سابقة منشورة بمجلة 1971
سابقة منشورة بمجلة 1971
محكمة الاستئناف المدنية
الدائرة الجنائية
تأييد محكمة كبرى
حكومة السودان ضد عبد الله محمود جبور
م أ/ ت م ك/343/68
:المبادئ
قانون العقوبات- تسبب الموت – المادة /251/قعس- المادة 253 من قانون عقوبات السودان – تخفيض الحكم إذا دفعت الدية – كيفية تنفيذ الشرط – الشرط جزء من الحكم وليس توصية – المنشور الجنائي رقم 55
إشتراط تخفيض الحكم إذا دفعت الدية المقررة حسب العرف قرار تصدره المحكمة كجزء من حكمها وليس مجرد توصية توصي بها ويتم تنفيذ ذلك الشرط بنفس الطرق التي يتم بها تنفيذ بقية الحكم
الحكم
حسن محمود بابكر قاضي المحكمة العليا بتفويض من رئيس القضاء
هذه إجراءات محكمة كبرى رقم 59/68 دائرة دارفور انعقدت في كاس ورفعت الآن للتأييد مضمنة إسترحاما قدم من قبل المتهم
برأت المحكمة الكبرى المتهم من الجريمة التي أتهم بها تحت المادة 251 من قانون العقوبات وأدانته بجريمة تحت المادة 253 منه مصدرة ضده حكما بالسجن لمدة ثمان سنوات إبتداء من يوم 28/8/1967 لقد أمرت المحكمة الكبرى بتخفيض العقوبة إلى سبع سنوات سجنا إذا دفع المتهم ستين جنيها كدية لأهل القتيل
ثابت بعد مرحلة الشك المعقول أن المتهم سدد للقتيل ثلاث طعنات من سكينه على البطن والفخذ والظهر محدثا به الإصابات الموصوفة في شهادة شهاد الإتهام الثالث وثابت بشهادة هذا الشاهد الثالث أن طعنات المتهم تلك هي التي أدت لوفاة القتيل وبما أن عدم اللجوء للعناية الطبية لتجنب الوفاءة وإن كان لا يقطع من ناحية قانونية رابطة السببية بين الفعل والنتيجة فإن المتهم يعتبر بفعله ذلك قد سبب وفاة القتيل
لقد استعمل المتهم آلة خطرة هي المطواة الحادة وسدد طعنة في مكان حساس من الجسم هو البطن ولابد أن المتهم قد استعمل قوة في التسديد بدليل الآثارالمتخلفة عن ذلك وفق ماورد في شهادة شاهد الإتهام الثالث وبما أن العلم وقصد النتائج الطبيعية لفعله مفترض في الشخص فالمتهم بفعله ذلك قصد – قصدا مفترضا – تسبيب وفاة القتيل وبالتالي وبصفة مبدئية فقد أرتكب المتهم جريمة القتل العمد
بخلاف ما وجدت المحكمة الكبرى فإن أقوال القتيل المسجلة بيومية التحري والتي يثبت صدورها منه شاهد الاتهام الأول هي أقوال محتضر لانها تتعلق بسبب وفاته وذكرها عقب الإصابة التي أودت بحياته ولذلك فهي مقبولة قانونا كإثبات في هذا الشأن كإحدى استثناءات قبول البينة السماعية
لا يوجد أمامنا شاهد كان موجودا عند الحادث ليحكي كيفية حدوثه كل ما هو أمامنا في هذا الشأن هو أقوال المتهم وأقوال القتيل كشخص محتضر من الواضح أن كل ذلك الجمع – بما فيهم المتهم والقتيل كانوا تحت تأثير الكحول ويتضح من أقوال المتهم والقتيل أنه أثناء السير في الطريق قامت مجادلة ثم تعارك بين المتهم والقتيل القى القتيل بالمتهم أرضا وعلا عليه واثناء ذلك سدد له المتهم تلك الطعنات الثلاث من مطواة كانت في جيبه وبعد ذلك تماسكا حيث ألقى المتهم بالقتيل أرضا وعلو عليه حتى جاء الشهود ورفعوا المتهم من فوق القتيل
