سابقة منشورة بمجلة 1971
سابقة منشورة بمجلة 1971
محكمــة الإســتئناف
القضــاة
سعادة السيد/ عمر بخيت العوض قاضي محكمة الإستئناف رئيساً
سعادة السيد/ حسين محمد حسين قاضي محكمة الإستئناف عضواً
حكومة السودان ضــد حســن علي الشـريف وآخرين
م أ/استئناف جنائي/489/72
المبادئ
قانون الجمارك – الحجز على المواد موضوع البلاغ – إعلان المتهم بأمر الحجز – المصادرة – المواد 198 (أ) و 195 من قانون الجمارك قانون تفسير القوانين والنصوص العامة- تفسير النصوص المتعلقة ببعضها البعض
قانون الإجراءات الجنائية- تلاوة الاعتراف القضائي – المادة 119 قانون التحقيق الجنائي
-1-
إصدار أمر بالمصادرة شي إلزامي على المحكمة يتوجب عليها الأمر به عند الإدانة وعلى القاضي أن يدون في حيثياته أسبابه بعدم إصدار ذلك الأمر
-2-
إذا حدد القانون إجراءات معينة بغرض التوصل إلى نتيجة بعد استعمال المحاكم لسلطاتها التقديرية فإن المحاكم لا تستعمل تلك السلطات إذا لم يتوفر استكمال تلك الإجراءات
-3-
المواد المتعلقة بالموضوع الواحد تقرأ مع بعضها البعض
-4-
يقرأ الاعتراف القضائي للمتهم بواسطة القاضي نفسه وقبل استجوابه
المحامــون
حسن الماحي عن المتهــم
الحكم
حكمت محكمة الجنايات بكسلا على المتهم حسين علي شريف بالسجن وبالغرامة مبلغ مائة جنيه أو السجن لمدة ستة اشهر في حالة العجز عن الدفع وذلك تحت قانون الجمارك المادة 203(ج) خامسا – كما أمرت برد البضاعة موضوع المحاكمة (كمون) على أساس أن إعلان الحجز لم يسلم له أيدت المحكمة الكلية قرار محكمة الجنايات
16/12/1972
القاضي حسين محمد حسين
أدان السيد قاضي جنايات كسلا المتهم الأول حسن على شريف بموجب المادة 203(ج) (خامسا) من قانون الجمارك وحكم عليه بالغرامة مائة جنيه أو السجن لمدة ستة أشهر في حالة عدم الدفع وأمر برد البضاعة موضوع البلاغ على أساس أن إعلان حجز الجمارك لم يسلم للمتهم قدم السيد وكيل النيابة مديرية كسلا طلباً لإعادة النظر في أمر السيد قاضي الجنايات بتسليم البضاعة (كمون) للمتهم وقد قررت الدائرة الاستئنافية بالمحكمة الكلية إلغاء قرار السيد قاضي الجنايات وأمرت بمصادرتها
يتقدم محامي المتهم الأول بطلب إعادة نظر في قرار المحكمة الكلية باطلاعي على إجراءات المحاكمة فإنني أجد أن السيد قاضي الجنايات قد أخطأ مرتين المرة الأولى عندما سمح للمتحري بأن يقرأ على المتهم الأول الإعتراف القضائي المسجل له وأن الاعتراف القضائي يجب أن يقرأه القاضي شخصياً بعد أن تنتهي أقوال شهود الاتهام وقبل استجواب القاضي دون أسباب عدم أمره بمصادرة البضاعة في تعليقه حول الحكم إن قرار المصادرة إلزامي في حالة الإدانة بموجب المادة التي أدين بها المتهم وعلى القاضي أن يوضح أسباب عدم الأمر بالمصادرة في الحيثيات إذ أن تلك الأسباب جوهر القضية
فيما يتعلق بطلب إعادة النظر فإنني أرى نفسي متفقا في الرأي مع السيد قاضي الجنايات في أنه يجب على سلطات الجمارك تتقيد بأحكام المادة 198 من قانون الجمارك إذا أرادت الحصول على أمر المصادرة للبضائع موضوع أية قضية وإذا لم تتقيد سلطات الجمارك بنصوص تلك المادة فلا يمكن للمحكمة أن تمارس سلطاتها التقديرية إذ تكون ممارسة هذه السلطات في الحالات التي لا يوجد نص صريح في القوانين الخاصة يوضح الإجراءات التي يجب أن تتخذ ويجب على السلطات المختصة إلا تهمل في واجباتها وتعتمد على سلطات المحاكم التقديرية وعليه فإنني أرى أن نؤيد قرار السيد قاضي الجنايات وأن نـأمر بتسليم البضاعة للمتهم الأول
