سابقة منشورة بمجلة 1973
سابقة منشورة بمجلة 1973
المحكمة العليا
القضاة
صاحب الفضيلة الشيخ محمد الجز ولي نائب رئيس المحكمة العليا رئيسا
صاحب الفضيلة الشيخ إبراهيم الجز ولي قاضي المحكمة العليا عضوا
صاحب الفضيلة الشيخ سيد احمد العوض قاضي المحكمة عضوا
قضيــة فســخ زواج
قرار النقض نمرة 24/ 1973
الصادر في يوم الثلاثاء 10 جمادى الثاني سنة 1393 ه الموافق 1973,7,10
المبادئ
الأحوال الشخصية للمسلمين – الدخول بالزوجة – إرخاء السبتور وتهيئة الظروف – الأخذ بحكم القرينة – الشهادة بالرأي والاعتقاد – التحقيق في الجزئيات
(1)
التمكين من الدخول الوارد بملحق المنشور54 يفسر بالخلوة الصحيحة أو إرخاء الستور وتهيئة الظروف التي تمكن من المعاشرة الزوجية
(2)
متى ثبتت الوقائع الدالة على الرضا بشروطها فيتعين حينئذ الأخذ بحكم القرينة
(3)
تقبل الشهادة بمعاينة المشهود به ولا تقبل الشهادة إذا كانت رأيا أو اعتقاد ألا في مسائل الخبرة
(4)
عدم التحقيق في الجزئيات المتصلة بالوقائع والتي قد تبرز وتضفي على الوقائع دلاله الرضا يعتبر قصورا
الوقائـــع
استوفيت إجراءات الطعن واتضح بعد الاطلاع على الأوراق أن الوقائع النزاع تتلخص فيما يلي :
بتاريخ 1 أبريل سنة 1969 تزوج الطاعن بالمطعون ضدها بعد أن خطبها في حفل أقيم للمناسبة ببور تسودان في شهر مايو سنة 1968 ثم انتقلت المطعون ضدها أسرتها ألي ببربر حيث ثم الزواج
في 1971,9,9 طلبت المطعون ضدها من المحكمة الجزئية فسخ زواجها من الطاعن لأن والدها زوجها منه في أبريل سنة 1969 ببربر دون استشارتها وانه دخل بها وهي غير راضية ولكنها لم يمكنة من نفسها رغم اختلائه بها ولا تزال بكرا أجاب الطاعن بأنه تزوج بها بولاية والدها ورضاها إذ أنها أخذت معه عدة صور فوتوغرافية قبل الخطبة وفي حفل الخطبة كما أنها سافرت معه بعد العقد إلي مصر في شهر العسل بما يدل على رضاها بالزواج وانه دخل بها وصادق على أنها لاتزال بكرا وطلب رفض دعواها
أجاب والدها المدعى علية الثاني بأنه تولي زواجها من المدعى علية ولكنة لم يستشرها حسب العادة في عدم استشارة البنات حين الزواج أجابت المطعون ضدها بأن الصور التي أخذتها مع المدعى علية كانت غصبا عنها وأنها كانت غاضبة في كل الصور وأنها لا تدل على الرضا بالعقد الذي تم بعد سنة من الخطوبة عقب المدعى علية الأول بأن والد المطعون ضدها قرر في مجلس العقد بأنه شاورها على الزواج ووافقت واستشهد بعدد من الشهود على رضاها بالزواج في يوم العقد وقد سمعت شهادة خمسة منهم أمام محكمة بربر الشرعية بتكليف من محكمة بور تسودان وواحد أمام محكمة شندي وتتلخص شهادة الشهود فيما يلي
(1)
على الفكي – أمام محكمة بربر من شهود العقد لم يأخذ رأي المطعون ضدها ولكنها كانت مخطوبة لزوجها قبل سنة وكانت تقيم ببور تسودان وانتقلت مع أسرتها عندما حان موعد الزواج من بور تسودان إلي بربر حيث تم العقد في جو بهيج يدل الرضا
الشاهد الثاني أخذت شهادته أمام محكمة بربر
(2)
