سابقة منشورة بمجلة 1971
سابقة منشورة بمجلة 1971
محكمة الاستئناف الشرعية
قضية نفقة
قرار التمييز رقم 227/1970
:المبادئ
الاحوال الشخصية للمسلمين – نفقة الزوجية- مطالبة الزوج بطاعة زوجته بعد وقوع الطلاق الرجعي وقبله – العدة ومتي تنتهي – كتمان الطلاق - ما يترتب على الكتمان
الاحوال الشخصية للمسلمين – نفقة الزوجية- مطالبة الزوج بطاعة زوجته بعد وقوع الطلاق الرجعي وقبله – العدة ومتي تنتهي – كتمان الطلاق - ما يترتب على الكتمان
المحامون
الشيخ إسماعيل أبو القاسم المحامي عن المميز
-1
الاستمرار في قضية طاعة والترافع فيها قبل الطلاق لا يعتبر رجعة أما إذا رفعت قضية الطاعة بعد حصول الطلاق وأثناء العدة لكان هذا رجعة بالتأكيد
-2
مبدأ العدة بعد الطلاق وبعد الموت علي الفور وتنقضي العدة وأن جهلت المرأة بهما
-3
لو أقر بطلاق زوجته منذ زمان ماض فان الفتوى أن العدة من وقت الإقرار إن كذبته أو قالت لا أدرى ووجبت العدة من وقت الإقرار
-4
وقد اختار المتأخرين من الفقهاء مبدأ العدة من وقت ظهور وثبوت الطلاق إن كتمه عنها وكانا مفترقين ولم يكن الطلاق مشتهرا بين الناس وذلك زجرا له حيث كتم طلاقها ثم أخبرها بعد مدة وان حالتي الكتمان وعدم الإشهار مستثنيان من القاعدة كالمفتى به ولها النفقة والسكني
خلاصة الوقائع والإجراءات
محصل هذه القضية ان المطعون ضدها رفعت القضية الابتدائية نمرة 180/1968 محكمة أم درمان الشرعية علي الطاعن بطلب زيادة نفقة لها ولولدها منه وعمره سنة واحدة علي ما سبق تقريره لهما بموجب الحكمين نمرة 26/1963 بنفس المحكمة وسردت دعواها وقدرت ما رأته مناسباً
المدعى عليه دفع دعواها استحقاق نفقة الزوجية بطلاقة لها قبل أربع سنوات بإشهاد رسمي صادر بتاريخ 18/3/1964 من مأذون محكمة مدني الشرعية العليا وقدم صورته ولا شبهه فيها وبعرض الإشهاد عليها أنكرت علمها بالطلاق
وزادت بأنه كان يطالبها بالدخول في طاعته بموجب قضية الطاعة نمرة 963/1963 أمام نفس المحكمة التي قضت برفض الطاعة بتاريخ 13/9/1964ولا يزال سادرا بالخصومة في الطاعة حتى محكمة التميز التي أيدت حكم الرفض بتاريخ 25/7/1966 ولذلك ولعدم علمها بالطلاق فإنها تعتبر زوجتيها بالمدعى عليه قائمة إلى وقت إعلانها وبالتالي تستحق نفقة بالزوجية وللعدة إلى انقضائها شرعاً
المحكمة انتهت في القضية الابتدائية بإصدار حكم بزيادة نفقة الزوجية ونفقة الولد مقررة في ذلك وجهة نظرها بان استمرار المدعى عليه في قضية الطاعة تعتبر رجعة لها تستحق عليها نفقة زوجيه
المحكوم عليه استئناف هذا القرار أمام المحكمة العليا بأمدرمان طاعنا بعدم استحقاق المدعية لنفقة الزوجية مطالبا بإلغاء حكم المحكمة الابتدائية بها
فأصدرت محكمة الاستئناف قرارها المؤرخ 28/12/1968 بتأييد الحكم الابتدائي بنفقة الزوجية وزيادتها