30/12/1972
القاضي عمر بخيت العوض
إن النقطة محل البحث هي هل تجوز المصادرة بالرغم من عدم إعلان المتهم شخصياً بأمر الحجز الصادر من ضابط جمارك كسلا؟ يبدو لي من الوهلة الأولى أن من المهم أن أوضح أن هناك خطوة أولية يقوم بها ضابط الجمارك وهي إصدار أمر الحجز وبصدور هذا الأمر لا يجوز تسليم البضاعة إلا بعد اتخاذ الإجراءات بالنسبة للبضاعة أو وسيلة النقل المنصوص عليها في قانون الجمارك غير أنه إذا أريد لهذه الإجراءات أن تنتهي بالمصادرة لابد من إعلان المتهم أو صاحب وسيلة النقل بأمر الحجز واضح أنه في الحالة الأولى فإن سلطات الجمارك وإن فشلت في تحقيق المصادرة فإنها تحجز البضائع لحين دفع الرسوم الجمركية عليها وهذه فائدة أمر الحجز الذي لم يعلن حيث يمكن لسلطات الجمارك أن تتحصل أموال الدولة في حالات البضائع المهربة وأن تأييد أمر المحكمة الابتدائية بتسليم البضاعة المحجوزة بدون شرط لدفع الرسوم الجمركية إهدار وتجاهل للقواعد العامة لقانون الجمارك وكان أولى بالمحكمة عندما تأمر بتسليم البضاعة أن تجعل ذلك مشروطاً بدفع رسوم الجمارك حتى لا يكون في أمرها لبس أو غموض
وعلى كل طالما أن أمر الحجز قد صدر صحيحاً ولكن قد لحق الخطأ مرحلة تالية في مرحلة إعلان الحجر لصاحب البضاعة شخصياً علينا أن نتدبر آثار هذا الخطأ ومدى إمكانية تصحيحه وما دمنا قد تبينا أن الإعلان الكتابي هو إخطار بالحجز وليس الحجز نفسه وأن الغرض المتوخى من الأخطار الكتابي هو إعلان صاحب البضاعة أو صاحب وسيلة النقل بأن سلطات الجمارك سوف تسعى للمصادرة وبالتالي على صاحب البضاعة أن يتخذ الطرق اللازمة لاسترداد بضاعته خلال مدة معينة أوضحتها المادة 189/2 من قانون الجمارك ثم تتعاقب الخطوات حتى تصل أما إلى اعتبار تلك البضاعة في حكم المصادرة بأمر من مدير الجمارك أو السماح لصاحب البضاعة برفع دعوى مدنية لاستردادها أو أن يطلب مدير الجمارك أو أن يلجأ للمحكمة المدنية بدعوى لاسترداد البضاعة أو أن يطلب ذلك أثناء الإجراءات الجنائية لمحاكمة القضية الجمركية
وعليه فإنني أرى أن عدم استلام المتهم للإعلان بوقف سريان نصوص المادة 198 من قانون الجمارك وبالتالي لا يستطيع مدير الجمارك أن يطالب بمصادرة البضاعة ولكنه يستطيع ذلك بموجب المادة 168/5/ب مقروءة مع الفقرة 8 من نفس المادة بطريقة اللجوء للمحكمة المدنية
وهنا يجب أن أوضح أن الأمر الذي أصدرته المحكمة بتسليم البضاعة لصاحبها أمر غير سليم لأن البضاعة فعلاً حجزت وأدين صاحبها بالتهريب ولكن حدث خطأ إجرائي يمنع الأمر بالمصادرة أثناء المحاكمة الجنائية وهذا خطأ لا يصح لهذه الدائرة إزاءه أن تأمر بتسليم البضاعة لأن أمر الحجز صدر صحيحاًُ وظل كذلك ولم يشبه بطلان ولهذا لا ندري على أي أساس من القانون رفضته محكمة الموضوع نعود ونكرر أن عدم تسليم الإعلان لصاحب البضاعة يترتب عليه أمر واحد هو رفض إصدار أمر بالمصادرة يبقى بعد ذلك الأمر معلقاً حتى يحسم بتصحيح الإعلان عن طريق تسليم المتهم صورة منه وفي هذه الحالة تسرى المدد وتتوالى الخطوات للبت في مصير تلك البضاعة ما عدا العودة إلى محكمة الجنايات مرة أخرى بل وعلى سلطات الجمارك أن تلجأ للمحكمة المدنية تحت المادة 198/8 أو قد تلجأ إليها إذا زاول مدير الجمارك سلطاته تحت المادة 198/3 إذا فشل صاحب البضاعة في طلبها في المدة المعينة بعد تسليمه إعلان الحجز
