سابقة منشورة بمجلة 1970
سابقة منشورة بمجلة 1970
محكمة الإستئناف المدنية
حكومة السودان ضد هارم برجو حسين وآخر
م أ / م ك / 372/1970م
المبادئ
قانون العقوبات- حضور المحرض وقت إرتكاب الجريمة- المادة 89 من قانون العقوبات- إثبات وجود تحريض سابق لإرتكاب الجريمة وحضور المحرض لإرتكاب الجريمة كما حرض على إرتكابها
المادة 89 من قانون العقوبات تطبق في حالة التحريض السابق لإرتكاب الجرية في غير مكانها على إفتراض إن المحرض سوف لا يكون حاضراً إرتكاب الجريمة أو مشترك فيها ولكنه يحضر ويشهد إرتكاب الجريمة كما حرض على إرتكابها
الحكم
عثمان الطيب (رئيس القضاء)-سبتمبر26/1970- قدم المتهمان (1) هارم برجو حسين و (1) إبراهيم إدريس أبكر إلي محكمة كبرى أولهما متهماً بأنه في يوم 19/8/1969 طعن كلتوم أحمد وسبب وفاتها وبذلك يكون مرتكباً جريمة القتل العمد الذي يحاكم عليها تحت المادة 251 من قانون العقوبات وثانيهما متهماً بتحريض الجريمة التي كان يحاكم عليها تحت المادتين 89/251 من قانون العقوبات
وفي نفس الوقت قدم المتهمون الآتى اسماءوهم اولهم متهم بانه في نفس التاريخ المزكور اعلاه تسبب في احداث ازى جسيماً لهارم برجو حسين وبذلك يكون مرتكبً الجريمه التي يحاكمون عليها تحت المادتين /89/278 من قانون العقوبات
المتهمون هم
(1)
إساغة أبكر عقيد
(2)
أبكر علي آدم
(3)
محمد إسحق يحي
(4)
محمد آدم محمد
(5)
الدومة محمد آدم
(6)
سليمان إبراهيم آدم
(7)
رمضان يحي إساغة
أنعقدت المحكمة الكبرى ما بين 17/3/1970 و 16/9/1970 في المناقل وحاكمت هؤلاء المتهمين بالطريقة المشتركة في محضرين منفصلين أنها وجدت المتهم الأول (1) هارم برجو حسين مداناً تحت المادة 251 من قانون العقوبات وأصدرت عليه الحكم بالإعدام و وجدت المتهم الثاني (1) إبراهيم إدريس أبكر غير مدان كما أتهم ولكنه مدان تحت المادة 279 (2) من قانون العقوبات (على أنه سبب أذى جسيماً لمحمد آدم محمد بأن طعنه بالسكين) و حكمت عليه بالسجن لمدة ثلاث سنوات إبتداء من 19/8/1969
أما المتهمون من الفريق الثاني (الذي يشار إليه بالفريق (ب) فقد وجدت المحكمة أنهم غير مدانين لأنهم كانوا يستعملون حق الدفاع الشرعي
وقائع القضية كما أظهرتها البينات يبدو كالأتي
إساغة أبكر هو شيخ الكمبو وكان قد وصله إعلان موجه من محكمة المناقل الشرعية إلي المرأة التي تدعى عيدة وعندما ذهب لتنفيذ الإعلان كان المتهم الثاني إبراهيم إدريس أبكر حاضراً فتدخل الأخير بدون مبرر وشتم إساغة وشيخ إساغة عزم على أن يشتكيه لتدخله وتعرضه له في عمله الرسمي وبعد ذلك نفذ شيخ إساغة الإعلان وأنصرفوا وفي المساء ذهب المتهمان الأول والثاني إلي الإنداية وشربا وبعد خروجهما عرجا على منزل شيخ إساغة وحيث كان يجلس للعشاء مع جماعة شهود الإتهام نادى المتهم الثاني شيخ إساغة الذي خرج له وبدون أي نقاش رفع المتهم عكازه ليضرب شيخ إساغة والأخير أمسك بالعكازة وأخذه وهنا أستل المتهم الأول سكينه وطعن الشيخ إساغة في أثناء ذلك خرج الجماعة ومسك أبكر على آدم سكين المتهم الأول وأصيب بجرح في كف يده اليسرى و إعتدى المتهم الأول على محمد إسحق يحي وطعنه طعنتين واحدة في