أحكام الايجاب والقبول ونظرية مجلس العقد
أحكام الايجاب والقبول ونظرية مجلس العقد
الايجاب:
الإيجاب لُغَةً مَصْدَرُ أَوْجَبَ. يُقَال أَوْجَبَ الأَْمْرَ عَلَى النَّاسِ إِيجَابًا: أَيْ أَلْزَمَهُمْ بِهِ إِلْزَامًا، وَيُقَال: وَجَبَ الْبَيْعُ يَجِبُ وُجُوبًا أَيْ: لَزِمَ وَثَبَتَ، وَأَوْجَبَهُ إِيجَابًا: أَلْزَمَهُ إِلْزَامًا.
الإيجاب في أصول الفقه يطْلَقُ عَلَى عِدَّةِ مَعَانٍ، مِنْهَا: طَلَبُ الشَّارِعِ الْفِعْل عَلَى سَبِيل الإِْلْزَامِ.
الإيجاب عند الحنفية هو ما صدر أولاً من العاقد أياً كان.
الإيجاب عن جمهور الفقهاء هو ما صدر من المملِّك كالبائع والمؤجر والزوجة سوا صدر أولا ام ثانيا.
الايجاب في القانون السوداني: القانون السوداني لم يعرف الايجاب، ولكن قد عرفته المذكرة التفسيرية لقانون العقد لسنة 1974 والتي نصت على ان الايجاب هو عرض يصدر من أحد المتعاقدين يعبر فيه عن نيته الجادة في الدخول في التزام تعاقدي.
شروط الايجاب:
1-التعبير عن الايجاب.
2-النية الجادة للدخول في التزام او احداث إثر قانوني.
لمن يوجه الايجاب:
يوجه الى:
1-شخص محدد،
2-مجموعة من الناس،
3-للناس كافة.
سقوط الايجاب:
يسقط الايجاب في أي من الحالات الاتية:
1-إذا رفضه الموجب له.
2-ان يقوم الموجب له بعكس الايجاب.
3-انقضاء المدة إذا كان محدد بزمن.
4-إذا تقاطع الايجاب بإيجاب اخر.
5-الاجاب عبر الهاتف يسقط مالم يقبل فورا.
6-رجوع الموجب عن ايجابه قبل القبول.
7-موت الموجب او فقده اهليته قبل القبول.
القبول:
القبول لغة: تَلَقِّي الشَّيْءِ وأَخْذُهُ عن رِضاً، يُقال: قَبِلْتُ الهَدِيَّةَ، أَقْبَلُها، قَبُولاً، أيْ: أَخَذْتُها راضياً بِها. ويأْتي بِمعنى المُوافَقَةِ، تقول: قَبِلْتُ العَقْدَ، أيْ: وافَقْتُ عليه.
القبول اصطلاحا: هو تعبير الموجب له عن رضائه بالإيجاب كما صدر من الموجب.
شروط القبول:
ويشترط في القبول:
1-ان يكون الموجب له على علم بوجود الايجاب.
2-ان يصدر القبول ممن وجه له الايجاب.
3-ان يكون القبول نهائيا.
4-ان يعبر الموجب له عن القبول.
حالات يشتبه فيها بين الايجاب والدعوة للتعاقد:
النية الجادة لإحداث أثر قانوني هي ما يميز الإيجاب عن الدعوة للتعاقد.
النية الجادة:
لم يعرف القانون السوداني النية الجادة الا ان القضاء السوداني اجتهد في ذلك وعرف النية الجادة بانها (ان يثبت ان صاحب التعبير على استعداد لتحمل كافة الالتزامات إذا صادف تعبيره قبول)، ومعنى ذلك ان يكون المعبر مستعدا لتنفيذ التزامه إذا تم القبول وليس مجرد تعبير بغرض النقاش او التفاوض ويعتبر هنا مجرد دعوة للتعاقد، وحتى نتبين من ان التعبير ايجاب ام دعوة للتعاقد لابد من اتباع المعايير والمقاييس التالية لمعرفة ذلك حيث نضع في الاعتبار الاتي:
1-طبيعة المعاملة،
2-علاقة الأطراف،
3-الالفاظ المستخدمة.
