سابقة منشورة بمجلة 1971
سابقة منشورة بمجلة 1971
محكمة الاستئناف المدنية
القضاة
صاحب السعادة/ السيد عثمان الطيب – رئيس القضاء رئيسا
سعادة السيد/ مهدي محمد أحمد – قاضي المحكمة العليا رئيسا
حكومة السودان (وزارة الداخلية) مستأنفون ومدعى عليهم
ضد
الصادق ضو البيت مستأنف ضده ومدعي
م أ / ا ن/ 619/70
المبادئ
قانون المسئولية التقصيرية – الخطأ في تنفيذ أمر تفتيش المنزل – إذا كان الخطأ قد وقع بحسن نية – مسئولية الدولة في تنفيذ أمر التفتيش – استصدر البوليس أمراً بتفتيش منزل المدعو (الصادق على الفكي) وعند وصولهم إلى حيث يقع المنزل سألوا عن المنزل فدلهم أحد المارة على منزل المدعي جاء في البينة أن المدعي القى نظرة على امر التفتيش وسمح للبوليس بالدخول وبعد التفتيش تم اكتشاف الخطأ
لا تعتبر الدولة مسئولة عن خطأ افراد رجال الشرطة عند تنفيذ أمر صادر من محكمة مختصة إذا وقع ذلك الخطأ بحسن نية
المحامون
عثمان التهامي المستشار بوزارة العدل عن المستأنف
مجذوب علي حسيب عن المستأنف ضده
الحكم
16/4/1972م
هذه إعادة نظر ضد الحكم الصادر من قاضي جزئي الخرطوم بتاريخ 13/8/1970 في الدعوى رقم 219/68 والقاضي بأن يدفع مقدموا الطلب "جمهورية السودان" للمقدم ضده الطلب مبلغ مائة وخمسين جنيهاً لتعويضه عن الضرر الذي لحق به من جراء تفتيش رجال الأمن لمنزله عن طريق الخطأ
وتتلخص أسباب إعادة النظر في أن قرار محكمة الموضوع جاء ضد الوزن السليم للبينات كما أن المحكمة أخطأت حين أسست الدعوى على إشانة السمعة بينما موضوع الدعوى هو التعدي كما أن القرار المذكور انطوى على خطأ في تطبيق القانون إذ أن خطأ التابع يمنع مساءلة المتبوع لانقطاع صلة التبعية
وباستقراء البينات اجد نفسي متفقاً مع ما جاء في عريضة اعادة النظر من أن القرار جاء ضد الوزن السليم للبينات فقد انطوت بينة شهود المدعي في الدعوى على تناقض واضح فشاهد الادعاء الثاني وهو صاحب دكان يلاصق منزل المدعي يقول بأنه كان يراقب الأحداث ولم ير أياً من الجيران وان البوليس دخل منزل المدعي وحده وان الناس تجمعوا بعد أن غادر رجال البوليس المحل بينما شاهد الادعاء السادس سليمان احمد صافي الدين يقول أنه حضر كل الاحداث حتى دخول البوليس منزل المدعي والشاهدان المذكوران هما شاهدا العيان الوحيدان لما جرى امام منزل المدعي وهذا التناقض في نظري اساسي يضعف إلى درجة كبيرة قيمة بينة المدعي
هذا كما أن بينة المدعي عليهم تتسم بالتماسك والانسجام فكلهما تفيد أن المدعي تصفح أمر التفتيش ثم أذن لهم بالدخول وبعد اتمام الإجراءات وخروج البوليس لحق بهم وطلب الاطلاع على الأمر مرة أخرى وبعدها اخطر البوليس بانه ليس الشخص المطلوب تفتيش منزله والدلالة هنا واضحة فالمدعي اطلع على أمر التفتيش على عجل وكان رد الفعل طبيعياً وهو الاحتجاج على انه ليس من اللصوص الذين يتعرضون للتفتيش مما يوضح انه لم ينتبه إلى الاختلاف في الاسم وان احتمال حدوث خطأ طرأ على المدعي فيما بعد فلحق برجال البوليس وطلب مرة اخرى الاطلاع على الأمر وهنا تبين له الاختلاف في الاسم فاخطر رجال البوليس بذلك وكان رد الفعل من جانبهم طبيعيا بدوره فقد سألوه إن كان هناك شخص يدعى (الصادق) في تلك المنطقة من هذا يتبين بوضوح أن الرواية حسب ما جاءت على لسان شهود المدعي عليهم تتسم بالتسلسل المنطقي والواقعية ولذلك فإني أرى أن قرار محكمة الموضوع قد جاء ضد الوزن الصحيح للبينات ومن هذا يتبين أيضاً أن رجال البوليس دخلوا منزل المدعي باذن وموافقة المدعي وعليه تنتفي عناصر جريمة التعدي
هذا من ناحية ومن الناحية الأخرى فإني أرى عدم وجود أية مسئولية ضد الدولة حتى لو صدقنا رواية المدعي فالبوليس هنا ينفذ امراً صادرا من محكمة مختصة وبموجب المادة 44 من قانون العقوبات فلا يجوز مساءلتهم جنائياً عن أي تصرف صدر عنهم عن طريق الخطأ ولكن بحسن نية وفي سبيل تنفيذ ذلك الأمر القضائي ولا يمكن القول بأن عنصر سوء النية يتوفر في ظروف الحادث فليس ثمة بينة تثبت أن رجال البوليس ايهم أو كلهم كان يحمل ضغينة ضد المقدم ضده الطلب واصرارهم على التفتيش رغم اخطار المقدم ضده الطلب لهم بأنه ليس الشخص المقصود لا ينهض قرينة قاطعة على سوء النية وأغلب الظن أن البوليس حمل احتجاج المقدم ضده الطلب – لو حدث فعلاً- محم المراوغة أو كسب الوقت ومثل هذه التصرفات يقابلها رجال البوليس كثيراً في أداء واجباتهم وإذا كان القانون يحمي الأشخاص الذين يخطئون - ولكن بحسن النية بخصوص الأفعال التي يعتقدون أنهم ملزمون بها بموجب القانون من المسائلة الجنائية فمن باب أولى ألا يكونوا عرضة للمساءلة المدنية
وللاسباب سالفة الذكر فإني ارى الغاء حكم محكمة الموضوع وشطب الدعوى برسومها
لا أمر بصدد الرسوم