سابقة منشورة بمجلة 1973
سابقة منشورة بمجلة 1973
المحكمة العليا
القضاة
صاحب السعادة السيد خلف الله الرشيد رئيس المحكمة العليا رئيساً
سعادة السيد هنري رياض سكلا قاضي المحكمة العليا عضواً
سعادة السيد الصادق عبد الله قاضي المحكمة العليا بالإنابة عضواً
عثمان إبراهيم قوتة الطاعن
ضد
بخيتة يوسف حاج أحمد وآخرين المطعون ضده
م ع/ ط م/42/73
المبادئ
القانون المدني لسنة 1971 – التقادم المكسب للملكية – لا يشترط فيه أن تبدأ الحيازة كحيازة أصلية – تغيير صفة الحيازة العرضية إلى حيازة أصلية استناداً على تصريف صحيح – المادة 783
قانون الأراضي – الحيازة – عيوب الحيازة المكسبة للملكية – ليس من بينها سوء النية
-1-
الحائز للعقار حيازة عرضية يمكنه تغيير صفة تلك الحيازة إلي حيازة أصلية مكسبة للملكية استناداً على :-
أ- تصرف صادر من شخص ثالث بنقل الملكية للحائز حتى لو لم يكن ذلك الشخص الثالث مالكاً لحق التصرف في العقار
ب- تصرف صادر من الحائز نفسه بشرط أن تتوفر في ذلك التصرف أركان وضع اليد
-2-
عيوب الحيازة المكسبة للملكية على القطع والخفاء والإكراه والغموض
-3-
سوء النية في الحيازة ليس من الأسباب التي تعيب تلك الحيازة كحيازة مكسبة للملكية
الحكـــــم
9/8/1973
في 3/10/1972 تقدم الطاعن بعريضة بطريق النقض من الحكم الصادر من المحكمة الكلية دائرة النيل الأزرق في 3/10/1972 في الاستئناف رقم 303/1972 كما تقدم المطعون ضدهما بمذكرة دفاعهما
وتتلخص وقائع الطعن في أن المطعون ضدهما (المدعيتين) أقامتا في 28/3/72 القضية رقم 68/1972 لدى المحكمة الجزئية بسنجة ضد الطاعن (المدعى عليه) موضوع النزاع على أساس أن لهما 96 متراً مربعاً مملوكاً على الشيوع وأن المساحة الباقية للدكان مملوكة للطاعن
أنكر المطعون دعوى القسمة أو مطالبة المدعيتين بذلك المبلغ , ودفع في 11/4/72 بأنه في عام 1946 سبق له أن قام بشراء 36 متراً مربعاً التي كانت مملوكة على الشيوع في الدكان محل النزاع والتي آلت إلى المعطون ضدهما عن طريق الإرث , وذلك بموجب عقد بيع عرفي مؤرخ في 14/7/1946 ثم بين الطاعن بوصفه مشترياً وبين محمد الحسن بوصفه قيماً على بخيتة يوسف (المطعون ضدهما الأول) وذلك بموافقة المطعون ضدها الأولى , وأنه قام بتشييد الدكان الكائن بالقطعة رقم 22 مربع أ , وكان حائزاً للدكان حيازة ظاهرة هادئة مستمرة
وأنكر المطعون ضدهما التصرف في حصتيهما كما أنكر أن تكون حيازة الطاعن حيازة معادية في مواجهتهما وأصر على دعواهما وبعد أن حددت المحكمة الجزئية نقاط النزاع في الدعوى واستمعت إلى أقوال الخصوم والشهود , أمرت المحكمة المطعون ضدهما بتقديم صورة من الإعلامات الشرعية التي ورد ذكرها في أقوالهما وصورة واضحة من عقد البيع المدعى به , كما سمحت للطاعن بتقديم دعوى فرعية تقوم على مطالبته بتسجيل 96 متراً مربعاً على أساس أنه وضع يده عليها لمدة عشرة سنوات , وحددت جلسة 11/6/1972 لذلك الغرض تقدم المطعون ضدهما بالمستندات المطلوبة , ودفع الطاعن رسوم الدعوى الفرعية وفي الجلسة المحددة ذكر الخصوم أنه ليس لديهم جديد يضاف لأقوالهم ولا يرغبون في تقديم مزيد من الشهود
في 11/7/1972 , قضت المحكمة الجزئية لصالح المطعون ضدهما بأن ألزمت الطاعن بدفع مبلغ 93 جنيهاً و 333 مليماً والمصروفات , تأسيساً على أن العقد المبرم بين الطرفين ومحمد الحسن بخصوص بيع ربع الدكان ليس عقداً نافذاً في مواجهة المطعون ضدهما , وذلك لأنه يبين من الإعلام الشرعي رقم 61 والإعلام الشرعي رقم 62 المحررين في عام 1945 أنهما يتعلقان بتفويض محمد الحسن في بيع نصيب بخيتة يوسف الذي آل إليها من الإرث من والدتها الحرم بنت إدريس , إذ ثابت من شهادة البحث أن لتلك الوالدة حصة في الدكان نمرة 22 مربع أ قدرها 36 متراً مربعاً , وأنها بعد توزيع تركتها قد آل للمطعون ضدها 96 متراً مربعاً لذلك رأت المحكمة أن محمد الحسن لم يكن مفوضاً تفويضاً صحيحاً في بيع الحصتين المملوكتين للمطعون ضدهما ومن ثم يعتبر أنه باع ملك غيره , وأن ذلك البيع غير نافذ ولا يرتب التزاماً في ذمة المطعون ضدهما وذلك إهمالاً للمادتين 404 و 488 من القانون المدني