عمر عثمان النعيمه – محكمة بربر – شهد العقد وباشره بنفسه وبعث بشاهدين لأخذ موافقة المخطوبة وعادا إليه بموافقتها ورضاها ولا يعرف من هم لطول المدة ولكنهم يثبتون في الوثيقة شهد بأنها كانت مخطوبة قبل سنة وبعد أن تمت مراسم الزواج سافرت معه ألي مصر ولم يحدث أن علم أو سمع بعدم رضاها
الشاهد الثالث بمحكمة بربر
(3)
سيد الحاج سنجر – محكمة بربر- شهدا العقد ولم يأخذ هو رأي المخطوبة 0 تم الزواج في بهجة تدل على الرضا وأنها حضرت مع أهلها من بور تسودان إلي بربر وكان الفرح لاتمام الزواج سافرت معه بعد العقد لقضاء شهر العسل بمصر
الشاهد الرابع – محكمة بربر
(4)
محمد صغير الحسين – محكمة بربر – شهد العقد ولم يأخذ رأي المخطوبة الخطبة تمت قبل سنة من الزواج وكانت المكاتبات دائرة بينهم وكان زواجها برضا عام من كل الأهل ولم يسمع باعتراض علية – وحدث أن تصورا مع بعضهما وسافرا ألي مصر لقضاء شهر العسل وبعدها انتقلت معه ألي منزله بالخرطوم جنوب ولم يسمع كل هذه الفترة عن عدم رضاها
الشاهد الخامس – محكمة بربر
(5)
عباس مصطفي أبو قصيصه – محكمة بربر –مأذون بربر – لا شهادة له لأنه لم يحضر هذا الزواج
(6)
حسن محمد أبشر – محكمة بور تسودان – لم يحضر العقد ولا شهادة له
الشاهد السادس – محكمة بور تسودان
الشاهد السابع – محكمة شندى
(7)
حسن احمد عبد الله – محكمة شندى – شهد بأن الخطوبة حصلت قبل سنة من الزواج وان المخطوبة وأهلها حضرو إلي بربر للزواج وباشره والدها وكان من شهود العقد وان الزوجين تصورا بعد العقد وسافرا ألي مصر لشهر العسل وأنه لم يستشيرها ولم يسمع من والدها أنه شاورها
(8)
سيد آبي عمر – لم يشهد بشي
وقد أرسلت وثيقة الزواج لمحكمة بربر وثبت صحتها بعد مضاهاتها بالأصل صدر حكم المحكمة في 1972,4,29 في غيبة المدعى علية وحضوريا بالاعتبار بفسخ الزواج وجاء في أسباب الحكم أن المدعى علية الأول دفع الدعوى بأنها استشيرت في الزواج به ورضيت وان فترة الخطوبة كانت طويل وبعد إتمام الزواج سافرت معه في شهر العسل ألي مصر وصادقها على أنها لا تزال بكرا – المدعى علية الثاني صادقها على عدم الاستشارة ودفعت المدعية بأن أخذ الصور معه أثناء الخطبة ورحيلها معه في شهر العسل كان غصبا ولا يدل على رضاها ولذلك لم تمكنه من نفسها وبعد أن لخصت المحكمة أقوال الشهود قررت بأنها لم تقتنع بان الجو العام بما حمل من بهجة يدل على رضا المدعية وتقدم المحكوم علية بمعارضة الحكم الغيابي بعد اعلانة بأن له حق الطعن والمعارضة والاستئناف وعند مثوله أمام المحكمة في 18/5/1972 فهم بأنه لا حق له في المعارضة لأن الحكم حضوري اعتبارً وأن له حق الاستئناف وبعد طلب الأوراق أمام المحكمة العليا بناء على شكوى من المحكوم علية قررت بقاء حقه في الطعن بالمعارضة إذ أن الحكم الصادر غيابي حقيقة ولم يثبت أن المحكوم علية قد حضر سوى جلسة واحدة قبل سريان قانون المرافعات سنة 1972 الملغي – قبلت المعارضة وطعن المحكوم علية في الحكم الغيابي بما يلي:-
