د . اَلْقِيَاسُ
د . اَلْقِيَاسُ
تَعْريفُ الْقِيَاسِ:
يُعْرَفُ فِي اللُّغَةِ بِمَعْنَى المُساواةِ والتَّقْديرِ وَيُعْرَفُ فِي الِاصْطِلاحِ الاُّصوليِّ بَانَهُ اَلْحاقُ الواقِعَةُ غَيْرُ المَنْصوصِ عَلَى حُكْمِها بِالْوَاقِعِ المَنْصوصِ عَلَى حُكْمِها لِتَسَاوِي الوَاقِعَتَيْنِ فِي عَلِّهِ الحُكْمُ .
اقِّسامُ الْقِيَاسِ:
يَقْسِمُ عُلَماءُ الاُصولِ الْقِيَاسِ الَّى قِسْمَيْنِ :
1/ الْقِيَاسُ القَطْعيُّ.
2/ الْقِيَاسُ اَلْظَنّيُّ.
1/ الْقِيَاسُ القَطْعيُّ :
يُعْرَفُ بَانَهُ كُلُّ قِيَاسٍ يَكونُ عَلَّهُ الاَصْلُ مَنْصوصٌ عَلَيْهَا , كَاَلْحَيْضِ والنِّفاسِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وِيسَالُونَكَ عَنْ المَحيضِ قُلْ هوَ اذًّى ) اَصْبَحْ الحَيْضَ اَمّا النِّفَاسِ فَرْعٌ .
2/ الْقِيَاسُ اَلْظَنّيُّ :
يُعْرَفُ بَانَهُ كُلُّ قِيَاسٍ يَكونُ عَلَّهُ الاَصْلُ مُسْتَنْبِطُهُ كالْمُخَدِّراتِ والْخَمْرِ .
اُرْكانُ الْقِيَاسِ:
يَرَى عُلَماءُ الاُصولِ اَنْ اُرْكانَ الْقِيَاسِ اَرْبَعَهُ وَهِيَ :
1) الاَصْلُ : اَوْ مَا يُعْرَفُ بِاَلْمَقيسِ عَلَيْهُ وَهُوَ المَحَلُّ المَنْصوصُ عَلَى حُكْمِهِ كَالْخَمْرِ والسَّرِقَةِ وَقَتْلِ المَحْدودِ والذَّهَبِ وَالفِضَّةِ والشَّعيرِ وَوِلايَةِ الْمَالِ والْبَعْلِ واكِلُ مَالِ اليَتيمِ .
2) الفَرْعُ :وَيُسَمَّى المَقيسُ وَهُوَ المَحَلُّ غَيْرُ المَنْصوصِ عَلَى حُكْمِهِ المُخَدِّرَاتِ وَوِلايَةُ النَّفْسِ وَالِاحْتِيَالِ والْقَطْعِ بِالْمُثْقَلِ .
3) اَلْعَلّهُ :وَهِيَ الصِّفَةُ الظّاهِرَةُ المُنْضَبِطُ المُتَعَدّيُّ المُناسِبُ ايْ الوَصْفُ اَلَّذِي يَكونُ فِي تَعْليقِ الحُكْمِ عَلَيْهُ مُصْلِحُهُ شَرْعيُّهُ لِلْعِبَادِ وَيَجْمَعُ هَذَا الوَصْفَ مَا بَيْنَ الاَصْلِ والْفَرْعِ .
4) حُكْمُ الاَصْلِ: وَيَعْنِي الوَصْفُ اَلَّذِي اعَّطاه الشّارِعُ لِلْأَصْلِ كَاَلْتَحْريمِ والْوُجوبِ والْكَراهَةِ والْإِباحَةِ .
مَسْلَكُ اَلْعَلّهِ:
يَعْنِي طُرُقَ الوُصولِ لَعَلَّهُ الاَصْلَ جَاءَ الرّاجِحُ وُصوليًّا اَنْ مَسْلَكِ اَلْعَلّهِ و تَنْقَسِمُ الَّى اثْنَيْنِ :
القِسْمُ اَلْاَوَّلُ : اَلْعَلّهُ المَنْصوصُ عَلَيْهَا
وَيَكُونُ ذَلِكَ بِلاتي
1- اَلْعَلّهُ المُصَرَّحُ بِهَا كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهُ وَسَلَّمَ ( انَّما جُعِلَ الِاسْتِئْذانَ لِأَجْلِ البَصَرِ ) وَاَيْضًا كَقَوْلِهِ تَعَالَى ( مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبَنا عَلَى بَني إِسْرائيلَ . . . . ) الَايَةُ 32 المَائِدَةِ .
