سابقة منشورة بمجلة 1971
سابقة منشورة بمجلة 1971
المحكمــة العليــا
القضــاة:
سعادة السيد/ مهدي محمد أحمد قاضي المحكمة العليا رئيساً
سعادة السيد / دفع الله الرضي قاضي المحكمة العليا عضواً
سعادة السيد / إبراهيم حاج موسى قاضي المحكمة العليا عضواً
ريـــه عبد اللطيــف مقدمة الطعن
ضــد
بديعة سليمان حسن مقدم ضدها الطعن
م ع/ط م/192/72
المبادئ
• قانون المرافعات المدنية لسنة 1972 – الاختصاص النوعي من النظام العام- سريان النصوص المنظمة لإجراءات الطعن – المادة 6 من قانون المرافعات أقامت المقدم ضدها طلب الطعن دعوى لاسترداد حيازة عقار ضد طرف ثالث وصدر الحكم لصالحها عند إجراءات الإخلاء تقدمت مقدمة طلب الطعن تدعى أنها تشغل العقار كمستأجر من الباطن وطالبت بعدم تنفيذ الحكم ضدها نظر الطلب أمام قاضي المديرية ثم عرض على محكمة الاستئناف المدنية ولكن المحكمة الأخيرة لم تعد موجودة بصدور القانون للتنظيم القضائي سنة 1972 قبل الفصل في الطلب
/1 /
الاختصاص النوعي للمحكمة العليا من النظام العام ولها أن تقضي به من تلقاء نفسها
/2/
الأحكام الصادرة قبل سريان قانون المرافعات المدنية سنة 1972 تسري عليها طرق الطعن السارية قبل صدور ذلك القانون فهي لذلك غير قابلة للطعن أمام المحكمة العليا
المحامـــون
طه إبراهيـــــم عن مقدمة الطعن
زيــادة أربـــاب المقدم ضدها الطلب
الحكـــم
30/11/1971 تقدمت الطاعنة المستشكلة (ريه عبد اللطيف) بطلبها هذا ملتمسة نقض الحكم الصادر من محكمة الاستئناف في 28/8/72
بالاطلاع على سائر الأوراق يتضح أن وقائع النزاع تتحصل في أن المطعون ضدها "المدعية" قد أقامت القضية المدنية رقم 56/1969 بمحكمة أمدرمان ضد محمد برعي المصري وصدر الحكم لصالحها في القضية باسترداد المتأخرات وحيازة العين المؤجرة وذلك في 7/2/1970 وأيده قاضي المديرية ثم أصدرت محكمة الاستئناف في المراجعة (Review) أمرا بامهال المدين مهلة أقصاها ثلاثة أشهر للإخلاء وذلك بعد تصريح التنفيذ في 7/1/1971 برقم 42/1971
في 22/5/1971 تقدمت الطاعنة (ريه عبد اللطيف) بطلب استشكال في التنفيذ رقم 42/1971 طالبة أن يشطب أمر الإخلاء الصادر أعلاه في مواجهتها وذلك لأنها مستأجرة من الباطن لذلك الدكان منذ 1948م
أمرت المحكمة المختصة بالتنفيذ بأن (يخلي المدين شخصياً العقار محل النزاع جبرا ولا ينفذ ضد ريه عبد اللطيف مدعية الايجارة من الباطن وملكية المنقولات بالمحل) وحددت المحكمة جلسة 24/6/1971 لسماع موضوع الاستشكال إلا أنه قبل أن يحين هذا الميعاد تقدمت المطعون ضدها (المحكوم لها) بطلب لاعادة النظر من الأمر الصادر من محكمة التنفيذ بقبول نظر الاستشكال وحكم قاضي المديرية بقبول الطعن وشطب الاستشكال وأصدر أمرا بالاستمرار في التنفيذ وهذا الحكم هون محل الطعن من المستشكلة أمام محكمة الاستئناف التي قررت إلغاء القرار الصادر من قاضي المديرية بأمدرمان بقبول الطعن دون سماع المستشكلة في الرد عليه وأعادت محكمة الاستئناف الأوراق لقاضي المديرية للنظر في الطعن المقدم من المحكوم لها فقامت المستشكلة بالرد على الطعن وأصدر قاضي المديرية حكمه في الطعن بتاريخ 5/12/1971 وقضى بإلغاء الأمر بسماع الاستشكال وشطب طلب المستشكلة والاستمرار في التنفيذ فوراً
في 9/12/1971 تقدمت الطاعنة –المستشكلة- (ريه عبد اللطيف) باستثناء للسيد رئيس القضاء السابق وصرح الاستئناف ودفعت عليه الرسوم إلا أنه لم يفصل فيه حتى صدور قانون السلطة القضائية لسنة 1972 وقيام التنظيم القضائي الجديد فأحيل هذا الاستئناف إلى إحدى الدوائر المدنية بمحكمة الاستئناف التي أيدت قرار شطب طلب الاستشكال في 28/8/1972 وجاء في قرارها (لكل ذلك يكون الطعن على غير أساس من القانون ويتعين رفضه وتأييد حكم قاضي المديرية والمحكمة الكلية) الذي قضى بشطب الاستشكال والاستمرار في التنفيذ ومن هذا الحكم الأخير تقدمت الطاعنة (ريه عبد اللطيف) بهذا الطعن ناعية عليه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله ومخالفة القانون
