سابقة منشورة بمجلة 1973
سابقة منشورة بمجلة 1973
المحكمة العليا
القضاة
صاحب السعادة السيد / خلف الله الرشيد رئيس المحكمة العليا رئيساً
سعادة السيد/ شيخ محمد الجزولي نائب رئيس المحكمة العليا عضواً
سعادة السيد/ الصادق عبد الله قاضي المحكمة العليا بالإنابة عضواً
أحمد عبد الله وآخر الطاعنان
/ضد/
أبو عاقلة الريح المطعون ضده
م ع/ط م /73/73
المبادئ
قانون التقادم لسنة 1928 – جواز وضع اليد على أراضي الأوقاف
القانون المدني لسنة 1971- التقادم – اكتماله قبل سريان القانون الجديد المادة 8 "1 "
القانون المدني لسنة 1971-الأوقاف الخيرية خارج أحكام التقادم-تطبيق النصوص التي اقتضاها الصالح العام المادة 781
(1)
قانون التقادم لسنة 1928 ينطبق على كل الأراضي أهلية كانت أم خيرية
(2)
التقادم المكتمل يسري عليه القانون الذي أكتمل في ظله حتى وإن كانت الدعوى لم تفصل فيها محكمة أول درجة عند سريان القانون المدني لسنة 1970م
(3)
النصوص التشريعية التي أوردها القانون المدني لسنة 1971م لا تسري على ما سبقها من وقائع إلا في حالة وجود نص على ذلك أو إذا كانت متعلقة بالنظام العام والآداب
(4)
النصوص الجدية التي أدخلها القانون المدني لسنة 1971م تخرج الأوقاف الخيرية من الأموال التي يمكن تملكها بالتقادم كأمر يقتضيه الصالح العام ولذلك يجوز تطبيق هذا النص الجديد على وقائع سابقة له
المحامون
شمس الدين اللدر عن الطاعنين
أحمد دهب عن المطعون ضده
الحكـــم
8/11/1973/
في يوم 8/11/1969 رفع الطاعنان (المدعيان) القضية المدنية رقم 315/69 أمام محكمة الحصاحيصا المدنية يدعيان أنهما يمتلكان أرضاً زراعية مساحتها 4ر20 فدان بمربوع المسلمية أبي حراز آلت إليهما بالإرث أباً عن جد منذ ما يزيد عن المائة عام
وحيث أنه قد اتضح لهما أن هذه الأرض سجلت بواسطة التسوية تحت نمرة 986 باسم وقف جامع حمد النيل (المطعون ضدهما) فإنهما يطالبان المحكمة بإثبات حقهما بوضع اليد على الأرض المذكورة تعديل السجل من اسم وقف جامع الشيخ حمد النيل أحمد الريح إلى اسميهما
أثناء سماع الدعوى طلب محامي المطعون ضده (المدعى عليه) شطبها بمقتضى المادة 781 من القانون المدني لسنة 1971م وقد استجابت المحكمة لهذا الطلب وشطبت الدعوى تحت المادة المشار إليها
وقد استأنف الطاعنان _المدعيان) حكم محكمة الموضوع للمحكمة الكلية دائرة النيل الأزرق التي أيدت الحكم بشطب الدعوى وقد رفضت المحكمة الكلية ما تمسك به محامي الطاعنين (المدعين) من تطبيق قانون التقادم لسنة 1928م وفقاً للمادة 8(1) من القانون المدني لسنة 1971م التي تقضي بأن تسري نصوص القانون المدني الجديد المتعلقة بالتقادم من وقت العمل بها على كل تقادم لم يكتمل وبدلاً من هذه المادة قامت المحكمة الكلية بتطبيق المادة 2(1) من القانون المدني التي تخضع جميع القضايا التي لم تفصل فيها محاكم أول درجة لتطبيق القانون المدني من تاريخ العمل به ولو كانت من وقائع سابقة على تاريخ سريان القانون
كما استندت المحكمة الكلية أيضاً على المادة 4 من القانون المدني وأشارت إلى أن قانون التقادم لسنة 1928 قد ألغي منذ 21/10/1971 (تاريخ صدور القانون المدني) ولا سبيل لبعثه من جديد أما اعتراض الطاعنين أمام محكمة الموضوع فرفضته المحكمة الكلية ( المادة 218 من قانون المرافعات المدنية لسنة 1972م)
وضد حكم المحكمة الكلية المؤيد لحكم محكمة الموضوع تقدم محامي الطاعنين بهذا الطعن متمسكاً بتطبيق المادة 8(1) من القانون المدني التي هي استثناء للقاعدة العامة المبينة بالمادة 2(1) والاستثناء موضوعه التقادم الذي اكتمل فهذا لا يطبق عليه القانون المدني بل يطبق عليه قانون التقادم لسنة 1928 أما التقادم الذي لم يكتمل عند سريان النصوص الجديدة فينطبق عليه القانون المدني الجديد