وهناك ملاحظة أخرى أود إبداءها وهي أن محكمة الجنايات كان بإمكانها تصحيح الإجراء الباطل استنادا على المادة 41 من قانون المرافعات المدنية وهو قانون لا ينطبق على الإجراءات الجنائية إذا كان الموضوع المطلوب البحث عن قاعدة له منظماً في قانون الإجراءات الجنائية أو خلافه من القوانين ولما كان قانون الإجراءات الجنائية أو قانون الجمارك لا يتحدث عن تصحيح الإجراء الباطل فلا يوجد ما يمنع من الاستهداء بقانون المرافعات المدنية وفقاً للمادة الرابعة منه التي أجازت تطبيق قواعده على الإجراءات المتعلقة بغير المواد المدنية والتجارية والأحوال الشخصية فيما لم يرد بشأنه نص في القوانين الأخرى
وانطلاقا من ذلك فإننا نتساءل عن كيفية تسليم الإعلان للشخص المسجون حيث نص قانون الجمارك على تسليم الإعلان للمتهم شخصياً وهل يفهم من هذا أن يقوم ضابط الجمارك بتسليم الإعلان للسجين أم أنه يسلم لمأمور السجن وتكون من مسئولية مأمور السجن أن يعلن المتهم شخصياً؟ وذلك حسب نص المادة 30 من قانون المرافعات المدنية والتجارية إن المتهم الأول كان بالحراسة الشيء الذي يدل على أنه محجور على حريته وأنه تحت رعاية سلطات السجون لحين محاكمته أو الإفراج عنه بالضمان
وإذا رجعنا إلى تاريخ صدور أمر الحجز نجده قد صدر بتاريخ 20/12/1969 وأن المتهم الأول أفرج عنه بالضمان في 3/1/70 وبهذا تحقق في المتهم الأول صفة المسجون ولو على سبيل الانتظار
وإزاء تحقق هذه الصفة فإننا نعمد إلى القانون الأم الذي يوضح طريق إعلان السجناء وهو قانون المرافعات المدنية الذي يوضح كيفية الإعلان عن طريق مأمور السجن ومن هذا المفهوم فإن عمل ضابط الجمارك بتسليم الإعلان للبوليس لإعلان المتهم بالتهريب بأمر الحجز كان صحيحاً وليس من الضروري أن ينتقل ضابط الجمارك بشخصه لاعلان المتهم بأمر الحجز وإلا لو كان الأمر كذلك فلماذا نوافق على صحة أمر الحجز بالنسبة للمتهم الثاني في هذه القضية والذي أعلنه البوليس بأمر الحجز ولم ينتقل إليه ضابط الجمارك
إننا نرى أن واجب ضابط الجمارك هو أن يتأكد من أن الشخص المتهم أعلن شخصياً في الحالات التي يمكن إعلانه فيها شخصياً وأن الأشخاص الذي لا يقعون تحت سلطاته كالسجناء والمحبوسين في الانتظار أنما يعلنهم عن طريق من يتولون التحفظ عليهم حسب القانون وإذا فشل هؤلاء في أداء هذه الوظيفة فإن ذلك لا يبطل الإجراء إذا تحقق الغرض منه
ولكن بكل أسف فإنني أرى أن الغرض من تحقق الإعلان لم يحصل لأن المتهم لم يعرف أن سلطات الجمارك تنوي المطالبة بالمصادرة وإزاء هذا الأمر فإننا نرى تصحيح الإجراء الباطل بإعادة الإعلان في فرصة مناسبة حتى تتمكن تلك السلطات من رفع دعوى مدنية للمطالبة بالمصادرة وهذا التصحيح أمر عادل ويخدم الصالح العام لأنه لا يجوز أن يصدر حكم بإدانة متهم بتهريب بضائع ثم تسلم له هذه البضائع المهربة وحتى دون أن تقدر المحكمة غرامة توازي قيمة الرسوم الجمركية أو تزيد عليها وحتى لا يستفيد المهرب من جريمته أو يستفيد من خطأ أحد الموظفين ومن واجب المحاكم هنا تحقيق الغرض أمام المخالفين للقانون عن طريق التغاضي عن الشكليات ومن هذا فإن سماح المحكمة بتصحيح الإجراء الباطل لا يعتبر إخلالاً بمهمتها في الوصول إلى القرار العادل الذي إما أن يكون بصدور أمر المصادرة وفي هذا تحقيق للعدالة بالنسبة للمجتمع الذي حرم التهريب وأما أن تكون برفض المصادرة وفي هذا تحقيق للعدالة للمتهم نفسه ومباشرة وإن كان الأول أرجح بسبب الإدانة بالتهريب الصادرة من محكمة الجنايات والمؤيدة هنا