أما بالنسبة للدفع بأن الطاعن قد تملك الأرض محل النزاع بوضع اليد ودعواه الفرعية بشأن ذلك , فقد رأت المحكمة أن حيازة الطاعن للدكان بما في ذلك الحصتين المسجلتين باسم المطعون ضدهما , كانت ظاهرة هادئة مستورة منذ عام 1946 , إلي أن أثار المطعون ضدهما النزاع بشأنها بإقامة الدعوى عليه ولكنها رأت أن أركان وضع اليد غير متوفرة للطاعن بسبب سوء نيته استناداً إلى المادة 772 من القانون المدني إذ نصت الفقرة الأولى " يعد حسن النية من يحوز الحق وهو يجهل أنه يتعدى على حق الغير إلا إذا كان هذا الجهل ناشئاً عن خطأ جسيم" , وذلك اعتباراً إلى أن الطاعن لما كان يعلم أنه حائز لحصتين مملوكتين للمطعون ضدهما , فإنه يعتبر سيئ النية مما يسمح إليه باكتساب الملكية بالتقادم الطويل
واستأنف الطاعن الحكم الصادر من المحكمة الجزئية للمحكمة الكلية بمديرية النيل الأزرق , فقضت برفض الاستئناف وأيدت حكم المحكمة الجزئية لأسبابه , ومن ثم تقدم الطاعن بهذا الطعن بطريق النقض
وحاصل الطعن الوحيد أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه , إذ قضى بعدم توافر نيته في تملك الأرض محل النزاع , في حين أنه حاز تلك الأرض حيازة هادئة مستمرة دون انقطاع , بعد تشييد الدكان في 1946 , وذلك بينة تملك الحصتين المملوكتين على الشيوع في الدكان محل النزاع , وأن حيازته لم يعتروها خفاء أو إكراه أو غموض أو أي سبب آخر يحول دون اكتسابه للأرض بوضع اليد المدة الطويلة , إذ فضلاً عن أنه قام بتشييد الدكان في عام 1946 فإنه ظل يدفع العوائد المفروضة عليه , ويظهر بمظهر المالك بالنسبة للدكان لأنه مقيم به على وجه الاستمرار , وفي خلال العشر سنوات الأخيرة , وأن حيازته في غير ما يملك كانت بنية التملك وأنه لا محل للقول بأنه كان سيئ النية
وهذا النعي في محله , ذلك لما كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه الحكم المطعون فيه قد اتخذ في المستندات المعروضة أمامه – عقد البيع والإعلامات الشرعية – أساساً لقضائه برفض الدفع والدعوى الفرعية للطاعن لأنه لم تتوافر لديه أركان وضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية , استناداً إلي أن العقد الذي تم بينه وبين محمد الحسن عقد غير نافذ في حق المطعون ضدهما باعتبار أن محمد الحسن باع ملك الغير دون تفويض منهما أو إجازة للبيع , واستناداً أيضاً إلى أن الطاعن كان سيئ النية في وضع يده في معنى المادة 772 , إلا أن ذلك كله ليس من شأنه أن يؤدي إلى النتيجة التي رتبها الحكم ذلك لأن العقد الذي أبرمه الطاعن مع محمد الحسن بشأن بيع النصيب المملوك للورثة في الدكان محل النزاع سواء كان مملوكاً للورثة عن أنصبة آلت إليهم من والدهم أو والدتهم وإن لم يكن صحيحاً أو نافذا في حق المطعون ضدهما على ما انتهى إلى ذلك حكم أول درجة إلا أن ذلك التعرف يعتبر فعلاً من الغير قد ترتب عليه أن تغيرت صفة الحيازة بالنسبة للطاعن فيما يتعلق بنصيب المطعون ضدهما ذلك لأن الحائز قد حاز العين من تاريخ التصرف أي في عام 1946 كمالك لحساب نفسه لا كحائز عرضي لحساب غيره
ولذلك فإن وقائع النزاع ينطبق عليها حكم المادة 783 التي تنص على ما يلي :-
-1-
لا يجوز لأحد أن يكسب بالتقادم على خلاف سنده
-2-
مع ذلك يجوز للشخص أن يكسب بالتقادم إذا تغيرت صفة حيازته إما بفعل الغير وإما بفعل منه يعتبر معارضة لصاحب الحق ولكن في هذه الحالة لا يبدأ سريان التقادم إلا من تاريخ ذلك التغير وأن مؤدى ذلك أنه يجوز لمن كانت حيازته عرضية أن يغير من صفة تلك الحيازة سواء من فعل صادر من الغير كتصرف ناقل للملكية وإن لم يكن البائع مالكاً حقيقياً للعين المتصرف فيها أو بفعل صادر من الحائز نفسه بشرط أن تتوفر فيه أركان وضع اليد