أن الحكم صدر في غيبته ولم تسمع شهادة الشهود ولم تتلي علية وانه يلخص معارضته في انه خطب المطعون ضدها في مايو 1968 وتمت الخطوبة في حفل عائلي كبير وتم زواجها بعد أن سافرت هي وأهلها لبربر في أبريل سنة 1969 وأنها وقعت على ارنيك السفر ألي الخارج ثم بعد تمام العقد سافرت معه إلي مصر واستخرجت لنفسها بعض الصور الشمسية معه في القاهرة والأسكندرية قدمها للمحكمة – ثم انتقلت معه ألي منزله بالخرطوم ثم إلي بربر لزواج ابن خالتها وكانت تقيم معه في منزله ببربر وطلب استنادا إلي ملحق المنشور نمرة 54 الصادر في 72,4,15 إلغاء الحكم الغيابي – وقررت المحكمة الاطلاع على المنشور وقررت أن ما جاء بالمنشور لم يغب عن المحكمة حينما أصدرت حكمها الغيابي وان ما دفع به المعارض الدعوى هو نفس الدفع الذي أصدرت المحكمة مع وجودة وطلبت منه أن كان له دفع آخر واعادت سؤال المعارض ضدها فاجاب وكيلها أنها لم تنتقل إلي بربر برضاها بل مجبره كما أنها سافرت ألي مصر مجبرة فالانتقال لا يدل على الرضا خاصة وانه بعد دفع بالدخول عاد واقر بأنها بكر وكونها بكر يؤكد رفضها وهذا ما تمتلكه والشيء الوحيد الذي لا يستطيع غيرها إجبارها أن تعطيه أما بقية المظاهر فقد تخضع لضغوط أبيها وأهلها والمجتمع حولها وقد تكرر على فعلة خاصة في البيئة السودانية وبالأخص في بيئة أهل بربر التي ينتمي أليها الأطراف أما ملحق المنشور الشرعي نمرة 54 فقد حدد إمارات الرضا في ثلاث نقاط :- أن تمكن الزوج من الدخول برضاها أو انتقالها معه أو إليه يثبت أنها طالبت بحق من حقوق الزوجية وقد قررت المحكمة أن الانتقال معه أو إليه كان برضاها بل أن الظروف المحيطة والبيئة تؤكد العكس فلا مجال لتطبيق هذا المنشور لعدم انطباقه على هذه الواقعة وقررت المحكمة قبول المعارضة شكلاً ورفضها موضوعا وتأييد الحكم المطعون فيه بالمعارضة – صدر الحكم في 1972,9,2
بتاريخ 1972,9,13 تقدم الطاعن باستئناف الحكم الصادر في المعارضة وقررت المحكمة الاستئنافية أن البينة التي سمعت أمام المحكمة الابتدائية لم تثبت موافقتها أو رضاها بالزواج وقررت أن تعرض يمينها على المستأنف على نفى ذلك كما قررت أن دفعت به المستأنف بها وعلى انتقالها معه لم يقم دليل على الإكراه أو الضغط الذي ادعت به وعرضت على المستأنف يمينها على نفى استشارتها على الزواج ورضاها به فطلبها وحلفت نافية ذلك وطلبت من المحكمة بيان نوع الإجراء الذي تعرضت له واستجابت معه للدخول والسفر والإقامة مع المستأنف فوضحت ذلك بان أباها كان يقول لها أن لم توافق على الزواج فأنها ليست ابنته وليس في أمرها بعد ذلك كلفت البينة على ذلك فأتت بخمسة من الشهود وتتلخص شهادتهم فيما يلي
(1)
الشاهد الأول: شهد بأنها كانت رافضة للزواج منذ الخطوبة إلي أن تم الزواج وكان يسمع منها ذلك كلما التقي بها وان الزواج تم بضغط من أهلها وكان الضغط بالكلام وسالتة المحكمة عما يتوقع أن يحدث للمستأنف ضدها أن رفضت الزواج فاجاب بأنها تتعرض للضرب والتأنيب واقر بأنه حضر حفل الخطبة وسافر مع العائلة لأتمام الزواج ببربر
(2)
وشهد الشاهد الثاني بان المستأنف ضدها كانت رافضة منذ البداية زواج المستأنف و حتى النهاية وقال أنه يعتقد أن انتقالها معه كان نتيجة ضغط واقر بأنه حصل على صور شمسية من المستأنف ضدها وسلمها للمستأنف لاستخراج جواز السفر دون علمها الشاهد متزوج بأخت المستأنف ضدها
