المحكمة العليا
بسم الله الرحمن الرحيم
دائرة ولايتي البحر الأحمر وكسلا
ببورتسودان
القضاة:
سعادة السيد/ إبراهـيم محمـد المكـي قاضي المحكمة العليا رئيساً
سعادة السيد/ خالـد أحمـد خير السيد قاضي المحكمة العليا عضواً
سعادة السيد/ إبراهيـم محمـد حمـدان قاضي المحكمة العليا عضواً
الأطراف:
ملاك الباخرة Peal of Salalah طاعنين
// ضد //
أعمال أبو المصطفى وآخرين المطعون ضدهم
الرقم م ع/ط م/70/2007م
عقد النقل البحري – التزامات الناقل البحري – معرفة الخصائص الذاتية للبضاعة – مدى إلزام الناقل بها
المبدأ:
ليس هنالك التزام قانوني على عاتق الناقل البحري بمعرفة الخصائص الذاتية للبضاعة التي يقوم بنقلها لكن إذا أخبره الشاحن بالطبيعة الخاصة بالبضاعة والشروط اللازمة لحفظها أثناء الإبحار وعند التفريغ فإنه يكون لزاماً على الناقل قبل أن يوافق على نقل البضاعة أن يعلم ما هي الأخطار المتوقعة من جراء عدم الالتزام بالمحافظة على الشروط المدونة
المحامون:
الأستاذ/ عثمان محمد الشريف عن المدعى عليهم
الأساتذة/ غادة شوقي ومسعود الأمين عن المدعيين
الحكـــم
القاضي: خالد أحمد خير السيد
التاريخ: 1/3/2008م
المدعون فـي هـذه الدعوى هم ستـة من مصانـع الصابون : أعمال أبو المصطفى مصنع التوفيق للصابون مصنع تاجوج للصابون مصنع الهلالين للصابون مصنع المـدى للصابون وشركـة أحمد كمبال اشترى كل منهم كميـة مـن زيـوت الاسترين RBD palm stearine من Pacific Inter-link SDN BHD بماليزيا وهـو نفسه الشاحن وتم نقل الكمية المشتراة بوساطة السفينة Pearl of Salalah المملوكة للمدعى عليهم من مينائي Belwan باندونيسيا و Clang بماليزيا إلى ميناء بورتسودان وقد بلغت كل الكمية التي تم شحنها على السفينة 398 4987 طن متري عند وصول السفينة إلى ميناء بورتسودان تم تفريغ جزء كبير من البضاعة أما الجزء الآخر فقد تجمد داخل تنوكة السفينة وفشلت كل المحاولات التي بذلت من أجل تذويبه وإخراجه من تنوكة السفينة وبلغت الكمية التي بقيت داخل السفينة Remain on Board 665 338 طن متري أقام المدعون كل بمفرده الدعوى في مواجهة المدعى عليهم للمطالبة بقيمة العجز الذي حدث للبضاعة دفع المدعى عليهم الدعوى بالآتي:
أولاً: الخطأ في تعليمات الشحن ومؤدى هذا الدفع أن درجات الحرارة التي قدمها الشاحن كانت تقل عن درجات الحرارة المطلوبة لحفظ البضاعة أثناء الرحلة وهذا الخطأ أدى لتجمد جزء كبير من الزيوت لم يتمكن القبطان من تلافيه
ثانياً: إن الناقل قد تحفظ على وزن البضاعة كما هو مبين في سند الشحن بعبارة : " quantity in bulk said by the shipper to be " وهذا ما يعفي الناقل عن أي عجز أو تلف يلحق بالبضاعة
ثالثاً: أن البضاعة موضوع الدعوى هي من البضائع التي يتم تسليمها تسليماً مباشراً فيما يعرف بالتسليم تحت الروافع فإنه وبمجرد وضع الناقل السفينة تحت تصرف المرسل إليه يكون قد أوفى بالتزاماته وفقاً لعقد النقل البحري بعد سماع قضيتي الإدعاء والدفاع توصلت محكمة الموضوع إلى أن المدعى عليهم أخلوا بالتزامهم التعاقدي بموجب عقد النقل البحري عندما سلموا المدعين كمية من الزيوت أقل من الكمية التي تم شحنها فعلاً هذا وقد عزت محكمة الموضوع تجمد الزيوت داخل تنوكة السفينة إلى مخالفة كابتن السفينة لتعليمات التسخين التي أعطاها لهم الشاحن في ميناء القيام استأنف المدعى عليهم ضد الحكم أمام محكمة الاستئناف والتي قضت بتأييد حكم محكمة الموضوع هذا طعن بالنقض ضد حكم محكمة الاستئناف مقدم إلينا من الأستاذ/ عثمان محمد الشريف نيابة عن المدعى عليهم لم يخرج في جوهره عن ما هو مطروح أمام محكمتي أول وثاني درجة ويقوم الطعن على الآتي: (بتلخيص)