بتاريخ 29/12/1968 تقدم المحكوم ضده بالتمييز فأصدرت الهيئة قرارها نمرة 55/1969 المؤرخ 5/2/1969 بإلغاء الحكم بالنسبة لزيادة نفقة الزوجية وتأييده فيما عدا ذلك مقررة أن الاستمرار في قضية الطاعة والترافع فيها قبل الطلاق لا يعتبر رجعة ولو رفعت قضية الطاعة بعد الطلاق وقبل انقضاء العدة لكان هذا رجعة بالتأكيد ثم أن المدعية لم تدع الرجعة وكذلك لم يدعها المميز فلا وجه إذن للمحكمة أن تثبت لمجرد شعورها بان المدعية لحق بها ضرر من جراء كتما الطلاق عنها*
بتاريخ 14/1/1969 قدم الأستاذ الشيخ إسماعيل أبو القاسم المحامي مذكرة لمحكمة الاستئناف الشرعية العليا عن موكله مطالبا بإعادة النظر في قرار التمييز ناعيا أمرين – أولهما أن المحكمة الابتدائية من نفسها وبلا طلب من صاحب شان – اعتبرت استمرار الوكيل في الترافع في قضية الطاعة رجعة من الطلاق الذي أثبته موكله لمطلقته بالإشهاد المؤرخ 18/3/1964 متجاهلة في ذلك ما نص عليه الفقهاء من أن الرجعة لا تكون إلا بالقول أو الفعل ولم يحصل من المطلق شئ من ذلك – كما أن الافتراق كان تاما بين المتداعيين منذ سنة 1955 والزوجة نفسها مقرة بهذا الافتراق زيادة علي أن قضية الطاعة رفعت بتاريخ 2/11/1963 - والطلاق حصل بتاريخ 18/3/1963 أي بعد خمسة أشهر من تاريخ رفع دعوى الطاعة مما يكون معه انقضاء عدتها أيضا والأمر الثاني أن موكله المطلق أرسل إشهاد الطلاق المشار إليه في حينه إلى وكيله السابق الأستاذ محمد المشرف المحامي وطلب منه إنهاء الخصومة بناء عليه وانه لا يعلم السب الذي جعل المحامي يستمر في الخصومة بعد ذلك
وبتاريخ 29/6/1970 قررت محكمة الاستئناف العليا إعادة النظر في قرار التمييز نمرة 55/1969 المطعون فيه استنادا على الأسباب التي أوردها محامي المميز
وبعد النظر والمداولة أصدرت الآتي
المحكمة
ما أشار إليه قرار التمييز نمرة 55/1969 من أن ما لحق بالمدعية من ضرر كتمان الطلاق عنها نقطة جديرة بالبحث فان هذه الإشارة لحصول الضرر بالمدعية يشكل سببا قويا لقبول طلب إعادة النظر
وحيث أن محكمة التمييز في قرارها ذاك أقرت بالضرر الذي لحق الزوجة من كتمان الطلاق دون أن تتعرض لتحديد الفترة التي تستحق فيها المدعية النفقة
والحال انه ليس هناك ما يمنع تنفيذ الحكم بالنفقة المحكوم بها حتى تاريخ إعلان الطلاق يوم 17/4/1968 ومنه إلى انقضاء العدة بالوجه الشرعي
وحيث أن الضرر الذي لحق المدعية علي التحديد هو احتباسها أربع سنوات تقريبا كزوجة للمميز دون علمها بالطلاق مع انه أوقعه عليها بالفعل بموجب إشهاد رسمي أصدره بنفسه وفي نفس الوقت ضللها ببقاء عصمته عليها أثناء المرافعة في قضية الطاعة حتى صدور الحكم فيها بالرفض وحتى في مرحلتي الاستئناف والتمييز بتأييد حكم رفض طلب الطاعة بل وحتى يوم 17/4/1968 تاريخ مثوله أمام المحكمة مقرا لها بالطلاق لتاريخه
