سابقة منشورة بمجلة 1973
سابقة منشورة بمجلة 1973
المحكمة العليا
القضاة
سيادة السيد عبد الله ابو عاقلة أبو سن قاضي محكمة الاستئناف رئيساً
سيادة السيد التجاني الزبير قاضي محكمة الاستئناف عضواً
سيادة السيد عبيد حاج على قاضي محكمة الاستئناف عضواً
ورثة باسيل حكيم المستأنفون
ضد
معتمد تعويضات أهالي حلفا المستأنف ضده
م أ/أس م/ 72/73
المبادئ
قانون اعادة توطين أهالي حلفا لسنة 1962 – تقدير التعويضات – الأسس التي يبنى عليها التقدير – المادتان 8 و 9
قانون المرافعات المدنية لسنة 1972 – المادة 19 وصلتها بالمادة 72 من قانون القضاء المدني – أثر عدم صياغة نقاط النزاع على اجراءات الدعوى
(1)
الاقسام التي لم يحدد الوزير فئات التعويض الخاصة بها عملا بالمادة 8 من قانون اعادة توطين أهالي حلفا تسري عليها المادة 9 من نفس القانون ويكون تقدير التعويض الخاص بها من اختصاص المعتمد وفقا لطرق التقدير المقررة قانونا
(2)
لا يترتب على عدم تحديد نقاط النزاع في الدعوى بطلان اجراءات الدعوى طالما كان الاطراف على علم بالمسائل المتنازع عليها ولم يتسبب ذلك في الاضرار بقضية أي منهما
المحامون
عبد الرحمن يوسف عن المستأنفين
كامل فرح عن النائب العام عن المستأنف ضده
الحكم
8/9/1973
القاضي عبيد حاج على
كان المستأنفون يمتلكون طاحونة في حلفا القديمة عند الهجرة إلى حلفا الجديدة قدرت لجنة التعويضات طاحونة المستأنفين بمبلغ 1114000 (مليمجـ) رفض المستأنفون ذلك المبلغ ويعتقدون انهم يستحقون 11105000 مليمجـ واستأنفوا قرار معتمد تعويضات أهالي حلفا للسيد رئيس المحكمة الكلية سابقا لدائرة الخرطوم بعد سماع قضية الطرفين توصلت محكمة الموضوع إلى نفس النتيجة التي توصل إليها معتمد التعويضات من قبل ومن ثم كان هذا الطلب الذي يقوم على الاتي :-
-1-
أستمعت المحكمة لقضية الطرفين قبل أن تصيغ نقاط النزاع ونقاط الالتقاء وهذا مخالف لنص المادة 72 من قانون القضاء المدني التي أعيدت صياغتها لأهميتها في المادة 119 من قانون المرافعات لسنة 1972 ويرى الأستاذ عبد الرحمن يوسف المحامي المستأنفين أن عدم وضع نقاط النزاع خطأ يوجب الغاء الإجراءات
-2-
أخطأت محكمة الموضوع في تأييدها للتقدير الذي وضعه معتمد التعويضات وفضل محامي المستأنفين الأسباب التي ساقت محكمة الموضوع لتلك النتيجة والتي نعتبرها خاطئة في نقاط كثيرة منها :
أ) اخطأ المعتمد في تفسيره للمادتين 8 و 9 من قانون إعادة توطين أهالي حلفا
ب) نتج من التفسير الخاطئ ذلك أن المعتمد لم يأخذ بقيمة الطاحونة السوقية في يوم 1ر2ر1960 كما كان ينبغي بل قدر قيمتها في عام 1964
ج) نتج أيضاً من فهم المعتمد الخاطئ للمادتين8 و 9 أنه لم يكون لجنة فنية تقيم الطاحونة
د) أخطأ المعتمد عندما حدد تاريخ تركيب الطاحونة بعام 1915 في حين انها ركبت في عام 1925
هـ) لم يأخذ المعتمد في اعتباره قطع الغيار التي كان يدخلها المستأنفون على الطاحونة كل عام
ولنبدأ بالاعتراض الأول :
يرى محامي المستأنفين أن عدم صياغة نقاط النزاع يبطل إجراءات السماع وبالتالي يوجب إلغاء الحكم المطعون فيه غير أن الأستاذ لم يوضح الأسباب التي تؤدي في نظره إلى هذا البطلان