1- لا ينكر المدعى عليهم أن هنالك درجات حرارة موصى عليها عالمياً لنقل زيوت الاسترين international recommended code بل أن دفاع المدعى عليهم انصب على أن الدرجات الموصى بها عالمياً لا تؤدي لحفظ البضاعة موضوع الدعوى وذلك لعيب ذاتي في البضاعة لمخالفتها المقاييس والمواصفات العالمية التي بنيت عليها درجات الحرارة الموصى بها عالمياً وأن المدعى عليهم استطاعوا أن يثبتوا أنه يلزم لحفظ هذه الزيوت في وضع السيولة درجات الحرارة ما بين 54 إلى 58ْم ولذلك فإن درجات الحرارة وكما جاءت في تعليمات الشحن وهي 40- 45ْم لا تجعل البضاعة ذائبة أثناء الإبحار
2- إن الدفع بعدم اعتماد المدعى عليهم للوزن المعلن بوساطة الشاحن يقع في محله تماماً لأن الناقل كان لديه الشك ولم تكن لديه الوسائل الكافية للتحقق من الوزن والذي كان في حقيقته مربوطاً بنوع البضاعة وقد أخطأت محكمة الاستئناف بقولها أن الاحتجاج يتضارب مع الختم على سند الشحن بأنه سند شحن نظيف إذ ليس هنالك في اتفاقية بروكسل ما يمنع إبداء التحفظ على الوزن على صدور سند شحن نظيف
3- فيما يتعلق بالدفع حول قيمة البضاعة فإن المدعيين لم يقدموا أصل الفواتير التي تم بها الشراء كما لم يبد المدعون أسباباً لعدم تقديم بينة محرري تلك الفواتير ولا يعد سند الشحن حجة هنا لأنه لا تسجل فيه قيمة البضاعة ومن محصلة الطلب يلتمس إلغاء الحكم المطعون فيه تم قبول الطعن مبدئياً ونيابة عن المدعيين تقدم الأساتذة/ غادة شوفي ومسعود الأمين المحاميان بالرد على أسباب الطعن وجاء به:
1- إن تعليمات التسخين التي قدمها الشاحن للناقل توضح أن درجات الحرارة المطلوبة لحفظ البضاعة هي: 40-45ْم أثناء الرحلة و 60-70ْم أثناء التفريغ ويشير تجمد البضاعة أسفل التنوكة إلى أن درجة حرارتها كانت أقل من تلك الدرجات وهذا ما يدلل على عدم التزام الناقل بتعليمات التسخين
2- فيما يتعلق بالتحفظات المدونة بسند الشحن حول وزن البضاعة فهذا مردود عليه بأنه وبالرجوع لسندات الشحن الخاصة بالبضاعة موضوع الدعوى نجد أنه قد دون عليها clean shipped on board مما يعني أن الناقل تحقق من وزن البضاعة ومواصفاتها أما عبارة quantity in bulk said by the shipper to be فهي عبارة موجودة بأي سند شحن ولم تدون بوساطة الناقل
3- أثبت المطعون ضدهم قيمة البضاعة بتقديمهم لفواتير الشراء والتي لم يعترض عليها الطاعن كما أن الدفاع لم يقدم مناهضة تجعل المحكمة تشكك في مصداقية تلك الفواتير ومن ثم يلتمسان شطب الطعن لقد قدم الإدعاء بينة كافية لإثبات أن المدعى عليهم قد تسلموا في مينائي الشحن البضاعة وهي في حالة مائعة ( بين الصلابة والسيولة) وبهذا فإن المدعى عليهم ملزمون بتسليم البضاعة في ميناء الوصول بنفس الحالة التي كانت عليها في ميناء القيام وبما أن هنالك كمية من الزيوت قد تجمدت داخل تنوكة السفينة واستعصى إخراجها ROB فإن الناقل يكون مبدئياً tentatively مسئولاً عن العجز الذي حدث للبضاعة طالما أن التجمد قد حدث للزيوت أثناء وجودها بعهدته ولكي ينفي الناقل مسئوليته عن العجز عليه أن يثبت توافر أىٍَ من الإستثناءات exculpatories التي تدفع عن المسئولية عن التلف وقد حصر الناقل دفوعه في :
1- خطأ تعليمات التسخين:
