سابقة منشورة بمجلة 1971
سابقة منشورة بمجلة 1971
محكمة الاستئناف المدنية
الدائرة الجنائية
تاييد محكمة كبــرى
حكومة السودان ضد إبراهيم صالح حسن واخرين
م أ /ت م ك/ 297/71
المبادئ
قانون الإجراءات الجنائية – الاعتراف القضائي – العدول عن الاعتراف القضائي – قبول الاعتراف القضائي بعد العدول عنه يلزم المحكمة بابداء الاسباب – التقرير الطبي – اذا اعده المساعد الطبي- لايقبل تحت المادة 228 من قانون الإجراءات الجنائية – تعريف المفتش الطبي
(1)
اذا عدل المتهم عن الاعتراف القضائي الذي ادلي به امام القاضى ورات المحكمة أن تقبل الاعتراف دون حاجة لاستدعاء القاضى الذي دونه فان عليها أن تبين الاسباب التي دعتها لذلك القبول
(2)
التقارير الطبية التي يكتبها المساعد الطبي لاتقبل في الاثبات تحت المادة 228 من قانون الإجراءات الجنائية لان المساعد الطبي لايشمله تعريف المفتش الطبي الوارد في تلك المادة
الحكم
عمر بخيت العوض قاضي المحكمة العليا بالانابة بتفويض من السيد رئيس القضاء –21/2/71
هذا الطلب تقدم به المتهم الاول والمتهم الثاني للطعن في الحكم الصادر بارسالهما للأصلاحيه لمدة خمس سنوات وتتلخص اسباب الطعن في أنهما ينفيان التهمة عنهما ويدفعان بان محكمة الموضوع لم تمنحهما فرصة للدفاع عن نفسيهما باستجلاب شهود دفاع
أنعقدت المحكمةالكبرى في كتم وادانت المتهمين تحت المواد 317 317/84 من قانون العقوبات
(1)
وبعد الاطلاع علي محضر المحكمة الكبرى نلاحظ مايلي :
أولا: قبلت المحكمة الكبرى التقارير الطبية التي كتبها مساعد طبي لقد أخطأت المحكمة في ذلك من عدة أوجه
(أ)
ان التقارير الطبية التي يكتبها المساعد الطبي لاتقبل في الاثبات تحت المادة 228 من قانون التحقيق الجنائي لان المساعد الطبي لايشمله تعريف المفتش الطبي الوارد في تلك المادة
(ب)
حتي التقارير التي يكتبها الاطباء فانها لاتقبل في الاثبات الا اذا توفر سب من الاسباب الواردة في المادة 228 من قانون التحقيق الجنائي وبعد توفر هذا السبب يجب علي المحكمة أن تقرأ التقرير الطبي علي المتهم وان تأخذ رايه سواء بالموافقة علي التقرير ومحتوياته أو الاعتراض عليها وان تدون كل هذه الخطوات في محضر المحاكمة لسبب بسيط هو ان تتمكن السلطات الاستئنافيه من مراقبة المحاكم عند استخدامها لسلطاتها التقديرية استخداما قضائيا وليس تحكيما واذا جاءت اجراءات المحاكمة خالية من هذه الاسباب فانها بدون شك تحكون قد اهدرت حقوق المتهم في الحصول علي محاكمة عادلة لانها تاخذ في البينة ضده اشياء لم تعرض امام المحكمة علي اليمين ولم يعط المتهم فرصه لمناقشة الشاهد ولايصح هذا الخطأ الا اذا كانت المحكمة الكبرى قد ادانت المتهم لسبب اخر لا صلة له بتلك التقارير الطبية وبالرجوع الى محضر المحاكمة نجد أن اسباب الادانة خالية من الاشارة الى تلك التقارير الطبية وعليه فان هذا العيب لم يؤثر في المحاكمة واقتصر اثره علي القبول كبينة وهذا الخطأ لم يؤثر في محاكمة المتهمين ومن ثم لاداعي لابطال الإجراءات كنص المادة 261 من قانون التحقيق الجنائي
ثانياً :الاعتراف القضائي
لقد اعترف المتهم الثاني محمد حمدان احمد للبوليس المتحري بانه ارتكب الفعل محل الجريمة وانه ساعد زميله المتهم الاول في اغتصاب المجني عليها ولما قدم في المرة الأولي للأدلاء باعترافه امام القاضي رفض ان يدلي بشئ وكان ذلك يوم 21/1/71 وفي اليوم الثاني قدم نفس هذا المتهم امام نفس القاضي وادلي باعتراف قضائي سجل بالصفحة (10) من يومية التحرى
ولما مثل هذا المتهم امام المحكمة الكبرى أنكر انه ادلى باعتراف قضائي كما سبق له ان أنكر هذا الاعتراف في مرحلة التحقيق القضائي وفي هذا المجال فان المادة 119 (5) من قانون التحقيق الجنائي قد خولت للمحكمة ان تستدعى القاضى الذي كتب التحقيق القضائي للادلاء بشهادته عن محتويات ذلك الاعتراف وللظروف التي تم فيها ذلك الاعتراف القضائي وانه من رأينا في مثل هذا القضية ضرورة استدائ القاضي الذي سجل الاعتراف القضائي بعد ان أنكره المتهم الثاني لانه من الواضح ان هذا المتهم احضر في المرة الاولي ورفض ان يدلى باعتراف ثم احضر في المرة الثانية وادلى باعتراف ومن هنا كان من الضرورى التأكد من الظروف التي تم فيها الاعتراف حتي تقرر المحكمة ما تراه ملائما للعدالة في قبول ذلك الاعتراف أو رفضه