أخذت المادة 119 من قانون المرافعات لسنة 1972 من المادة 72 من قانون القضاء المدني كما قال بحق محامي المستأنفين ولذلك لم أجد في كتب الفقه المصري التي عثرت عليها أي نقاش حول موضوعها كما أن قانون المرافعات نفسه لم يرتب على تجاهل مضمون هذه المادة ما رتبه على تجاهل غيرها من الإجراءات ولو قصد المشرع أن يرتب البطلان على عدم صياغة نقاط النزاع لقال ذلك صراحة كما قال في الإجراءات المنظمة للإعلان مثلاً من جهة أخرى وبما أن الأصل في هذه المادة هو قانون القضاء المدني كان لابد من الرجوع إلى الفقه الذي استخلصت منه وقد رجعت إلى كتاب العالم اودجرز وقد شرح القصد من الأطراف الأولى للدعوى وقال أن القصد من ذلك هو تحديد مواضع الالتقاء ومواضع الخلاف حتى يكون كل طرف على بينة من أمره ويحدد الطرق التي يستطيع بها إثبات دعواه كما أن هذا الاستجواب ربما يتبعه اقرار من أحد الأطراف والإقرار كما هو معروف طريق من طرق الإثبات الأساسية وما تحديد نقاط النزاع ونقاط الوفاق الا تلخيص لما دار بين الطرفين من مذكرات واستجوابات ( وقد حصل كل ذلك ) وهو إجراء ينير الطريق للمرحلة التي تليه أي مرحلة السماع فإن كان النزاع واضحاً وإن علم كل طرف بالنقاط التي يدور حولها زعمه والتي يتوجب عليه إثباتها أو نفيها لدحض قضية خصمه فإن مجرد كتابة نقـاط النزاع ونقاط الإلتقاء لا تشكل في حد ذاتها عنصراً أساسياً يترتب على عدم مراعاته بطلان الإجراءات التالية
النزاع الذي أمامنا واضح جداً ويدور حول التقدير الذي وضعه المعتمد لطاحونة المستأنفين وقد ساق كل طرف من البينات ما أراد ولم يؤخذ أحد بمفاجأة ولم ينتج عن عدم صياغة نقاط النزاع أي غبن للمستأنفين وهي على أي حال تشكل جزءا بسيطا مما يسمى بالـ ( Pleadings) ولذلك فإني لا أرى ما يوجب إلغاء الإجراءات لهذا السبب
ولنعد الآن للاعتراضات الموضوعية التي جاءت في طلب الاستئناف وسأتناول الاعتراضات أ و ب و ج معاً
النص العربي للمادة الثامنة مكتوب في مذكرة المحكمة الأدنى وأعيده هنـا تسهيلاً للمراجعة – يقول النص :-
" يحدد الوزير بناءً على توصية اللجنة ومشاورة مجلس الوزراء فئات التعويض عن كل قسم من الأراضي المقسمة كلما رأى ذلك متفقا مع العدالة والإعتبارات العملية وعليه عند قيامه بذلك التحديد أن يأخذ في الاعتبار القيمة السوقية للأرض في اليوم الأول من شهر فبراير سنة 1960 ويجب نشر الفئات في الغازيتة
يرى محامي المستأنفين أن هذه المادة هي الأصل وأنها توجب على الوزير تحديد فئات التعويض الخاصة بكل الأراضي المقسمة أى أنه يرى أن أي أرض اعتبرت من الأراضي المقسمة ( Classified ) تحت المادة السابعة لابد للوزير من تحديد فئة التعويض الخاصة بها
و أجدني مختلفاً مع هذا التفسير للمادة الثامنة هو تفسير في نظري يختلف عن النص الصريح للمادة فالأراضي المقسمة نفسها منفصلة إلى أقسام وواجب الوزير هنا خاضع لصلاحياته الاختيارية التي منحتها له هذه المادة فإذا رأى أن العدالة والاعتبارات العملية تقتضي تحديد فئات التعويض عن كل قسم من الأراضي المقسمة وجب عليه عمل ذلك التحديد فالواجب هنا يأتي بعد أن يمارس الوزير صلاحياته التقديرية ويقتنع بضرورة تحديد فئات التعويض ولا يلزم الوزير بتحديد الفئات كلما كانت الأراض موضوع النظر من الأراضي المقسمة إذ يجوز أن تكون الأرض من الأراضي المقسمة ولا يحدد الوزير فئة التعويض الخاص بها ويتضح ذلك أكثر من المادة التاسعة ونصها :-
