة العليا
القضاة
سعادة السيد صلاح الدين شبيكة قاضي المحكمة العليا رئيساً
سعادة السيد دفع الله الرضي قاضي المحكمة العليا عضواً
سعادة السيد فاروق أحمد إبراهيم قاضي المحكمة العليا عضواً
ايفانثيا جون لويزو وآخر الطاعن
ضد
ورثة إدريس يوسف عبد الله المطعون ضدهم
م ع/ط م/377/73
المبادئ
قانون الإجراءات المدنية – مدة التقادم المسقط – تحسب من تاريخ تصريح الدعوى
القانون المدني لسنة 1971 – مسئولية الوريث عن أعمال المورث – مسئولية التابع والمتبوع – شرط الإشراف والتوجيه - كيفيه تقدير التعويض - المواد149و156(1) و157
قانون الإثبات في المواد المدنية لسنة1971- حجية الحكم الجنائي أمام القضاء المدني - المادة(70)
-1-
تحسب مدة التقادم المسقط للحق من تاريخ نشوء سب التقاضي وحتى تاريخ تصريح الدعوى ولا يعتد بالتعديل اللاحق للدعوى من اسم المورث إلى اسم ورثته
-2-
الورثة مسئولون عن الإهمال الذي وقع من مورثهم بغض النظر عن أي تصرف بواسطة المورث في ملكية المال الذي وقع بخصوصه الإهمال قبل موته وبعد حدوث الإهمال من جانبه
-3-
مسئولية المتبوع عن أفعال تابعة تتحقق متى ما ثبت أن المتبوع كان يملك سلطة الإشراف والتوجيه على تلك الأفعال , وذلك لا يحرم المتبوع من حقه في مساءلة التابع
-4-
عند تقدير التعويض الناجم عن فقدان العائل تأخذ المحكمة في الاعتبار دخول المتوفى ومدى الزيادة المتوقعة فيه بجانب عدد الورثة ووضعهم المالي ومقدار الإعالة المتوقعة لهم من عائلهم
-5-
حجية الحكم الجنائي في الدعاوى المدنية لا تعتبر من النظام العام وبالتالي يجوز للخصم النزول عنها كما لا تجوز إثارتها لأول مرة في مرحلة الاستئناف
المحامون
عبد الرحمن يوسف عن الطاعن
أحمد بدران عن المطعون ضده
الحكـــم
21/7/1973
يطعن مقدم الطلب بطريق النقض في الحكم الصادر من محكمة الاستئناف بتاريخ 2/4/1973 والذي تأيد بموجبه حكم قاضي المديرية المؤرخ 2/5/1973
في سبتمبر 1967 أقام المطعون ضدهم دعوى ضد شركة جون لويزو لاسترداد مبلغ 10000 جنيه عبارة عن تعويض بسبب وفاة مورثهم الناشئة عن إهمال صاحب الشركة (مورث الطاعن) في صيانة الأسلاك الكهربائية بمصنعه مما نتج عنه وفاة مورث المطعون ضدهم بسبب صعقة بواسطة تيار كهربائي
في أثناء سير الدعوى توفى صاحب الشركة وفي 7/12/1969 طلب محامي المطعون ضدهم تعديل اسم المدعى عليهم إلى ورثة المتوفى واستجابت المحكمة إلى طلبه بموجب أمرها المؤرخ 29/12/1969
أنكر الطاعن وجود أي إهمال من جانب مورثه كما دفع بسقوط الدعوى بالتقادم على أساس أن ضم الورثة إلى الدعوى قد تم بعد مرور أكثر من عامين من تاريخ نشوء حق المطعون ضدهم في التقاضي
لم تفصل المحكمة في هذا الدفع ويبدو أن محامي الطاعن قد تنازل عنه حيث استمرت الإجراءات وتحددت نقاط النزاع حول واقعة الإهمال ومقدار التعويض المستحق في حالة ثبوتها
بعد سماع الطرفين قررت المحكمة وجود إهمال من جانب مورث الطاعن في عدم صيانة الأسلاك الكهربائية الموجودة بالمصنع مما أدى إلى وفاة مورثهم المطعون ضدهم وبالتالي أصدرت حكماً بأن يدفع الطاعن لهم مبلغ 1500 جنيه كتعويض
أيدت محكمة الاستئناف ذلك الحكم ومن ثم تقدم الطاعن بهذا الطلب مبدياً الأسباب الآتية :-
-1-