وقبل أن نتطرق لبحث أوجه الطعن الموضوعية والتي أفاض الأستاذ محامي الطاعنة في شرحها بإسهاب وتسلسل ومنطق سديد يجدر بنا أن نطرح للبحث سؤالين هامين
الأول: هل هذه المحكمة العليا المختصة بوصفها محكمة نقض لنظر مثل هذا الطعن؟؟
الثاني: هل من سلطة المحاكم عامة بحث موضوع الاختصاص من تلقاء نفسها ولو لم يثره أحد أطراف النزاع؟ أن التسلسل المنطقي السليم يقتضي منا أن نجيب على السؤال الثاني قبل الأول
والإجابة على السؤال الثاني يسيرة وذلك لأن الاختصاص الذي نحن بصدده هو الاختصاص النوعي لأن اختصاص المحكمة العليا المحلي لا يمكن أن يكون مثار بحث لأنه عام ينبسط على كل أجزاء القطر ولما كان الاختصاص النوعي من النظام العام فإن المحكمة تقضي به من تلقاء نفسها ولو لم يدفع صراحة بعدم اختصاص هذه المحكمة بنظر هذا الطعن إلا أنه ردد في أكثر من موضوع في معرض رده على الطعن ما يستفاد منه أن هذا النزاع قد استنفذ جميع مراحل التقاضي بالنسبة للسؤال الأول نجد أن اختصاص المحكمة العليا قد حددته المادة 71 من قانون المرافعات المدنية لسنة 1972 والتي تنص على:-
تختص المحكمة العليا
أ / بالفصل في الطعن بالنقض في الأحكام
ب/ بالفصل في دستورية القوانين
ج/ بتفسير النصوص القانونية
د / بالفصل في مسائل تنازع الاختصاص
وقد جاءت المادة 231 من قانون المرافعات مفصلة لأحوال الطعن بالنقض حيث نصت على أنه للخصوم أن يطعنوا أمام المحكمة العليا في الأحكام الصادرة من محكمة الاستئناف والأحكام الصادرة من المحاكم الكلية في قضايا استئناف المحاكم الجزئية وذلك في الأحوال الآتية
1/ إذا كان الحكم المطعون فيه مبنياً على مخالفة للقانون أو خطأ في تطبيقه أو في تأويله
2/ إذا وقع بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر في الحكم ولما كانت المادة 6 من قانون المرافعات المدنية لسنة 1972 قد بينت كيف تسري النصوص الجديدة المنظمة للإجراءات حيث نصت على أنه
تسري النصوص الجديدة المنظمة للإجراءات على ما لم يكن قد فصل فيه من الدعاوى وما لم يكن قد تم من الإجراءات قبل تاريخ العمل بتاريخ النصوص ويستثنى من ذلك
أ / النصوص المعدلة للاختصاص متى كان تاريخ العمل بها بعد البدء في سماع الدعوى
ب/ النصوص المعدلة للمواعيد متى كان الميعاد قد بدأ قبل تاريخ العمل بها
ج/ النصوص المنظمة لطرق الطعن بالنسبة لما صدر من الأحكام قبل تاريخ العمل بها متى كانت تلك النصوص ملغية أو منشئة لطريق من تلك الطرق)
إن إنشاء المحكمة العليا بموجب قانون السلطة القضائية لسنة 72 وتحديد اختصاصها بموجب المادة 71 والمادة 231 من قانون المرافعات المدنية لسنة 1972 من شأنه إيجاد طريق طعن جديد لم يكن موجودا من قبل وأنه طبقا للاستثناء الوارد في الفقرة (ج) من المادة 6 من قانون المرافعات لا مجال للأحكام التي صدرت قبل بدء سريان قانون السلطة القضائية وقانون المرافعات من الاستفادة بطرق الطعن الجديدة التي استحدثتها هذه القوانين وانما تخضع تلك الأحكام لطرق الطعن التي كفلها القانون في ذلك الوقت لأنها صدرت وفقاً لأحكامه
إن النزاع محل الطعن نشأ وفصل فيه في ظل قانون القضاء المدني القديم وقدم آخر طعن فيه لا على سلطة استئنافية حينذاك بتاريخ 9/12/1971 إلا أن الفصل فيه قد تراخى حتى قيام التنظيم القضائي الجديد أنه رغم كل هذا يستمر مستظلاً بالقانون القديم وخاضعاً لأحكامه
لكل ذلك يتعين رفض الطعن شكلا دون حاجة لبحث أسباب الطعن الموضوعية وإلزام الطاعنة بالرسوم ومصادرة الكفالة