" يقوم المعتمد بتحديد فئات التعويض لأي من الأراضي المقسمة التي لا يكون الوزير قد حدد فئات لها بموجب المادة 8 وبتقدير التعويض الإجمالي لجميع الأراضي التي لم تقسم في المنطقة المغمورة وعليه عند قيامه بذلك التقدير أن يأخذ في الاعتبار القيمة السوقية للأرض في اليوم الأول من شهر يناير سنة 1960
فالمادة التاسعة تتحدث عن ذلك القسم من الأراضي المقسمة التي لا يكون الوزير قد حدد لها فئات بموجب المادة 8 كما تتحدث عن الأراضي التي لم تقسم في المنطقة المغمورة وتجعل تحديد فئات التعويض عن هذه الأراضي من اختصاص المعتمد وليس الوزير
والسؤال الابتدائي اذن هو هل الأرض موضوع التقدير من الأراضي المقسمة التي حدد الوزير فئة التعويض عنها تحت المادة الثامنة ؟
تحديد التعويضات ينشر في الغازيتة كما نصت بذلك نفس المادة الثامنة ولذلك للاجابة على هذا السؤال لابد من الرجوع إلى الغازيتة كما فعلت محكمة أول درجة وقد نشرت الفئات المنصوص عليها في المادة الثامنة في عدد الغازيتة رقم 986 لسنة 1963 ص 584 وما بعدها وبعد الاطلاع لم اجد ما يشير إلى أن الوزير قد حدد فئة التعويض عن طاحونة المستأنفين وعليه فلا مكان للحديث عن المادة الثامنة لأن أرض المستأنفين وما عليها من مثبتات تعتبر قسما من الأراضي المقسمة التي لم يحدد الوزير فئات التعويض عنها ولذلك فهي تدخل في النوع الذي تتحدث عنه المادة التاسعة من قانون اعادة توطين أهالي حلفا وتحديد فئات التعويض عن هذا النوع من الأراضي كما قالت بحق محكمة الموضوع من اختصاص المعتمد والمادة العاشرة من نفس القانون تتحدث عن طريقة يستطيع المعتمد استعمالها (أن اراد) ليقدر بها التعويض كما جاء ذكر طريقة التقدير في الإعلان القانوني رقم 174 لسنة 1963 الذي أصدره الوزير بموجب المادتين 8 و 17 من قانون إعادة التوطين
تقول المادة العاشرة الآتي
(1)
يجوز للجنة بناء على توصية المعتمد أن تعيين أشخاصا مناسبين كضباط تعويض ويجوز للمعتمد أن يحول لهم كل أو جزءاً من سلطاته وواجباته تحت هذا القانون وذلك فيما يتعلق بأي أرض أو أي جزء من أرض في المنطقة المتأثرة
(2)
يعمل ضابط التعويض تحت رقابة المعتمد وأي عمل يقومون به أو قرار يتخذونه سيكون خاضعا لتأييد المعتمد الذي يستطيع – بعد التحقيق اللازم – تأييده أو تغييره أو تعديله أو اتخاذ قرار مضاد له
(3)
يساعد المعتمد وضابط التعويض مثمنون يعينهم المعتمد بموافقة اللجنة (لجنة إعادة توطين أهالي حلفا والمشكلة بموجب المادة من نفس القانون فهل كان المعتمد يعمل بموجب الصلاحيات الاختيارية التي منحتها له هذه المادة ؟ أم أنه كان ينطلق من المادة التاسعة نفسها ؟ شاهد الدفاع الثاني – إبراهيم جاد الرب – هو الذي كان يقوم بعمل معتمد التعويضات في التقدير الذي أمامنا وقال أنه كان يعمل كضابط تعويضات ايضاً غير انه لم يوضح – كما لا يتضح ذلك من قضية الدفاع أو الادعاء – ما إذا كانت لجنة إعادة التوطين قد عينته كضابط تعويضات أو عينت المهندس والمحاسب الذين كانا يرافقاه وحتى إذا كان المعتمد قد عين ذلك المهندس والمحاسب كمثمنين تحت الفقرة الثالثة من المادة العاشرة فنحن لا ندري إذا كانت اللجنة قد وافقت على ذلك التعيين وخلاصة القول هنا أننا لا ندري ما إذا كانت الإجراءات المنصوص عليها في المادة العاشرة قد تمت أم لا