(3)
وشهد الشاهد الثالث – خال والد المستأنف ضدها بأنها كانت رافضة الزواج من المستأنف منذ الخطوبة وكانت تبكى وتم الزواج بضغط من والدها وكان يقول لها اذا لم توافقي على الزواج فهو متبرئ منها وسألته المحكمة أن كان الضغط استمر حتى السفر والانتقال فأجاب بالإيجاب
(4)
وشهد الرابع – ابن عم والد المستأنف على نظر شهد بأنها كانت رافضة الزواج من المستأنف قبل الزواج وبعده وتم الزواج بضغط من والدها ولم يشهد سفرها معه ولا انتقالها إلي منزله
(5)
وشهد الخامس- ابن خالة المستأنف ضدها قال أنه لا شهادة له 0
وبعد سماع الشهادة اعترض المستأنف على نظر رئيس المحكمة الشيخ إبراهيم علي جاد الله على سماع الاستئناف لانه سمع جزءا من مرافعتها في القضية الابتدائية ولانه قبل المعارضة في الحكم الغيابي ثم عاد ورفضها رغم أنه لم يصدر الحكم بدافع عن القضية وحدد وجهة نظرة بخطابين بعث بهما إلي إدارة المحاكم لم يطلب تنحى القاضي أو عدم نظرة للدعوى ولكن ملاحظات رأي أن يبديها
وقررت المحكمة أنه لم يثبت أن استشيرت المستأنف ضدها في زواجها من المستأنف اذ كانت الشهادة التي سمعت قاصرة عن إثبات ذلك كما انه ثبت للمحكمة أنها كانت مكروهة على ما حدث بعد الزواج من الدخول والانتقال
وقد خالف القاضي الدرجة الأولي وعضو المحكمة الاستئنافية بأن بينة الإكراه ليست كافية لاثبات وان الاكراة الذي ادعت به لا يرقى لدرجة الإكراه الملجئ الذي يؤثر على صحة التصرفات بدليل أنها خرجت من منزل المستأنف ولم تكترث ألي تهديد والدها ولم تقم له وزنا وقررت المحكمة رفض طعن المستأنف وتأييد الحكم المستأنف – صدر حكم الاستئناف في 1972,12,3
بتاريخ 72,12,7 تقدم الطاعن بالطعن بالنقض ويتلخص الطعن في النقاط التالية
(1)
أنه طلب يدها للزواج في مايو سنة 1967 ووافقت
(2)
التقي معها في بربر في نوفمبر سنة 1967 وذهبت معه لعمل صور شمسية لاستخراج شهادة الجنسية ووقعت على اورنيك شهادة الجنسية وتم بموجبها استخراج شهادة الجنسية رقم 345255 بتاريخ 1968,2,29 وعرضت على المحكمة
(3)
في مايو سنة 1968 تمت الخطبة في حفل كبير واستخرجت صور شمسية للمناسبة وعرضت على المحكمة وتبودل إلباس الدبل بينهما
(4)
في ديسمبر سنة 1968 وقعت على اورنيك طلب جواز السفر الذي حصلت بمقتضاه على جواز السفر نمرة 7462 استعدادا للسفر لشهر العسل
(5)
حضرت هي وأهلها ألي بربر في إبريل سنة 1969 وتمت مراسم الزواج وسط عدد من الأهل وكان رقصها في الحفل موضع إعجاب الحاضرين وفي اليوم الرابع للزواج وبطلبها جلست معه على الكوشة
(6)
دخل بها
(7)
سافرت معه ألي مصر لقضاء شهر العسل واستخرجت لها ست وثلاثون صورة شمسية في كل من القاهرة والإسكندرية وعادت وأقامت معه بمنزله ببربر لمدة خمسة عشر يوما
(8)
انتقلت معه ألي منزله بالخرطوم أقامت مدة خمسة عشر يوما أخرى
(9)
عادا لبربر لحضور زواج ابن خالتها أقامت معه بمنزله ببربر واتفقت معه على تمضية خمسة عشر يوما ببور تسودان واخيرا امتنعت من مرافقته وطلب إلغاء الحكم الصادر بفسخ زواجه منها
