سابقة منشورة بمجلة 1971
سابقة منشورة بمجلة 1971
محكمة الاستئناف
القضاة
سعادة السيد/ صالح محمد علي عتيق قاضي المحكمة العليا بتفويض من رئيس القضاء
حكومة السودان ضد احمد محمد حماد
م أ /م ك /297/70
المبادئ
قانون الاثبات- الاعتراف القضائي-اثبات العوامل المفسدة للإعتراف القضائي- وزن الاعتراف المسحوب بالنسبة للشركاء في الجريمة
قانون الاجراءات الجنائية-واجب الاتهام – صحيفة السوابق ضد المذنب في منتصف ليلة الحادث سطا المتهم وآخرون عن طريق الكسر على دكان بالخرطوم بحري بعد أن قاموا بارهاب الحارسأثناء التحري اعترف المتهم قضائيا بجرمه ولكنه حاول سحب ذلك الاعتراف والتراجع عنه في مرحلة المحاكمة
/1/
الدفع بان الاعتراف القضائي لم يقدم طواعية لا يتطلب اثباتا فوق مرحلة الشك المعقولويكفي أن يثير المتهم الشك في ذهن المحكمة حول انتفاء عنصر الاختيار ساعة الادلاء بالاعتراف
/2/
الاعتراف المسحوب لا يشكل بينة ضد شركاء المتهم في الجريمة
/3/
ان من واجب الاتهام أن يعين المحكمة في الوصول إلى قرار عادل يطرح كل الوقائع أو الظروف التي يمكن للمحكمة أن تستنتج منها جرم المتهم
/4/
عند تقرير العقوبة المناسبة ينبغى على المحكمة ألا تأخذ في اعتبارها سوى الجرائم التي ادين فيها المتهم فعلا
الحكم
24/8/70
هذه إجراءات محكمة كبرى عقدت بالخرطوم بحري وقد أدانت المتهم تحت المواد 255و296 من قانون العقوبات وقضت بحبسه لمدة سبعة أعوام
التحقيق القضائي
إن هذا التحقيق ليس مما يمكن مباشرته بالإجراءات الإيجازية المنصوص عليها في المادة 172(أ) كما أنه لا يوجد في القضية ما يشير إلى الإجراءات التي تليت على المتهم والتي كان ينبغي أن توضح بحبر مختلف اللون ويبدو لي أيضاً أن قاضي المديرية لم يطلع على يومية التحري بعناية وإلا لما غاب عنه أن المتهم قد تظلم من ضغط البوليس عليه لانتزاع الاعتراف القضائي ذلك الشيء الذي تكشف عنه الصحيفة السابعة من يومية التحري
المحاكمة
تمت إجراءات المحاكمة في القضية هذه صورة غير مرضية إذ لم يدون من البينات سوى النذر اليسير ويبدو جليا أن رئيس المحكمة الموقر قد تأثر كثيراً بالقضية المطروحة في مواجهة المتهمين الآخرين
لقد تظلم المتهم أمام المحكمة من أن الاعتراف القضائي الذي أدلى به قد انتزع منه انتزاعاً ولو عني رئيس المحكمة بقراءة يومية التحري لاستطاع أن يتبين هذا الادعاء فقد عرض المتهم على القاضي عمر محمود زكي في حوالي الساعة العاشرة والربع صباحا من يوم 23/7/1968 بغرض تدوين اعترافه فأفضى إليه المتهم بما ألحقه به البوليس من أذى لحمله على الاعتراف وكان من نتيجة ذلك أن امتنع ذلك القاضي عن تدوين الاعتراف واثبت ما دار بينه وبين المتهم على الصحيفة السابعة من يومية التحري بعد ذلك بساعتين أخذ المتهم أمام القاضي حسن شريف حيث أدلى بالاعتراف القضائي المدون بالصحيفتين 13و14 من اليومية ولم أجد من الإجراءات ما يشير إلى علم القاضي الذي دون الاعتراف بامتناع القاضي الذي سبقه عن ذلك
يبدو لي أن المتحري قد أخفى هذه الواقعة عمدا عن القاضي الثاني وكانت غاية قصده أن يحصل على اعتراف من المتهم بذلك فيكفي نفسه مؤونة المزيد من التحري لاستجلاء الحقائق من واجب الاتهام أن يعين المحكمة على الوصول إلى قرار عادل بطرح كل الوقائع المثبتة أو الظروف التي يمكن أن يتأتى للمحكمة أن تستنتج منها جرم المتهم وفي سبيل ذلك عليه أن يدير تحرياته بأمانة وان يكون هدفه الوحيد هو بلوغ الحقيقة دون اللجوء إلى التهديد أو الإغراء أو الوعود للحصول على اعتراف من المتهم
