المحكمة العليا
بسم الله الرحمن الرحيم
قرار النقض رقم 161/2008م
الصادر في 1/5/2008م
القضاة:
صاحب الفضيلة الشيخ/ دأحمد محمد عبد المجيد قاضي المحكمة العليا رئيساً
صاحب الفضيلة الشيخ/ يوسف جاد كريم محمد قاضي المحكمة العليا عضواً
صاحب الفضيلة الشيخ/ البشـرى عثمان صالح قاضي المحكمة العليا عضواً
قضيـة هبـة
قانـون الأحوال الشخصية للمسلمين لسنة 1991م – هبة المشاع – قبضها – كيفيته
المبدأ:
قبض المشاع يكون بالحوز - أي أن يحوز الموهوب له الموهوب ويحل محل الواهب في الملك على الشيوع من غير قسمة كما يكون بالتسجيل على الشيوع مع بقية الشركاء
ملحوظة محرر:
هذا يخالف المبدأ المنشور بالسابقة القضائية - قرار النقض رقم 98/1994م
الحكــم
القاضي: يوسف جاد كريم محمد
التاريخ: 29/3/2008م
لازلت أرى أن كل ما ورد بطلب الطعن من أسباب انصب حول عدم ثبوت قبض المطعون ضدها للعقار موضوع الهبة وبالطبع فإن هذا أمر يتعلق بالوقائع وكيفية إثباتها وبما أن المحكمة العليا محكمة قانون يطعن أمامها حسب أحكام المادة 207(أ) من قانون الإجراءات المدنية لسنة 1983م في حالتين هما:
1- أن يكون الحكم المطعون فيه انبنى على مخالفة القانون أو على خطأ في تطبيقه أو تفسيره
2- وقوع بطلان في الحكم أو الإجراءات أثّر في سلامة الحكم وذلك ما لم يقل به مقدم الطلب
لذلك أرى أن نذهب لشطب الطعن برسومه
القاضي: د/ أحمد محمد عبد المجيد
التاريخ: 24/4/2008م
سبق لنا أن قبلنا الطعن شكلاً وكتبنا للرد وقد تم الإعلان أقام الطاعن دعـوى إبطال هبـة تمت من مورثه المرحوم …… إلى بنته المطعون ضدها …… وذلك أن المرحوم المذكور ورث جـزءً من المنزل المملـوك لزوجتـه …… وعندـما توفيت كان المرحـوم …… ضمن ورثتهـا كزوج لها تنازل عن هذا النصيب لبنته …… التي كانت تلازمـه
ثم قامت المحكمة بتسوية الحصص الصغرى لبقية الورثة حيث إن أنصبتهم لا تقبل التسجيل ولهذا أقام الطاعن دعوى إبطال هبة مؤسسة على عدم أهلية الواهب عند الهبة وعلى عدم القبض ودخلت المحكمة في الإثبات حيث كلفت الطاعنين بإثبات عدم أهلية الواهب كما كلفت المطعون ضدها إثبات القبض وبعد سماع البينات خلصت إلى رفض الدعوى لم يرض الطاعنون بهـذا الحكم فتقدموا باستئنافهم لمحكمة الاستئناف التي خلصت إلى تأييـد القرار المطعون فيه ومن ثم كان هذا الطعن الذي بين أيدينا وأهـم ما ارتكز عليه الطاعنون هو: عدم أهلية الواهب عند الهبة حيث كان فاقداً لوعيه لكبر سنه الذي بلـغ فيها (90) عاماً ثم أن الموهوب لها لم تقبض الموهوب
الأسبـاب
لكي ما تتم الهبة يشترط في الواهب أن يكون كامل الأهلية بأن يكون بالغاً وعاقلاً فإن كان فاقد الأهلية أو ناقصها لا تصح الهبة أنظر المادة (274) من قانون الأحوال الشخصية وبعد الإطلاع على محضر الدعوى تبين أن الطاعنين تقدما بشاهدين هما …… و …… وشهدا بعدم صحة عقل الواهب حيث كان كبيراً في السن ولا يعرف عمرة ولا يعي ما يقول كما تقدمت المطعون ضدها بثلاثة شهود هم …… وهو مستأجر العقار الموهوب وأنه كان يسلم الأجرة للمرحوم وشهد بصحـة عقله وأن الموهوب لها كانت فـي الجـزء الأخير مـن العقار وبعد وفاة المرحوم كان يسلم الأجـرة إلى……
كما شهد الشاهد الرابع وهو …… بصحة عقل الواهب وبسكنى الموهوب لها في العقار الموهوب وأنه كان مستأجراً للدكان ويسلم الأجرة للمرحوم حتى وفاته وبعد الوفاة كان يسلمها للموهوب لها ……
ويثبت من البينات أن المنزل مكون من ثلاثة أجزاء الجزء الأول تسكن فيه الموهوب لها …… وأولادها والثاني مستأجر للشاهد …… والثالث الدكان وهو مستأجر للشاهد ……
