سابقة منشورة بمجلة 1971
سابقة منشورة بمجلة 1971
محكمة الاستئناف المدنية
القضاة
صاحب السعادة السيد عثمان الطيب رئيس القضاء
حكومة السودان ضد سعد عبد الله أحمد وآخرين
م /أ ن ج/89/72
المبادئ
قانون العقوبات – الاشتراك في رتكاب الجريمة والتحريض على ارتكابها – العلم بارتكاب الجريمة – القصد المشترك وتنفيذه
/1/
إذا كان الاتهام قد أسس على الاشتراك في ارتكاب الجريمة فإن علم المتهم بإرتكابها يكون ذا قيمة في الإثبات أما إذا كان قد أسس على التحريض في ارتكابها فإن العلم وحده لا قيمة له
/2/
لا يرقى العلم بارتكاب الجريمة إلى القصد المشترك
/3/
إذا قام القصد المشترك أمام المحكمة فإنه يلزم أن يقوم المتهم بفعل أو أفعال نحو تنفيذ ذلك القصد
الحكم
أدين المستأنف وآخرون تحت المادة 84 من قانون العقوبات مقروءة مع المادة 4 من قانون الحشيش والأفيون سنة 1929 وذلك لأنه كان ضمن عدة أشخاص في منزل داهمه البوليس بغرض التفتيش عن الحشيش ضبط البوليس كمية من الحشيش كانت في دولاب يخص المستأنف اعترف أحد المتهمين الآخرين بحيازة وملكية الحشيش المضبوط ولذلك أدانته المحكمة تحت قانون الحشيش كما أدانت بقية المتهمين ومن بينهم المستأنف على أساس أنهم حرضوا على حيازة الحشيش
المحامــون
شمس الدين اللدر عن المستأنف
الحكـــــم
2/3/1972
أدين هذا المتهم مع آخرين تحت اتهام بالتحريض على حيازة الحشيش تحت المادة 84 من قانون العقوبات مقروءة مع المادة 4(4) قانون الحشيش وحكم بالسجن لمدة ثلاثة أشهر والغرامة ومقدارها عشرون جنيها
بناء على معلومات سابقة قام البوليس بتفتيش منزل بالخرطوم بحري وقد أسفر التفتيش عن وجود كمية من الحشيش أخفيت في دولاب كان محفوظاً في إحدى الحجرات عندما داهم البوليس المنزل المذكور كان مقدم الطلب ومتهم آخر اسمه (فضل الله العبيد موسى) وأربعة أشخاص آخرين بالمنزل وبعد أن وضع البوليس يده على الحشيش اعترف المتهم (فضل الله العبيد) من أول وهلة بأنه مالك الحشيش بينما أنكر بقية الأشخاص أية صلة به
أدان قاضي الجنايات المتهم فضل الله العبيد بحيازة الحشيش والمتاجرة فيه وذلك بناء على اعترافه في كل الإجراءات وأدان أيضاً الخمسة أشخاص الآخرين الذين كانوا بالمنزل وأما عن المتهم المذكور أعلاه فإنه بالإضافة إلى وجوده وسكناه في ذلك المنزل فإن الدولاب الذي وجد فيه الحشيش كان مملوكاً له وكانت إدانتهم بالتحريض على الحيازة
بناءً على الطلب الذي قدم للسيد قاضي المديرية فإنه أيد إدانة المتهم المذكور أعلاه وجاء في أسباب الإدانة الآتي:- "المتهم الرابع سعد عبد الله أحمد هو أحد ملاك المنزل الذي عثر بداخله على الحشيش بل هو مالك الدولاب الذي وضع الحشيش بداخله وبهذا الدولاب درج ركب بطريقة غير عادية في أعلاه لحفظ الحشيش ولا يعقل أن يكون هذا المتهم جاهلاً بما يحويه دولابه فأدانة هذا المتهم بحيازة الحشيش صحيحة وأؤيدها"
محامي المتهم يطعن في الإدانة وتأييدها على حسب ما ذكر ويستند في طعنه على نقطتين: الأولى هي أن البينات التي أسست عليها الإدانة بينات ظرفية وهي ليست بالقوة التي تثبت حيازة المتهم لذلك الحشيش والثانية هي أنه لم ينسب أي فعل من أفعال التحريض المبينة في المادة 83 قع لهذا المتهم ويرى المتهم مقدم الطلب أنه رغم أنه كان قد اشترى الدولاب منذ سنين طويلة فإنه لم يكن في وقت الحادثة يستعمله بمفرده ولكنه كان مفتوحا للاستعمال العام لكل من في المنزل
إني أرى أن أسباب الاستئناف فيها قوة أولا أن الاتهام والإدانة بالتحريض يبدوا من أول وهلة غير صحيحين وإن توفرت البينات كان من الواجب أن يكون الاتهام بالاشتراك في الحيازة تحت المادة 78 قع بمعنى أن المتهم كان بينة وبين المتهم المعترف قصد مشترك في حيازة ذلك الحشيش والاتجار فيه ربما يكون القصد المشترك نشأ من وقت الحصول على ذلك الحشيش أو من وقت لاحق إذا كانت التهمة وجهت على الاشتراك يكون العلم الذي أسند إلى المتهم بوجود الحشيش في الدولاب ذا قيمة في الإثبات أما عن التحريض فلا يكون العلم وحده قيمة في الإثبات وعموما فإن العلم باقتراف الجريمة لا يرقى إلى القصد المشترك ومعلوم أنه بعد وجود القصد المشترك يلزم أن يقوم الجاني بفعل أو أفعال لتنفيذ ذلك القصد وأما بالنسبة للتحريض سواء أكان بالإغراء أو بالتآمر أو المساعدة فإن العلم باقتراف الجريمة لا قيمة له والمهم اثبات أفعال الإغراء أو التآمر أو المساعدة فإذا اقتنعنا أن المتهم كان يعلم بوجود الحشيش الذي اعترف المتهم الآخر بملكيته له وأنه أي الأخير هو الذي وضعه في الدولاب فإنه لا يدان بالاشتراك في الحيازة أو الاتجار إلا إذا ثبت أنه اشترك مع المتهم المعترف في إحضاره أو في حفظه في الدولاب أو في بيعه أو في المشاركة في حصيلة البيع فهل ثبت شيء من هذا؟ واضح أن الاتهام لم يستطع إثباته وأرى أن أضيف أنه لو لم يكن المتهم (فضل الله العبيد) قد اعترف وثبتت حيازته للحشيش بناء على ذلك الاعتراف فإنه لا يوجد مفر من إدانة المتهم المستأنف لأن البينات الظرفية تكون محيطة به من كل الجوانب على أنه هو الحائز لذلك الحشيش ولكن ثبوت الحيازة لشخص آخر يجعل البينات الظرفية تجول حوله ولا تحيط به وفي هذه الظروف يمكن أن يقبل دفاعه بأنه لم يكن يعلم بوجود الحشيش في الدولاب ولو لم يقبل هذا الدفاع فإن العلم وحدة لا يكفي للإدانة بالمشاركة في الحيازة والاتجار فيه