إن القاعدة الجوهرية هي أن يأتي الاعتراف طواعية وألا يكون نتاج تهديد أو وعيد أو إغراء من شخص من ذوي السلطة ومن ثم فإن أي اعتراف يتحصل عليه المتحري أو سواه بأية وسيلة من الوسائل المتقدم ذكرها يفقد قيمته كبينة وينبغي ألا يترتب عليه أي وزن
إن الاعتراف يصبح غير مقبول إذا تبين مؤخراً أنه لم يصدر عن طواعية أو أنه قد جاء بعد تعذيب المتهم أو بذل الأماني له بالوعود أو الإغراء وليس من الضروري أن يثبت المتهم ذلك على وجه القطع بل يكفي أن يقوم الشك لدى المحكمة حول توافر أي من هذه العوامل وعلى المحكمة أن ترفض الاعتراف إذا لمست من الظروف المحيطة به أن المتهم أدلى بإعترافه تحت التهديد أو الوعد أو الإغراء من شخص في السلطة
ويتضح من الظروف المحيطة بتدوين الاعتراف المعني في هذه القضية ومن أقوال شهود الدفاع أن الإعتراف صدر من المتهم عن طريق التهديد وإستعمال القوة ومن ثم فإنه يصبح عديم الفائدة ويتعين استبعاده أن تعذيب المتهم بغية الحصول على إعتراف منه لا يفسد الإعتراف فحسب بل يجعل الشخص الذي أقدم على هذا الجرم – في ضوء القوانين السارية بالبلاد- عرضة لأشد العقوبات وعليه فإنني أوجه بإبلاغ رؤساء هذا المتحري بما وقع منه لإتخاذ الإجراءات الضرورية ضده
أما وقد استبعدنا هذا الاعتراف فإنه ينبغي لنا أن نقرر ما إذا كانت هناك بينات أخرى تكفي لإدانة المتهم لقد ذكر شاهد الاتهام الثاني أن المتهم كان مع الآخرين وكان يحمل"ساطورا" بيد أن شهادة هذا الشاهد قد استبعدت في المحكمة السابقة وقد أيدت محكمة الاستئناف هذا الاستبعاد بعد أن ثبت أن الشاهد كان كاذبا ولو تتبع رئيس المحكمة الموقر هذا الحكم لعرف أسباب شطب الاتهام ضد المتهم تحت المادة 334 من قانون العقوبات
إعتراف المتهم عبد الخالق
هذا المتهم قد تراجع عن اعترافه المدون بالصفحات من 10 إلى 12 من يومية التحريإن اعتراف الشريك المسحوب لا يشكل بينة ضد الشركاء الآخرين في الفعل الجنائي وينبغي أن لا تبنى عليه إدانة انظر كتاب ساركار في قانون البينات الطبعة الحادية عشر الصحيفة 253 حيث جاء ما يمكن ترجمته إلى العربية بما يأتي:
"لا يحمل الإعتراف القضائي أي وزن في مواجهة الشركاء من المتهمين وعلى سبيل التطبيق والحكمة فقد أصبح مثل هذا الاعتراف يحتاج إلى تأييد كامل فيما يتعلق بالجريمة والمجرم نفسه"
لقد ذكر السيد رئيس المحكمة الموقر في مذكرته عن الحكم أنه قد قصد إلى توقيع عقوبة شديدة على المتهم لانه فر من حراسة البوليس وبما أنه ليس هناك ما يشير إلى أن المتهم قد أدين بمثل هذه الجريمة فإننى أرى أن المحكمة قد أخطأت بإعتبار ذلك عند تقرير العقوبة صحيح أنه تحت قواعد الإجراءات الجنائية الإنجليزية يجوز للمتهم أن يطلب إلى المحكمة أن تأخذ في الاعتبار عند تقرير العقوبة الجرائم التي يعترف بإرتكابها ولم تحاكم بعد كما يجوز للمحكمة أن تجيب هذا الطلب إذا كانت هذه الجرائم من نفس نوع الجريمة التي أدين بها المتهم وتقع في دائرة إختصاص المحكمة وفيما عدا ذلك من حالات لا يجوز للمحكمة أن تأخذ في اعتبارها أي جريمة لم تتم بموجبها إدانة المتهم
بناء على ما تقدم تلغي إدانة المتهم ويطلق سراحه فوراً