فتلك أربع سنوات احتباس بالزوجية لم يثبت انه اخبرها خلالها بالطلاق المذكور
وحيث انه بسؤال المحامي المذكور عند التحقيق معه أجاب بأنه كان الطاعن من أنه أرسل إشهاد الطلاق إلى وكيله الأستاذ الشيخ محمد المشرف المحامي ليسلمه إلى مطلقته لكي ينهى الخصومه بمقتضاه
وحيث انه بسؤال المحامي المذكور عند التحقيق معه أجابه بأنه كان وكيلا عن الطاعن في قضية الطاعة في كل مراحلها القضائية حتى صدور قرار التمييز ونفي علي الأمين كل ما أثاره موكله من مزاعم علمه بالطلاق أو الإشهاد الصادر أو انه كلفه إجراء أي شئ بخصوصه غير انه سمع منه أمر الطلاق بعد صدور قرار محكمة التمييز حين طلب منه أن ينوب عنه فيما بعد من إجراءات فرفض ذلك لشعوره بان الطاعن ضلله فيما وكله فيه حيث أخفي عنه الحقيقة في الطلاق
وحيث انه ثبت أن المميز طلق المميز ضدها بإشهاد رسمي وكتم عنها الطلاق نحو أربع سنوات وحال دون اشهاده مع أن الدواعي كلها متوفرة لإعلانه وإشهاده والخصومه قائمة بين الطرفين بل سلك المميز سلوكا يؤكد قيام الزوجية بينه وبينها إذ ظل يطالب بموقفه كزوج لامرأة طلقها وكتم عنها الطلاق وصار يرافع ويدافع في شأن دخولها في طاعته في كل مراحل الخصومة من ابتدائية واستئنافية إلى الطعن بالتمييز وعلي ذلك كله فمتي تبتدئ عده المميز ضدها والحالة هذه هل تبتدئ من تاريخ وقوع الطلاق المكتوم عنها الصادر به الإشهاد الرسمي بتاريخ 18/3/1964 أم تبتدئ من تاريخ إعلانها بالطلاق وعلمها به يوم 17/4/1968
يجاب بان الحكم العام المنصوص عليه شرعيا في انقضاء العدة ابتداؤها بعد الطلاق أو الموت علي الفور وتنقضي وأن جهلت المرأة بأيهما أي الطلاق أو الموت أنظر صفحة 626 شرح الدر جزء ثاني من حاشية أبن عابدين إلى أن استمر في الشرح إلى قوله (أبانها وأقام معها) موضحا فان اشتهر الطلاق بين الناس تنقضي وإلا فلا كذا لو كتم طلاقها لم تنقض زجرا له وحينئذ فمبدأها من وقت الثبوت والظهور وهذا التعليل ذكره في الخانية والحاصل انه لو كتم طلاقها ثم اخبر به بعد وقت الإقرار سواء صدقته أم كذبته وأن لم يكتمه بل أقر به من وقت وقوعه فان لم يشتهر بين الناس فكذلك إلى أن قال (فتكون هذه المسائل مستثناه من قوله ومبدأ العدة بعد الطلاق أو الموت علي الفور وان جهلت المرأة بهما إلى أن نبه إلى دقة هذا الشأن قائلا وهكذا ينبغي حل هذا المقام فافهم )
وحيث أنه من كل هذه النصوص والصور يتضح جليا أن كتمان الطلاق من المطلق بعد وقوعه سواء كان ثابتا بإشهاد أو بينة أو بغير ذلك من وجود الإثبات يوجب الزجر للمطلق بابتداء عدة المطلقة من وقت ظهور الطلاق من الكتمان وعلي ذلك فالمدار كله يدور ثبوتا وعدما علي حصول الكتمان وعدم الاشتهار وقت الظهور ومن هذا ينطق الحكم فيما إذا صدر الطلاق بإشهاد وكتمه عنها ولم يشتهر بين الناس وهو الأمر الذي ثبت في هذه القضية لان الكتمان وعدم الاشتهار من نص القاعدة العامة