ولكن المادة العاشرة هذه لا تحدد الطريقة الوحيدة التي يتوجب على المعتمد استعمالهالكما أن الأشخاص الذين يعملون مع المعتمد في إجراء التقدير سواء كانوا مثمنين أو ضباط تعويض لا يلزمون المعتمد باتباع قراراتهم فهو الذي يقرر في النهاية
من هذا يتضح أننا لا نستطيع تحديد ما إذا كان المشتركين في التقدير قد تم تعيينهم تحت المادة العاشرة من قانون إعادة توطين أهالي حلفا غير انه يتوجب على المعتمد الاستعانة بذوي الخبرة في إجراء التقدير سواء كان يعمل لوحده أو بواسطة ضباط تقدير وهذا واضح من نص الفقرة الثالثة من المادة العاشرة فإن لم يتم تعيين المهندس والمحاسب تحت المادة العاشرة فعلى أي شئ استند المعتمد في تكليفهما بالقيام معه بإجراء ذلك التقدير ؟
لقد اصدر الوزير أعلاناَ قانونياً بموجب المادتين 8 و 17 من قانون إعادة التوطين هو الإعلان القانوني رقم 174 لسنة 1963 المنشور على الصفحات 584 إلى 589 من العدد رقم 986 من غازيتة جمهورية السودان الصادرة في 15 أغسطس سنة 1963
تقول الفقرة السادسة من الجدول الثاني من الإعلان المذكور ما يأتي
" دور السينما والمناجم والمحاجر وأية ممتلكات أخرى لم تشملها الفئات المتقدمة بشكل معتمد التعويضات لجاناً فنية ذات اختصاص لتحديد فئاتها "
السؤال الذي يبرز الآن هو
هل تجاهل معتمد التعويضات هذا الأمر المنشور في الغازيتة ؟ وأن كانت الإجابة بنعم فما هو أثر ذلك التجاهل على ما تم من اجراءات ؟
أرى أن المعتمد لم يتجاهل أمر الوزير اذ من الثابت أن لجنة قد كونت وعاينت الطاحونة موضوع التقدير وتكونت تلك اللجنة من مهندس ميكانيكي ومحاسب والمعتمد نفسه غير أن السيد محامي المستأنفين يرى انها لم تكن لجنة بالمعنى الذي عناه الإعلان
أن طريقة تكوين اللجنة وفنيتها من الأمور التي تركت لتقدير المعتمد ولم يحدد الإعلان أو القانون مؤهلات خاصة يجب توافرها في عضو اللجنة والبيئة التي أمامنا توضح أن اللجنة كانت تضم بالإضافة للمعتمد نفسه مهندساً ميكانيكياً ذا خبرة لا بأس بها وقد سبق أن اشترك في تقدير بعض الطواحين ولا ينال من خبرته انه لم يقدر قيمة طاحونة من نوع طاحونة المستأنفين اذ انها على أي حال من النوع النادر المنقرض لذلك فلا تستطيع المحكمة أن تتدخل في أمور هي من صميم سلطات المعتمد التقديرية خاصة وهو لم يخرج عن السبيل القويم ولم يتجاهل مضمون الإعلان القانوني الذي أصدره الوزير هذا يغنينا عن الخوض في شق سؤالنا الثاني عن الأثر المترتب على تجاهل المعتمد (أن حصل ) لاعلان الوزير وسنحتفظ برأينا في هذا إلى ساعة الضرورة
ننتقل بعد ذلك إلى اعتراض يعتبره محامي المستأنفين أساسيا وهو المتعلق بالقيمة السوقية للطاحونة والتاريخ الذي يجب أن يؤخذ في الاعتبار وقد قرأت رأي الأستاذ محامي المستأنفين في هذا الصدد عدة مرات : يرى الأستاذ أن المعتمد أخطأ عندما لم يأخذ بقيمة الطاحونة السوقية في أول فبراير عام 1960 والواقع أن المعتمد غير ملزم بالأخذ بالقيمة السوقية في 1/2/1960 ولكنه ملزم بأخذها في اعتباره وثمة فرق شاسع بين القولين والتعبير الإنجليزي الذي استعمله القانون في المادتين الثامنة والتاسعة ربما كان أوضح اذ قال :
“ The commissioner shall fix rates of compensation ……… And in doing so he shall take into consideration the markt value of the land as on the first day of Feb 1960
