سابقة منشورة بمجلة 1973
سابقة منشورة بمجلة 1973
محكمة الاستئناف
القضاة
سيادة السيد/ التجاني الزبير قاضي محكمة الاستئناف رئيساً
سيادة السيد/ محمد محمد الحسن شقاق قاضي محكمة الاستئناف عضواً
سيادة السيد/ زكريا الهاشمي قاضي محكمة الاستئناف عضواً
شوقي الجندي الطاعنان
/ضد/
محمد الأمين الفكي المطعون ضده
م أ/ أ س م /167/73
المبادئ
قانون الإجراءات المدنية – معنى لفظ " الحكم " – يستلزم وجود نزاع بين أطراف الدعوى – المادة 4(4)- المقصود بالتعويض تحت المادة 148 – عدم استئناف الأوامر
الأمر الذي تصدره المحكمة لتعويض أحد أطراف الدعوى تضرر من الحجز التحفظي الخاطئ لا يعتبر حكماً لأن الحكم يستلزم وجود نزاع بين أطراف الدعوى حول الموضوع الذي صدر فيه الحكم بل يعتبر أمراً ولذلك لا يجوز استئنافه
رأي معارض
إعمالاً للمادة 226 من قانون الإجراءات المدنية لسنة 1925 يكون للمحكمة الأعلى درجة حق التدخل في الأوامر التي لا يوجد نص صريح على إمكانية استئنافها إذا كانت تلك الأوامر خاطئة قانوناً أو لا تسندها بينة أو مجافية للعدالة
المحامون
عمر الفاروق نور وعمر محجوب عن المستأنف
الحكـــم
10/11/1973م
القاضي زكريا أحمد الهاشمي
أرى أن هذا الطلب ميئوس من نجاحه ويتعين شطبه إيجازياً للأسباب الآتية
أولاً: لقد بدئ في سماع إجراءات فرض الحجز التحفظي في 23/6/1973 أي بعد نفاذ قانون تنظيم القوانين وباستقراء المادة 3 مقروءة مع المادة 8 من ذلك القانون يتضح أن القانون الذي ينبغي أن يحكم هذه القضية هو قانون القضاء المدني
ثانياً: أن تعريف كلمة حكم الوارد في الفقرة "4" من المادة (4) من قانون القضاء المدني يستلزم وجود نزاع بين أطراف الدعوى على حق معين وبما أنه ليس هناك نزاع فإن ما أصدرته المحكمة يعتبر أمراً بدفع تعويض كإجراء عقابي وفقاً لنص المادة 148 من قانون القضاء المدني لأن المدعى لم يتوخ الدقة وبذا لا ينطبق عليه وصف الحكم كما ذكرت سلفاً
لذا نؤيد قرار محكمة المديرية وشطب هذا الطلب إيجازياً
14/11/1973
القاضي محمد محمد الحسن شقاق
أوافق
18/11/1973
القاضي التجاني الزبير
المستأنف قدم طلباً لإجراء الحجز التحفظي على مبالغ تخص المستأنف عليه عند القيادة العامة للقوات المسلحة لأن هناك دعوى مرفوعة منه ضد المستأنف عليه
محكمة الموضوع وبناء على أقوال المستأنف على اليمين أصدرت أمراً مبدئياً وفورياً بالحجز حسب المادة 135(3) من قانون القضاء المدني
تقدم المستأنف ضده لمحكمة الموضوع بالأسباب التي تمنع توقيع الحجز التحفظي عليه وقد اقتنعت بها محكمة الموضوع وأمرت بفك الحجز
المستأنف عليه اعتماداً على المادة 148 (1) (أ) وعلى أن طلب الحجز قدم بدون أسباب كافية طلب من المحكمة أن تعوضه حسب نص المادة 148 من قانون القضاء المدني
محكمة الموضوع أمرت بتعويض المستأنف عليه 50 جنيه وتقدم المستأنف باستئناف لمحكمة المديرية