ويقوم هذا الدفع على أن درجات الحرارة المطلوبة لحفظ البضاعة أثناء الرحلة هي 65-70ْم وليس 40-45ْم التي أعطاها الشاحن الأمر الذي أدى لتجمد جزء من الزيوت ولم يكن في وسع الناقل تلافي ذلك هذا هو الدفع كما ورد بمذكرة الدفاع عند الرد على عريضة الدعوى والذي بناءً عليه صاغت محكمة الموضوع نقطة نزاع جوهرية هي: ( هل تمَّ الشحن بموجب تعليمات شحن خاطئة صدرت من الشاحن وجاء بها أن درجات الحرارة المطلوبة خلال الرحلة البحرية هي : 40-45ْم في حين أن الدرجة المطلوبة خلال الرحلة هي 65-70ْم مما أدى لتجمد جزء من البضاعة 000 الخ ؟ ) بيد أنه وعند الطعن ضد حكم محكمة الموضوع أمام محكمة الاستئناف تحور الدفع إلى دفع بالعيب الذاتي للبضاعة إذ عاد المدعى عليهم وأقروا بأن درجات الحرارة اللازمة لحفظ زيوت ألاسترين أثناء الإبحار هي 40-45ْم وأصبح الدفع الجديد هو / أنه وبسبب عيب ذاتي في البضاعة المنقولة فإن درجة الحرارة المطلوبة لحفظها أثناء الإبحار هي 65-70ْم لإثبات الوقائـع التي يقـوم عليها الدفع قـدم المدعى عليهم البينات التالية:
1- أنهم احتفظوا داخل زجاجات بلاستيكية بعينات من زيوت ألاسترين التي تمَّ شحنها في مينائي الشحن إضافة لعينات أخرى أخذت من تنوكة السفينة بعد مغادرتها لميناء بورتسودان
2- تمَّ فحص تلك العينات بوساطة معامل Salmon & Seaber وكانت نتيجة الفحص حسبما هو مبين في مستند دفاع (11) إن درجات الحرارة المطلوبة لحفظ مثل هذا النوع من الزيوت هي: 65-70ْم عند الإبحار و70-75ْم عند التفريغ
3- انه اتضح أثناء شحن البضاعة من ميناء Belwan أن الزيوت بدأت تتجمد في المواسير التي تنقل البضاعة من المستودعات إلى تنوكة السفينة مما حدا بالكابتن أن يصدر خطاب احتجاج للشاحن يطلب منه أن يمده بشهادة نوعية للبضاعة ( مستند دفاع 45) وخطاب احتجاج آخر طالباً منه تحديد نسبة الماء في الزيت ( مستند دفاع 67 ) وخطاب احتجاج آخر يبين فيه واقعة تجمد الزيوت أثناء عملية الشحن ( مستند دفاع 8 ) إذن لم يعد معدل درجات الحرارة الموصى بها عالمياً لحفظ زيوت ألاسترين أثناء الإبحار وعند التفريغ أمراً محل إنكار من جانب المدعى عليهم ولذلك فلا يوجد خطأ من جانب الشاحن عندما أورد تلك الدرجات في تعليمات التسخين ( مستند ادعاء 5) لقد بينت محكمة الموضوع في حكمها على الصحيفة 351-367 من واقع البينات المباشرة والقرائن الظرفية وبصورة تفصيلية وباقتدار كيف أن الناقل خالف تعليمات التسخين المقدمة إليه إن محاولة إثبات أن لزيوت ألاسترين موضوع الدعوى معدل حرارة للحفظ يختلف عن ذلك المعترف به عالمياً أمر لا يمكن قبوله إلا إذا اقترن ببينة أخرى تثبت أن زيوت الاسترين أنواع مختلفة وأن لكل نوع معدل درجات حرارة يختلف عن الآخر فالسمة المميزة للعيب الذاتي للبضاعة هي أنه عيب طبيعي ويوجد في كافة البضائع المماثلة وبدون هذه البينة الإضافية لا يمكن لمحكمة الموضوع أن تصل لقناعة بأن زيوت الاسترين موضوع الدعوى دون غيرها من الزيوت هي الوحيدة الشاذة أن التقارير الفنية الصادرة من معامل Salmon & Seaber قد تكون صادقة في النتائج التي توصلت إليها إلا أن ما يضعف هذه التقارير كبينة في الإثبات هو أنه لا توجد معها بينة أخرى لإثبات أن تلك العينات محل الفحص قد تمَّ حفظها بطريقة معينة بحيث لا تؤدي إلى حدوث تغيير في خصائصها وتتضاعف أهمية تقديم تلك البينة الإضافية خاصة إذا وضعنا في الاعتبار أن تلك العينات ظلت محفوظة لدى كابتن السفينة مدة تجاوزت الشهرين قبل فحصها بوساطة المعامل مرت خلالها السفينة بأجواء مناخية مختلفة بين إندونيسيا والسودان وفي تقديري أن مثل بينة الخبرة هذه كانت ستكون مؤثرة في الإثبات إذا كانت العينات محل الفحص قد أخذت من المنتج وللمعامل مباشرة