وما دام الأمر في تصورنا لا يخرج عن هذه الدائرة فإنني أرى إلغاء الأمر بتسليم البضائع المهربة لصاحبها واستبداله بأمر آخر فحواه أن يعلن المحكوم عليه شخصياً بأمر الحجز وأن تفاد سلطات الجمارك أن في مقدورها إذا شاءت رفع دعوى مدنية كنص المادة 198/5/ب والمادة 198/8 من قانون الجمارك
7/2/1972
القاضي التجاني الزبير
في هذا البلاغ ثابت أن سلطات الجمارك لم تعلن المتهم بالحجز على البضاعة موضوع المخالفة حسب ما تقتضيه المادة 198 من قانون الجمارك
والخلاف بين محكمة أول درجة والمحكمة الكلية والزميلين المحترمين من محكمة الاستئناف ينحصر في أمر مصادرة البضاعة موضوع البلاغ بالرغم من عدم إعلان صاحبها المتهم
إن القسم الثاني عشر من قانون الجمارك الجزء الأول منه يشمل المواد 195 و 198 وهو يوضح الأحكام عن المصادرة والحجز أما المخالفات والعقوبات فهي في الجزء الثاني من ذلك القسم
وحسب قواعد تفسير القوانين والنصوص العامة فلا بد أن نقرأ المواد المتعلقة بالموضوع الواحد مع بعضها البعض ولا يمكن أن تؤخذ أية مادة بمعزل عن بقية المواد وهذا ينطبق على المادة 195 و 198 من قانون الجمارك
المحكمة الكلية ترى أن مصادرة البضاعة يمكن أن تتم تحت المادة 195 بالرغم من عدم إعلان المتهم بالحجز حسب المادة 198(1) غير أن المادة 195 تشترط لوجب المصادرة أن تكون البضاعة
(duly condemned or deemed to be condemned)
ثم تفصل الحالات التي توجد فيها البضاعة الواجب مصادرتها والمادة 198(1) يشترط فيها أن يعلن صاحب البضاعة بالحجز –والفقرة (2) تشترط أن يطلب الإعلان من صاحب البضاعة إذا رغب في المطالبة بها أن يخطر سلطات الجمارك خلال ثلاثة أشهر من تاريخ الإعلان والفقرة (3) تنص على أنه إذا فشل صاحب البضاعة في إخطار سلطات الجمارك فإن البضاعة تكون عرضة للمصادرة (Deemed to be condemned) ومعنى هذا أن البضاعة لا تكون عرضة للمصادرة (Deemed condemned) ما لم يعلن صاحبها ابتداءً حسب المادة 198(1) إذ أنه لا يمكن أن يقال أن صاحب البضاعة قد فشل في إخطار سلطات الجمارك بالمطالبة ببضاعته حسب الفقرة (3) وإخطاره لسلطات الجمارك يرتبط بإعلانه بالحجز وذلك ما لم يحدث في هذه القضية والبضاعة التي لم يعلن صاحبها بالحجز عليها لا تكون عرضة للمصادرة deemed condemned وإذا كان كذلك فعلا فلا يمكن مصادرتها حسب المادة 195 كما ذكرت المحكمة الكلية ثم أن هناك المادة 210 من قانون الجمارك والتي تنص على أن العقوبات عليها تكون بالإضافة لأية مصادرة وهذا معناه في رأيي أن المصادرة مسألة قائمة بنفسها تحت المادة 195 إذا التزمت سلطات الجمارك بإعلان صاحب بالبضاعة وفشل الآخر بالإفصاح عن رغبته في المطالبه بالبضاعه حسب الفقرة 3 من المادة 198 وغني عن الذكر أن قانون الجمارك أشبه ما يكون بمقصلة لابد لاعمالها أن يتخذ الجلاد كل الضمانات لتكون ضربته قاضية بعبارة أخرى لابد لسلطات الجمارك أن تلتزم بدقة بتنفيذ واجبها تحت قانون الجمارك مثلا الإعلان بالحجز حتى يمكن للمحاكم أن تطبق قانون الجمارك وتأمر بالمصادرة إذا سمحنا لسلطات الجمارك بأن تصحح خطأها بعد فترة طويلة كأن تعلن صاحب البضاعة بعد نهاية المحاكمة ترقيعا لإجراءاتها تكون كمن سمح للجلاد بأن يشحذ مقصلته ويحاول مرة أخرى دون اعتبار لآلام ومتاعب المحكوم عليه بالإعدام
لذلك ومع الاحترام لرأي الزميل عمر بخيت -أرى أن يلغى أمر المحكمة الكلية ويؤيد قرار محكمة أول درجة برفض مصادرة البضاعة ولتكن سلطات الجمارك أكثر حرصاً في المرات القادمة