سابقة منشورة بمجلة 1971
سابقة منشورة بمجلة 1971
محكمــة الإسـتئناف
القضــاة
سعادة السيد /مهدي الفحل نائب رئيس المحكمة العليا ورئيس
محكمة الاستئناف بالخرطوم رئيساً
سيادة السيد/ حسين محمد حسين قاضي محكمة الاستئناف بالخرطوم عضواً
حكومة السودان ضــد محمــد آدم محمــد
(م أ/م ك/170/72)
المبادئ
قانون العقوبات – القتل الجنائي – المادة 253- لائحة السجون لعام 1948 الفقرة الخامسة من الجدول الخامس – استعمال السلاح الناري لتعطيل السجين الهارب
-1-
إذا قامت ظروف كما ورد في هذه القضية فإن إصابة المجني عليه في مقتل أمر يقع خارج إرادة المتهم ولا يصح مساءلته عنه
-2-
إن مجرد استعمال الأسلحة النارية يقتضي وجود خطر إزهاق الروح ولا يصح تفسير القانون بما لا يأخذ في الاعتبار وجود هذا الخطر
الحكم
كان المتهم أحد حراس السجون بمدينة كادقلي بجبال النوبة وكان يرافق عددا من السجناء تحت أمرته لأخذهم لمعسكر خارج المدينة عندما طلب المجني عليه وهو أحد السجناء السماح له بقضاء الحاجة غير أن المجني عليه انفلت هارباً بعد قضاء الحاجة وتسلق أحد الجبال صوب المتهم سلاحه نحو المجني عليه وأطلق عليه النار ولكنه لم يصبه للمرة الأولى فصوب نحوه للمرة الثانية وأصابه في الكتف الأيسر من الجهة الأمامية كان من نتيجة الطلق الناري أن توفى المجني عليه
14/12/1972
هذه إجراءات محكمة كبرى انعقدت بكادقلي في الفترة من 29/8/1972 إلى 5/9/1972 لمحاكمة المتهم تحت المادة 253 من قانون العقوبات وحكمت عليه بالسجن لمدة سنتين تقدم السجين بها الطلب مسترحماً بطلب تخفيف الحكم عليه
كان المتهم يعمل سجانا بسجن كادقلي وفي 21/4/71 كان المتهم يسوق عددا من السجناء إلى معسكر "كلبا" الذي يقع شمال مدينة كادقلي وفي أثناء سيرهم طلب المجني عليه وهو أحد السجناء من المتهم محمد آدم محمد أن يسمح له بقضاء الحاجة فرفض المتهم في بادئ الأمر ولكنه عاد وسمح له وبعد أن قضى المجني عليه حاجته ولى هاربا متسلقا أحد الجبال فأطلق عليه المتهم عياراً نارياً ولم يصبه فأطلق عيارا ثانياً عندما ظهر المجني عليه بين تضاريس الجبل فأصابه العيار الثاني في كتفه الأيسر من الأمام واخترقه حتى الخلف وتوفى المجني عليه فوراً
بناء على هذه الوقائع وجدت المحكمة الكبرى أن المتهم ليس مشمولاً بحماية الفقرة الخامسة من الجدول الخامس للائحة السجون 1948 وقالت في ذلك: "المتهم قد جازف بإطلاق النار على المجني عليه وكان يتوقع موته توقع احتمال وعليه نجد أن المتهم قد خرج من الحماية التي منحت له كسجان تحت الفقرة الخامسة من الجدول الخامس من لائحة السجون والتي تخول له استعمال السلاح الناري للتعطيل بقدر الإمكان"
ونحن لا نتفق مع المحكمة الكبرى في رأيها هذا ونرى أن المتهم لم يخرج من الحماية التي تكفلها له لائحة السجون الفقرة الخامسة للائحة السجون تنص على الآتي:-
“Firearms shall as far as possible always be used to disable and not to kill, ie the user shall fire at theleast vulne ablee part of the prisoner’s body where a wound will produce the desired effect”
لقد أنذر المتهم المجني عليه قبل أن يطلق عليه النار ثم صوب نحو أرجله لكي يعطله ولكن الطلقة كما ذكر المتهم "علت" وأصابت المجني عليه في كتفه وليس هذا بغريب إذ كان المجني عليه يتسلق حبلاً وكان يعلو بسرعة ويهبط بين منعرجات الجبل بحث لم يكن التصويب عليه بدقة ممكناً إن المتهم بتصرفه هذا لم يخرج عن القاعدة المنصوص عليها في الفقرة الخامسة من الجدول الخامس من اللائحة وكون المجني عليه قد أصيب في مقتل فقد كان ذلك خارجا عن إرادة المتهم ولا تجوز مساءلته عنه إن المشرع عندما وضع الفقرة الخامسة كان ولا شك يتوقع بعض حوادث القتل نتيجة لاستعمال الأسلحة ولا يمكن أن يحمل نص المادة على أنه يعني أن المشرع قصد ألا يسبب استعمال الأسلحة النارية إزهاق روح وإلا كان مستعمل السلاح خارجا عن نطاق حماية المادة وواقعا تحت نصوص قانون العقوبات إذ أن استعمال السلاح الناري من حيث هو يحتمل معه بل يكون من الراجح معه تسبيب الموت
لهذه الأسباب أرى أن نلغي الإدانة والعقوبة ونأمر بإطلاق سراح المتهم فوراً