أما الاحتجاجات التي كان يبعثها الناقل للشاحن والتي يشكو فيها نوعية البضاعة وتجمد الزيوت قبل شحنها في التنوكة فهي حجة فيما بينهما فقط ولا يمتد أثرها التدليلي للمدعين كمرسل إليهم بيدهم سند شحن نظيف وهي حجة ليس في صالح المدعى عليهم إذ كان عليهم التفاوض مع الشاحن للوصول لتعليمات شحن مختلفة أو رفض النقل أنظر في ذلك: White & Son Ltd v White Star Line Ltd (The Hobsons Bay) (1933)46LI L Rep 189 Once a carrier receives special instructions, he must follow those instructions, or negotiate new terms and conditions, or refuse the goods Otherwise He will be responsible for the consequences صحيح أنه ليس هنالك إلتزام قانوني على عاتق الناقل البحري بأن يعرف الخصائص الذاتية للبضاعة التي يقوم بنقلها إذ أن الأمر يحتاج للاستعانة بالخبرة ولكن طالما أن الشاحن قد بين للناقل الطبيعة الخاصة لزيوت الاسترين والشروط اللازمة لحفظها أثناء الإبحار وعند التفريغ فيكون لزاماً على الناقل قبل أن يوافق على نقل البضاعة أن يعلم ما هي الأخطار المتوقعة من جراء عدم الالتزام بالمحافظة على درجات الحرارة حسبما هو مبين في التعليمات المدونة وأن يعرف كيفية معالجة أي عيوب تطرأ على البضاعة بسبب فشل نظام التسخين أو انخفاض معدل درجات الحرارة المطلوب توافرها للبضاعة أثناء الإبحار أو عند التفريغ لأن الناقل ناقل متخصص في نقل مثل هذا النوع من البضائع (الزيوت) وله سفينة مصممة لذلك النقل ولذلك فإن فشل الناقل في تمييع الزيوت وفشله في إخراجها عن تنوكة السفينة يعد إخلالاً بالتزاماته التعاقدية بموجب عقد النقل البحري
2- الدفع بالتحفظ على الكمية في سند الشحن:
لقد دفع المدعى عليهم أنهم أبدوا تحفظاً على كمية البضاعة المشحونة كما هو مبين في سند الشحن بعبارة :quantity in bulk said by the shipper to be “ يقتصر أثر هذا الدفع على نقل عبء إثبات كمية البضاعة إلى عاتق المدعيين ولكنه لا يؤدي إلى إعفاء المدعى عليهم من المسئولية عن العجز إلا في حدود تلك الكمية التي يعجز المدعون عن إثبات تسليمها للمدعى عليهم لقد رفضت محكمة الموضوع هذا الدفع على سند من القول إن سند الشحن الصادر من المدعى عليهم كناقل بحري هو سند شحن نظيف وذلك لورود عبارة clean shipped on board مدونة على سند الشحن مما يعني أن الناقل قد تحقق من وزن البضاعة هذا وقد بررت محكمة الموضوع وجود التحفظ بسند الشحن بأن العبارة التي تشير إلى التحفظ هي من العبارات المطبوعة والمعدة سلفاً بسندات الشحن الجاهزة أما عبارتي:freight prepaid و clean shipped on board فقد أضيفتا لاحقاً على سند الشحن بوساطة الناقل ولذلك فهما اللتان تسودان على العبارات الجاهزة أنني أتفق مع محكمة الموضوع في وجهة النظر هذه وأقتطف من مؤلف البروفسيور William Tetley الآتي:
