سابقة منشورة بمجلة 1973
سابقة منشورة بمجلة 1973
المحكمة العليا
القضاة
سعادة السيد دفع الله الرضي قاضي المحكمة العليا رئيساً
سعادة السيد عمر بخيت العوض قاضي المحكمة العليا بالإنابة عضواً
سعادة السيد فاروق أحمد إبراهيم قاضي المحكمة العليا بالإنابة عضواً
فؤاد ميخائيل الطاعن
ضد
سمير عزيز المطعون ضده
م ع/ط م/276/73
المبادئ
قانون تقييد الإيجارات – الحاجة الماسة والظروف التي تؤخذ في تقديرها التعديل الذي أدخل على المادة 11(هـ)
-1-
التعديل الذي أدخل على المادة 11(هـ) في سنة 1958 لا يقيد في الحكم العام للحاجة الماسة ولكنه أخضع تلك الحاجة لظروف كل قضية والتي تستنتج من عناصر شتى منها الحالة السكنية ويدخل في نطاق ذلك عدد أفراد الأسرة ومن يعولهم المالك
-2-
يؤخذ في الاعتبار الموقف المالي للمالك إذا كان عدم استرداد الحيازة يؤدي إلى وضع المالك في حالة قريبة من الإعسار
-3-
المضايقة التي تنشأ في ظروف السكن غير الصحي يمكن أخذها في الاعتبار عند تقدير الحاجة الماسة
-4-
رغبة المالك الحقيقية في التحول من مستأجر إلى مالك يمكن أخذها في الاعتبار عند تقدير الحاجة الماسة على أساس أن الرغبة في تكوين علاقات اجتماعية دائمة من الأشياء اللازمة اجتماعياً لكل أسرة
المحامون
جريس أسعد عن الطاعن
حسين أبو زيد عن المطعون ضده
الحكـــــم
2/7/1973
تقدم الأستاذ المحامي جريس أسعد بطلب للطعن في الحكم الصادر من المحكمة الكلية دائرة الخرطوم والذي بموجبه تأيد الحكم الصادر من محكمة الخرطوم الجزئية في الدعوى المدنية رقم 2402/71 بين سمير عزيز ضد فؤاد ميخائيل
أقام المدعي والمطعون ضده الآن دعواه مطالباً باسترداد حيازة المنزل الذي يسكنه الطاعن (المدعى عليه) على أساس أنه يحتاج إلى استرداد حيازته حاجة مطلقة وقد عارض الطاعن دعوى المدعى ولكن محكمة أول درجة أيدت دعواه استناداً إلى أن المدعى يسكن منزلاً ضيقاً لا يفي بحاجته السكنية وأنه اشترى ذلك المنزل خصيصاً لسكناه وأنه مسئول عن رعاية والدته ويطلب أن تسكن معه بغية تخفيف الأعباء المالية وأنه يسدد مبلغ 40 جنيهاً قسطاً لسلفية حصل عليها من مخدمه بغرض شراء هذا المنزل وأخيراً فإن المالك للمنزل الذي يسكنه قد طلب منه شفاهة إخلاء العقار لحاجته إليه
وقد دعمت المحكمة الابتدائية وجهة نظرها بما آل إليه الحال في تفسير المادة 11(هـ) من قانون تقييد الإيجارات بموجب القضية إبراهيم رزق ضد ميلاد فانوس (محكمة الاستئناف) إعادة نظر 231/1968 والمنشورة بالمجلة القانونية لسنة 1969 بالصفحة 42
إن الطاعن ينعى على محكمة أول درجة وعلى المحكمة الكلية أنها خالفت تفسير القانون وأخطأت في تطبيقه عندما اعتبرت أن الظروف التي ساقها المدعي (المطعون ضده) تشكل حاجة مطلقة لا غناء عنها , بالنسبة للمالك بينما هي مجرد عدم ملاءمة ومضايقة وهي درجة لا ترقى لصدور أمر بالإخلاء