أولا: البيع بالمزاد:
المزاد هو بَيع عَلنيّ يتِمّ بطَرْح شَيء للبَيع فيَتزايد الرَّاغبون في شِرائه ويَرسو على مَنْ يعرِض أَعلى ثَمَن، ويكون المزاد اجباري عبر الامر القضائي او الامر الإداري او مزاد اختياري بان يرغب شخص عادي او اعتباري البيع بالمزاد.
وقد نصت المادة (44) على انه (يتم العقد برسو المزاد) وقد في جاء في سابقة المؤسسة العامة للزراعة الالية ضد عبد القادر عمر الهندسية ان الإعلان عن قيام مزاد من جهة الجهة المعلنة هو مجرد دعوة للتعاقد وتكون غير ملزمة بقبول الأعلى او الأدنى الا إذا قيدت نفسها في الإعلان بقبول الأعلى ويكون لها الحق ان تعدل او تلغي الشروط حتى قيام المزاد.
لكن قد يكون رسو المزاد معلق بموافقة المحكمة وقد ذكرت المحكمة العليا في سابقة احمد محمد العماري ضد ورثة محمد عبد الله بسيوني ان المزاد إذا علق على موافقة المحكمة فان رسو المزاد لا يعتبر قبولا.
كما ان التامين المبدئي في المزاد ذكر القضاء انه يدفع كشرط لدخول المزاد لذلك إذا اشترطت مصادرته يصادر.
ثانيا: الإعلان في الصحف:
الإعلان الصحفي هو وسيلة للتعريف بسلعة أو خدمة لهدف البيع أو الشراء ويوجه إلى جمهور محدد وذلك بنشر بيانات ومعلومات عن السلع أو الخدمات أو المنشآت عبر الصحف او وسائل الإعلان،ففي قضية صلاح محمد ضد شركة بورتلاند(سودان)المحدودة ذكرت محكمة الاستئناف ان طبيعة المعاملة تقتضي ان الإعلان في الصحف هو مجرد دعوة للتعاقد.
ثالثا: النقل بالطيران:
النقل بالطيران هو العملية التي يتم فيها نقل الاشخاص او البضائع من بلد إلى آخر او داخل البلد بواسطة الطائرات ويتم الإعلان عن هذه العمليات في شكل عروض للجزب، وهنا هذه العروض هل هي ايجاب ام مجرد دعوة للتعاقد وهذا ما اجابت عنه المحكمة العليا في قضية عبد الوهاب عثمان أبو شكيمة ضد شركة مصر للطيران وذكرت ان عقد الترحيل بين شركة الطيران والزبون يتم باستخراج التذاكر، وهذا يعني ان العروض التي تقدم من قبل شركات الطيران قبل قطع التذاكر مجرد دعوة للتعاقد.
وسائل التعبير عن الارادة:
التعبير هو الوسيلة التي يقصد بها الإفصاح عن الإرادة وقد حدد القانون السوداني وسائل التعبير عن الإرادة وقسمها الى عدة وسائل وهي (1// وسائل التعبير الصريح 2//وسائل التعبير الضمني 3// وسائل التعبير السكوتي) وتفصيلها كالاتي:
1// وسائل التعبير الصريحة:
التعبير الصريحة هو التعبير الذي يقصد به اظهار الإرادة بصورة مباشرة، ويكون عبر:
1/اللفظ،
2/الكتابة،
3/الإشارة،
4/المبادلة الفعلية الدالة على التراضي.
وهذا ما نصت عليه المادة (35) الفقرة (1) حيث نصت (يكون التعبير عن الإرادة باللفظ وبالكتابة وبالإشارة المتداولة عرفاً ولو من غير الأخرس وبالمبادلة الفعلية الدالة على التراضـي كما يكون باتخاذ أي موقف لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته على حقيقة المقصود).
2// وسائل التعبير الضمني:
التعبير الضمني هو التعبير الذي يقصد به اظهار الإرادة بصورة غير مباشرة، وقد نصت المادة (35) الفقرة (2) على انه (يجوز أن يكون التعبير عن الإرادة ضمنياً، إذا لم ينص القانون أو يتفق الطرفان على أن يكون صريحاً). ولكن بشرط انه (إذا اشترط القانون الكتابة فلا يعتد بأي وسيلة أخرى من وسائل التعبير عن الإرادة) وهذا ما نصت عليه المادة (35) الفقرة (3).