2- اَنْ تَكونُ اَلْعَلّهُ مَذْكورَةً بِحَرْفٍ مِنْ حُروفِ التَّعْليلِ كَحَرْفِ الْبَاءِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ( جَزاءٌ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) الَايَةَ 24 الواقِعَةِ , اَوْ كَحَرْفِ اللّامِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ( . . . .إِلَا لِيَعْبُدُونْ ) الَايَةُ 56 الزَّارِيَاتِ , اَوْ حَرْفُ الْكَافِّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ( . . . .كِي لَا يَكونُ دَوْلَةً بَيْنَ الأَغْنياءِ . . . . ) الَايَةُ 7 الحَشْرِ , اَوْ حَرْفُ اَنْ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهُ وَسَلَّمَ ( زَمِّلوهُمْ بكُلومِهِمْ وَدِمائِهِمْ ، وَلَا تَغْسِلُوهُمْ فَإِنَّهُمْ يُبْعَثُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ وَأَوْداجَهُمْ تَشْخَبَ دَمًا ) .
3- الِايْمَاءُ والتَّنْبيهُ بِمَعْنَى اَنْ تَقَعُ وَاقِعُهُ وَيَرْفَعُ اَمْرَها الَّى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهُ وَسَلَّمَ وَيَحْكُمُ بَعْدَ الواقِعِ بِحُكْمِ اَوْ تَرْتيبَ الاحِّكامِ عَلَى سَبيلِ التَّعْقيبِ والتَّسْبيبِ اَوْ ذَكَرَ وَصْفٌ يُقَدَّرُ بِهِ التَّعْليلَ لِمَكانٍ لِذِكْرِهِ فَأَئِدَهُ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهُ وَسَلَّمَ ( لَا يَقْضي القَاضِي وَهُوَ غَضْبَانٌ ) وَاَيْضًا قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهُ وَسَلَّمَ عِنْدَمَا سُئِلَ عَنْ جَوازِ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ قَالَ لَهُمْ ( أَيَنْقُصْ الرُّطَبُ اذَا جَفْ ) قَالُوا نَعَمْ قَالَ ( اذَا فَلَا ) .
القِسْمُ الثَّانِي : اَلْعَلّهُ المُسْتَنْبَطَةُ :
والِاسْتِنْباطُ ضَرْبٌ مِنْ ضُروبِ الِاجْتِهادِ .
وَيَرَى عُلَماءُ الاُصولِ اَنْ اضْرِبْ الِاجْتِهادِ فِي اَلْعَلّهِ تَمُرُّ عَبْرَ ثَلاثِ مَراحِلَ :
المَرْحَلَةُ الاولَى : تُسَمَّى تَخْريجَ المَناطِ بِمَعْنَى الوُصولِ لِلَعَلَّهُ بِاَلْسَبْرِ وَالتَّقْيِيمِ ايْ الحَصْرِ والِاخْتِبارِ لِلْأَوْصَافِ اَلَّتِي تَصْلُحُ لِلتَّعْلِيلِ .
المَرْحَلَةُ الثّانيَةُ : تُسَمَّى تَنْقيحَ المَناطِ بِمَعْنَى اسْتِبْعادِ الوَصْفِ اَلَّذِي لَا يَصْلُحُ لِلتَّعْلِيلِ .
المَرْحَلَةُ الثّالِثَةُ : تَعْرِفُ بِتَحْقيقِ المَناطِق بِمَعْنَى تَرْديدِ اَلْعَلّهِ مَا بَيْنَ الاَصْلِ والْفَرْعِ . فَاذَا انْطَبَقَتْ عَلَّهُ الاَصْلُ المُسْتَنْبَطَةُ عَلَى فَرْعٍ مِنْ الفُروعِ طَبَقَ حُكْمَ الاَصْلِ عَلَى الفَرْعِ وَيَكُونُ بِذَلِكَ المَناطِ .
