منشور جنائي في محاكمة أفراد القوات النظامية
منشور جنائي في محاكمة أفراد القوات النظامية
بسم الله الرحمن الرحيم
رئاسة السلطة القضائية
المكتب الفني والبحث العلمي
النمرة: م ف /عمومي/1/4
التاريخ: 27 جمادي الثانية 1426هـ
الموافق: 4/ أغسطس/ 2005م
منشور جنائي رقم { 3 / لسنة 2005م }
الموضوع: محاكمة أفراد القوات النظامية
قال تعالى: " يا داؤد إنا جعلناك خليفةً في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله " إن قوام استخلاف الإنسان في الأرض يرتكز على عمدين ؛ أولهما: عدل القضاء ؛ وثانيهما: سياسة الخلق بمنهج يوائم بين ضرورات صيانة الأنفس والأعراض والأموال؛ وضرورات فرض هيبة الدولة والقانون ولا يتأتى ذلك إلا بسن ما تتغلب به المصلحة العامة على المصلحة الخاصة ؛ وتلك الرؤية هي التي تصدر على ضوئها القوانين التي تحمي أمن الوطن والمواطن؛ وقد صدرت على نسقها المنشورات الجنائية التي تنظم إجراءات محاكمة أفراد القوات النظامية في الجرائم التي تقع منهم أثناء تأديتهم لواجبهم بدءاً من المنشور الجنائي رقم 19 المعدل والمستبدل بالمنشور الجنائي رقم 3 لسنة 1995م ؛ ووصولاً إلى المنشورين الجنائيين رقم {68} بتاريخ 9/6/1974م ورقم {78} بتاريخ 3/7/1980م اللذين وجها إلى إعطاء عناية خاصة لإجراءات محاكمة الجرائم الآنفة الذكر.
ومن المعلوم أن تلك المنشورات قد صدرت في ظل ولاية القضاة لإجراءات ما قبل المحاكمة ؛ وبعد أيلولة تلك الولاية إلى النيابة العامة ؛ فقد صدر منشور وزير العدل رقم 1/2005م بتاريخ 3/8/2005م متضمناً ذات المعاني الواردة في المنشورات الجنائية الآنفة الذكر.
ولا مراء في أن تلك المنشورات الجنائية في مجملها قد قصدت – بصفةٍ أخص- إلى وضع التدابير التي تكفل الحماية اللازمة لأفراد القوات النظامية ؛ بما يمكنهم من أداء واجبهم في فرض هيبة القانون وصيانة أمن البلاد والعباد والحفاظ على الأنفس والأعراض والأموال دونما تقاعس.
ووصلاً لما أرسته المنشورات الجنائية الآنفة الذكر وعملاً بأحكام المادة (212) من قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991م ؛ فإنني أوجه السادة القضاة إلى ما يلي:-
أولاً: تصويب المزيد من دقة النظر في الوقائع المرفوعة بها الدعوى ؛ فيما يقع من أفراد القوات النظامية أثناء تأدية الواجب – أو بسبب أدائه – وصولاً إلى تمام فهم الوقائع ؛ ودرك ملابساتها وما اكتنف حدوثها من ظروف الزمان والمكان والحال.
ثانياً: ضرورة التأكد من استيفاء الدعوى لإجراءات الاستقصاء والتحقيق المقررة قانوناً وبموجب المنشورات الجنائية كافة.
ثالثاً: العناية بمناقشة أحكام المسئولية الجنائية ؛ فيما يقع من أفراد القوات النظامية أثناء تأديتهم للواجب – أو بسبب أدائهم له – وبخاصة أحكام المواد {11} و{12} و{15} و{18} من الباب الثاني من القانون الجنائي لسنة 1991م .
إنه ليس ثمة غناء عن تلك القواعد في كل حين ولا يخفى على أحد ضرورة قيام القوات النظامية بأداء واجبها بحزم يكفل أمن البلاد والعباد ؛ ويصون الدماء والأعراض والأموال ؛ في ظل كفالة الحماية القانونية المقررة التي تمكنهم من بلوغ تلك الغايات.
وفقنا الله جميعاً لإرساء دعائم عدلٍ مشرقٍ يبعث الأمن والطمأنينة في الأنفس وفي أرجاء البلاد كافة.
جلال الدين محمد عثمان
رئيس القضاء