حسب شهادات الشهود من زملاء المتهم والقتيل فإنهم لم يشاهدوا سكينا لدى القتيل إن شاهد الاتهام الاول يثبت أنه لم يجد اي سكين للقتيل لا في مكان الحادث ولا في اي مكان آخر من جسمه ولم يجد أي جفير لسكين في ذراع القتيل فإذا كان المتهم قد قذف بسكينه بعيدا ولم يعثر عليها فإين سكين القتيل إذا صدقت رواية المتهم وهو لا يدعى أي شئ عن كيفية التصرف فيها لذلك فغير صحيح ما ورد في أقوال المتهم من أن القتيل كانت لديه سكين طعن بها المتهم الصحيح هو ما ورد في أقوال القتيل وهو محتضر من أنه لم يطعن المتهم لانه لم يكن معه سكين
نخلص من هذا أن القتيل قد أعتدى على المتهم ولذلك فمن حق المتهم دفع العدوان عن جسده ممارسه لحقه في الدفاع الشرعي لكن الأمر الواضح هو أن المتهم بفعله ذلك قد تجاوز حدود حق الدفاع وذلك بإستعماله قوة لا يستلزمها غرض الدفاع لقد كان عدوان القتيل بأياديه فقط ولم يكن بسلاح(المادة 58 عقوبات)
لكن في ظل كل الظروف التي أحاطت بهذا الامر فإنني أعتقد أن المتهم قد تجاوز حدود الدفاع بحسن نية وبدون سبق اصرار وبدون ان يقصد استعمال قوة لا يستلزمها غرض الدفاع لهذا يستفيد المتهم من الاستثناء الثاني للمادة 249 من قانون العقوبات فيخفض القتل العمد إلى قتل جنائي
أما عن العقوبة فأرى أنها مناسبة
لم يجر عرف المحاكم من قبل على تحديد مبلغ للدية حيث يترك ذلك التحديد للأطراف وفق العرف المحلي ويتعين التمسك بقاعة العمل هذه لأنها مناسبة وإن الدية إذا أتفق على دفعها ودفعت فعلا فإنها عامل هام لحفظ الأمن وإصلاح العلاقات ولتشجيع ذلك يتعين أن يكون التخفيض في العقوبة محسوسا إذا دفعت لا كما فعلت المحكمة الأدنى
وعليه فإنني أصدر الآتي
(1)
اؤيد قرار براءة المتهم في جريمة تحت المادة 251 من قانون عقوبات السودان واؤيد قرار ادانته بجريمة تحت المادة 253 منه
(2)
اؤيد عقوبة السجن ضد المتهم لمدة ثماني سنوات ابتداء من يوم 28/8/1967 ولكن ألغى الامر الصادر من المحكمة الكبرى والمتعلق بالدية واستبدله بالأمر التالي:
إذا اتفق الأطراف على دفع الدية ودفعت فعلا وفقا للعرف المحلي فإنني أقرر تخفيض العقوبة للسجن لمدة خمس سنوات منذ 28/8/1967
عثمان الطيب – رئيس القضاء – 19/1/1972
إن الشرط بتخفيض الحكم إذا دفعت الدية المقررة هو قرار تصدره المحكمة وليس توصية وهو أمر أو جزء من الحكم المقرر وينفذ كما تنفذ أجزاء الحكم ولابد من أن يكون مدونا في الامر بالسجن ويجوز لسلطات السجن أن تنفذه بدون الرجوع إلى المحكمة وبعد أن تتأكد من أن الدية قد دفعت وتعطى الاعتبار للحكم المخفض وإذا عرض الامر على القاضي يشير إليهم بهذا