الكتف والأخرى في الساعد اليمين وأشتبك المتهم الثاني مع محمد آدم محمد و أصابه بعدة طعنات وخرجت المتوفاة وكانت تقف أمام منزل شيخ إساغة وصرخت لما كان حاصلاً فقفز عليها المتهم الأول وطعنها الطعنة التي قضت عليها وبعد كل هذا تمكن شيخ إساغة من إيقاف المتهم الأول بأن ضربه بالعكاز سبب له كسراً في ساعده اليمين وآخر في ساعده الشمال أصيب المتهم الثاني بجروح خطيرة في رأسه وهي ضربات بعكاز و لا يوجد في البينات ما يشير إلي الشخص الذي ضربه
أصيبت المتوفاة بجرح بين الضلعين الاولى والثانية من الأمام تحت الترقوة اليسرى نفذ إلي داخل القفص الصدري وأخترق الرئة اليسرى ومزقها ونتج عنه نزيف حاد أدى إلي الوفاة في نفس الوقت إني أوافق المحكمة الكبرى إنه في هذه الظروف فإن المتهم الأول كان يعلم إن الموت سيكون النتيجة الراجحة لفعله وأيضاً ليس له أن يستفيد من أي واحد من الإستثناءات الواردة في المادة 249 من قانون العقوبات إن فريق الشيخ إساغة كانوا مسالمين كانوا يتعشون في داخل المنزل عندما حضر المتهمان وخرج لهم شيخ إساغة كما حضر جماعته من بعده لا يحملون أسلحة ولم يكونوا متوقعين شراً لم يحدث من جانبهم إستفزازاً ما لم يدخلوا مع المتهمين في معركة ولكن بادر المتهمان بالهجوم والتعدي على هذا وذاك من أفراد جماعة الشيخ إساغة حتى وصل المتهم الأول إلي المتوفاة التي لم يكن لها حيلة ولا قوة غير صراخها لما كان واقعاً من المتهمين من إعتداء في هذه الظروف فإن المتهم الاول يكون إرتكب جريمة القتل العمد التي يحاكم عليها بالإعدام تحت المادة 251 من قانون العقوبات
أما المتهم الثاني فإنه يلاحظ إن مادة التحريض 89 من قانون العقوبات التي وضعت له في الإتهام غير صحيحة هذه المادة تطبق في حالة التحريض السابق لإرتكاب الجريمة أو مشتركاً فيها ولكنه حضر أو شهد إرتكاب الجريمة كما حرض على إرتكابها وربما يكون خير مثال له: أن يقع التحريض على طفل أو فاقد العقل لإرتكاب جريمة معينة وبعد ذلك حضر المحرض في مسرح الجريمة كمشاهد ليتأكد من إرتكابها بنفس القصد الجنائي الذي حرض إرتكابها به وهو هنا يعتبر كما لو إرتكب الجريمة بنفسه
المادة المناسبة في مثل هذه القضية هي 88 من قانون لأن المحرض غالباً يكون قد حرض على الإعتداء ولكنه لم يحرض على إرتكاب جريمة القتل وهو ما حصل هنا إن المتهم الثاني لا شك حرض المتهم الاول للهجوم على المجني عليهم ولكنه لم يحرضه على طعن المتوفاة تلك الطعنة التي أدت إلي وفاتها هذا حسب ما توصلت إليه المحكمة وهو غير صحيح لأنه المتهم الثاني كان صاحب التدبير في الإعتداء وكان المبادر به ودفع فيه المتهم الأول ويمكن أن يقال إن المتهم الثاني يعتبر عالماً بأن النتائج كانت الراجحة أو كانت محتملة فقط ويمكن تقرير هذه الآراء ولكن ذلك يستدعى ارجاع النقضيه للمحكمه الكبرى لاعاده النظر في ادانه التهم الثاني ولكني لا اميل الى مثل هذا الاجراء الا في القضايا التي يظهر فيها إنتهاك واضح للعدالة وكل ما يمكن التعليق به إنه محظوظ إذ ذهب بحكم خفيف
إني أؤيد إدانة المتهم الاول هارم برجو حسين بالقتل العمد تحت المادة 251 من قانون العقوبات والحكم عليه بالإعدام