سابقة منشورة بمجلة 1973
سابقة منشورة بمجلة 1973
المحكمة العليا
القضاة
صاحب السعادة السيد خلف الله الرشيد رئيس المحكمة العليا رئيساً
سعادة السيد هنري رياض سكلا قاضي المحكمة العليا عضواً
سعادة السيد الصادق عبد الله قاضي المحكمة العليا بالإنابة عضواً
شنداق آدم نعم الله الطاعن
ضد
إبراهيم يوسف خمجان المطعون ضده
م ع/ ط م/355/73
المبادئ
القانون العرفي المعايير التي تحكم تطبيقه – مخالفته للعدالة والنظام العام
-1-
لا يوجد في القانون ما يمكن أن يستند عليه الطاعن في مطالبته بالأرض استناداً على وضعه كشيخ حلة فقط
-2-
على المحكمة قبل تطبيق العرف المحلي المنادى به التأكد من وجود هذا العرف بطرق الإثبات المعروفة
-3-
في حالة وجود العرف المحلي يجوز للمحكمة عدم تطبيقه إذا تعارض مع مقتضيات العدالة والنظام العام
الطاعن شيخ الحلة التي يقيم فيها المطعون ضده قام الطاعن بمنح الأرض موضوع النزاع لوالد المطعون ضده لزراعتها بعد مدة ترك والد المطعون ضده الأرض وواصل المطعون ضده زراعتها طالب الطاعن بالأرض على أساس عرف محلي يقضي بإعادة الأرض لشيخ الحلة إذا تركها الشخص الذي منحت له
14/8/1973
خلاصة الطعن أن الطاعن (المدعي) رفع القضية المدنية رقم 114/72 بمحكمة أبو كرزكا الشعبية التابعة لمحكمة القاضي المقيم نيالا يطلب تسليمه زرعاً كان تحت حيازة والد المطعون ضده (المدعى عليه) أسست الدعوى على ما يدعيه الطاعن من عرف محلي مفاده أن الشيخ (الطاعن) من سلطاته العرفية أن يمنح أي مواطن قطعة ليزرعها ويستثمر ذلك الزرع طالما ظل مقيماً بالبلدة فإذا رحل عنها لأي سبب فعليه أن يترك الزرع للشيخ ليعطبه لشخص آخر
والد المطعون ضده كان يزرع الأرض بمساعدة ابنه المطعون ضد وبعد زراعة الزرع موضع النزاع رحل إلى حلة أخرى وواصل ابنه المطعون ضده رعاية الزرع ورفض تسليمها للشيخ (الطاعن) وأضاف الطاعن بأن للمطعون ضده زرع آخر خاص به ولذلك كان عليه أن يتخلى من زرع والده للشيخ حسب العرف المشار إليه
المطعون ضده نفى أن يكون له زرع آخر ورد على الدعوى بأن الزرع كان يخص والده الذي كان يعوله المطعون ضده ويشاركه الحش والزراعة استمعت المحكمة لشاهدي إثبات أيدا الطاعن بأن والده المطعون ضده أثر نزاع سابق بينه وبين الطاعن وافق على أن يزرع الأرض مدة إقامته فإذا رحل يتركها للشيخ ولم تستمع المحكمة لشهود نفي فحكمت المحكمة الشعبية بتسليم الزرع للطاعن (المدعى) فاستأنف المطعون ضده (المدعى عليه) للقاضي المقيم بنيالا الذي شطب الدعوى وأمر بتسليم الأرض للمستأنف (المطعون ضده) وقد أسس القاضي المقيم قراره على أن إعادة الأرض للشيخ لا لشيء إلا لكونه شيخاً فقط أمر غير سليم لأن القاعدة العامة هي أن الأرض مملوكة للدولة وعلى المواطن الانتفاع بها بفلاحتها وطالما أن المستأنف ظل ومنذ وقت طويل مع والده يفلحان الأرض فإنه أحق بها من الشيخ
ولدى استئناف الشيخ (الطاعن) لمحكمة الكلية دائرة دارفور أيد رئيسها قرار القاضي المقيم مستنداً على قانون الأراضي غير المسجلة الذي يمنع اكتساب حقوق بالتقادم على مثل الأرض موضع النزاع وللدولة الحق في رفع المواطن في أي وقت تريده وأضاف رئيس المحكمة الكلية أن المستأنف ضده حائز على الأرض والشيخ لا يملك تفويضاً من الحكومة ليرفع المستأنف ضده عن أرضها والشيخ (الطاعن) لا حق له في الأرض بل يطالب بها بوصفه شيخاً
إننا نؤيد كلا من محكمة القاضي المقيم والمحكمة الكلية في قرارهما
فالأرض فعلاً غير مسجلة ولذلك بعد صدور قانون الأراضي غير المسجلة أصبحت كما لو كانت مسجلة للحكومة وهي التي تقرر ملكيتها أما عن النزاع حول الحيازة فإن القانون المذكور قد عدل بحيث يسمح للنزاع حولها ما لم يكن النزاع في مواجهة الحكومة
والنزاع في هذه الدعوى ليس بين حائزين بل هو بين حائز (المطعون ضده) والشيخ (الطاعن) الذي لا يدعي حيازة بل يتمسك بحقه كشيخ في أن يستعيد الأرض بمجرد رحيل زارعها ومثل هذا الحق لا نجد له سنداً في القانون فالشيخ الطاعن غير مفوض من الدولة لاستعادة أراضيها من زراعها عند رحيلهم فضلاً عن أن المطعون ظل دائماً يزرع الأرض مع والده في وجود الأخير وبعد رحيله
هذا من حيث القانون ولكن المحكمة الشعبية لم تؤسس حكمها على القانون بل على عرف محلي لذلك كان يتعين على محكمة القاضي المقيم والمحكمة الكلية أن تعتبر هذا العرف كواقعة يجب إثباتها أو نفيها أولاً
فإذا ثبت العرف فيمكن عدم الأخذ به إذا لم يكن متفقاً مع متطلبات العدالة والنظام العام أما إذا لم يثبت فلمحكمة القاضي المقيم شطب الاستئناف استناداً على عدم وجود العرف الذي استند عليه الطاعن (المستأنف ضده)
لما تقدم نأمر يلي
يؤيد الحكم المطعون فيه ويلزم الطاعن بالرسوم وترد الكفالة