سابقة منشورة بمجلة 1971
سابقة منشورة بمجلة 1971
محكمة الاستئناف المدنية
الدائرة الجنائية
تأييد محكمة كبرى
حكومة السودان ضد محمد حمزة عبد الله
م أ / ت م ك/10/71
:المبادئ
قانون العقوبات- حق الدفاع الشرعي- الكسر المنزلي ليلا- متابعة الجاني ومطاردته – استعمال القوة لمنع الجاني من الهرب – لايشمل الحق تسبيب الموت للجنائي
يحق لكل مواطن مطاردة اللص الذي يترك المسروق خلفه وله أن يستعمل قدراً مناسبا من القوة لمنعه من الهروب ولكن لايحق له أن يتعمد تسبيب الموت له
الحكم
صالح محمد علي عتيق قاضي المحكمة العليا بتفويض من رئيس القضاء 23/6/71
انعقدت محكمة كبرى بكسلا لمحاكمة المتهم محمد حمزة عبد الله وآخرين تحت المادة 251 من قانون عقوبات السودان فأدانت الأول تحت تلك المادة وأصدرت حكمها عليه بالإعدام شنقاً حتى الموت وأدانت الآخرين تحت مادة التستر المادة 179 من قانون العقوبات وأصدرت عليهما حكمها بالسجن
تنحصر وقائع هذه القضية انه في ليلة 12/7/1970استيقط الشاهد إبراهيم داود من نومه علي حركة شخص غريب بداخل منزله فقام مستفسرا عمن يكون وماذا يريد غير أن ذلك الغريب والذي كان مسلحا بفأس ولي الأدبار فتابعه الشاهد صائحا الحرامي سمع أهل الحي الإستغاثه وخرجوا من منازلهم لنجدته حاملين ما يدافعون به عن أنفسهم لما رأوا اللص جاريا والشاهد يطارده انضموا إليه في مطاردته واصبح المتهم الذي كان يحمل عصاة غليظة في مقدمه المطاردين يليه المتهم الثاني فالثالث ولما أوشك المطاردون علي اللحاق به التفت إليهم ملوحا بفأسه فتراجع المتهم الأول والذين معه في المقدمة إلى الخلف وتابع اللص جريه وكان قد أوشك علي الإفلات منهم بدخول جنينة والخروج من دائرة المدينة وبينما كان اللص يحاول تسلق حائط الجنينة لحقه المتهم الأول وسدد إليه ضربة قوية من عصاته في رأسه وهشمت عظام جمجمته وأودت بحياته في الحال أقترب منه المتهم الأول وجره من الشوك وتركه وعاد إلى منزله وكذلك رجع الباقون لمنازلهم دون أن يمدوا له يد العون أو يبلغوا السلطات
يعترف المتهم الأول نفسه بتسديد تلك الضربات إلى المجني عليه غير انه يدفع بممارسه حقه الشرعي في الدفاع عن النفس
تنص المادة 56 من قانون عقوبات السودان علي الآتي
(مع مراعاة القيود المبينة فيما بعد يكون لكل إنسان الحق في الدفاع الشرعي :
أولا: عن جسمه أو جسم أي إنسان آخر ضد أية جريمة تؤثر في الجسم
ثانيا: عن مال ثابت أو منقول مملوك له أو لغيره ضد أي فعل يعتبر جريمة حسب التعريف المقرر لجرائم السرقة أو النهب أو الإتلاف أو التعدي الجنائي أو أي فعل من أفعال الشروع في ارتكاب إحدى هذه الجرائم
لا يشترط لممارسة هذا الحق وجود صلة بين المدافع والمدافع عنه
بل انه حق لكل مواطن ليدافع بموجبه عن نفسه أو ممتلكاته أو نفس أو ممتلكان غيره وبعبارة أخرى فان هذا الحق يخول لكل مواطن المبادرة لدرء الخطر عن النفس أو المال سواء كان موجها لشخصه أو ممتلكاته أو لشخص غيره أو ممتلكات ذلك الشخص ولا يعتبر جريمة أي فعل يصيب المعتدى من ممارسة هذا الحق
ويمتد حق الدفاع عن النفس تحت شروط معينة إلى تعمد تسبيب الموت إلا إذا كان الفعل المراد دفعه في الجرائم المنصوص عليها تحت المادة 62 من قانون العقوبات ويشترط لتعمد تسبيب الموت وقوع الاعتداء أو أن يكون علي وشك الوقوع في ظروف تؤدى إلى تخوف معقول من حصول الموت أو الأذى الجسيم أن لم يمارس المدافع حقه
وينتهي حق الدفاع عن المال في حالات السرقة بانسحاب السارق تماما أو باسترداد الشيء المسروق – ويحق لكل مواطن مطاردة اللص الذي يترك المسروق خلفه وله أن يستعمل قدراً مناسبا من القوه لتعجيزه من الهروب أو الإفلات ولا يحق له أن يتعمد تسبيب الموت له
ولقد ثبت أن اللص (المرحوم) لم يتمكن من السرقة وانه كان مسلحا بفأس وانه وقف ولوح بفأسه للمطاردين لتخويفهم أو لإثنائهم عن مطاردته وعندما تراجعوا تابع جريه وكاد أن يتسلق الحائط ويفلت منهم غير أن المتهم الأول تابعه ولحق به وضربه علي رأسه ضربة قوية هشمت عظام جمجمته وألقته أرضا جثة هامدة فلا مجال للدفع بان المتهم الأول كان يواجه اعتداء يقود إلى تخوف حدوث الموت أو الأذى الجسيم لزوال خطر الاعتداء بمتابعة المجني عليه والهروب منهم بتوليه الأدبار
وكما ذكرت سابقا فان لكل مواطن الحق في مطاردة اللص وله أن يستعمل قدرا مناسبا من القوة لتعجيزه من الهروب فان حرمانه من استعمال هذا الحق يقعد به من المشاركة الفعلية لمساعدة قوات الأمن من إلغاء القبض علي المعتدين والهاربين من العدالة وأعانه المستغيث ومساعدة من يداهمهم اللصوص والمعتدين
استيقظ هذا المتهم كما استيقظ الآخرون علي إستغاثة صادرة من جاره وخرج من منزله يحمل عصاة لتقديم يد العون لجاره المستغيث ولما رأي اللص يجرى طارده لقبض عليه وهذا اقل ما يتطلبه منه حق الجوار وحق المواطنة وهذا لاشك حق يكفله له القانون بان جعل استعمال القوة اللازمة لتعجيز الهارب من الإفلات عملا مشروعا غير أن المتهم الأول سدد ضربة قوية أصابت المجني عليه في رأسه فأحدثت وفاته ولما كان المتهم يقصد تعجيز المجني عليه من الهروب منهم فإنني أري انه تعدي بحسن نية القدر اللازم للدفاع عن المال
وعليه فإنني استبدل قرار الإدانة تحت المادة 251 من القانون ليكون تحت المادة 253 منه واحكم بالسجن لمدة خمس سنوات اعتبارا من تاريخ دخوله الحراسة