مذاهب الإثبات
مذاهب الإثبات
تقسم مذاهب الإثبات على ثلاثة مذاهب وهي (المطلق، المقيد, المختلط) ويدور مضمونها حول أمرين أولهما مدى تحديد أدلة الإثبات وثانيهما مدى سلطة القاضي التقديرية في تقدير قيمة الأدلة، و تفصيل ذلك كما يلي:
أولاً: مذهب الإثبات المطلق:
ويسمى بمذهب الإثبات الحر، وقد اعتنقه بعض رجال الفقه الإسلامي، والشرائع الأنجلوسكسونية (السويسرية والألمانية)، و يتوضح مضمونه من خلال النظر إليه من جانبين :
الجانب الأول : الخصوم: فلهم الحرية في استخدام أي وسيلة إثبات من شأنها إقناع القاضي ، فيكون للخصم الحرية في إثبات الوقائع بأي دليل يقدمه من أدله الإثبات .
الجانب الثاني : القاضي: فللقاضي هنا سلطة تقديرية مطلقة في تقدير الأدلة المقدمة أمامه ، فله الحرية في تقدير الدليل المقدم في الدعوى وأن يبني حكمه عليه ، ويكون له أن يحكم بعلمه الشخصي.
من سمات وايجابيات هذا النظام :
1. كشف الحقائق من خلال التدخل في الأدلة المقدمة في الدعوى ومناقشتها.
2. يعطي القاضي دوراً إيجابياً يتمثل في التدخل في ادلة الخصوم، واستكمال النقص الحاصل فيها لأجل التوصل للحقيقة.
ويؤخذ ويعاب على هذا المذهب :
1. إساءة استعمال السلطة.
2. اختلاف قرارات أحكام القضاء من قاض لآخر في نفس الوقائع المتشابهة .
3. يتيح للقاضي أن يحكم بعلمه الشخصي .
ثانياً: مذهب الإثبات المقيد:
ويعرف بمذهب الإثبات القانوني، وقد اعتنقه بداية الأمر التشريع الفرنسي القديم حيث يقوم هذا المذهب على تحديد طرق الإثبات ويتوجب على القاضي والخصوم التقيد بها ويحدد القيمة لكل دليل، ويتوضح مفهومه من خلال النظر اليه من جانبين :
الجانب الأول: الخصوم:
لا حرية للخصوم في استخدام أي دليل يرونه مناسباً، بل عليهم إثبات الوقائع المتنازع عليها بموجب الطريقة التي حددها القانون .
الجانب الثاني : القاضي:
وفق هذا النظام فإنه لا سلطة تقديرية للقاضي في تقدير الأدلة، كما لا يجوز له أن يتدخل في ادلة الخصوم المقدمة ولا يحق له استكمال النقص الحاصل فيها فهنا دوره سلبيا مقتصراً على تلقي الدليل من الخصوم وإعطائه القيمة القانونية التي حددها القانون، كما لا يجوز له أن يحكم بعلمه الشخصي, و يتميز هذا النظام بعدم تناقض الأحكام القضائية فلا يحكم القاضي بعلمه الشخصي، ويؤخذ عليه عدم تطابق الحقائق القضائية مع الحقائق الواقعية .
ثالثاً: المذهب المختلط:
ويجمع هذا المذهب بين سمات المذاهب السابقة، فيزيد من سلطة القاضي في المذهب المقيد، ويقلل منها في المذهب المطلق، فهو أمر وسط بين الإطلاق والتقييد لأجل الوصول إلى الحقيقة الواقعية وتطابقها مع الحقيقة القضائية مع عدم المساس بحق الخصوم في تقديم الأدلة وفقا لما يقرره القانون .
وقد اخذ القانون السوداني بهذا المذهب حيث في جرائم القصاص والتعازير أجاز اثباتها بكافة طرق الاثبات بينما في جرائم الحدود حدد وسائل معينة لا يجوز الخروج عليها من قبل الخصوم والقاضي.