3//وسائل التعبير السكوتي:
التعبير السكوتي هو عدم اظهار الإرادة باي صورة سواء كانت مباشرة او غير مباشرة، وهو في هذه الوسيلة لا يصلح لإظهار الإرادة وهي القاعة العامة والتي يستثنى منها بعض الحالات حيث نصت المادة (40) الفقرة (1) على انه (لا ينسب إلى ساكت قول، ولكن السكـوت في معرض الحاجة الي البيان يعتبر قبولاً).
حالات خاصة في القبول:
لكن القانون يعتبر السكوت قبولاً بوجه خاص في الأحوال الآتية، وهي وما نصت عليه المادة (40) الفقرة (2) وهي إذا:
(أ) كانت طبيعة المعاملة أو العرف التجاري أو غير ذلك من الظروف تدل على أن الموجب لم يكن لينتظر تصريحاً بالقبول، فان العقد يعتبر قد تم إذا لم يرفض الإيجاب في وقت مناسب،
(ب) كان هناك تعامل سابق بين المتعاقدين واتصل الإيجاب بهذا التعامل وسكت من وجه اليه الإيجاب عن الرد،
(ج) تمخض الإيجاب لمنفعة من وجه اليه.
(3) يعتبر سكوت المشترى بعد أن يتسلم البضائع التي اشتراها قبولاً لما ورد في قائمة الثمن من شروط.
التنفيذ الذي يقوم مقام القبول:
ويعرف بالقبول بالفعل وقد ذكرت المحكمة العليا في قضية فريمان ريتشر ضد مخازن أبو نجمة انه (إذا ثبت من خلال الوقائع ان الموجب قد تنازل عن حقه في العلم بالقبول فيكون تنفيذ الالتزام قد قام مقام العلم بالقبول).
بدء التعبير عن الإرادة آثاره:
نصت المادة (36) على انه (ينتج التعبير عن الإرادة أثره في الوقت الذي يتصل فيه بعلم من وجه اليه ويعتبر وصول التعبير قرينة على العلم به، ما لم يقم الدليل علـى غير ذلك). وهو ما يعرف بمجلس العقد.
مجلس العقد (نظرية مجلس العقد):
مجلس العقد اصطلاح شرعي، قال به الفقه الإسلامي، وهو ارتباط الإيجاب الصادر من أحد العاقدين بقبول الأخر على وجه يثبت أثره في المعقـود علـيه، وعرفه البعض أيضا بانه المكان الذي يتم فيه التعاقد، والذي يرتبط فيه الإيجاب بالقبول.
عرف الفقه الإسلامي مجلس العقد بأنه وحدة زمنية تتعارض مع تأثير المكان في انفضاضه ومن ثم فإن تعريفه يكون مقتصراً على قيامه دون الإشارة إلى ما يؤثر فيه. كما وأن تعريفه بأنه وحدة مكانية يتعارض مع بيان أثر الانشغال عن التعاقد في انفضاض مجلس العقد دون ترك أو تغيير لمكان التعاقد. وأخيراً يمكن تعريف مجلس العقد في الفقه الإسلامي على أنه "الحالة التي ينشغل فيها المتعاقدان بالتعاقد، والتي تحدد مدة بقاء الإيجاب صالحاً لاقترانه بالقبول، والتي يكون فيها لمكان التعاقد التأثير الكبير في انفضاضها، وبالتالي عدم إمكانية إبرام العقد".
مجلس العقد في القانون السوداني:
تناول القانون السوداني نظرية مجلس العقد تحت عنوان التعاقد بين الغائبين في المادة (43) والتي نصت على الاتي:
(1) يعتبر التعاقد بين الغائبين قد تم فـي المكـان وفى الزمـان اللذان يعلم فيهما الموجب بالقبول، ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضى بغير ذلك.
(2) يفترض أن الموجب قد علم بالقبول في المكان وفى الزمان اللذان وصل اليه فيهما هذا القبول.