المحكمة العليا
بسم الله الرحمن الرحيم
قرار النقض رقم 40/2005م
الصادر في 21/5/2005م
القضاة:
صاحبة الفضيلة الشيخة/ رباب محمد مصطفى أبوقصيصة قاضي المحكمة العليا رئيساً
صاحب الفضيلة الشيخ/ جعفـر صالح محمـد أحمـد قاضي المحكمة العليا عضواً
صاحب الفضيلة الشيخ/ برعـي محمـد سيـدأحمـد قاضي المحكمة العليا عضواً
قضية نفقـة عـدة
قانـون الأحوال الشخصيـة للمسلمين لسنة 1991م– العدة – الاعتداد في منزل الزوجية – أثره على نفقـة العدة – قياس نفقة العدة على النفقة الزوجية – مدى صحته – نفقة المتعة – يسار المطلق – وقت اعتباره
المبادئ:
1- اعتداد المطلقة والمتوفي عنها زوجها في منزل الزوجية المخصص قبل الفرقة إنما هو حكم تعبدي لا يترتب على عدم الامتثال له سقوط حقها في نفقة العدة
2- القول بأن المطلقة التي تخرج من بيت الزوجية تعتبر ناشزاً ولا تستحق نفقة العدة قياساً على النفقة الزوجية التي تجب نظير احتباس الزوجة لزوجها قول في غير محله وقياس مع الفارق لأن النفقة الزوجية يقابلها حق للزوج على المرأة
3- الادعاء بأن متعة المطلقة شرطها أن يكون الزوج المطلق موسراً ليس صحيحاً لأن استحقاق المطلقة للمتعة بحسب يسر المطلق كما جاء بنص المادة يدل على أنها تستحق المتعة في كل حال وعبارة اليسر الواردة في المادة تنصرف إلى مقدار الاستحقاق
رأي مخالف:
المقصود باليسر هنا الغنى في حد ذاته لا يسر الحال بمعنى السعة لأغراض التقدير واليسار بمعنى الغنى شرط يوجبه استحقاق المتعة والمتعة تأتي من باب الاستحسان فكان اليسار شرطاً لوجوب استحقاقها بخلاف نفقة العدة التي تجب على المطلق في أحوال الطلاق أو التطليق أو الفسخ ما لم يكن بسبب محظور من الزوجة أياً كان حاله يسراً أو عسراً وهذا ما يراعى في التقدير ولا أثر له في الوجوب
الحكــم
القاضي: برعي محمد سيد أحمد
التاريخ: 18/7/2004م
تتحصل الوقائع في أنه وفي الدعوى الشرعية رقم650/2003م حكمت محكمة كرري العامة بإلزام الطاعن بأن يؤدي للمطعون ضدها نفقة عدتها 30000 دينار لمـدة العدة من طلاقه لها الثابت بالوثيقة رقـم/22931 الصادرة من محكمة بحـري الشرعية فـي5/2/2002م وبنفقة متعـة لها قدرها 00060دينار عن ستة اشهر وبنفقـة لبنتها منه … وعمرها 5 سنوات قدرها 10000جنيه شهرياً وبأجـرة مسكن قدرها 20000 دينار وبـدل كسـوة قدرها 20000 دينار كل أربعة أشهـر وبمصاريف تعليم بواقـع 5000 دينار شهرياً استأنف الطاعن هذا الحكم تحت رقم الاستئناف266/2003م كما استأنفته المطعون ضدها بالاستئناف المقابل رقم/270/2003م – وقد قضت محكمة استئناف أم درمان في الاستئنافين بتعديل حكم محكمة الموضوع لتكون نفقة العدة 15000 دينار لكل فترة العدة ولتكون نفقة المتعة 30000 دينار لفترة الأشهر الستة ولتكون نفقة البنت … 10000 دينار شهرياً وبدل كسوتها 12000 دينار كل أربعة أشهر وعلى أن تقتصر مصاريف التعليم بواقع 5000 دينار شهرياً للفترة الدراسية ولما لم يقبل الطاعن بهذا الحكم فقد أقام عليه الطعن