“ Handwritten or typewritten clauses in a bill of lading take precedence over printed This for two reasons: written clauses are posterior to printed clauses, and, secondly, written words are the immediate language selected by the parties themselves to express their meaning, while the printed words are a general formula applicable to all parties who may use the bill of lading form Where the rule applies, the special clause will override the printed clause to the extent of the inconsistency The special clause in the bill, however, only takes precedence when it is in direct contradiction with the printed clause “
Marine Cargo Claims Internet ed chapter 4 Interpretation of Bills of Lading and Superseding clauses
يطعن الأستاذ المحترم عثمان الشريف ضد قضاء محكمة الموضوع في هذه الجزئية بأنه ليس هنالك في اتفاقية بروكسل ثمة ما يمنع من إبداء تحفظ على الوزن مع صدور سند شحن نظيف ( يشير في ذلك للمادة 3(ج) من اتفاقية بروكسل) إن المادة (3) من اتفاقية بروكسل تلزم الناقل بأن يحرر للشاحن (بناءً على طلب من الشاحن) سند شحن يوضح فيه مواصفات البضاعة المستلمة من حيث الوزن والنوعية وغيرها ولا تلزم المادة الناقل أن يدون بسند الشحن بيانات عن البضاعة يكون لديه أسباب معقولة للاشتباه بعدم صحتها أو لم تكن لديه الوسائل الكافية للتحقق من صحتها في تقديري أن الاستشهاد بهذه المادة لم يكن في محله لأن التحفظ الذي يبديه الناقل تدليلاً على جهله بكمية الزيوت التي شحنت بالفعل داخل تنوكة السفينة لا يعتد به ولا يكون لديه اعتبار في نفي مسئوليته عن العجز بموجب أحكام هذه المادة إلا إذا كانت لديه أسباب جدية للشك في صحة بيانات الشحن أو لم تكـن لديه الوسائل للتحقق من صحـة البيانات وفي كلتا الحالتين يقع عبء الإثبات عليه فإذا عجز عن الإثبات تعين عدم التعويل على التحفظ المدون في هذه الدعوى لم يعجز المدعى عليهم عن الإثبات فحسب بل إنهم قدموا بينة من عندهم تثبت أن السفينة كانت مزودة بأجهزة قياس تمكنهم من التحقق من صحة الوزن الذي ذكره المدعون إذ جاء في مستندي دفاع (9 10) وهما عبارة عن خطابي احتجاج من كابتن السفينة إلى الشاحن يشرح له فيه أن الكمية المشحونة وفقاً (لقياسات السفينة) أقل من الكمية المدونـة بسنـد الشحن “ according to ship’s measurements taken on completion of loading , a cargo quantity actually shipped on my vessel result to be “ إذن فقد كان للمدعى عليهم الوسائل للتحقق من صحة الوزن وبالرغم من ذلك أصدروا سند شحن نظيف دونوا فيه كمية الزيوت كما جاءت على لسان الشاحن ولما كان الأمر كذلك فإن البيانات المدونة بسند الشحن تعد هنا بينة مبدئية prima-facie evidence فيمـا بين الناقـل والشاحـن ولكنها بينة قاطعة conclusive evidence فيما بين الناقل والمرسل إليه بحيث لا يجوز للناقل إثبات خلافها في مواجهة المرسل إليه من بين أسباب النعي على حكم محكمتي أول وثاني درجة أن المدعيين كمرسل إليهم لا يعدوا من الغير ولذلك فإن سند الشحن ليس ببينة قاطعة في مواجهة الناقل وهذا غير صحيح بالطبع إذ أن المرسل إليه هو من الغير وفقاً للقواعد العامة ووفقاً لما هو منصوص عليه في المادة (4) من اتفاقية بروكسل: Such a bill of lading shall be prima facie evidence of the receipt by carrier of the goods as therein described in accordance with paragraphs 3(a),(b) and (c) However, proof to the contrary shall not be admissible when the bill of lading has been transferred to a third party acting in good faith والقاعدة 16(2) (ب) من قواعد هامبورج أكثر وضوحاً:Proof to the contrary by the carrier is not