ردت المطعون ضدها بواسطة محاميها على مذكرة الطعن وطلبت تطبيق المادة نمرة 7 من المنشور نمرة 54 وجاء في ردها أن الطعن لم يأت بجديد سوى دعواه أنه دخل بها وهذا يتنافى مع إقراره في الدعوى الابتدائية أنها لا تزال بكرا وطلبت رفض الطعن
الأسبـــــــاب
ناقشت المحكمة الابتدائية الموضوع في القضية المعارضة وقضية المعارضة على أساس استشارة المطعون ضدها في الزواج ورضاها به ثم إمارات القبول التي حدثت قبل العقد في الخطبة وبعدها – أما عن الاستشارة فقد قررت المحكمة أن البينة التي قامت لم تثبت الاستشارة في الرضا بالزواج وان ما أثبتته البينة من الجو البهيج الذي تم العقد فيه فذلك لا يدل على الرضا
أما بالنسبة للإمارات كالدخول والسفر والانتقال ألي منزلة واخذ الصور الشمسية مع الطاعن فقد قبلت المحكمة دفع المطعون ضدها بان ذلك تم غصبا عنها ولم تكلفها إثبات الغصب ( الإكراه ) واكتفت بإثبات الغصب في ذلك كله وعدم رضاها به بادعاء المطعون ضدها بأنها لا تزال بكرا ولم تمكن الطاعن من نفسها
وقد اختلط على المحكمة فهم ملحق المنشور 54 الذي قررت إنها سارت على أساسه في الفصل في القضيتين الابتدائية والمعارضة – كما اختلط عليها فهم القرينة التي نص عليها المنشور فقد فهمت المحكمة في التمكين بالدخول الواردة في الفقرة (أ) من ملحق المنشور 54 حقيقة الوطء وفض البكارة واستندت على إقرار الطاعن بأنه لم يفض بكارتها بعد بعدم توفر الرضا المطلوب ويبدو أن المحكمة كانت ستلجأ ألي إثبات هذه الواقعة بطرق الإثبات المعروفة أن ادعى الطاعن أنه دخل بها وفض بكارتها وهذا أمر لا يتبادر ألي الذهن من فهم الفقرة المشار إليها من المنشور ز ولم يكن غرضها من أغراض التشريع بل من الغرض من التمكين من الدخول هو الخلوة الصحيحة أو إرخاء الستور بحيث يتمكن الزوج من الدخول ولو لم يدخل بالمعني الذي جاء في أسباب المحكمة وإذا ساغ أن تفهم المحكمة الابتدائية من عدم الوطء وعدم الرضا بالوطء أو بمعاشرة جنسية فلا يأتي أن تفهم من ذلك قياسا أنها سافرت معه بدون رضاها أو انتقلت ألي منزله بدون رضاها أو أخذت صورا شمسية معه بدون رضاها و لا بد من قيام الدليل على عدم الرضا بكل واقعة من الوقائع التي أقامتها المشرع قرينة على القبول بشرطها وهو الرضا فانه يتعين على القاضي أن يأخذ بحكم القرينة فيجعلها أساسا لحكمة وليس له سلطة تقدير مدى مطابقتها لحقيقة الواقع وقد سارت المحكمة الاستئنافية في نظر الاستئناف على أساس قصور البينة التي قامت أمام المحكمة الابتدائية لاثبات الاستشارة والرضا بالزواج وعرضت على الطاعن يمين المطعون ضدها فحلفتها نافية حصول رضاها بالزواج ثم كلفتها إثبات أنها كانت مكرهة على ما حدث منها بعد العقد مما يعتبره المشرع قرينة على الرضا وكان يكفي لعدم سماع البينة أن الاكراة الذي وضحته المطعون ضدها لم يكن إكراها يبطل صحة دلالة ما حدث من تصرفات فقد ذكرت أن والدها قال لها في غضب أنها إذا لا لم توافق على الزواج فإنها ليست بنتا له وليس في أمرها بعد ذلك اليوم فالإكراه الذي ادعت به كان على الزواج وليس على ما تم بعده من أفعال