بالنقض الماثل على أسباب حاصلها عدم مراعاة حاله عند تقرير النفقة وقد أوقف عن العمل في10/11/2003م وليس له إلا معاشه وأن البنت لم تصل لسن التعليم حتى يفرض لها مصاريف دراسة فضلاً عن أن الدراسة في الرياض مجانية وأن نفقة المسكن حكم بها بلا طلب وأن للحاضنة سكناً خاصاً كما أن المطعون ضدها خرجت من منزل الزوجية وبذلك أصبحت ناشزاً ولا تستحق نفقة عدة كما لا تستحق متعة لأن المتعة مشروطة بيسار الزوج ومن حيث شكل الطعن فقد صدر حكم الاستئناف في16/1/2003م وأعلن به الطاعـن في24/12/2003م فأقام هذا الطعن في7/1/2004م ومن ثم فقـد التزم المواعيـد المقررة للطعـون وأرى لذلك قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع فإنه ووفقاً لأحكام المادة 207(1) من قانون الأحوال الشخصية فإن العدة هي مـدة تربص تقضيها المرأة وجوباً دون زواج إثر الفرقة ووفقاً لأحكام المادة (73) من ذات القانون فإنه يتوجب على الزوج نفقـة معتدتـه من طـلاق أو تطليق أو فسـخ ما لم يكـن الفسـخ بسبب محظور من قبل الزوجة ومفاد هـذه النصوص أن سبب وجوب نفقـة العدة إنما هو حرمان المرأة من الارتباط بزوج آخر تجب عليه نفقتها أثناء عدتها من طلاق الزوج الأول وإذ حرمت المطلقة أثناء عدتها من الزواج بسبب علاقتها الزوجية السابقة فأن نفقتها أثناء العدة إنما تجب على الذي طلقها لا على أن له حقوقاً عليها في مقابل تلك النفقة وإنما لأنه السبب في تربصها وامتناعها عن الأزواج لذلك فإن القول بأن المطلقة التي تخرج من بيت الزوجية تعتبر ناشـزاً ولا تستحق نفقـة العدة قياساً على النفقة الزوجية التي تجب نظير احتباس الزوجة لزوجها إنما هو قول في غير محله وقياس مع الفارق لأن النفقة الزوجية إنما يقابلها حق الزوج على المرأة ألا ترى أن البائنة بينونة كبرى تجب لها نفقة العدة ؟ وأن المفسوخ نكاحها تجب لها العدة إن كان سبب الفسـخ لا يرجع عليها ؟ وأما الحكم الشرعي الوارد نصه في حكـم المادة (208) من قانون الأحـوال الشخصية بضرورة اعتداد المطلقة والمتوفـي عنها زوجها فـي منزل الزوجية المخصص قبل الفرقة إنما هـو حكم تعبدي لا يترتب علـى عدم الامتثال له سقوط حقها في نفقة العـدة وأما ادعـاء الطاعن بأن متعـة المطلقة شرطهـا أن يكون الزوج المطلق موسـراً فليس بصحيح لأن استحقاق المطلقة للمتعة بحسب يسر المطلق كما جاء في نص المادة 138(1) من قانون الأحوال الشخصية إنما يدل على أنها تستحق المتعة في كل حال – وعبارة حسب اليسر الواردة في المادة إنما تنصرف إلى مقدار الاستحقاق فتقدر نفقة الأشهر الستة كمتعة للمطلقة بحسب يسار الزوج وعسره (( على الموسع قدره وعلى المقتر قدره)) كما عبر بذلك القـرآن الكريم وحيث كان ذلك فإن ما أثاره الطاعـن في شأن استحقاق نفقة العـدة والمتعة للمطعون ضدها لا يقدح في صحة الحكم المطعون فيه وأما ادعاؤه بأن نفقـة مسكن المحضونة لم تطالب به المطعون ضدها فإنـه ادعـاء يخالف الثابت بالأوراق إذ طلبت المطعون ضدها في شرحها