ولما كان من الثابت أنه بعد العقد المبرم بين الطاعن ومحمد الحسن شقيق المطعون ضدهما قد قام الطاعن بإعادة تشييد الدكان وظل حائز للعين الشائعة دون أن يشاركه أحد في حيازتها وليس هناك دليل واحد على أنه حاز لحساب غيره من الشركاء وانتفى بذلك الاخفاء أو الغموض أو اللبس في الحيازة فإن حيازة الطاعن تعتبر حيازة هادئة ظاهرة مستمرة بنية التملك في معنى المادة 780 من القانون المدني الجديد التي تنص على أن : (من حاز منقولاً أو عقار دون أن يكون مالكاً له أو حاز حقاً عيناً أصلياً على منقول أو عقار دون أن يكون هذا الحق خاصاً به كان له أن يكسب ملكية الشيء أو الحق العيني إذا استمرت حيازته دون اتقطاع عشرة سنوات بالنسبة إلي العقار وخمسة سنوات بالنسبة للمنقول)
وهذا النص يقابل نص المادة 3 من قانون التملك بمرور الزمن والتقادم لسنة 1928 الذي يقول : (تكتسب ملكية الأرض بوضع اليد عليها وضعاً هادئاً غير منقطع بواسطة شخص غير منتفع لمدة عشرة سنين )
لكل ذلك , فإن السبب الذي أقام عليه الحكم قضاء غير صحيح في القانون , وكذلك بالنسبة للسبب الثاني إذا اعتبر الحكم إن سوء النية يعتبر عيباً من العيوب التي تحول دون اكتساب الأرض بوضع اليد المدة الطويلة ذلك لأن عيوب الحيازة على ما هو مسلم به فقهاً وقضاء هي التقطع والخفاء والإكراه والغموض , وليس من بينها سوء النية بل لعل العكس صحيح , إذ أنه يشترط لتوافر أركان الحيازة سيطرة الشخص على الشيء أو الحق سيطرة فعلية بصفته مالكاً وليس على سبيل الرخصة أو التسامح مما مأداه وجوب أن تكون حيازته معادية للمالك الأصلي إذ أن في ذلك تأكيداً للعناصر المرضية والحيازة وهي الهدوء والظهور والاستمرار ذلك لأنه ليس من المستساغ عقلاً أن يكون غرض الشارع من اعتبار وضع اليد لمدة عشرة سنوات على أرض الغير سببا مستقلاً من أسباب كسب الملكية بالشروط المذكورة المعروفة ويتطلب انتفاء سوء النية من جانب واضع اليد لأن جوهر ذلك السبب من أسباب كسب الملكية هو الاعتداء على ملك الغير وحيازة الأرض باعتبار أن الحائز مالك فعلي , إذ الافتراض دائماً أن الحائز يحوز شيئاً أو حقاً غير مملوك له إذ لو كان مملوكاً له لما كان هناك موجب لوضع اليد , إذ للمالك سلطة مطلقة فيما يملك ومفاد ذلك كله , أنه يجوز للشخص سواء كان حسن النية أن يغير من حيازته للأرض غير المملوكة له فتنقلب الحيازة العرضية إلي حيازة أصلية , ومن ذلك الوقت يستطيع الحائز أن يكسب الملكية بالتقادم متى توافرت شروطه , وانه سوء النية لدى الحائز لا يحول دون اكتساب الأرض بوضع اليد لمدة عشرة سنوات وذلك سواء في ظل القانون المدني لسنة 1971 أو أحكام قانون التملك بمرور الزمن والتقادم لسنة 1928
لذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ ساير حكم محكمة أول درجة في اعتبار أن سوء النية عيب يعتور الحيازة رغم أنها حيازة هادئة مستمرة دون انقطاع وبنية التملك فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يستوجب نقضه فيما يتعلق بالحكم لصالح المطعون ضدهما باسترداد قيمة حصتيهما ومن ثم يتعين الحكم لصالح الطاعن في دعواه الفرعية , وذلك بتسجيل حصتي المطعون ضدهما في اسم الطاعن بوضع اليد والحكم برفض دعوى المطعون ضدهما وإلزام كل من الخصوم بالرسوم التي دفعها في جميع درجات التقاضي ورد الكفالة للطاعن
لذلك
1-
يتعين نقض الحكم جزئياً
2-
تسجيل حصتي المطعون ضدهما ومساحتها 96 متراً مربعاً في الدكان نمرة 22 مربع (أ) بسوق سنجة باسم الطاعن (المدعى عليه) بدلاً من المطعون ضدهما
3-
رفض الدعوى الأصلية
4-
رد الكفالة للطاعن