سابقة منشورة بمجلة 1971
سابقة منشورة بمجلة 1971
المحكمة العليا
القضاة :
صاحب الفضيلة الشيخ/شيخ محمد الجزولي نائب رئيس المحكمة العليا رئيساً
صاحب الفضيلة الشيخ/ مجذوب كمال الدين قاضي المحكمة العليا عضواً
صاحب الفضيلة الشيخ/ سيد أحمد العوض قاضي المحكمة العليا عضواً
قضية نفقة
قرار النقض 8/1972م
الصادر في 4 ذي القعدة سنة 1392 هـ الموافق 20/12/72
:المبادئ
الأحوال الشخصية للمسلمين – في المرافعات – أسباب ومبررات إعادة النظر – الطعن في الإدعاءات والدفوع الجديدة – تقدير النفقة ورقابة محكمة النقض عليه
(1)
من خطأ الإجراءات أن تقرر المحكمة اعادة النظر في قضية ما بعد أن انقطعت المرافعة فيها فترة طويلة دون أن توضح اسباب ومبررات اعادة النظر تلك
(2)
الادعاءات والدفوع الجديدة لا يطعن فيها امام محكمة النقض لأن طبيعة ذلك الطعن تحرم الطرف الآخر من الاجابة عليه ومناقشته
(3)
الرأي في تقدير مقادير النفقة وإن كان أمراً تستقل به محكمة الموضوع ولا يخضع لرقابة محكمة النقض إلا أن الأساس الذي يبنى عليه ذلك التقدير يخضع بالضرورة لرقابة تلكا المحكمة
الوقائع
استوفيت إجراءات الطعن
اتضح بعد الاطلاع على الأوراق أن وقائع النزاع تتلخص فيما يلي
أن المطعون ضده كان زوجاً للطاعنة ورزق منها ببنتيه تهاني 6 سنوات واماني 5 سنوات وهما بيدها وتستحقان النفقة عليه وانه طلقها طلاقاً رجعياً في 10/7/1971 باشهاد رسمي وانها تستحق عليه نفقة لعدتها لم يؤدها اليها كما انه يدفع لبنتيه 15 جنيهاً شهرياً لنفقتها وهذا أقل من الكفاية ولا يتناسب مع دخله إذ أن مرتبه 85 جنيهاً بالإضافة إلى ما يتقاضاه من التدريس الخاص وقدره 30 جنيهاً ولا يعول أحداً وطالبت الحكم بما قررت للنفقة وأجرة المسكن صادق المطعون ضده على كل وقائع الدعوى عد دخله الذي قرر أنه 66590 مليمجـ بعد الاستقطاعات وصادق على أنه يدفع للبنتين شهرياً 15 جنيهاً لجميع لوازمهما من طعام وادام وكسوة وادعى انه دفع لها 30جنيها لنفقة عدتها بواقع 10 جنيهات شهريا وقرر بأنه لا يستطيع أن يدفع لها شيئاً لأجرة السكن وصادقت علىأنها تسلمت منه 30 جنيهاً من نفقة عدتها وثبت للمحكمة أن صافي مرتبه 67408 مليمجـ شهرياً واستمعت المحكمة إلى تقدير خبيرين لنفقة العدة ونفقة البنتين وأجرة المسكن وقدر الخبيران ما رأيا مناسبته
وفي يوم 26/3/1972 : صدر الحكم الابتدائي بالمقادير الآتية
12000 مليمجـ شهرياً نفقة لعدتها – 14500 مليمجـ شهرياً لطعام وادام البنتين – الكبرى 7500 وللصغرى 7000 ولبدل كسوتهما كل اربعة أشهر 14400 للأولى – 7600 وللثانية 6800 ولأجرة مسكن لهما ثمانية جنيهات فجملة نفقتهما شهرياً 26100
وفي يوم 28/3/1972 : تقدم المحكوم عليه بالطعن في الحكم الابتدائي بالاستئناف أمام المحكمة الكلية وكانت أول جلسة للاستئناف في 28/5/1972 وأجلت بطلب المستأنف إلى 20/6/1972 ولم تفتح الجلسة في 20/6/1972 بل فتح المحضر بقرار في 29/6/1972 ولم توضح المحكمة أسباب القرار ولم يعرف إن كان الطرفان قد غابا في جلسة 20/6/1972 لانقطاع السير في القضية الفترة ما بين تاريخ الجلسة والقرار باستئناف السير فيها
أمام المحكمة الكلية دفع محامي المستأنف بكثرة المفروض للبنتين وقرر أن موكله كان يدفع لهما 15 جنيهاً شهرياً وهو ما يتناسب وحالة لأنه يعول والدته ويتولى الانفاق على اخوته وأنه مستأجر مسكناً بمبلغ 12500 جنيهاً وطلب أن تسكن المستأنف ضدها معه فيه ولا تفرض لها أجرة مسكن ودفع استحقاقها لنفقة العدة بخروجها من منزله بغير مبرر أجاب محاميها أنه يطلب تأييد الحكم الابتدائي
وفي 20/7/1972 صدر حكم المحكمة الكلية بتأييد الحكم الابتدائي بالنسبة لنفقة العدة وتخفيض نفقة البنتين إلى 12 جنيها شهرياً مناصفة بينهما و 8 جنيهات لبدل كسوتهما مناصفة بينهما كل أربعة أشهر و 5 جنيهات أجرة مسكن وجملة المفروض لها 19 جنيهاً بتخفيض 7100 عن المقرر بالحكم الابتدائي وجاء في أسباب حكم الاستئاف أن الخلاف بين الطرفين في نفقة العدة 2 جنيه شهرياً وقد وافق على اعطائها نفقة العدة وسلمها 30 جنيها فهذا اقرار منه باعطائها نفقة العدة فلامعنى لمطالبة محاميه برفض نفقة العدة وما حكم به مناسب أما بالنسبة للبنتين فقد اختلفتا في مقاديرها ورضى محامي المستأنف بأن يدفع لها 15 جنيهاً للطعام والآدام وبدل الكسوة شهرياً وامتنع عن تقدير أجرة المسكن بحجةأن دخله لا يسمح بذلك
