سابقة منشورة بمجلة 1970
سابقة منشورة بمجلة 1970
محكمة الإستئناف المدنية
حكومة السودان ضد خلف الله أحمد البلك
م أ / م ك / 545/1970
المبادئ
قانون العقوبات- حق الدفاع الشرعي- المادة 56 من قانون العقوبات – إثبات هذا الحق يقع على عاتق المتهم- لا يتطلب إثبات ذلك بما لا يدع مجالاً للشك يكفي ترجيحه لصالح المتهم وخلق شك معقول
إثبات حق الدفاع الشرعي تحت المادة 56 من قانون العقوبات يقع على عاتق المتهم ولا يتطلب من المتهم إثبات ذلك الحق بما لا يدع مجالاً للشك إنما يكفي ترجيحه لصالح المتهم أو خلق شك معقول يحمل المحكمة على الإعتقاد بأن المتهم كان يمارس الحق عندما أتى بالفعل المشكو منه
الحكم
صالح محمد علي عتيق (قاضي المحكمة العليا)- يونيو 3/1971- بعد الإطلاع على إجراءات هذه المحاكمة وبإستقراء البينات الورادة فلا يمكنني الموافقة على قرار المحكمة الكبرى بإدانة المتهم تحت المادة 241 من قانون عقوبات السودان ولا أية مادة أخرى
يعترف المتهم بأنه سدد تلك الطعنة اليتيمة القالتة للمجني عليه ويدفع بأنه كان يمارس حقه الشرعي في الدفاع عن النفس إذ ألقاه المجني عليه أرضاً وجثم على صدره خانقاً إياه
ينشأ حق الدفاع الشرعي عن النفس بمجرد بدء التخوف من إعتداء على وشك الوقوع ويمتد هذا الحق تحت شروط معينة مبينة تحت المادتين 58 و 59 من قانون العقوبات إلي تعمد تسبيب الموت إذا كان الفعل المراد دفعه إعداء يتخوف أن يحدث منه الموت أو الأذى الجسيم إذا قام ذلك التخوف على أسباب معقولة أو كان إغتصاباً أو تهجماً بقصد إشباع شهوة غير طبيعة أو خطفاً لإنسان أو إستدراجاً له
ولو إن إثبات هذا الحق يقع على عاتق المتهم إلا أن القانون لا يتطلب منه إثبات ذلك بعد مرحلة الشك المعقول إنما يكفي ترجيحه لصالحه أو خلق شك معقول يحمل المحكمة على الإعتقاد بأنه كان يمارسه عندما أتى بالفعل المشكو منه
فالشاهدة الوحيدة وهي زوجة المرحوم وشقيقة المتهم نفسه تؤيد إن المجني عليه إعتدى عليها بالضرب وإن المتهم حضر لإنقاذها غير إن المرحوم لاحقه وإشتبك معه وإنهما وقعا أرضاً وأنها خرجت مستغيثة وأنها لم تشاهد واقعة الطعن
ولكن المتهم يمضي فيقول في إعترافه إن المجني عليه جثم على صدره وخنقه وإنه لم يجد وسيلة أخرى للإفلات من قبضته إلا بتسديد تلك الطعنة اليتيمة إليه وبها تمكن من الخلاص منه
والقاعدة العامة هي أخذ الإعتراف ككل دون تجزئته فلا يصح أخذ ما هو ضده وترك ما هو في صالحه وأما إذا كانت هناك بينات أخرى تناهض أي جزء من الإعتراف فيجب إلغاء ذلك الجزء على إنه غير جدير بالإعتبار لبعده عن الحقيقة ومجافاته للواقع
إن المجني عليه أدلى بأقواله وهو محتضر ولكنها لا تتناقض أي جزء في هذا الإعتراف فلم يبين الطريقة التي وقعت بها الحادثة وحتى لم يذكر واقعة الإشتباك و وقوعهما على الأرض والبينات الظرفية التي أعتمدت عليها المحكمة لا ترقى لترجيح المجني عليه ولا تشير بوضوح أن المتهم كان معتدياً فخروج الزوجة من المنزل جارية مستغيثة لا يثبت بالضرورة أنها كانت تعلم ان المتهم جاء معتدياً ولغرض الانتغام من المجني عليه بل كان طبيعياً أن تخرج إلي الشارع وتملأه صراخاً ليحضر من يستطيع أن يتدخل بين المتعاركين وبفصلهما عن بعضهما
وعلاوة على ذلك فإن شكوى الشاهده لزوجها المرحوم بمعاونة أخيها المتهم لاشك أثارت حفيظة المجني عليه وجعلته يصب جام غضبه عليها بالسب والضرب والإنتقام من معاونها الذي حضر للفصل بينهما
ويتضح من الإجراءت التي أتخذت في هذه القضية إن المتحري قصر في داء واجبه ولم يقدم المتهم لكشف طبي للتأكد من إدعائه بأن المجني عليه قد ألقاه أرضاً وخنقه
وعليه فإنني أرفض تأييد قرار الإدانة وأمر بأطلاق سراحه في الحال