المحكمة العليا
القضاة:
سعادة السيد/ جعفر صالح محمـد أحمـد قاضي المحكمة العليا رئيساً
سعادة السيد/ صلاح التجانـي الأمـين قاضي المحكمة العليا عضواً
سعادة السيد/ الصديق يونـس إبراهيـم قاضي المحكمة العليا عضواً
سعادة السيد/ الباقـر عبـدالله علــي قاضي المحكمة العليا عضواً
سعادة السيد/ الرشيد التـوم محمـد خير قاضي المحكمة العليا عضواً
حكومة السودان //ضد// ا م ا وآخر
م ع/ ط ج/41/2007م
مراجعة /171/2007م
السوابق القضائية – مخالفتها – عدم اعتباره مخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية – فوات الكسب لتوقف البص لإصلاح التلف جراء الحادث – اعتباره ضرراً مباشراً – جبر الضرر – مداه – نطاق مسئولية شركة التأمين – فترة التوقف التي يشملها التعويض – مداها
المبادئ:
1- مخالفة الحكم المطلوب مراجعته لسابقة صدرت من إحدى دوائر المحكمة العليا لا يشكل في حد ذاته مخالفة لأحكام الشريعة والقانون ولا يكون سبباً لإخضاع الحكم للمراجعة
2- فوات الكسب نتيجة لتوقف البص عن العمل خلال المدى الزمني الضروري لإصلاح ما لحقه من تلف من جراء الحادث يعتبر ضرراً مباشراً لتعلقه المباشر بجبر الضرر
3- لا يكون تمام جبر الضرر إلا بإعادة الحال إلى ما كان عليه وتعويض ما فات من كسب خلال الفترة التي استغرقتها هذه الإعادة وإلا كان الوفاء بالالتزام منقوصاً
4- يتسع نطاق مسئولية شركة التأمين ليشمل تعويض كافة الأضرار المباشرة المتوقع منها وغير المتوقع
5- فترة التوقف التي يشملها التعويض هي المدى الزمني الضروري واللازم لإصلاح التلف في الأحوال المعتادة ولا اعتبار للفترة التي تسبق البدء الفعلي في الإصلاح أو تلك التي تكون بعد انتهاء الأمد
الحكــم
القاضي: جعفر صالح محمد أحمد
التاريخ: 22/4/2008م هذا طلب مراجعة موضوعه حكم المحكمة العليا دائرة الجزيرة والولايات الوسطى بالرقم/م ع/ط ج/41/2007م وهو يتعلق بحادث التصادم الذي وقع بطريق المرور السريع بمنطقة الحصاحيصا بين البص رقم 818 س ح القادم من الخرطوم في طريقه لمدينة سنجة بقيادة السائق محمد صديق مصطفى والعربة الكانتر رقم 214 ب ح بقيادة السائق السر محمد العوض وقد نجم عن الحادث تلف بالمركبتين وبعدها واصل البص المسير وقد كان مؤمناً لدى الشركة الإسلامية للتأمين في حين كانت العربة الكانتر مؤمنة لدى الشركة السودانية للتأمين وقد انتهت محكمة جنايات الحصاحيصا في شأن البلاغ عن الحادث إلى تقرير إدانة سائق العربة الكانتر تحت طائلة المادتين 23/49/ج من قانون حركة السير والمرور لسنة 1983م مع تبرئة ساحة المتهم الثاني ومن ثم حكمت على المدان بغرامة قدرها ثلاثون ألف دينار وبالعدم يسجن لمدة شهر وقد قضى الحكم بأن يدفع المدان بالتضامن مع الشركة السودانية للتأمين مبلغ 888150 دينار لشركة التأمين الإسلامية تكلفة إصلاح البص كما قضى الحكم أيضاً بأن يدفع المدان بالتضامن والانفراد مع الشركة السودانية للتأمين مبلغ 1604200 دينار لمالك البص تعويضاً لما فاته من كسب نتيجة توقف البص عن العمل وإضافة إلى ذلك أمرت المحكمة إلزامهما بأتعاب المحاماة البالغ قدرها مائة ألف دينار ولا أمر بشأن الرسوم وباستئناف هذا الحكم من قبل