واستمعت المحكمة إلي البينة التي شهدت بشهادة غير مقبولة – وبالرغم من ذلك وصفتها المحكمة بأنها شهادة قاطعة في إثبات المطلوب فالشاهد الأول شهد برفضها للزواج ثم بضغط أهلها عليها والمطلوب اثباتة هو حصول الإكراه على وقائع معينة هي الدخول والسفر والانتقال ألي منزله ولم يشهد بشي من ذلك والشاهد الثاني شهد بأنها كانت رافضة للزواج وعندما سئل عن سفرها ألي مصر صرح بأنه يعتقد بان ذلك كان نتيجة لضغط والشهادة لا تقبل إذا كانت باعتقاد الشاهد والشاهد الثالث شهد برفضها للزواج وبعد أن سألته المحكمة سؤال إيحائيا عن استمرار الضغط حتى السفر والانتقال أجاب بالإيجاب وكان بوسع المحكمة أن تضع السؤال بغير هذه الصيغة التي لا تكون الإجابة عليها شهادة مقبولة والشاهد الرابع شهد برفضها للزواج ورفضها للذهاب معه إلي الخرطوم وفي إجابة على سؤال إيحائي أن كان والدها قد ضغط عليها أجاب بالإيجاب والشاهد الخامس لم يشهد بشي
وقد وجهت المحكمة إلي ثلاثة من الشهود سؤالا عن رأي فيها إذا كانت المطعون ضدها لم تستجب ألي الضغط والإجابة على السؤال وان كانت لا تثبت إكراها ألا أنها رأى للشاهد لا تقبل كدليل على إثبات ما طلب إليها إثباته
فاستخلاص المحكمة الاستئنافية للإكراه من المشار إليها استخلاص غير سائغ ولم تشهد البينة شهادة مباشرة بالإكراه على الوقائع المطلوب نفى دلالتها على القبول بالزواج بل أن البينة التي سمعت أمام محاكم بربر وشندي تثبت إتمام عقد الزواج في حفل عمته البهجة وان هذه مضافة إلي انتقال المطعون ضدها من بور تسودان إلي بربر لمناسبة إتمام الزواج بعد خطبة استمرت لمدة عام قبل الزواج قرينة على الرضا بالزواج – لم تتعرض المحكمة الاستئنافية ألي بحث ما دار في حفل الخطبة من تبادل لبس الدبل بين الخاطب والمخطوبة والصور التي أخذت للزوجين في القاهرة والأسكندرية والمدة التي قضاها الزوجان بكل منهما وهل كانت تحت ضغط في تنقلاتهما هناك ولم تعترض المحكمة إلي توقيع المطعون ضدها على اورنيك السفر للخارج أو أعداد الجواز
أن تحقيق المحكمة الاستئناف قد شابه قصور ملحوظ إذ كان المفروض أن يشمل تحقيقها على الجزئيات المشار إليها والتي يمكن أن تدل على الرضا أو عدمه ابتداء من حفل الخطبة وصلة الطرفين في فترتها ثم ما تم في حفل الزواج من علائم الرضاء والفترة التي قضاها الزوجان بعده إلي أن رفعت الدعوى الابتدائية في 1971,9,9 بعد زيجة استمرت سنتين وخمسة اشهر ليكون حكمها مطابقا للواقع –أما أن تهمل المحكمة ذلك مع ما فيه من دلالة فانه أمر يعيب التحقيق
وحيث انتفى الإكراه وثبتت الوقائع التي افترض لها المشرع بملحق المنشور 54 دلالة الرضا فيتعين الأخذ بحكم القرينة ولما كانت القضية صالحة للفصل من واقع ما هو ثابت في المحاضر فقد ثبت أن الحكمين قد بنيا على أسباب غير سليمة
لهــــــــــذا
قررنا إلغاء حكم الاستئناف الصادر من المحكمة الكلية ببور تسودان في القضية نمرة 28/س 1972 بتأييد الحكم الابتدائي الصادر في القضية نمرة 471 – 1971 بفسخ زواج طرفي النزاع وإلغاء الحكم الابتدائي المذكور أيضا وامرنا برد الكفالة