للدعـوى الإقامة لتربية أبنتها فـي المنزل الذي يخص الطاعن بالحاج يوسف ولما اعترض الطاعن على هذا الطلب بحجة أن المنزل المذكور يقيم فيه أبناؤه البالغون وهو غير منفصل وأن المطعون ضدها أصبحت أجنبية لا يجوز لها شرعاً الإقامة في ذلك المنزل أصرت المطعون ضدها على طلبها وطلبت بعدم إجابتها إليه بتقرير أجرة مسكن وأما الادعاء بأن للمطعون ضدها مسكن خاص فإن الأوراق قد خلت مما يثبت أن لها مسكناً مملوكاً لها تقيم فيه وأما عما ساقه الطاعن في شأن المقادير المقضي بها وادعاؤه بعدم مراعاة حاله عند تقدير النفقات المحكوم بها ولما كانت المقادير التي انتهت إليها محكمة الاستئناف لا تعدو أن تكون مقادير في حد الكفاف وكان الثابت من أوراق الدعوى وبيناتها أن الطاعن يمكنه سداد نفقتي العدة والمتعة المؤقتتين ويمكنه سـداد نفقة البنت المستمرة فأرى أن هـذا الطعن الذي أقامه لا أمل فيه وليس فيه ما يبرر التدخل فـي المقادير التي قررتها محكمة الاستئناف ومن ثم أرى لو وافقنـي الزميلان المحترمان أن نقرر شطب الطعن برسومه إيجازياً
القاضي: جعفر صالح محمد أحمد
التاريخ : 24/12/2004م
لا خلاف حول مجمل الوقائع من حيث أن طلب الطعن بالنقض موضوعه حكم محكمة استئناف أم درمان الذي انتهت بموجبه في شأن الاستئنافين الأصلي والمقابل بالأرقام266/2003م و270/2003م المقدمان في مواجهة حكم محكمة أول درجة بالرقم650/ق/2002م إلى تعديل النفقات المحكوم بها على النحو الوارد تفصيلاً في الحكم وقد انتهى الأخ الكريم في الرأي الأول بعد قبول الطلب شكلاً إلى رفضه إيجازياً برسومه وأنا اتفق تماماً مع ما انتهى إليه أخي برعي تسبيباً ونتيجة فيما يتعلق بنفقة العدة ونفقة البنـوة بمفرداتها وليس هنالك ما يمكن أن يضاف إلا أنني اقف عند استحقاق المتعة إذ أنه وفقاً لمقتضى المادة (138) من قانون الأحوال الشخصية أن المطلقة في غير الأحوال المستثناة تستحق المتعة سوى نفقة العدة حسب يسر المطلق بما لا يجاوز نفقه ستة أشهر والمقصود باليسر هنا الغنى في حد ذاته لا يسر الحال بمعنى السعة لأغراض التقدير واليسار بمعنى الغنى شرط لوجوب استحقاق المتعة كما هو شرط للحكم على الزوج أو الأب بالنفقة السابقة والمتعة تأتي من باب الإحسان فكان اليسار شرطاً لوجوب استحقاقها وذلك بخلاف نفقة العدة التي تجب على المطلق في أحوال الطلاق أو التطليق أو الفسخ ما لم يكن بسبب محظور من قبل الزوجة أياً كان حاله يسراً أو عسراً وهذا ما يراعى في التقدير ولا اثر له في الوجوب وعليه إن وافقني الزميل في الرأي الثالث أن نصرح الطعن وإلا فليكن ما سطرته رأياً مخالفاً في هذه الجزئية مع تأييد للحكم المطعون فيما عداها
القاضي: رباب محمد مصطفى أبوقصيصة
التاريخ : 12/2/2005م
مع تقديري لرأي الأخ جعفر في الرأي الثاني إلا أنني اتفق مع صاحب الرأي الأول فيما يتعلق بالمتعة
الأمر النهائي:
يشطب الطعن إيجازياً برسومه
رباب محمد مصطفى أبوقصيصة
قاضى المحكمة العليا
رئيس الدائـرة
21/2/2005م