سابقة منشورة بمجلة 1971
سابقة منشورة بمجلة 1971
محكمة الاستئناف المدنية
الدائرة الجنائية
تأييد محكمة كبرى
حكومة السودان ضد إبراهيم أحمد مصري
م أ/م ك /425/71
:المبادئ
قانون العقوبات – القتل العمد- المادة 251 ق عس اثبات عدم وجود بينه تشير إلي كيفية بدء الاشتباك الذى حدث فيه الموت – تعتبر الحالة حالة معركة مفاجئة تحت المادة 249 (4)ق عس
عند حدوث الموت نتيجة لاشتباك بين الطرفين ولا تجد المحكمة بينة تعتمد عليها لمعرفة كيفية بدأ العراك أو من هو البادئ بالعدوان فإنها لا تسمح بإثارة حق الدفاع الشرعي وتعتبر الحالة حالة معركة مفاجئة تحت المادة 249(4)
الحكم
عمر بخيت العوض قاضي المحكمة العليا بالإنابة بتفويض من رئيس القضاء- 27,4,8
هذا طلب للاستئناف تقدم به المحكوم عليه إبراهيم أحمد المصري طاعنا في الحكم الصادر بإعدامه شنقا حتى الموت تحت المادة 251 من قانون العقوبات والذي أصدرته محكمة كبرى انعقدت بأم روابه
يؤسس المستأنف طلبه علي إنكار الفعل ويدعي أنه لم يضرب المرحوم وإنما الذي ضرب المرحوم هو شقيقه
بالرجوع إلي محضر المحكمة الكبرى نجد أن الشهود الذين حضروا وقوع الحادث هما شقيق المرحوم ويدعي محمد العوض وبنت المرحوم وتسمى دار السلام والتي كانت زوجه للمتهم وطلقت منه فيما بعد
أن محكمة الموضوع اعتمدت كليا علي شهادة هؤلاء الشهود غير أنني أري انهما من ذوي المصلحة وان شهادتيهما لا يمكن الاعتماد عليهما وهذا واضح من أن دار السلام شاهده الاتهام الثانية هي سبب النزاع بين الأطراف وإنها بعد وفاة والدها في هذا الحادث رفعت دعوى شرعية وطلقت من زوجها المتهم بحجة عدم الإنفاق وبهذا فإنني أرى أنها وصلت لمرحلة التحيز ضد المتهم باعتباره زوجا غير كريم معها بسبب عدم الإنفاق ولأنه قتل والدها حسب زعمها وبهذا فإننا لا يمكن أن نطمئن إلى أقوالها
أما شاهد الاتهام الثالث محمد العوض فهو أولا شقيق المرحوم وثانيا قد اشترك في المشاجرة حيث طعن المتهم مرتين حسب زعمه وقد أدين أمام محكمة أم روابة وصدر ضده الحكم تحت المادة 275 من قانون العقوبات وأنه بالتالي من صالحه أن يشهد ضد المتهم ويروى الحوادث بالصورة التي تتفق وموقفه حتى يبرر سلوكه ولهذا ليس من المستغرب أن يصف لنا الحادث بأنه بدأ باعتداء من جانب المتهم وان المتهم هجم على المرحوم وهو يحمل سكينا وان المرحوم دافع عن نفسه ولكن الفأس التي كان يحملها قد سقطت منه والتقطها المتهم وضرب بها المرحوم ولهذا جاء هو وطعن المتهم مرتين
ولإن كانت دوافع التحيز ضد المتهم واضحة بالنسبة لهؤلاء الشهود فان دفاع المتهم نفسه لا يتسم بالمعقولية حين أدعى أن شاهد الاتهام الثالث محمد العوض هو الذي ضرب أخاه المرحوم وذلك لانعدام الدوافع ومن هنا فإننا لا نجد مصدرا موثوقا به ليصف لنا تطورات النزاع بين المرحوم وصهره المتهم وأن الأطراف لا يتفقون في شئ سوى أنهم اختلفوا في ذهاب دار السلام لبيت زوجها وان هذا الخلاف أدى إلى بعض السباب والشتائم التي تبادلها الطرفان أما كيف بدأ الاعتداء المادي فان كل طرف يحاول أن يلقى باللوم علي الآخر
وبالرجوع إلى مؤلف الفقيه رانتلال في قانون الجرائم نجده يقول
عندما ينشب نزاع متبادل وان النزاع تطور إلى عدوان وإصابات وانه لا توجد بينه يمكن الاعتماد عليها في توضيح كيف بدأ النزاع ومن هو البادئ بالعدوان فأنه لا يسمح في هذه الحالات بإثارة حق الدفاع ولكن القضية تعتبر واحدة من حالات المعارك المفاجئة
(رانتل الطبعة 21 لسنة 1966 صفحة 783) وكما أوضحنا سابقا فانه لا توجد بينه بعيدة عن الغرض يمكن الاعتماد عليها لبيان تطورات المعركة وكيف بدأ العدوان وبهذا نجد أنفسنا أمام نتائج المعركة وهي موت المرحوم متأثرا بجراحه ونجاة المتهمون هو مصاب بطعنات من سكين ورضوض في رقبته وهذه النتائج في غياب البينة المحايدة تجعلنا ننظر لسلوك الطرفين أثناء المعركة علي قدم التساوي من حيث درجة الخطأ
وبناء عليه فان الاتهام في مثل هذه الأحوال يجب أن يكون تحت المادة 253 عقوبات وليس المادة 251 عقوبات وباعتبار أن الموت وقع أثناء مشاجرة نشبت فجأة وبدون سابق إعداد علي اثر الخلاف بين المتهم ووالد زوجته بشأن ذهابها لمنزل الزوجية وأن هذا الخلاف تطور لشتائم وأن كلا من الطرفين دخل في صدام مع الآخر حيث كان المتهم مسلحا بسكين وعصاه خيزران والمرحوم بسكين وفأس وان أحدا لم يستغل ضعفا في الآخر من حيث التسلح أو القوة لان المتهم كان في مواجهة شخصين المرحوم وأخيه الذي يقارب في عمره سن المتهم وقوته
وعليه فإنني أرى إلغاء الإدانة تحت المادة 251 عقوبات و استبدالها بالإدانة تحت المادة 253 من قانون العقوبات
أما عن العقوبة فانه من المعمول به كقاعدة عامة أن جرائم القتل بكل أنواعها هي اخطر الجرائم الموجهة للمجتمع ولهذا يجب أن تنال عقوبة رادعة ولكن هذا الردع يجب أن يتلاءم مع فكرة العدالة في تناسب العقوبة مع الفعل ومع النظر إلي المتهم ذاته من حيث انحرافه الإجرامي وضرورة إصلاحه كل ذلك إذا كانت العقوبة لاتصل إلى درجة الإعدام ولما كانت العقوبة تحت المادة 253 تصل إلى السجن المؤيد فان قاعدة الردع توجب أن تصل العقوبة للسجن المؤبد باعتبار أن الملاءمة تستوجب أن تكون العقوبة هي السجن المؤبد وذلك لان المتهم الحق بالمرحوم اكثر من إصابة قاتلة وأخيرا فان شخصية المتهم تميل إلى النزعة الإجرامية كما هو واضح من سوابقه حيث أدين في جريمة الإتلاف بالنار في سنة 1963 وفي جريمة النهب تحت المادة 334 عقوبات في سنة 1969 بأم روابة وأخيرا في جريمة سرقة بود عشانا
(1)
نعدل الإدانة لتكون تحت المادة 253 عقوبات
(2)
وتعدل العقوبة لتكون السجن المؤبد