أن الدعوى في مواجهته قد سقطت بالتقادم حيث أنها بدأت ضده بتاريخ 29/12/61 وبعد مرور أكثر من عامين منذ وقوع الحادث
-2-
أن مورث الطاعن سبق أن باع المصنع لشخص آخر في فبراير 1968 وبالتالي لم يرثه الطاعن عند وفاته في أكتوبر 1968 مما يرفع عن كاهله أي التزام بالتعويض وقد تتحمله إدارة المصنع
-3-
أنه في وقت الحادث لم يكن لمورث الطاعن أي وسيلة فعلية في مراقبة وتوجيه المشرفين على المصنع مما لا يجعله مسئولاً عن الحادث
-4-
أنه قد ثبت جنائياً عدم وجود إهمال من جانب مورث الطاعن مما يتعين معه قانوناً انتفاء المسئولية المدنية حسب نص المادة 70 من قانون الإثبات لسنة 1972
-5-
إنه على فرض استحقاق المطعون ضدهم لأي تعويض فإن التعويض المحكوم به كان مبالغاً فيه
بالنسبة للسبب الأول والقائل بسقوط الدعوى بالتقادم فالواضح أن الدعوى أقيمت ابتداء ضد مورث الطاعن وعند وفاته في عام 1968 تعدل اسم المدعى عليهم ليصبح ورثة المتوفى وهذا إجراء طبيعي حيث أنه لم يكن متصوراً أن تقام الدعوى في مواجهة الورثة أثناء حياة مورثهم لأن المسئولية لم تنتقل إليهم بعد وبالتالي لم يكن هناك سبب للدعوى في مواجهتهم هذا وكان واجب المحكمة الجزئية التعرض لموضوع تقادم الدعوى طالما ذكر بواسطة أحد الأطراف وأن تقرر فيه لا أن تتجاهله
السبب الثاني المتعلق ببيع المصنع قبل وفاة مورث الطاعن سبب غير مقبول لدينا لأن الالتزام بالتعويض في حالة ثبوت الإهمال كان قائماً قبل تحويل ملكية المصنع , كما أن المسئولية عن الإهمال ليست مسئولية المصنع أو الشركة كشخصية اعتبارية وإنما هي مسئولية الشخص الطبيعي على أي عمل شخصي يقوم به (المادة 49 من القانون المدني) وطالما ثبتت تلك المسئولية قبل وفاة مورث الطاعن فهي تنتقل إلى الورثة بغض النظر عما قام به مورثهم من تصرفات سابقة لوفاته
إننا لا نتفق مع محامي الطاعن فيما أورده من عدم ثبوت واقعة الإهمال وهذه النقطة وإن كانت محل وقائع بحتة , إلا أن إفادات الشهود وخاصة شاهدي الادعاء الرابع والخامس قد أثبتت وقوع الإهمال من جانب الشخص المسئول عن إدارة المصنع (شاهد الدفاع الأول) ,ويتضح ذلك من عدم صيانته للتوصيلات الكهربائية رغم قدمها – تفادياً للتكاليف إننا لا نرى أن نخوض في بحث تلك النقطة ونرى أن محكمة أول درجة قد أصابت في تقييمها للبينات وترجيح بعضها على البعض الآخر وأن ما توصلت إليه من قرار بوجود إهمال من الشخص المسئول كان قراراً سليماً ويتفق ووزن البينات
إننا لا نرى أي أساس للقول بأن مورث الطاعن لم تكن له سلطة فعلية في مراقبة وتوجيه المشرفين على المصنع وقت الحادث فشاهد الدفاع الأول هو مجرد تابع له ولم يوضح الطاعن كيف انعدمت تلك السلطة بالنسبة له وكل ما ذكره ذلك الشاهد هو أن مورث الطاعن كان صاحب المصنع وأنه – أي الشاهد – كان مسئولاً عن الإدارة وهذا لا يعني أن الأول قد تخلى عن سلطة الإشراف عليه وتوجيهه ثم أنه من غير المتصور أن يكون الشاهد تابعاً لمورث الطاعن دون أن تكون للأخير سلطة الإشراف عليه والقول بغير ذلك يتنافى مع طبيعة العلاقة بين التابع والمتبوع , وهو في غياب البينات قول لا يسنده أساس