شركة التأمين المحكوم عليها انتهت محكمة استئناف ولاية الجزيرة بموجب حكمها رقم/أ س ج/337/2006م إلى تخفيض مقدار التعويض المحكوم به بنسبة 30% باعتبار مشاركة سائق البص في الحادث ومجدداً تم الطعن بالنقض في هذا الحكم من قبل المحكوم عليه وقد انتهت المحكمة العليا دائرة الجزيرة والولايات الوسطى بدورها هي الأخرى وبموجب حكمها رقم/م ع/ط ج/41/2007م إلى تأييد حكم محكمة الاستئناف المطعون فيه وقد كان حكم المحكمة العليا هذا موضوع طلب المراجعة الماثل وللتقرير في شأن طلب المراجعة الذي وضع أمامنا للنظر بعد أن أعلن المراجع ضده بصورة من طلب المراجعة للرد وقد جاء الرد بما يفيد تأييد الحكم المطلوب مراجعته وأما فيما يلينا من نظر فيما يتعلق بالمواعيد نجد أن طلب المراجعة قد قدم بتاريخ 12/5/2007م في حين أشارت الأوراق إلى إعلان مقدم طلب المراجعة بالحكم المطلوب مراجعته بتاريخ 27/3/2007م وعليه يكـون طلب المراجعة قـد قـدم خلال القيد الزمني المنصوص عليه قانوناً وأما من حيث الموضوع فإن السبب الذي أخضع من أجله الحكم للمراجعة فهو مخالفة هذا الحكم للسابقة القضائية م ع/ط ج/221/2005م فيما يتعلق بالتعويض عن الضرر الناجم عن توقف العربة والذي جاء فيه أن شركة التأمين غير ملزمة بالتعويض عن الضرر الحاصل بموجب توقف العربة بموجب عقد التأمين لأنه ضرر غير مباشر وهذا يعني أن هذا الوجه من الحكم هو الذي ستقتصر عليه المراجعة دون غيره من أوجه الحكم الأخرى وبمناقشة ما أثير وأخضع بسببه الحكم للمراجعة سواء فيما يتعلق بمخالفة الحكم موضوع المراجعة للسابقة القضائية المشار إليها أو عدم مسئولية شركة التأمين عن جبر الضرر الناجم عن توقف البص عن العمل باعتبار هذا التوقف ضرر غير مباشر والذي نشير إليه في البدء في إطار هذا النقاش أن مخالفة الحكم المطلوب مراجعته لسابقة صدرت من إحدى دوائر المحكمة العليا لا يشكل في حد ذاته مخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية أو القانون ولا يكون سبباً لإخضاع الحكم للمراجعة إذ أن مثل هذا الاختلاف إن وجد لا تأثير له على الحكم وصدور حكم من دائرة من دوائر المحكمة العليا غير ملزم لدوائرها الأخرى إذ أن لكل دائرة أن تستقل بفهمها إلا أنه لجهة أن المحكمة العليا معنية بوحدة تفسير القانون وسلامة تطبيقه فإن هذا يقتضيها مناقشة ما أثارته السابقة في حال طرحه كدفاع والذي نشير إليه في هذا الصدد أنه لا خلاف مع السابقة في أن شركة التأمين غير ملزمة بموجب عقد التأمين بتعويض الأضرار غير المباشرة إلا أننا نختلف معها تماماً في اعتبار توقف العربة أي البص المخصص لنقل الركاب عن العمل وما يفوت به من كسب ضرراً غير مباشر في جميع الأحوال والضابط في اعتبار توقف البص عن عمله المعتاد ضرراً مباشراً أو غير مباشر يتوقف على الظروف والملابسات المحيطة بهذا التوقف ففوات الكسب نتيجة لتوقف البص عن العمل خلال المدى الزمني الضروري واللازم لإصلاح ما لحقه من تلف من جراء الحادث يعتبر ضرراً مباشراً لتعلقه المباشر بجبر الضرر ولا يكون تمام جبر الضرر إلا بإعادة الحال إلى ما كان عليه وتعويض ما فات من كسب خلال الفترة التي استغرقتها هذه الإعادة