ح . العُرْفُ
ح . العُرْفُ
يُقْصَدُ بِهِ مَا تَعارَفَ عَلَيْهُ النّاسُ مِنْ القَوْلِ اَوْ الفِعْلِ وَ اضْطَرْدُوَا عَلَيْهُ وَشِعْروا بِإِلْزاميَّتِهِ .
اقِّسامُ العُرْفِ:
ويقسم العرف بحسب اعتباره:
أوَّلًا: يَنقَسِمُ العُرفِ باعتِبارِ مُتَعَلِّقِه إلى قِسمَينِ :
1- العُرفُ العَمَليُّ:
وهو تَعارُفُ النَّاسِ على أمرٍ عَمَليٍّ مُعيَّنٍ، كتَعارُفِهم على البَيعِ بالتَّعاطي دونَ ذِكرِ صيغةٍ، وعلى أكلِ نَوعٍ خاصٍّ مِنَ الأطعِمةِ، أو تَعارُفِهم على أنَّ المُسَمَّى مِنَ المَهرِ عِندَ العَقدِ -وهو ما يُدفَعُ مُعَجَّلًا- إنَّما يَكونُ قِسمًا مِنَ المَهرِ، والباقي يَكونُ مُؤَجَّلًا إلى ما بَعدَ الوَفاةِ أوِ الطَّلاقِ.
2- العُرفُ القَوليُّ (اللَّفظيُّ):
وهو ما كان مَوضوعُه استِعمالَ بَعضِ الألفاظِ في مَعانٍ تَعارَفَ النَّاسُ على استِعمالِها فيها، فيَشيعُ بَينَ النَّاسِ استِعمالُ بَعضِ الألفاظِ في مَعنًى مُعَيَّنٍ، بحَيثُ يُصبِحُ هذا هو المُتَبادِرَ مِنها إلى الأذهانِ عِندَ الإطلاقِ بلا قَرينةٍ، وذلك كاستِعمالِ لَفظِ الدَّراهِمِ في النُّقودِ الرَّائِجةِ في البَلدِ مَهما كان نَوعُها، مَعَ أنَّها في الأصلِ نَقدٌ فِضِّيٌّ مَسكوكٌ بوَزنٍ مُعَيَّنٍ.
ثانيًا: يَنقَسِمُ العُرفُ باعتِبارِ مَن يَصدُرُ عنه إلى قِسمَينِ :
1- العُرفُ العامُّ:
وهو الذي يَتَّفِقُ عليه النَّاسُ في كُلِّ البلادِ أو مُعظَمِها، كالاستِصناعِ؛ فإنَّ النَّاسَ قدِ احتاجوا إليه وتَعارَفوا عليه مِن قديمِ الزَّمانِ، ولا يَخلو اليَومَ مِنَ التَّعامُلِ به مَكانٌ، وكإطلاقِ لَفظِ الدَّابَّةِ؛ فإنَّه وإن كان حَقيقةً في كُلِّ ما يَدِبُّ على وَجهِ الأرضِ إلَّا أنَّ العُرفَ العامَّ خَصَّه بذَواتِ الأربَعِ، أو خَصَّه بدابَّةٍ مَخصوصةٍ عِندَ قَومٍ، كالفرَسِ والحِمارِ.
2- العُرفُ الخاصُّ:
وهو الذي يَكونُ لفردٍ بعَينِه أو طائِفةٍ مُعَيَّنةٍ أو بَلدٍ مُعَيَّنٍ، كأعرافِ أصحابِ الصِّناعاتِ مِنَ الحَدَّادينَ والنَّجَّارينَ ونَحوِهما؛ فإنَّ لأهلِ كُلِّ مِهنةٍ أعرافًا خاصَّةً بهم، وكاصطِلاحاتِ أهلِ كُلِّ فنٍّ وعِلمٍ.
ثالثًا: يَنقَسِمُ العُرفُ باعتِبارِ الصِّحَّةِ والفسادِ إلى قِسمَينِ :
1- العُرفُ الصَّحيحُ:
وهو ما تَعارَف عليه النَّاسُ، ولا يُخالِفُ دَليلًا شَرعيًّا، ولا يُحِلُّ مُحرَّمًا، ولا يُبطِلُ واجِبًا، كتَعارُفِ النَّاسِ عَقدَ الاستِصناعِ، وتَعارُفِهم تَقسيمَ المَهرِ إلى مُقدَّمٍ ومُؤَخَّرٍ، وتَعارُفِهم أنَّ الزَّوجةَ لا تُزَفُّ إلى زَوجِها إلَّا إذا قَبَضَت جُزءًا مِن مَهرِها، وتَعارُفِهم أنَّ ما يُقدِّمُه الخاطِبُ إلى خَطيبَتِه مِن حُليٍّ وثيابٍ هو هَديَّةٌ لا مِنَ المَهرِ.
2- العُرفُ الفاسِدُ:
وهو ما تَعارَفه النَّاسُ ولكِنَّه يُخالفُ الشَّرعَ أو يُحِلُّ المُحَرَّمَ أو يُبطِلُ الواجِبَ، مِثلُ تَعارُفِ النَّاسِ كَثيرًا مِنَ المُنكَراتِ في المَوالِدِ والمَآتِمِ، وتَعارُفِهم أكلَ الرِّبا وعُقودَ المُقامَرةِ.
حِجّيه العُرْفُ:
فِي الكِتابِ قَوْلَهُ تَعَالَى ( . . . وَعْلَى المَوْلودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ . . . ) الَايَةُ 233 البَقَرَةِ , وَفِي السِّنِهِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهُ وَسَلَّمَ ( خُذِي مِنْ مَالِ اَبو سُفْيانَ مَا يَكْفيكَ وَوَلَدِكِ بِالْمَعْرُوفِ ) .