admissible if the bill of lading has been transferred to a third party, including a consignee, who in good faith has acted in reliance on the description of the goods therein وبهذا تصبح الكمية التي تمَّ شحنها على السفينة هي الكمية المدونة بسندات الشحن وبالتالي فإنَّ معرفة العجز في كمية البضاعة المنقولة يكون بعملية حسابية ( وزن الكمية المشحونة ناقصاً وزن الكمية التي تمَّ تفريغها) ولا يرقى أي تقرير خبير لمثل هذه الدرجة من الإثبات لحساب مقدار العجز
3- الدفع حول قيمة البضاعة:
يشكك المدعى عليهم في القيمة التي تمَّ بها شراء البضاعة وذلك من منطلق أن المدعيين لم يقدموا الفواتير الأصلية التي تمَّ بها شراء البضاعة وإنما قدموا صوراً لتلك الفواتير وأن المدعيين - رغم اعتراض المدعى عليهم على صور الفواتير المقدمة كبينة في الدعوى – لم يقدموا أسباباً لتبرير عدم تقديم محرري تلك الفواتير كشهود لقد بينت محكمة الموضوع في حكمها بأنها قبلت صور الفواتير كبينة في الإثبات نسبة لعدم وجود بينة مناهضة وحقيقة لا يوجد اعتراض جدي من المدعى عليهم على ثمن شراء الزيوت وإنما الاعتراض انصب حول قبول الصورة كبينة في الإثبات ولم يبين محامي المدعى عليهم النص القانوني الذي يمنع تقديم صورة الفاتورة كبينة في الإثبات عرف قانون الإثبات البينة المقبولة بأنها " هي التي تنتج في إثبات الوقائع المتعلقة بالدعوى أو نفيها والتي لا تكون مردودة بموجب أحكام هذا القانون " وأيضاً نصت المادة 39 من ذات القانون على : " تقبل سائر طرق الإثبات لإثبات ما يوجب القانون تسجيله في مستند إذا فقد المستند بسبب لا يد فيه لمن يدعي بالمستند أو إذا وجد مانع مقبول يحول دون تقديم المستند بالاطلاع على الفواتير وسندات الشحن نجد أن هنالك تطابقاً في البيانات من حيث نوع البضاعة والوزن والشاحن في سند الشحن هو نفسه البائع في الفاتورة وبالتالي تعتبر الفواتير المقدمة حجة لإثبات قيمة البضاعة أخيراً ينعى الطاعنون على محكمة الاستئناف أنها وطالما قد وقفت على العرف السائد والمعمول به لإعفاء الناقل عن المسئولية في العجز عن نقل الزيوت والشحوم بنسبة 1% فإنه كان عليها ألا تؤيد الحكم بكل قيمة العجز بل كان عليها أن تخصم النسبة المسموح بها لم تكن مسألة عجز الطريق قد أثيرت أمام محكمة الموضوع ولم يتطرق إليها الطاعنون في أسباب الطعن أمام محكمة الاستئناف ولما كان الاستئناف ينقل الدعوى إلى محكمة الاستئناف بحالتها التي انتهت عليها عند محكمة الموضوع وبالنسبة لما أثير فـي أسباب الاستئناف فقط فإنه لا يجوز لمحكمة الاستئناف أن تتصدى لهذه المسألة من تلقاء نفسها يجب التفرقة بين ما إذا كان العجز راجعاً إلى طبيعـة البضاعة الخاصة أو إلى خطـأ الناقل ففـي الحالة الأولـى تخفف مسئولية الناقل بمقدار النسبة المسموح بهـا أما فـي الحالة الثانية فيسـأل الناقل عن العجز جميعـهأنظر الدكتور كمال حمدي :
مسئولية الناقل البحري للبضائع في قانون التجارة البحرية ( دراسة مقارنة مع اتفاقية هامبورج) ص 70
منشأة المعارف بالسكندرية 2003م
لكل ما تقدم أرى أن نأمر بتأييد الحكم المطعون فيه
القاضي: إبراهيم محمد حمدان
التاريخ: 3/3/2008م
أوافق
القاضي: إبراهيم محمد المكي
التاريخ: 6/3/2008م
أوافق على ما انتهى إليه زميلي خالد في مذكرته تسبيباً ونتيجة
الأمر النهائي:
نؤيد الحكم المطعون فيه ويرفض الطعن
إبراهيم محمد المكي
قاضي المحكمة العليا
ورئيس الدائرة
6/3/2008م