لقد وقع الحادث بسبب خطأ من جانب شاهد الدفاع الأول ويكمن ذلك الخطأ في امتناعه عن صيانة التوصيلات الكهربائية داخل المصنع وبما أنه كان مسئولاً كمدير للإنتاج يكون ذلك الحادث وقع بسبب تأديته وظيفته وحسب المادة 156 (1) من القانون المدني لسنة 1971 فإن المسئولية عن الحادث تقع على عاتق مورث الطاعن دون مساس بحق الأخير في الرجوع عليه عن تعويض الضرر (المادة 157)
الدفع بتطبيق نص المادة 70 من قانون الإثبات لسنة 1972 لا محل له فيما بتعلق بوقائع النزاع حيث أن الحكم المطعون فيه قد صدر من محكمة أول درجة بتاريخ 2/5/1972 وقبل تاريخ سريان القانون وبالتالي لا ينطبق عليه نص المادة أعلاه ونلاحظ أن هذا الدفع قد أثير لأول مرة أمام محكمتنا هذه وقد استقر القضاء في مصر على أن الدفع بحجية الحكم الجنائي في المسائل المدنية لا يعتبر من النظام العام وبالتالي يجوز للخصم النزول عنه كما لا يجوز له التمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض (راجع مؤلف الدكتور إدوارد غالي حجية الحكم الجنائي أمام القضاء المدني الطبعة الأولى صفحة 52-53)
فيما يتعلق بالجزء من الحكم الخاص بمقدار التعويض المحكوم به فإننا لا نستطيع أن نؤيد حكم المحكمة في ذلك الشأن فبجانب المبالغة في التقدير لم توضح لنا المحكمة الأسس التي اعتمدت عليها وصولاً إلى مقدار المبلغ المحكوم به كما أن المحكمة لم تأخذ في الاعتبار دخل المتوفى ومدى الزيادة المتوقعة فيه من جانب وعدد الورثة ووضعهم ومقدار الإعالة المتوقعة من جانب آخر هذا فضلاً عن أن التقدير يتعارض مع ما سبق أن أرسته السوابق القضائية في قضايا مماثلة
في قضية ورثة رحمة الله أحمد المدينة ضد شركة النور (مجلة السودان القانونية 1964 صفحة 75) وقد قدرت المحكمة العليا التعويض بمبلغ 800 جنيه على أساس أن الورثة يتكونون من زوجة وأطفال وأبوين وقد أخذت المحكمة في اعتبارها دخل المتوفى وهو 24 قرشاً يومياً بالإضافة إلى دخله من مصدر آخر وفي الدعوى التي نحن بصددها يتكون الورثة اللذين يعولهم المتوفى من أم وأخ (طالب) والواضح أنهم لم يعتمدوا عليه اعتماداً كاملاً حيث كان له أخوة آخرين يساهمون معه في إعالة أمه وأخيه والثابت أن دخل المتوفى لم يتجاوز عشرين قرشاً يومياً دون أي إضافات من مصادر أخرى
لم توضح السابقة القضائية عمر المتوفى ولكننا نستنتج أنه في وقت الحادث كان أكبر سناً من مورث المطعون ضدهم بحكم الوظيفة التي كان يشغلها آنذاك ولتقدير مدى ما كان متوقعاً من إعالة فإننا نضع في الاعتبار العوامل التالية
-1-
مقدار دخل المتوفى ومدى احتمال ارتفاعه
-2-
مقدار الجزء الذي كان يمكن للورثة الحصول عليه من ذلك الدخل
-3-
أي مبالغ يحصل عليها الورثة من مصادر أخرى
-4-
الاحتمالات المتوقعة والمعقولة بالنسبة لمن يعولهم المتوفى كوفاة الأم أو التحاق الأخ بعمل بعد انتهاء الدراسة
من هنا نرى أن مبلغ 800 جنيهاً هو تقدير معقول لما كان متوقعاً من دخل للمطعون ضده إذا ما أخذنا في الاعتبار كل العوامل المشار إليها مع مراعاة الحدود المقرة للتعويض حسبما قضت السوابق في ذلك الشأن
لذلك نرى أن يقبل الطلب بالنسبة لذلك الجزء من الحكم المتعلق بمقدار التعويض ونأمر بتخفيض المبلغ المحكوم به لصالح المطعون ضدهم ليصبح 800 جنيهاً وفما عدا ذلك يظل الحكم المطعون فيه صحيحاً
يلزم الطاعن بالرسوم ويرد له نصف مقدار الكفالة