هذا الي جانب ان المتهم انكر الاعتراف نفسه ومن هنا يجب اثبات الاعتراف الا اذا رأت محكمة الموضوع عدم ضرورة ذلك مع بيان الاسباب التي تجعلها تقبل ذلك الاعتراف وبالرغم من هذه الاشياء فان المحكمة الكبرى قبلت الاعتراف ونحن لا نرى الاعتماد على ذلك الاعتراف بسبب انه محل شك من حيث الادلاء به ولانه على احسن الفروض اعتراف مسحوب ويلزم الاحتياط الشديد عند الادانة بموجبه ومن المستحسن ان يؤيد ذلك الاعتراف ببينة اخرى كما جرت السوابق القضائية وفي هذا النطاق ايضا لم توضح المحكمة الكبرى البينات المؤيدة لذلك الاعتراف اذ اعتبرته مسحوبا بسبب انها لم تدقق في الامر علي هذا الوجه من التفصيل
وبعد تفصيل الملاحظات السابقة فإننا نرى أن الادانة تحت المادة 317317/84 من قانون العقوبات بالنسبة للمتهمين كليهما صحيحة من حيث أن كلا منهما أرتكب علي انفراد جريمة الاغتصاب ثم أن هما ساعدا بعضهما البعض لارتكاب ذات الجريمة وان هذه الادانة تقوم في راينا علي بينة المجني عليها وهي وان كانت معدودة في نطاق الاطفال لان سنها حوالي أربعة عشر عاما الا أنها تتمتع بقدر كاف من التمييز مما يجعل المحكمة أكثر اطمئنانا لاقوالها بالرغم من أن هذه الاقوال مازالت تقع في اطار البينات الواجبة التأييد ببينة أخرى
ونحن نجد هذه البينة المؤيدة في أقوال والدة المجني عليها والتي التقت بابنها بعد ارتكاب الجريمه مباشرة ورأت اثار الجريمة من الدماء التي تسيل من فرج المجني عليها علي فخذيها وانها كانت مغبرة مما يدل علي انها القيت علي الارض عنوه وانها كانت تبكي بسبب مالحق بها من أذى
وتأيدت أقوال المجني عليها باعتراف المتهمين بانها التقيا بالمجني عليها وتشاجرا معها وضرباها بالكفاف وان انكرا واقعة الاغتصاب أو المساعدة فيه
وعليه ومادامت هذه المجني عليها قد التقت بهؤلاء المتهمين في مكان الحادث وانها بعد ذلك شوهدت والدماء تسيل علي فخذيها وذكرت علي الفور بان المتهمين هما اللذين ارتكبا ضدها الجريمة فاننا نرى ان الادانة لاغبار عليها وانها مؤيدة ببينة كافية دون الاعتماد علي الاعتراف القضائي أو التقارير الطبية
أما فيما يتعلق بالعقوبة
فان المتهم الاول صبي يبلغ من العمر حوالي خمسة عشر عاما والمتهم الاخر صبي لم يتجاوز الرابعة عشر وبهذا فان هذه المتهمين يدخلان في نطاق الاحداث الذين لايجوز ارسالهم للسجن ومن هنا يتعين علي المحكمة عند تقريرها العلاج اللازم لجنوح هذين الحدثين ان تستعين بضابط مراقبة الاحداث ليوضح لها كيف تتصرف فيهما بناء علي البحث الذي يقدمه لها والذى يعتبر جزءا من محضر القضية ولكنا لانجد في هذه المحاكمة مايشير إلى أن هناك تقريرا من ضابط مراقبة وربما كان ذلك بسبب عدم وجود ضابط لمراقبة الأحداث بالمنطقة
ولكن هذا لا يجعل المحكمة تغفل عن هذا الامر وعلي المحكمة ان تستعين في تكوين فكرتها عن الحدث الجانح عن طريق مشائخ المنطقة التي يتبع لها ذلك الحدث وفي ضوء تلك التقارير يمكنها ان توصح من الاجراءات الاصلاحية ماهو الامر الأفضل للاصلاح دون غيره من الاجراءات وهي بهذا قد خالفت التوجيهات التي جاء بها المنشور الجنائي رقم (24) بشأن معاملة الاحداث
ونحن من جانبنا لانعرف اسباب جنوح هؤلاء الاحداث لخلو المحضر منها ونفترض ان محكمة الموضوع قد رأت أن امثل السبل لاصلاح هذه الحدثين هو حفظهما بالاصلاحية لانهما من الرعاة الذين لم يتلقوا تعليما أو تهذيبا وان هذا افضل لهما من اطلاق سراحهما بالضمان بحسن السير والسلوك وأفضل من عقوبة الجلد
ولكن ماهي المدة اللازمه للاصلاح ؟
مازلنا نعتمد علي تقديرنا دون عون من ضابط مراقبة وفي هذه الحالة ننظر إلى سوابق الحدثين فلا نجد لهما سابقة وبذلك فاننا نرى أن الحد الأدني هو الأقرب للاصلاح ولذلك فانني أرى أن يعدل أمر إرسال هذين الحدثين للاصلاحية لمدة ثلاث سنوات