محكمة المديرية رأت أن ما أصدرته محكمة الموضوع كان أمراً ولأن المادة 174 المتضمنة في الفصل الثالث والعشرين ألغيت ضمن ذلك الفصل وهو يتعلق بإعادة النظر في الأوامر فإن محكمة المديرية لا اختصاص لها لأنه أصبح من غير الممكن الاستئناف ضد الأوامر المنصوص عليها في المادة 170 وهذا الأمر ليس من ضمنها
ونلاحظ أن الحديث عن المادة 170 من قانون القضاء المدني لا مكان له بالنسبة لمحكمة المديرية لأنه يتعلق باستئناف أوامر معينة لمحكمة الاستئناف أوامر معينة لمحكمة الاستئناف وليس لأي محكمة أخرى غيرها ومحكمة المديرية مع أن لها سلطات استئنافية ألا أنها في رايي ليست محكمة الاستئناف المشار إليها في المادة 170
والمستأنف يرى أن ما أصدرته محكمة الموضوع ليس أمر order ولكن منطوق حكم decree يمكن استئنافه وأسبابه أن القانون ولعله قصد المادة 4(4) من قانون القضاء المدني يعرف الحكم أنه ما ينهي الخصومة ويثبت الحق ويكون مسبباً وأن ما أصدرته محكمة الموضوع تنطبق عليه هذه الأوصاف
ولا أوافق المستأنف بأن ما صدر كان حكماً حسب المادة 4 (15) من قانون القضاء المدني لأن المادة 4(4) تعرف منطوق الحكم بأن التعبير الرسمي لما قضت به المحكمة وأنه يقرر نهائياً حقوق الأطراف بالنسبة لأي نزاع في الدعوى (In the suit) ورأيي أن عبارة " في الدعوى " توضح أن ما لا يصدر في الدعوى لا يعتبر حكما وواقع الأمر أن الدعوى الأصلية بين الأطراف لم يصدر فيها أي قرار من المحكمة وما صدر هنا كان متعلقاً بالحجز التحفظي وهو ليس دعوى ولكنه إجراء مؤقت تحت القسم السابع من قانون القضاء المدني
ثم أن المادة 135 من قانون القضاء المدني التي اتخذ بموجبها الحجز التحفظي والمادة 148 التي عوض بموجبها المستأنف ضده وبقية مواد القسم السابع كلها استعملت عبارة أمر (order) لما تتخذه المحكمة من إجراء تحت تلك المواد
وكون أن المحكمة دونت الأسباب لقرارها فإن ذلك لا يجعل الأمر حكماً لأن المادة 4(9) من قانون القضاء المدني يفهم منها أن الأوامر كمنطوق الحكم قد يشتمل على الأسباب التي بنى عليها القاضي قراره
لذلك فأوافق خلافاً لرأي المستأنف بأن ما أصدرته محكمة الموضوع كان أمراً وليس حكماً
ولا نزاع في أن المواد المتعلقة بإعادة النظر في الأوامر قد ألغيت وأن المادة 170 من قانون القضاء المدني تتعلق بالاستئناف لمحكمة الاستئناف وليس لمحكمة المديرية عن أوامر معينة كلها ذات صلة بالتحكيم والجزء (2) من المادة 170 يسمح بمعالجة أي خطأ أو عيب في أمر (order) يؤثر على القرار في الدعوى وذلك عند استئناف الحكم في الدعوى
والسؤال هل أراد المشرع أن يجعل الأوامر التي تصدرها محاكم أول درجة نهائية مهما كانت مجحفة وغير عادلة ولا يسندها قانون أو وقائع حتى ولو لم تصدر في الدعوى موضوع النظر كالأوامر التي تصدر في الحجز التحفظي مثلاً
اعتقادي أن المشرع لم يكن يقصد ذلك ولو أراد هذه لذكره بصراحة كما فعل في قانون المرافعات (الملغي) عندما منع استئناف بعض الأوامر المعينة التي تصدر في الدعوى ولا تنهي بها الخصومة
