سابقة منشورة بمجلة 1971
سابقة منشورة بمجلة 1971
محكمة الاستئناف المدنية
الدائرة المدنية
تأييد محكمة كبرى
حكومة السودان ضد بدر الدين عبد الرحيم مرجان
م أ /م ك/ 389/1971
المبادئ
قانون الإجراءات الجنائية – المادة 228/ قانون التحقيق الجنائي – التقارير الطبية وقبولها كبينة- حضور الطبيب كشاهد أمر ضروري – متي وكيف يستغني عن حضور الطبيب
(1)
القاعدة الأساسية هي أن يمثل الطبيب شخصياً كشاهد أمام المحكمة رغم أن التقرير الذي أعده قد قدم أمام المحكمة
(2)
الاستغناء عن حضور الطبيب لاداء الشهادة أمر تقدره المحكمة تقديرا قضائيا وليس تحكميا أي أن علي المحكمة أن تدلى بأسبابها لما توصلت إليه وتدونها في المحضر وعندها يجب أن تقرأ التقرير الطبي المقدم للمحكمة علي المتهم قبل أن يقبل كبينة وأن يدون رد المتهم بقبوله أو الاعتراض عليه فإذا اعترض المتهم وجب علي المحكمة استدعاء الطبيب لاداء الشهادة أمامها
الحكم
عمر بخيت العوض قاضي المحكمة العليا بالإنابة بتفويض من السيد رئيس القضاء 12/2/72
تقدم المحكوم عليه بطلب للطعن في الحكم الصادر ضده بالسجن لمدة خمس سنوات والذي أصدرته محكمة كبرى انعقدت في مدني أدانت المتهم تحت المادة 318 من قانون العقوبات
بالرجوع إلي المحضر نجد أن البيانات التي قدمت في مرحلة المحكمة الكبرى هي بينة المتحرى ورجل الشرطة الذي ضبط الجاني والمجني عليه كما قدم تقرير طبي يحتوي على معلومات مفادها وجود مادة حول شرج المجني عليه وكذلك جروح حول فتحة الشرج كما وجدت مادة سيلانية في ذكر الجاني ثم قدم تقرير المعمل الجنائي وهو يعطي نتيجة سليبة عن وجود حيوانات منوية في المعروضات التي أرسلت أليه للتحليل اعتبرت محكمة الموضوع ما جاء في التقرير الطبي تأييدا لبينة المجني عليه وبهذا أدانت المتهم تحت المادة 318 من قانون العقوبات ولكني أرى أن محكمة الموضوع قد أخطأت في هذه النقطة وذلك لأن التقرير الطبي الذي يكتبه الطبيب لا يقبل في البينة إلا إذا أوضحت محكمة الموضوع الأسباب التي جعلتها تستغني عن استدعاء الطبيب وذلك لان الاستغناء عن حضوره في المحاكمة ليس سلطة تحكمية وانما هي سلطة تقديرية تزاول بصورة قضائية بمعني أن تبنى على أسباب تقرها العدالة وهذا أمر وأضح لان القاعدة الأساسية هي أن يمثل الشاهد أمام المحكمة وأن يدلي باقواله على اليمين وأن يخضع للاستجواب والمناقشة وحتى تتحقق المحكمة من سلوكه أثناء أداء الشهادة لغرض ما إذا كان يقول الحق
وهذه المبادئ التي نراها واجبة للفصل العادل في النزاع المعروض أمام المحكمة ولا يمكن العدول عنها تحكميا ووضع المتهم في وضع سيئ يحرمه من الدفاع وهذا يجب تسبيب القرار بعدم استدعاء الطبيب في كل ظرف ترى المحكمة فيه عدم استدعاء الطبيب وإذا اعترض المتهم على التقرير الطبي فمن واجبها استدعاء الطبيب في كل ظرف وهذا التسبيب لازم لكي يسهل على سلطات على الاستئناف مراجعة صحة القرار ومن هذا الفهم فإن أي قرار لا تسنده أسباب فهو قرار لاتعرف دوافعه وبهذا لايمكن الموافقة عليه ومن ثم يتعين بطلانه
ولا ينتهي الأمر عند هذا الحد بالنسبة للقرار الطبي بل أوجبت المادة 228 من قانون الإجراءات الجنائية وكذلك المنشور الجنائي رقم 25 الذي أوضح كيفية قبول بينة الأطباء أوجبت هذه القواعد أن يقرأ التقرير الطبي على المتهم في المحكمة وأن تدون محكمة الموضوع رأي المتهم بالموافقة أو الاعتراض وإذا أعترض المتهم علي التقرير الطبي فمن واجبها استدعاء الطبيب كاتب التقرير
وفي محضر هذه القضية نجد أن محكمة الموضوع لم توضح ما إذا كانت قد قرأت التقرير علي المتهم ولم توضح رأيه فيه وبهذا تكون خالفت القواعد الوجوبية التي فرضتها المادة 228 من قانون الإجراءات الجنائية والحكم الشرطي الوارد بها والذي نبه المنشور الجنائي رقم 25 لأهميته وضرورة مراعاته باعتبار أن المنشورات الجنائية تصدر لمراقبة حسن سير العدالة
ونتيجة هذه المناقشة أن التقرير الطبي الذي لا يقرأ علي المتهم في المحكمة ولا يدون رأيه فيه ولا يظهر ذلك في محضر المحاكمة إنما هو تقرير لا يقبل في البينة لعدم تلائم قبوله مع نصوص المادة 228 من قانون الإجراءات الجنائية وهو بهذا لا يصلح لتأييد بينة القاصر في جرائم الاغتصاب
بعد هذا نجد أن البينة التي تشير إلي الأعمال المنافية للطبيعة هي بينة المجني عليه وحده فهو الذي يدعى أن الجنائي قد أولج ذكره في دبره وبما أننا إستبعدنا التقرير الطبي فإننا نبحث عن بينة مؤيدة أخرى وهي بينة شاهد الاتهام الثاني إدريس يعقوب محمد حيث وجد المجني عليه يرقد بجوار الجاني في حالة احتضان كما شاهد يد المجني عليه علي ذكر الجاني وعليه فانه لم يشاهد عملية أيلاج كما أن هذا الوضع لا يستنتج منه أن عملية أيلاج قد تمت ولكن يؤدي إلي استنتاج أن عملا منافيا للأخلاق قد حدث وبهذا فان المحكمة ترى أن الإدانة يجب أن تكون تحت المادة 319 من قانون العقوبات وليس المادة 318 من قانون العقوبات
العقوبة
أن محكمة الموضوع عندما قدرت العقوبة كانت تحت الاعتقاد أن الإدانة تقع تحت المادة 318 من قانون العقوبات ولهذا أصدرت حكمها بالسجن لمدة خمس سنوات آخذه في الاعتبار الحد الأقصى الذي فرضه المشرع للعقوبة تحت المادة 318 بينما الحد الأقصى تحت المادة 319 يقل بكثير عن سابقتها ومن هنا أري أن العقوبة الملائمة في هذا الصدد هي ثلاث سنوات سجناً
للأسباب أعلاه فإنني أعدل الإدانة لتكون تحت المادة 319 عقوبات كما أعدل السجن لثلاث سنوات