وإلا كان الوفاء بالالتزام منقوصاً وفي شأن مسئولية شركة التأمين عن الأضرار المشار إليها فإنها تكون ملزمة بموجب عقد التأمين بتغطية المسئولية المدنية للمؤمن ويتسع نطاق هذه المسئولية ليشمل تعويض كافة الأضرار المباشرة المتوقع منها وغير المتوقع ويكون التعويض بقدر ما لحق الدائن من خسارة وما فاته من كسب شريطة أن يكون ما أصاب المضرور نتيجة طبيعية للفعل الضار وفي إطار هذا النظر إذا كانت شركة التأمين مقدمة طلب المراجعة تُسلم بموجب عقد التأمين بمسئوليتها عن جبر الأضرار الناجمة عن الحادث ونسبة المشاركة فيه ومقدار التعويض المحكوم به فإنها تكون ملزمة كذلك بموجب ذات العقد بتغطية مسئولية المؤمن بجبر الضرر المرتد المتمثل في فوات الكسب نتيجة لتوقف البص عن العمل خلال فترة إصلاح التلف وإعادة الحال إلى ما كان عليه وفترة التوقف التي يشملها التعويض هي المدى الزمني الضروري واللازم لإصلاح التلف في الأحوال المعتادة ولا اعتبار لفترة التوقف التي تسبق البدء الفعلي في إصلاح التلف أو تلك التي تكون بعد انتهاء الأمد المشار إليه كما أنه لا اعتبار لقيمة التذكرة في الأحوال الاستثنائية التي تزيد فيها القيمة أو تنقص وبتطبيق هذا الضابط في تحديد مدة التوقف المشمولة بالتعويض نجد أن شاهد المدعى بالحق المدني حددها ما بين سبعة أيام إلى عشرة في حين حددها شاهد المدعى عليه بستة أيام وباعتبار المتوسط بين الحدين الأدنى هنا وهناك نجده يزيد عن ستة أيام ولا يتجاوز السبعة وعليه نعتمد السبعة أيام جبراً للكسر العشري كمدى زمني مشمول بالتعويض وبالنتيجة إذا كان الحكم المطلوب مراجعته قد اعتمد كافة مدة التوقف عن العمل دون أن يضع أي اعتبار لمسئولية المضرور في تخفيف الضرر فيكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله الأمر الذي يقتضي التدخل بتعديل الحكم بما يتفق مع النظر المتقدم وعليه يقتصر التعويض عن فوات الكسب على سبعة أيام بدلاً عن 34 يوماً ويكون بذلك جملة التعويض المستحق ناتج جملة مبلغ التعويض المحكوم به البالغ قدره 112200 ديناراً مقسوماً على 34 مضروباً في 7 أي حاصل: 122110×7 =- 231002 ديناراً34
وهذا ما يصير إليه الحكم بعد التعديل فيما يتعلق بوجه الحكم موضوع المراجعة
القاضي: الباقر عبد الله علي
التاريخ: 4/5/2008م
أوافق
القاضي: صلاح التجاني الأمين
التاريخ: 5/5/2008م مع احترامي التام للأخوين الكريمين ورغم اتفاقي معهما في الفهم العام بأن عدم الحكم بالتعويض عن الضرر غير المباشر وكونه غير ملزم لشركة التأمين ليس على إطلاقه كما أن أحكام المحكمة العليا وإلزاميتها من دائرة على دوائر أخرى ليس على إطلاقه أيضاً وبما أن مقدم طلب المراجعة قد طلب طلباً واحداً ألا وهو إلغاء قرار المحكمة العليا المؤيد لقرار المحاكم الأدنى فإني لم أجد به ما يخالف الشريعة الإسلامية أو القانون لنراجع قرار المحكمة العليا ولما كان قرار المحكمة العليا لم يخرج عن الإطار الذي ذهب إليه صاحب الرأي الأول في أسبابه ولم تكن به مخالفة للشريعة الإسلامية وكان طلب مقدم طلب المراجعة إلغاء كل قرار المحكمة العليا وليس تعديله أرى أن نشطب الطلب وأن نؤيد الحكم المطلوب مراجعته.