وصدر الحكم في 20/7/1972 بالنسبة لقرار المحكمة الكلية بتخفيض نفقة البنتين وتقدمت الطاعنة في 25/11/1972 للنقض وقبل الطعن منها عملاً بالمادة 36 من قانون المرافعات بقرار من دائرة النقض لاقتناع المحكمة باهمال محامي الطاعنة في الطعن في المدة المقررة
الأسباب
لم تناقش المحكمة الكلية الأسس التي بنى عليها تقدير المحكمة الجزئية في الحكم الابتدائي بالنسبة لنفقة البنتين والبينة التي قدرت نفقة البنتين وأجرة مسكنها كان متوسط تقديرها هو 32 جنيهاً شهرياً للبنتين و 10 جنيهات لأجرة المسكن وجملة ذلك 42 جنيها صدر الحكم الابتدائي بإلزام المحكوم عليه بمبلغ 26100 للنفقة وأجرة المسكن من صافي دخله وقدره 67408 مع إقراره بأنه لا يعول سوى البنتين (صفحة 3 من محضر القضية الابتدائية) وأنه قدر للبنتين 15 جنيهاً وهو ما كان يدفعه لها قبل رفع الدعوى أما بالنسبة لأجرة المسكن فقد رفض أن يقدر لهما شيئاً ولم تبين المحكمة الكلية الأساس الذي عدلت بمقتضاه مقادير الحكم الابتدائي كما لم تستمع إلى بينة جديدة بل قررت أنها استناداً إلى رأي الخبيرين وكسب المحكوم عليه الذي ثبت أمام المحكمة الجزئية عدلت الحكم إلى المقادير التي جاءت بصيغة قرارها وكان المفروض ما دامت أسس التقدير هي بعينها التي استندت اليها المحكمة الابتدائية أن تبين الأسباب التي استندت اليها في تعديل المقادير خاصة وانها اهملت في تقديرها اعتبار ما ارتضاه المحكوم عليه بنفسه لنفقة البنتين وقدره 25 جنيهاً كان يدفعه قبل رفع الدعوى – وعدلت المحكمة ذلك إلى 14 جنيهاً وهو أمر لا تملكه لأنه يتعارض ومبدأ الزام المقر بإقراره خاصة وأن المستأنف لم يرجع عن التقدير الذي التزم به أمام المحكمة الكلية نفسها (صفحة 2 من محضر القضية 29/س/1972) كما أنه يتعارض وقاعدة عدم قبول الطعن فيما رضى به المحكوم عليه من حكم - أن طلب ذلك ( مادة 194 مرافعات) فالقرار بتخفيض نفقة البنتين وبدل كسوتهما عن القدر الذي ارتضاه المطعون ضده والالتزام به قرار باطل يتعين الغاؤه لمخالفته للقواعد الفقهية ولجهالة الأسباب التي استندت إليها المحكمة الكلية في تعديل أجرة المسكن ولأن تقدير الشاهدين الذي ذكرت المحكمة أنها استنارت به لا يستخلص منه استخلاصاً سائغاً للمقادير التي عدل إليها الحكم الابتدائي وأن تقدير مقادير النفقة وإن كان أمراً تستقل به محكمة الموضوع ولا يخضع لرقابة محكمة النقض إلا أن الاساس الذي بنى عليه ذلك التقدير يخضع لرقابة هذه المحكمة
واذا لم تبين المحكمة الأساس يصبح قرارها أقرب إلى التحكم منه إلى الحكم القضائي المسبب ويتعين بالضرورة الغاؤه وإذا صح ما جاء في رد المطعون ضده على عريضة الطعن من أن مرتبه قد خفض إلى 50916 بدلاً مما كان يتقاضاه سابقاً فإن الحكم الحالي يناقض وقائع النزاع بالحالة التي كانت عليها قبل هذا التخفيض
ولأن طبيعة هذا الطعن لا تعطي الفرصة للطاعنة في مناقشة التخفيض المدعي به والذي لم يثر نزاع بصدده أمام المحكمة الابتدائية أو المحكمة الكلية وعلى المطعون ضده أن يتقدم بدعوى جديدة لطلب تخفيض النفقة على أساس وضعه المالي الجديد حتى تتمكن الطاعنة من مناقشة الادعاء
وحيث تعين الغاء الحكم بما تقدم من أسباب فإن القرار بإعادة القضية للنظر في جلسة 29/6/1972 بعد انقطاع المرافعة فترة من الزمن خطأ إجرائي كان على المحكمة أن تبين أسبابه ومبرراته
لهذا
قررنا الغاء حكم الاستئناف الصادر في القضية 29/س/1972 المحكمة الكلية بالنسبة لنفقة البنتين وتاييد الحكم الابتدائي الصادر في القضية 14/1971 محكمة الخرطوم الجزئية بالنسبة لمقادير النفقة المذكورة