وحيث أن ثبوت أي واحد منهما يبرر الخروج من القاعدة فضلا عن ثبوتهما معا كما هنا فالكتمان ثابت وبسلوك المميز طيلة أربع سنوات لم يعلن خلالها الطلاق لا من نفسه ولا بواسطة وكيله محامية السابق كما لم يشتهر الطلاق أيضا بين الناس والإشهار كما يفسره الفقيه ابن عابدين بقوله ( لابد أن يكون بإقراره بين الناس لا بمجرد سماعهم من غيره ) علي انه يرد ذلك لأنه صاحب العصمة والطلاق لمن اخذ بالساق علي ذلك فهل تم الإشهار المطلق في هذا الطلاق ؟؟
وحيث أن الطلاق أثبته المطلق بإشهاد رسمي علي يد موظف رسمي وهو مأذون ود مدني بتاريخ 18/3/1964 أمام شاهدين هما موسى جمال وعبد المنعم حسين من سكان حي الموظفين ببركات كما يؤخذ من عنوانهما بإشهاد الطلاق وقد كانا أيضا من شهود المميز في قضية الطاعة ضد المميز ضدها وانهما أيضا كما قررا من زملائه في العمل بلجنة الجزيرة ببركات
هذا وإذا كان الطلاق قد عرف في بركات التي تبعد عن محل إقامة المميز ضدها بامدرمان والثابت انهما مفترقان من سنة1955 – افتراقا كليا والمسافة بين بركات وام درمان بطرق المواصلات العادية اليومية لا تعدو بضع ساعات من نهار أو ليل والناس بينهما غادون رائحون فان الذي يدور في ام درمان علي مرأى ومسمع من الجميع بل وعلي نطاق التقاضي في المحاكم هو مطالبته لها بدخولها في طاعنه فهو سلوك لا يقتصر علي تكذيب إشهاد الطلاق فحسب بل يتعداه إلى تأكيد بقاء عصمته عليها إلى أن وصل إلى علمها خبر الطلاق بتاريخ 17/4/1968 وبذلك ينتفي الإشهار كما انتفى الإخبار وقت وقوع الطلاق
وحيث أن المميز ضدها ظلت محتبسة كزوجة للمميز طيلة فترة أربع سنوات كتم فيها الطلاق عنها ,ولم يشتهر بين الناس فان عدتها تبتدئ زجرا له ومعاملة له بنقيض مقصودة ودفعا للضرر عنها من تاريخ ظهور الطلاق بإعلانها به يوم 17/4/1986
وتأسيسا علي كل ما ذكر فإنها تستحق النفقة عليه مدة احتباسها كزوجة له ثم نفقة لعدتها إلى انقضائها شرعيا
لهذا
قررنا قبول الطعن شكلا,
وفي الموضوع: قررنا إعادة النظر في قرار التمييز نمرة /55/1969 وإضافة التعديل الآتي عليه :
وأن تبتدئ عدة المميز ضدها من تاريخ إعلانها بالطلاق في 17/4/1968م علي أن تستمر نفقتها المقررة كزوجة إلى تاريخ إعلانها بالطلاق المذكور ومنه نفقة لعدتها إلى انقضائها شرعا
وتأييد القرار فيما عدا ذلك
هيئة المحكمة
أعضاء محكمة الاستئناف الشرعية -
برئاسة صاحب الفضيلة الشيخ توفيق أحمد الصديق العليا
وعضوية كل من
-1
الشيخ شيخ محمد الجزولي )
-2
إبراهيم الجزولي أبو المعالي) أعضاء محكمة الاستئناف الشرعية العليا
هذه نقطة جديرة بالبحث - المحرر