سابقة منشورة بمجلة 1971
سابقة منشورة بمجلة 1971
المحكمــة العليـــا
القضــاة
صاحب السعادة السيد /خلف الله الرشيد رئيس المحكمة العليا رئيساً
سعادة السيد/ هنري رياض سكلا قاضي المحكمة العليا عضواً
حكومة السودان ضــد الطاهــر أحمــد آدم
م ع/ط ج/15/72
المبادئ
قانون العقوبات – الإنذار ضد المتهم – المادة 77(أ) من قانون العقوبات
قانون الإجراءات الجنائية – مراجعة الأحكام- تخفيف العقوبة- المادة 257 من قانون الإجراءات الجنائية
/1/
ليكون الإنذار تحت المادة 77(أ) من قانون العقوبات صحيحاً لا بد أن يكون هناك اتصال بين الفعل الصادر بموجبه الإنذار وآخر سلوك إجرامي للمتهم بحيث لا تفصل بينهما فترة طويلة تشير إلى أن المنذر قد قوم من سلوكه أو كان بسبيل ذلك
/2/
للمحكمة العليا أن تتدخل لتخفيف العقوبة حتى لو كانت المحكمة أوقعتها في الحدود المقررة للجريمة وذلك وفقا لسلطاتها الخاصة بالمراجعة المخولة لها بموجب المادة 257 من قانون الإجراءات الجنائية
الحكم
دخل المتهم محل الشاكي وأخذ منه ماكينة حلاقة وضعها داخل جيبه قبضت الماكينة في ملابس المتهم وأدين تحت المادة 322 من قانون العقوبات وحكمت عليه المحكمة بالسجن لمدة سنتين وأخذت المحكمة في اعتبارها عند تقرير العقوبة أن صحيفة سوابق المتهم كانت تعج بالسوابق (عشرين سابقة) وأن هناك اتهامات لم يحاكم المتهم بشأنهما
13/1/72
قدم المتهم في 16/8/1972 للمحاكمة بتهمة ارتكاب جريمة السرقة لماكينة حلاقة تخص الشاكي محمد عبد الله عربي وذلك تحت المادة 322 من قانون العقوبات أدانته المحكمة وأصدرت عليه حكما بالسجن لمدة عامين وإنذار تحت المادة 77(1
الوقائع كما اعترف المتهم بها هي أنه في يوم 15/8/1972 دخل دكان الشاكي في غيبته وأخذ الماكينة(معروض الاتهام ثم ضبطت في جيبه ويقدر ثمنها بمبلغ 750 مليما أخذت المحكمة عند تقدير العقوبة في اعتبارها حقيقة أن صحيفة سوابق المتهم تدل على أنه ارتكب أكثر من عشرين جريمة من قبل وأن هناك قضيتين للمتهم لم يفصل فيهما بعد
وتقدم المتهم باستئناف للمحكمة الكلية ورفض استئنافه على أساس أن العقوبة التي وقعتها المحكمة الجزئية مناسبة نظرا لتعدد سوابق المتهم ثم تقدم المتهم باستئناف إلى محكمة الاستئناف بالخرطوم فقضت برفض الاستئناف وأيدت الإدانة والعقوبة لنفس الأسباب التي اعتمدت عليها كل من المحكمة الجزئية والمحكمة الكبرى ومن ثم تقدم المتهم بطلب لإعادة النظر ملتمسا تخفيف العقوبة عليه ولم ينع على الحكم مخالفته القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله
ولما كان من المسلم به أنه كان لرئيس القضاء –سابقا- السلطة في أن يطلب محضر إجراءات أية محاكمة لفحصه لغرض الاقتناع بصحة أو قانونية أو مناسبة أي قرار أو عقوبة أو أمر صدر أو تدون في المحضر وذلك بموجب المادة 257 من قانون الإجراءات الجنائية وكان من سلطته ممارسة جميع الصلاحيات التي تخولها له أحكام المادة 256 باعتباره سلطة استئنافية أي كان له الحق في تأييد الإدانة والعقوبة أو تغيير العقوبة أو تخفيفها أو رفض تأييد الإدانة وغير ذلك من السلطات المنصوص عليها صراحة في تلك المادة