ورأيي أنه لا بد أن نفرق بين منع الشيء صراحة والسكوت عنه وعندما ألغي المشرع المواد التي تتيح إعادة النظر في الأوامر فكأنه جعل قانوننا المعمول به حالياً خلوا من إعادة وبالتالي صامت فيما يتعلق بإعادة النظر في الأوامر وليس معنى هذا أن تبعث المحاكم الروح في مواد إعادة النظر التي قتلها المشرع
ولكن في رأيي وقد انعدمت الوسيلة عن طريق الاستئناف أو إعادة النظر للتحقق من قانونية الأوامر وعدالتها فيمكن للمحكمة حسب سلطاتها التقديرية تحت المادة 226 من قانون القضاء المدني أن تنظر في تلك الأوامر وتلغيها إذا وجدت أنها لا تحقق العدالة وذلك عن طريق المراجعة القضائية Judicial Review وهذا ليس بدعة محدثة ففي قضية محمد وحاج الأمين ضد كرم الله العوض (محكمة الخرطوم العليا (12/1953) وهي قضية انتخابات نظرتها المحكمة الجزئية وأصدرت فيها أمراً ولم يكن هناك وسيلة لاستئناف ذلك الأمر أو إعادة النظر فيه حسب قانون الانتخابات ولكن المحكمة قررت أنها تستطيع أن تطلب وتنظر في أمر القاضي الجزئي ليس بصفة استئنافية ولكن عن طريق المراجعة القضائية وبطريقة (certlorari)وقد طبقت هذه القضية في قضية عبد الواحد عدلان ضد إبراهيم هباني ( النيل الأزرق مراجعة /83/1953) وهي قضية انتخابات أيضاً نظرتها المحكمة الجزئية وأصدرت فيها أمراً لم تكن هناك وسيلة لاستئنافه (هاتان القضيتان منشورتان في رسالة الدكتور يوسف ميخائيل عن القانون الإداري)
ومع أن هاتين القضيتين تقرران مبدأ حق تدخل المحكمة في الأوامر التي تصدرها المحاكم الأدنى حتى ولو لم يكن هناك حق استئناف أو إعادة نظر إلا أنهما استعملا ال (certiorari) المعروفة تاريخياً في المحاكم الإنجليزية والمعرضة الآن لنقد شديد وهناك حملة لإلغائها وأخواتها واستنباط وسيلة واحدة للتدخل في الحالات التي لا يكون فيها حق استئناف ونحن نعلم أن الاستئناف حق ينشئه القانون
واعتقادي أن محاكمنا يمكن أن تأخذ بالمبدأ العام الذي يتيح لها التدخل في أوامر وقرارات المحاكم الأدنى إذا كان تدخلها يحقق العدالة حتى ولو كان هناك نص يمنع الاستئناف لأن تدخلها بهذه الصفة ليس خلق حق استئناف أو إعادة نظر ولكنه مراجعة وأنه من حقنا ألا نتقيد بشكليات أوامر المراجعة القضائية المطبقة في القانون الإنجليزي لأنها ليست ملزمة لنا ولأن تلك الشكليات لا تخدم العدالة المثلى حتى بالنسبة للإنجليز أنفسهم
ولهذا فيمكن وليكن هذا أول رأي في مثل هذه النقطة أن تتدخل المحكمة الأعلى درجة في أوامر المحاكم الأدنى وتلغيها أو تعدلها إذا كانت تلك الأوامر خاطئة قانوناً أولا تسندها بينة أو غير محققة للعدالة وتستند على المادة 226 من قانون القضاء المدني
وإذا أخذنا بهذا الرأي فاعتقادي أن محكمة المديرية تستطيع مراجعة الأمر في الحجز التحفظي والذي أصدرته محكمة الموضوع