سابقة منشورة بمجلة 1971
سابقة منشورة بمجلة 1971
محكمة الاستئناف المدنية
القضاة
سعادة السيد عمر بخيت العوض قاضي المحكمة العليا بالإنابة
بتفويض من رئيس القضاء
حكومة السودان ضد محمد إبراهيم آدم
م أ/م ك/388/71
المبادئ
قانون الإثبات – تأييد أقوال الطفل بأقوال طفل آخر
قانون العقوبات – جريمة الاغتصاب تحت المادة 317 من قانون العقوبات – ارتكاب جرائم الجنس ضد الأطفال – القسوة في ارتكاب الجرائم – تقدير العقوبة
(1)
إذا اتضح من البينة أن للمتهم ميلاً نحو ارتكاب الجرائم الجنسية مع الصغار وأنه يرتكبها بنوع من القسوة فإن المحكمة تضع في اعتبارها عند تقدير العقوبة التشدد فيها
(2)
ليس هناك ما يعيب بينة طفل ثان ما دامت مقبولة من أن تكون تأييداً لبينة أخرى من طفل آخر ولا يشترط أن تكون البينة المؤيدة كافية لوحدها أو مع غيرها للادانة
الحكم
أدانت المحكمة المتهم على أساس أنه اتصل جنسيا بالمجني عليهما وهي طفلة لا تتعدى العشر سنوات من عمرها لاحظت المحكمة أن المجني عليها قد تعرضت لأذى كبير وقع عليها من جراء فعل المتهم كما لاحظت أن المتهم سبق له أن أدين تحت جريمة اغتصاب أخرى اتسمت تصرفاته فيها بتسبيب الأذى
انحصرت البينة ضد المتهم في أقوال المجني عليها والمتحري وطفلة أخرى اسمها سعدية (سبع سنوات) وتقرير الطبيب وشاهد آخر
ذكرت المجني عليها أن المتهم اتصل بها جنسيا وتعرفت عليه فيما بعد في طابور الشخصية
وقالت الطفلة سعدية أنها رأت المتهم وهو يقوم بارتكاب الجريمة على جسم المجني عليها
12/2/1972
تقدم المحكوم عليه محمد إبراهيم آدم بهذا الطلب طاعناً في العقوبة والإدانة اللذين قررتهما محكمه كبرى انعقدت في النيل الأزرق (مدني) أمرت المحكمة بأن يسجن المتهم مقدم الطلب لمدة عشر سنوات تحت المادة 317 من قانون العقوبات
نفى المتهم مقدم الطلب نفيا قاطعا صلته بهذه الجريمة وادعى أن محاكمته تمت ظلما ولم تقم على أساس
وبعد الإطلاع على المحضر نجد أن البينة التي قدمت ضد هذا المستأنف هو أقوال المجني عليها وهي طفلة تبلغ حوالي العاشرة من عمرها وأقوال شاهدة الاتهام الثالثة سعدية عبد القادر البالغة من العمر سبع سنوات وأقوال شاهد الاتهام الثاني والتقرير الطبي وأقوال المتحري بشأن طابور الشخصية
ومن هنا يتضح لنا من أقوال المجني عليها بأن هذا المتهم هو الذي ارتكب معها جريمة الاغتصاب وقد تعرفت على شكله أثناء سيره معهم في الطريق وبعد أن اغتصبها تعرفت عليه في طابور الشخصية
لقد جرت السوابق القضائية في السودان على السير في هدى القانون الإنجليزي في ضرورة القانون الإنجليزي في ضرورة تأييد البينة في جرائم الجنس وفي الجرائم التي يكون المجني عليه فيها صبي صغير لأنه ليس من الحكمة في شيء أن يضحي بقاعدة البراءة بأقوال طفل
ونحن من جانبنا نرى أن بينة هذه المجني عليها قد تأيدت بالتقرير الطبي الذي كتبه طبيب بمستشفى مدني وهو وإن كان لم يدل بأقوال أمام المحكمة الكبرى إلا أن هذا التقرير مقبول في الإثبات تحت المادة 228 من قانون التحقيق الجنائي
حقيقة أن ذلك التقرير لم يقرأ على المتهم في المحكمة ولم يؤخذ رأيه فيه إلا أنه في ضوء إنكاره لإرتكاب الحادث فلا يوجد ضرر بالعدالة إذا أخذ بالتقرير ولأن محتويات التقرير في الأجزاء الهامة منها نجدها واردة في أقوال شاهد الاتهام الثاني عمر إبراهيم هارون الذي شاهد المجني عليها وهي على بطنها والدماء تسيل منها كما أننا نجد تأييداً لأقوال المجني عليها في إجابتها على شاهد الاتهام الثاني عندما سألها عما لحقها فأجابته بأن رجلا "كسرها" وتعني اغتصبها
ثم أن هذه البينة تأيدت بأقوال الطفلة سعدية التي ذكرت أنها شاهدت المتهم يرتكب ذلك الفعل مع المجني عليها ونحن من جانبنا لا نرى عيباً في أن تكون بينة طفل آخر –مادامت مقبولة في الإثبات- مقبولة لتأييد بينة أخرى ولا يشترط في رأينا أن تكون البينة المؤيدة كافية للإدانة بزاتها أو مع غيرها
وأخيراً فإننا نلتمس التأييد لبينة المجني عليها في طابور الشخصية حيث تعرفت هي كما تعرفت شاهدة الاتهام سعدية على المتهم
ومن جانبنا نرى أن الإدانة لا غبار عليها وتقوم على أدلة مقبولة قانونا وبهذا أرى ما يدعو للطعن الذي تقدم به المستأنف
العقـــوبة
هذا المتهم قضى عقوبة بالسجن لمدة أربع سنوات تحت المادة 319 قانون العقوبات حيث أدين بواسطة محكمة كبرى (مديرة النيل الأزرق/ محكمة كبرى/10/1971)
ومن هنا يتضح لنا ميل هذا المستأنف للجرائم الجنسية مع الأطفال الصغار ومن هنا يتعين علينا أن نميل إلى جانب الشدة في معاملته باعتبار أن السجن الطويل سيساعده في الإقلاع عن هذه الجرائم كما أن الجريمة نفسها من الجرائم التي فرضت لحماية الصالح العام من حيث حماية الأطفال وإبعادهم من هؤلاء المنحرفين
وأخيرا نلاحظ القسوة في فعل المتهم حيث اغتصب تلك الطفلة عنوة وسبب لها أذى كبيراًُ وأن هذا يجب أن يؤخذ في الاعتبار عند وضع العقوبة لأنها تبين مدى ما في نفس هذا المتهم من جنوح
وفي ضوء هذه الاعتبارات أرى أن مدة ثمان سنوات تكفي لتحقيق الأغراض التي أشرت إليها وبذلك يعدل السجن لثمان سنوات