شُروطُ الْقِيَاسِ:
اوَّلا : بَعْضُ انّواعِ الْقِيَاسِ فِي الفِقْهِ :
1/ قِيَاسُ التَّشْبيهِ وَهُوَ الجَمْعُ بَيْنَ الاَصْلِ والْفَرْعِ بِضَرٍّ مِنْ ضُروبِ الشَّبَهِ كَجَمْعِ مَا بَيْنَ الوُضوءِ والتَّيَمُّمِ والْغُسْلِ .
2/ قِيَاسُ الدَّلالَةِ بِمَعْنَى رَدِّ الفَرْعِ عَلَى الاَصْلِ ايْ بِغَيْرِ المَعْنَى المُعَلَّقِ عَلَيْهُ الاَصْلُ فِي الشَّرْعِ وَيُسَمَّى الِاسْتِدْلالُ بِنَظيرِ الحُكْمِ مِثالٍ لِذَلِكَ زَكَّاه مَالَ الصَّديقِ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهُ وَسَلَّمَ ( فِي زَرْعِهِ العَشْرِ ) اذَا وَجَبَتْ الذَّكاءَ فِي مالِهِ كُلِّهِ .
3/ قِيَاسِ اَلْمُقَدِّمَتِين يَعْنِي الِاشْتِراكَ فِي مُقَدِّمَتَيْنِ فَيَحْرُمُ مَا بَيْنَهُمْ ، كَقَوْلِهِمْ كُلُّ مُسْكِرٍ حَرامٌ وَكُلُّ نَبيذٍ مُسْكِرٌ اذَا اَلْنَبْذُ حَرامٌ .
4/ قِيَاسُ الاولَى وَهُوَ كُلُّ قِيَاسٍ تَكونُ عَلَّهُ الفَرْعُ اقْوَى مِنْ عَلَّهُ الاَصْلُ .
شُروطُ اُرْكانِ الْقِيَاسِ:
وَيَرَى عُلَماءُ الاُصولِ اَنْ شُروطِ الْقِيَاسِ لَا تَخْرُجُ عَنْ شُروطِ اُرْكانِهِ : اوَّلا :شْرطَ الاَصْلُ
وَهُوَ شَرْطٌ واحِدٌ المُرَجَّحُ اُصوليًّا وَهُوَ اَنْ لَا يَكونُ الاَصْلُ فَرْعًا لِأَصْلٍ اَخَرٍ ، اَمّا مَا تَبَقَّى مِنْ شُروطٍ هِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِحُكْمِ الاَصْلِ.
وَيُشْتَرَطُ فِي حُكْمِ الاَصْلِ
1_ اَنْ لَا يَكونُ حُكْمُ الاَصْلِ مُخْتَصًّا بِهِ . كَزَواجِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهُ وَسَلَّمَ مِنْ اكَّثِرَ مِنْ القَيْدِ الشَّرْعيِّ .
2_ اَنْ يَكونُ حُكْمُ الاَصْلِ مَعْقولَ المَعْنَى , وَغَيْرِ مَعْقولِ المَعْنَى عَلَى فَرْضيْنِ :
الفَرْضُ اَلْاَوَّلُ : مَا شَرَعَ ابْتِداءً وَلَا نَظيرَ لَهُ كَالْحُدُودِ والْكَفّاراتِ . الفَرْضُ الثَّانِي : المُسْتَثْنَى مِنْ قاعِدِهِ عاديه كَعَقْدِ الايِّجارِ .
3_ اَنْ يَكونُ حُكْمٌ ثابِتٍ , اِيْ لَا يَتَغَيَّرُ بِتَغَيُّرِ الزَّمانِ اَوْ المَكانِ .
ثَانِيًا : الفَرْعُ وَيُشْتَرَطُ فِيه :
1_ اَلَا يَتَقَدَّمُ عَلَى الاَصْلِ فِي الثُّبوتِ
2_ اَنْ لَا يوجَدُ الفَرْعُ مُعارِضٌ راجِحٌ بِمَعْنَى الْقِيَاسِ كاخْتِلافِ النَّوْعِ اَوْ الجِنْسِ .