وبما أن هناك بينتين عبارة عن شاهدين لكل فريق شهد الأولان بمرض الواهب مرضاً عقلياً وشهد الآخران بصحة عقلة فإن بينة الصحة مقدمة على بينة المرض (انظر درر الحكام شرح مجلة الأحكام لعلي حيدر ج ع/484 وانظر قرار النقض رقم 28/1406هـ الصادر في 11/2/1986م مجلة 1986م) وبهـذا يعتبر الواهب صحيحاً عندما وهـب نصيبه في العقار المذكـور وبقـي لنا سؤال مهم يتعلق بالقبض وهو الدفـع الثاني للطاعنين الذين يدعون بأن الموهوب لها لم تقبض الموهوب نقرر أولاً أن نصيب المرحوم الذي قام بهبته عبارة عن نصيبه الذي آل إليه ميراثاً من زوجته وهو الربع وأنه نصيب شائع في العقار فهو يمتلك في كل طوبة منه ربعاً وإذا كان الأمر كذلك فهل تم قبض الموهوب ؟ نقرر أولا أن المشرع قد أجاز هبة المشاع مطلقاً حيث نص على أنه (تكون هبة المشاع مطلقاً كان أو متصلاً به اتصال ملاصقة أو مجاورة) (المادة 276) من قانون الأحوال الشخصية وهذا الذي سار عليه المشرع عكس ما عليه المذهب الحنفي الذي يمنع هبة المشاع مطلقاً إلا بعد القسمة (المبسوط للسرخسي ج12/50) ولكن المشرع أخذ برأي الجمهور ومنهم المالكية انظر (القوانين الفقهية لابن جُزي ص 367 والمجموع شرح المذهب 1/446 والمغني لابن قدامه 5/596) ومع جواز الجمهور لهبة المشاع فإنهم اشترطوا القبض لتمامها ولما كان القانون لم يتعرض لكيفية قبض المشاع فإنه يلزم الرجوع لمصدر النص وهو الفقه المالكي فقد جاء في المدونة " آرأيت أن رجلاً تصدق على رجل بنصف دار غير مقسومة فكيف يقبض هذا هبته أو صدقته قال يحل محل الواهب فيجوز ويمنح مع شركائه ويكون هذا قبضه قال أيكون هذا فيما لا يقسم ؟ قال نعم إذا وهب نصفه فهو جائز في قول مالك قلت أيكون قبضه مثل ما ذكرت في الدار ؟ قال نعم قلت وهو قول مالك ؟ قال نعم إذا حاز ما وهب له دون صاحبه فقد قبض (أنظر المدونة الكبرى ج ع/327) ومن هنا فإن قبض المشاع يكون بالحوز أي أن يحوز الموهوب له الموهوب ويحل محل الواهب في الملك على الشيوع من غير قسمة كما يكون بالتسجيل على الشيوع مع بقية الشركاء ويبقى السؤال الأخير هل قبضت الموهوب لها الموهوب ؟
بالرجوع لأقوال الشهود فإنه قد قامت البينة على الآتي:
1- تقيم الموهوب لها في جزء من العقار مع الواهب منذ حياته وإلى ما بعد مماته
2- هناك جزء من العقار مفصول ومستأجر كعقار سكني وكانت تدفع الأجرة للمتوفى في حياته وبعد مماته تسلمت الموهوب لها الأجرة
3- هناك جزء ثالث من العقار عبارة عن دكان مستأجر وكانت أجرته تدفع للواهب طوال حياته وتسلمتها الموهوب لها بعد مماته وإزاء هذه الوقائع الثابتة فإن الهبة إذا كانت في الجزء الذي تسكنه الموهوب لها فإن سكناها تعتبر قبضاً له وتتم به الهبة وأما إن كانت الهبة في الجزئيين المستأجرين للغير فإن القبض فيهما لم يتم لأن الواهب لم يخل العقار بل كان يتسلم الأجرة حتى مماته مما يدل على أنه لم يرفع يده عن العقار الموهوب حتى وفاته وأنه من شروط القبض أن يتم القبض قبل موت الواهب (انظر حاشية ابن عابدين ج 8/492) وعليه فإن كان الموهوب هو الجزء المستأجر فإنه لم يتم فيه القبض لاستلام الواهب الأجرة حتى وفاته وإن كان الموهوب هو الجزء الذي تسكنه الموهوب لها فإنه كان قد تم فيه القبض ولما كان الموهوب مشاعاً فإنه لا يعرف إلا بمقداره أي بمقدار عدد الأمتار الموهوبة ثم عدد الأمتار التي تسكن فيها الموهوب لها مع نصيبها وعدد الأمتار في الجزئيين المستأجرين وهذا يتطلب إرجاع الأوراق لمحكمة الموضوع للبت في هذه الجزئية أي ما هي عدد أمتار العقار الذي تسكنه الموهوب لها فإن كان قدر نصيبها في التركة زائداً 75 متراً هي جملة نصيب المتوفى الذي وهبه لها فتكون الهبة قد تمت وإن كان أقل فعلي قدر الأمتار الزائدة عن نصبيها تكون الهبة قد تمت في هذه الأمتار ثم تقرر تمام الهبة أو عدم تمامها لهذا أخلص من هذا العرض إلى أن نقرر إلغاء الحكم المطعون فيه وتبعاً له إلغاء حكم محكمة الموضوع وإرجاع الأوراق لها للعمل وفق ما جاء في هذه المذكرة
القاضي: البشرى عثمان صالح
التاريخ: 30/4/2008م
أتفق مع د0 أحمد في القرار الذي توصل إليه
الأمر النهائي:
1- يلغى الحكم المطعون فيه وتبعاً له يلغى حكم محكمة الموضوع
2- إرجاع الأوراق لمحكمة الموضوع للعمل وفق المذكرة المرفقة
د/أحمـد محمد عبد المجيد
قاضى المحكمة العليا
رئيس الدائـرة
2/5/2008م