وبالرجوع إلى عريضة الدعوى المؤرخة 8/11/1969 نجد أن مقدميها يطالبان بوضع اليد لمدة عشرين سنة متوالية مناصفة بينهما وعن أيلولة الأرض لهما يدعيان أنهما ورثاها عن أسلافهم الذين بدورهم ظلوا بحوزتها لما يزيد عن المائة عام
يتضح من هذا أن التقادم المدعى به قد اكتمل حسب الدعوى قبل صدور القانون المدني الجديد الذي لم يسر مفعوله إلا في 21/10/1971م في حين أن عريضة الدعوى تاريخها 8/11/1969 وصرحت الدعوى في 29/12/1969
ومن جهة أخرى فإن محامي المطعون ضده يستند على الأسباب التي أوردتها المحكمة الكلية ويطالب بتأييد تطبيق المادة 2(1) من القانون المدني كما يسند أيضاً على المادة 6 من نفس القانون غير أن هذه المادة في الواقع تدعم قضية الطاعن وليس المطعون ضده إذ تنص على التالي:-
( لا تسري النصوص التشريعية إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها ولا تسري على ما سبق من الوقائع إلا إذا وجد نص في القانون الجديد يقضي بغير ذلك أو كان القانون الجديد متعلقاً بالنظام العام أو الآداب) فالغرض من هذه المادة هو عدم رجعية القوانين
فلا يوجد في القانون ما ينص على رجعية الأحكام بالنسبة لقضايا التقادم المكتمل بل على العكس فإن المادة 9(6) تلزم المحاكم بتطبيق قانون التقادم القديم في حالة التقادم الذي اكتمل قبل 21/10/71 تاريخ سريان القانون المدني
لذلك فإننا مع محامي الطاعنين في أن القانون الواجب التطبيق من الناحية المدنية هو قانون التقادم لسنة 1928 وذلك تطبيقاً للمادة 8(أ) التي لا تسلب المادة 2(1) مفعولها ولكن تقيد تطبيقها بالنسبة لقضايا التقادم المكتمل عند سريان القانون
فقانون التقادم لسنة 1928 لا يحول دون وضع اليد على أراضي الأوقاف خيرية كانت أم أهلية حيث أن القانون المذكور لا يشتمل على أحكام المادة 781 من القانون المدني الجديد غير أن الوقف من مسائل الأحوال التي تدخل في اختصاص المحاكم الشرعية سابقاً بحكم منطوق المادة 5 من قانون القضاء المدني " قانون المحاكم الشرعية لسمة 1967 " ولو رفعت الدعوى من ناظر الوقف لإثبات وقف الأرض في مواجهة المدعين لكانت المحكمة الشرعية هي المختصة بنظرها والمختصة أيضاً بنظر الدفع بالتقادم من جانب المدعين في ضوء أحكام الوقف وإذا كانت ملكية الأرض للوقف ثابتة بحكم التسوية ولم تعد موضوع نزاع بعد أن أصبح قرار التسوية نهائياً فإن أحكام الوقف لا تزال هي الواجبة التطبيق بما فيها التقادم وقد نصت المادة 51 من لائحة الترتيب والنظام على تحديد مدة التقادم بالنسبة للوقف بثلاثة وثلاثين سنة مع شروط أخرى يتعين توفرها تسلب ملكية الوقف للأرض بالتقادم
وإذا حدد المشرع مدة التقادم بحد معين للأراضي الموقوفة فيتعين القول بأنها خارجة عن نطاق تطبيق قانون التقادم سمة 1928 وإذا كانت المادة 8(أ) تشكل استثناء من أحكام المادة 2(1) من القانون المدني الجديد فإن المادة 781 هي في الواقع تخصيص إطلاق الاستثناء المقرر بالمادة 8(1) إذ أنها تخرج عن أحكام التقادم الأحوال المبينة بها ومن بينها الأوقاف الخيرية وحماية هذه الأوقاف من التملك بالتقادم أمر يقتضيه النظام العام إذ أنها ذات نفع عام أو محبوسة للنفع العام الأمر الذي يدخلها في نطاق أغراض النظام العام ويتعين بهذا تطبيق المادة 6 من القانون المدني الجديد على وقائع النزاع رغم اكتمال التقادم حين رفع الدعوى وعلى هذا فإن الحكم صحيح يتفق مع أحكام الوقف بالنسبة لرفض الإدعاء كما أنه تطبيق صحيح لنصوص القانون فيتعين تأييده