ولما كان العمل قد جرى على ألا يمارس رئيس القضاء سلطات إعادة النظر إلا بناء على التماس من الشاكي أو المدعى العام أو المتهم في الحالات التي يجوز له فيها استئناف العقوبة بوجه أخص وكان تخفيف العقوبة على هذا الوجه يتم وفقا لمقتضيات أحكام المادتين 356 357 وفي إطار الهدف الذي تبناه المشرع من أحكام ومناسبتها وقانونيتها
لما كان ذلك الهدف مماثلا للغرض الذي من أجله شكلت دائرة جنائية بالمحكمة العليا النظر في الطعون بالنقض في المواد الجنائية بمقتضى قانون السلطة القضائية والتي تمارس سلطاها في نقض الأحكام الجنائية إذا كانت منية على مخالفة للقانون أو خطأ فقي تطبيقه أو في تأويله أو إذا وقع بطلان فيها أو بطلان في الإجراءات يؤثر فيها على وجه مماثل لما نصت عليه المادة 231 من قانون المرافعات المدنية لسنة 1972 بالنسبة للأحكام الصادرة في المواد المدنية والتجارية يتضح أن سلطات إعادة النظر أو المراجعة أكثر اتساعاً من سلطات المحكمة العليا لدى نظر الطعون بالنقض إذ تسمح سلطات إعادة النظر والمراجعة بتخفيف العقوبة حتى في الحالات التي تكون فيها العقوبة في الحدود المقررة بنص القانون للجريمة
ولما كان قانون مباشرة السلطة القضائية قد خول بموجب المادة الثانية للمحكمة العليا ممارسة جميع السلطات التي كان يمارسها من قبل رئيس القضاء وعلى رأسها السلطات المنصوص عليها في المادة 257 من قانون الإجراءات الجنائية الذي لا يزال ساري المفعول فإن من سلطة المحكمة العليا ممارسة كل السلطات المقررة في تلك المادة تحقيقاً للعدالة وللإشراف على صحة تطبيق القانون تطبيقا سليما ً
ولكن قيل أن تقدير قيام أسباب الرأفة أو الرحمة أو تخفيف العقوبة موكول لمحكمة الموضوع دون معقب عليها من المحكمة العليا متى كانت العقوبة التي أنزلها بالمتهم في حدود العقوبة المقررة للجريمة التي أدين بها المتهم ولذلك ينبغي ألا تتدخل المحكمة العليا حتى ولو قامت محكمة الموضوع بتوقيع أقصى العقوبة المقررة إلا أن هذا القول مردود عليه بأن سلطات إعادة النظر والمراجعة المنصوص عليها في المادة 257 لا تزال سارية المفعول وأكثر عدلاً كمان أنها تقوم على اعتبارات عملية لعل أهمها أن أحكام المحاكم الشعبية تصدر من قضاة غير مؤهلين أكاديمياً وأن المحاكم الاستئنافية لا تنظر الطعون بحضور المتهم ولذلك فإن من العدالة ألا يوارى باب المحكمة العليا أمام المتهم بل يوسع لأغراض تخفيف العقوبة متى كانت غير مناسبة مع الجريمة التي يدان بها المتهم
وعلى هدى من هذا النظر ولما كانت قيمة الشيء المسروق لا تتجاوز 75 قرشا وكانت سوابق المتهم قد بعد بها العهد كما لا يجب الاعتداد بالتهمتين الموجهتين للمتهم قيد المحاكمة فإنه يتعين تأييد الإدانة وتعديل العقوبة
ولا نرى ضرورة لإنذار المتهم بموجب المادة 77 أ من قانون العقوبات رغم كثرة السوابق إذا ثابت أن آخر جريمة ارتكبها المتهم كانت في عام 1963 ولعل المحكمة قصدت من هذا الإنذار تخويف المتهم بنية توقيع عقوبة أكثر صرامة في حالة إصراره على مواصلة أفعاله الإجرامية وليه يجب أن يكون السلوك الإجرامي متصلا من حيث الزمن ولا يفصل بين آخر فعل إجرامي والجريمة المماثلة مدة زمنية كبيرة قد توحي بأن المتهم قد قوم من سلوكه أو كان في سبيل تقويم ذلك السلوك
وعليه نرى تعديل العقوبة إلى السجن لمدة ستة أشهر من 16/8/72 واستبعاد الإنذار بموجب المادة 77(أ) من قانون العقوبات