كما أنه ينعى على محكمة أول درجة أنها أخطأت في اعتبار سكنى والدة المدعى معه من الظروف الضرورية الموجبة للحكم قانوناً برد الحيازة
تلك هي أهم أوجه الطعن ومحصلها جميعاً هو ما إذ كانت وقائع قضية المدعى تشكل حاجة ماسة في كل الظروف
إننا نرى أن التعديل الذي لحق المادة 11(هـ) من قانون تقييد الإيجارات قصد به أن تكون الضرورة الملحة هي الأساس الوحيد لاسترداد الحيازة وإننا نتفق كل الاتفاق مع الذي جاء في قرار الاستئناف في إعادة النظر 231/68 حيث أن ذلك القرار لم يعدل في النظرة العامة لتوافر الحاجة المطلقة ولكنه أخضع وجود تلك الحالة لظروف كل قضية وأن تلك الحاجة المطلقة تتجمع من عناصر شتى منها الحالة السكنية بمعنى عدد الحجرات وحالتها الصحية والأحواش مقارناً بعدد أفراد الأسرة والتي يدخل في نطاقها أبناء المالك ومن يعولهم من الآباء وخلافهم
كما تدخل فيها ظروف المالك المالية التي توضح مدى التزاماته المالية مقارنة بأوجه دخله وأنه لو لم يسترد حيازة منزله فإن هذا يؤدي إلى وضعه في حالة قريبة من الإعسار أو الإعسار نفسه
وعودة إلي الظروف التي أثبتها المدعي والمطعون ضده نجد أنه ثبت أن الحالة السكنية للعقار الذي يسكنه حالياً تكشف عن مضايقة من تكدس الأثاث وعدم وجود فراغ أو ساحات معقولة للنوم مساء حيث أن أكبر مساحة تساوي 20 متراً مربعاً كما أن التهوية العامة لأجزاء من المنزل غير صحية وأن زوجته وأطفاله يعانون حساسية من الحر الشديد
هذه المضايقة القاسية إذا أضيف إليها الحالة المالية للمدعي المطعون ضده وهي أنه يتقاضى مرتباً قدره تسعون جنيهاً يدفع منها قسط سلفية يساوي 40 جنيهاً زائداً العوائد وقدرها 15 جنيهاً وأنه يتبقى له من راتبه 35 جنيهاً لا يتوقع زيادة عليها إلا الفرق بين ما يدفعه هو كمستأجر وما يلقاه باعتباره مالكاً وقدره عشرة جنيهات وهذا يجعله في وضع مالي صعب وأن سكناه في منزله وبعد أن يضم والدته يجعله في وضع مالي مناسب لتوفير ما يصرفه على والدته
هذا بجانب الالتزام القانوني الذي أثبت المدعي والذي يقضي بأن يسكن المدعي المنزل الذي حصل عليه بموجب سلفية من مخدمه وإن هذا الالتزام لا يؤدي إلى إلغاء السلفية ولكنه يعرض المدعي للجزاءات التأديبية وهي جزاءات لو تعرض لها فإنها بلا شك ماسة بخدمته ومدى قبولها من مخدمه وأن استرداده لحيازة منزله تجعله بمنأى عن هذه الجزاءات
وأخيراً فإن المدعي (المطعون ضده) قد اشترى هذا المنزل خصيصاً لسكناه ولهذا فإنه أراد أن يتحول من حالة المستأجر إلى حالة المالك ليكفل لنفسه ولعائلته الاستقرار وتكوين علاقات اجتماعية دائمة في الحي الذي يقطنه وهي أشياء لازمة اجتماعياً لكل أسرة ولكل فرد فيها
من كل هذه الظروف التي تقوي بعضها بعضاً فإننا نرى أن ما توصلت إليه محكمة أول درجة وأيدتها فيه المحكمة الكلية لدائرة الخرطوم كان صحيحاً وتفسيراً سليماً للمادة 11(هـ) من قانون تقييد الإيجار وإخضاع ظروف كل قضية لواقع الحال الذي ينشأ منها
وعليه نرى شطب الطعن