ويهدف النص إلى منع الأضرار بالناس إذا كانت القيمة في فبراير 1960 أكثر من القيمة في تاريخ التقدير أي عندما تنزل الأسعار أو إذا نزل سعر الأرض موضوع التقدير أو ملحقاتها بسبب الاستهلاك في المدة المنقضية بين فبراير 60 وتاريخ التقدير اللاحق فهل انخفضت الأسعار وقت التقدير مما كانت عليه في عام 1960 ؟ أو هل نزل سعر الطاحونة مما كان عليه في عام 1960 بسبب الاستهلاك ؟
وفيما يتعلق بالسؤال الأول فان أحدا لم يقل بذلك ولو انخفض السعر السوقي فعلا فان أول من يقول بذلك هم المستأنفون ولم يأت ذكر لذلك في قضيتهم بل العكس هو الصحيح (وهذا يقودنا إلى سؤالنا الثاني ) إذ يقول المستأنفون أن قيمة طاحونتهم ارتفعت نسبة لقطع الغيار التي ادخولها عليها
أن القيمة السوقية لهذه الطاحونة قبل أربعة سنوات لا يمكن تحديدها بصورة قاطعة نسبة لنوع الطاحونة والسنوات التي مضت بين التاريخ المحدد (فبراير 60) وتاريخ التقدير ولكن هذا لا يعني انه لا يمكن أخذ تلك القيمة في الاعتبار أو أنها لم تؤخذ فعلا في الاعتبار إذ أنه بمجرد معاينة الطاحونة في سنة 1964 يمكن للمرء أن يتصور كيف كانت حالتها بل أربعة سنوات ولو أنه تقدير يمكن أن يكون خاطئا كلية ويمكن أن يقارب الصواب لأنه يعتمد على عناصر خارجة عن امكانية لجنة التقدير كطريقة استعمال الطاحونة والأيدي التي تشغلها ومدى مهارتها وصيانتها الخ والمعادلة التي استعملتها اللجنة في نظري معادلة مرضية وهي طريقة المقارنة بسعر الوابور الرستون الجديد ومنه يحسب التقدير المستحق ويبدو انه لم يكن بالإمكان وضع قيمة لوابور المستأنف بمعزل عن بقية الوابورات العاملة اذ أنه من نوع قديم انقرض منذ عهد بعيد ولا يمكن إصلاحه إذا تعطل واحتاج لقطعة غيار الا باستيرادها من الخارج
في هذه الظروف وبما أن طريقة التقدير متروكة لصلاحيات المقدرين الاختيارية ونسبة للمعادلة المرضية التي اتبعوها في تقدير طاحونة المستأنفين ونسبة لأن المقدرين غير ملزمين بالأخذ بالسعر السوقي في سنة 1960 بل بأخذه في الاعتبار فقد فإني لا أرى مع محامي المستأنفين أن التقدير جاء مجافياً للقانون
نعود بعد ذلك للاعتراض (د) أن البينة المقدمة والتي أخذت بها محكمة الموضوع توضح أن لجنة التقدير عاينت الطاحونة بالحالة التي كانت عليها وقدرت لها سعراً بصرف النظر عن تاريخ تركيبها فلا مكان إذن لاعتراض المستأنفين والواقع أن اللجنة لم تكن تستعمل معايير الذهب لتزن بها مالا يخضع بطبيعته للميزان الدقيق
بقى لنا الاعتراض الأخير المتعلق بقطع الغيار التي قال المستأنفون انهم ادخلوها على الطاحونة وفشلت اللجنة في أخذها في الاعتبار وفي هذا الخصوص قدم المستأنفون كشفا بقطع غيار وبأسعارها ولا يوضح هذا الكشف أن تلك القطع قد أحضرت واستعملت فعلاً وحتى ولو استعملت فهي لا يمكن أن تحتفظ بقيمتها الأولى إذ انها عرضة للتلف وللتآكل والاستهلاك وعلى أى حال فقد ثبت من شهادة المهندس الذي قام بالتقدير أنه عاين الطاحونة بما فيها وهذا يشمل الاسبيرات التي ركبت
ولكل ما تقدم فإني لا أرى مبرراً لتدخل هذه المحكمة وارى أن يشطب هذا الاستئناف برسومه
10ر9ر1973
القاضي التجاني الزبي
أوافق
19ر9ر1973
القاضي عبد الله أبو عاقلة أبو ن
أوافق