القاضي: الرشيد التوم محمد خير
التاريخ: 6/5/2008م بالرجـوع لحكـم محكمة الاستئناف بالرقم/م أ/أ س ج/138/2004م الذي تأيـد من قبل المحكمة العليا فـي الشـق الأول منه فيما يتعلق بعدم الحكم بالمـدة التي توقفتها العربة مـن جـراء الحادث لأن الطلب لم يقـدم من صاحب العربة ومالكها المسجلة باسمه بل تقدم به السائق أوافق الزميل فـي الرأي الأول في أنه يتعين أن يشمل التعويض ما لحق المضرور من ضـرر وما فاته من كسب وتوقف العربـة عن العمـل من جراء الحادث يمثل ضـرراً واضحاً لصاحبها يتعين جبره بالتعويض عمـلاً بالقاعدة الشرعية القائلة بأن لا ضرر ولا ضرار مما يتفق والعدل والشرع الحنيف وحتى ولو قلنا بوجـود سابقة شاردة تخالف هـذه الرؤيـة فالسوابق القضائية ما هي إلا وجهات رأي تتفق وتختلف وليست نصوصاً شرعيـة أو قانونية واجبـة التطبيق فهـي مجرد اجتهـاد في الآراء يمكـن العدول عنـه وقد جاء فـي رسالة سيدنا عمر بن الخطاب لأبي موسى الأشعري وهي أس القضـاء:
" فلا يمنعك قضاء قضيت فيه اليوم فراجعت فيه رأيك فهديت فيه لرشدك أن تراجع فيه الحق فإن الحق قديم لا يبطله شيء ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل "عليه أوافق الزميلين في الرأي الأول والثاني في الأسباب والنتيجة ولا أرى خلافاً كبيراً بينهما والزميل صاحب الرأي الثالث غير أنه يرى تأييد الحكم الصادر من المحكمة العليا " موضوع المراجعة " برمته لعدم مخالفته لأحكام الشريعة الإسلامية أو القانون بيد أن صاحبي الرأي الأول والثاني يريان أن فترة التوقف في حساب المتوسط لا تزيد عن الأسبوع وليست أربعة وثلاثين يوماً حسب البينة المطروحة فخفضا التعويض لهذا المقدار وأرى أنهما أصابا في ذلك لأن أخذ غير المستحق من قبل طالب التعويض يشكل ظلماً وضرراً يجب رفعه أيضاً
" سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم "
صدق الله العظيم
القاضي: الصديق يونس إبراهيم
التاريخ: 27/5/2008م
أوافق على ما جاء في الرأي الثالث لأسبابه وخلاصته
الأمر النهائي:
يعدل الحكم موضوع لمراجعة ليقتصر التعويض عن فوات الكسب على سبعة أيام بدلاً عن 34 يوماً ويكون جملة التعويض المستحق ناتج جملة مبلغ التعويض المحكوم به والبالغ قـدره 1122009 ديناراً مقسوماً علـى 34 مضروباً في 7 بحصيلة: 1122009×7 = 231002 ديناراً34
جعفر صالح محمد أحمد
قاضي المحكمة العليا
ورئيس الدائرة
15/6/2008م