3_ اَنْ تُوجَدُ عَلَّهُ الاَصْلُ فِي الفَرْعِ
ثَالِثًا : العِلَّةُ وَيُشْتَرَطُ فِيهَا :
1- يَجِبُ اَنْ تَكونُ وَصْفَ ظاهِرِ اِيْ غَيْرَ خَفيٍّ
2- اَنْ تَكونُ وَصْفَ مُنْضَبِطٍ , اِيْ لَا يَتَغَيَّرُ فِي زَمانٍ اَوْ مَكانٍ .
3- اَنْ تَكونُ وَصْفَ مُتَعَدّي اِيْ غَيْرَ قاصِرٍ عَلَى الاَصْلِ .
4- اَنْ تَكونُ وَصْفَ مُناسِبٍ , اِيْ فِي تَعْليقِ الحُكْمِ عَلَيْهُ مُصْلِحَهُ شَرْعيَّهُ لِلْعِبَادِ .
حِجّيه الْقِيَاسُ مِنْ الكُتّابِ وَالسِّنِهِ:
اوَّلا :منْ الكِتابُ قَالَ تَعَالَى ( . . . ..فَاعْتَبْرْوا يَا أُولِي الأَبْصارُ ) الَايَةُ 2 الحَشْرِ , وَوَجْهَ الِاسْتِدْلالَ مِنْ الآيَةِ النَّقْصِ مَا لَحِقَ بِبَنِي النَّضيرِ قَالَ فاعْتَبَروا ايَ قِيسوا انَّفِسَكُمْ بِهِمْ . وَقَوْلُهُ تَعَالَى ( . . . ..فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدّوهُ إِلَى اللَّهِ والرَّسولِ . . . ) الَايَةُ 59 النِّساءُ وَجْهَ الِاسْتِدْلالِ اَنْ الرَّدِّ بِمَعْنَى الْقِيَاسِ .
ثَانِيًا : فِي السِّنِهِ اَنْ الرَّسولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهُ وَسَلَّمَ قاس دين اللَّهُ عَلَى دُيونِ العِبادِ فِي حَديثِ الْمُرْآهِ المَخْزوميَّةِ قَالَتْ لَهُ يَا رَسولُ اللَّهِ اَنْ ابِّي ادْرَكَتْهُ فَريضُهُ الحَجُّ فاحِجَ عَنْهُ وَهُوَ شَيْخٌ قَالَ لَهَا أَرْءَيتْ اَنْ كَانَ عَلَيْهُ دَيْنُ فَقْضِيتِيهْ أَينْفْعُهُ ذَلِكَ ) قَالَ لَهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهُ وَسَلَّمَ ( دِينُ اللَّهِ احْقَّ بِالْوَفَاءِ ) . وَاَيْضًا قَاسٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهُ وَسَلَّمَ وَلَدَ الاَدَمي وَوَلَدَ الناقِهُ فِي حَديثِ الاعِّرابيِّ اَلَّذِي نَفَى نَسَبَ وَلَدِهِ قَالَ لَهُ يَا رَسولَ اللَّهِ جَاءَتْ امِّراتِي بِغُلَامِ اسْوَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهُ وَسَلَّمَ ( اَلَكَ ابِلٌ ) قَالَ نَعَمْ فَقَالَ لَهُ ( افِيهَا مِنْ اوِّراقٍ ) قَالَ نَعَمْ فَقَالَ لَهُ ( فَمَا بالَهُمْ ) قَالَ لَهُ وَمَا يُدْرِينِي لَعَلَّهَا نَزَعَهُ عِرْقَ فَقَالَ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهُ وَسَلَّمَ ( كَذَلِكَ ابْنُكَ ) .
ثَالِثًا :عْمَلُ الصَّحابَةُ قَاسٍ عَلي بَني ابِي طالِبَ جَريمَةَ شارِبَ الخَمْرَ عَلَى السّارِقِ فَقَالَ ارَاهْ اذَا سُكَّرَ هَزِّي واذَا هَزِّي افْتَرَى واذًا افْتَرَى ثَمَانُونَ . وَكَذَلِكَ قِيَاسُ الِاشْتِراكِ فِي القَتْلِ عَلَى الِاشْتِراكِ فِي السَّرِقَةِ .