المحكمة العليا
بسم الله الرحمن الرحيم
دائرة ولايتي البحر الأحمر وكسلا ببورتسودان
القضاة:
سعادة السيد/ إبراهيـم محمــد المكــي قاضي المحكمة العليا رئيساً
سعادة السيد/ عبد الرحيـم عبد السيــد قاضي المحكمة العليا عضواً
سعادة السيد/ عبدالرحيم عبدالوهاب التهامي قاضي المحكمة العليا عضواً
حكومة السودان //ضد// ع خ هـ
م ع/ ط ج/132/2008م
القانون الجنائي لسنة 1991م - المادة (179) - الصك المردود - إدانة الشخصية الاعتبارية - تمثيل الشخص الطبيعي للشخصية الاعتبارية - مدى تأثره بالعقوبة
المبدأ:
إن تمثيل الشخص الطبيعي للشخصية الاعتبارية لأغراض إجراءات المحاكمة في قضايا الصك المردود لا يترتب عليه توقيع عقوبة سالبة للحرية في مواجهة الشخص الطبيعي إذا كان توقيعه على الشيك المردود من حساب الشخصية الاعتبارية قد تمَّ في إطار واجباته الوظيفية من غير سوء قصـد.
المحامون:
الأستاذ/ الطيب الفاضلابي عن الدفاع
الحكــم
القاضي: عبد الرحيم عبد الوهاب التهامي
التاريخ: 18/11/2008م
حاصل الوقائع كما يتبين من سائر الأوراق أن قاضي جنايات كسلا أصدر بعد سماعه لقضية الاتهام واستجوابه للمتهم قراراً تحت المادة 141(1) من قانون الإجراءات الجنائية بشطب الاتهام القائم في مواجهة المتهم تحت المادة (179) من القانون الجنائي وإخلاء سبيله وذلك على أساس أن الوقائع والبينات التي طرحت ذات طابع مدني ولا ترقى لإدانة المتهم تحت التهمة المنسوبة إليه في حالة اكتمالها لم يجد هذا القرار قبولاً لدى محكمة استئناف كسلا الدائرة الجنائية وقضت في مذكرتها ( س ج /190/2008م) بتاريخ 20/7/2008م بإلغاء قرار محكمة الموضوع وإعادة القبض على المتهم والسير في إجراءات محاكمته بعد توجيه تهمة له تحت المادة (179) من القانون الجنائي وحيث لم يقبل المتهم بالحكم المذكور أعلاه طعن فيه عن طريق محاميه الأستاذ/ الطيب الفاضلابي بالطعن الماثل من حيث الشكل الطعـن مقبول طالما كان الثابت أنه قدم خلال القيد الزمني الذي نصت عليه المادة (184) من قانون الإجراءات الجنائية ومن مجمل أسبابه يلتمس الطاعن إلغاء حكـم محكمة استئناف كسلا وتأييد قرار محكمة الموضوع بشطب الاتهام في مواجهة موكله تحت المادة 141(1) من قانون الإجـراءات الجنائية مقرراً في ذلك أن عناصر التهمة التي وجهتها النيابة إلى المتهم تحت المادة (179) من القانون الجنائي لم تتوافر في الوقائع والبينات التي طرحها الاتهام لأن المتهـم لم يكن صاحب الحساب ولا مظهر أو محرر الشيك المرتد وإنما انحصر دوره في التوقيع الثاني حسب قانون الشركات وبعد إطلاعي على الوقائع والبينات المطروحة أجد أن كل ما ينعي به الطاعن الحكم المطعون فيه من أسباب نعي غير سديد ولم يكن في محله وقد جاء حكم محكمة الاستئناف وفقاً لصحيح القانون حيث أن الثابت أن المتهم الماثل وآخر هارب لم يتم القبض عليه قاما بالتوقيع على الشيك المرتد موضوع المحاكمة من حساب شركة (اوقدف للاستثمار) مقابل تسهيلات مصرفية منحها الشاكي ( البنك الزراعي) للشركة المذكورة والثابت أن المتهم الماثل يعمل موظفاً لدى الشركة المذكورة وأنه وقع على الشيك تحت هذه الصفة وأن المتهم الهارب هو المالك لها وطالما أن الشيك ارتد في تاريخ استحقاقه من غير صرف لعدم وجود رصيد يقابل مبلغه فإن قاضي الموضوع قد استعجل في شطب الاتهام في مواجهة المتهم الماثل استناداً على نص المادة 141(1) من قانون الإجراءات الجنائية بدعوى أن النزاع ذو طابع مدني وما خلص إليه قاضي الموضوع في هذا الشأن هو تطبيق غير صحيح للقانون طالما أن الغرض من نص المادة (179) من القانون الجنائي هو حماية الشيك نفسه كأداة ائتمان قابلة للتداول وهذا لا يمنع من مجابهة الشركة صاحبة الحساب كشخصية اعتبارية لهذه الإجراءات في شخص المسئول عن توقيع الشيك المرتد الصادر من حسابها والدفع به للتداول مع العلم بأنه لا يقابله رصيد ومواجهة الشخص الطبيعي المسئول عن أعمال الشركة بالإجراءات الجنائية في مثل هذه الحالة نيابة عن الشركة كشخص اعتباري يأتي بدواعي استحالة التمثيل الحقيقي والفعلي للشخصية الاعتبارية أمام المحكمة لمجابهة الإجراءات التي تتخذ في مواجهتها ولذلك تصح استمرار هذه الإجراءات في مواجهة المتهم المذكور طالما كان الثابت أنه قام بالتوقيع على الشيك المرتد من حساب شركة (اوقدف للاستثمار) بصفته موظفاً لديها ولا بد لمحكمة الموضوع أن تحقق عما إذا كان توقيعه على الشيك المرتد تمَّ في إطار وظيفته كمستخدم في هذه الشركة أم بدافع شخصي ولمصلحته الشخصية حتى يتسنى لها أن تصل إلى العقوبة المناسبة لأن تمثيل الشخص الطبيعي للشخصية الاعتبارية لأغراض إجراءات المحاكمـة لا تترتب عليها توقيع عقوبـة سالبه للحريـة فـي مواجهة الشخص الطبيعـي إذا كان توقيعه على الشيك المرتد من حساب الشخصية المعنوية قـد تم فـي إطار واجباته الوظيفية من غير سوء قصد لأن العقوبة في مثل هـذه الحالة تقـع علـى أي أمـوال منقولة أو عقارية تخص الشخصية الاعتبارية ومما سلف أرى أن حكم محكمة الاستئناف محل هذا الطعن جاء محققاً لهـذه المقاصد ومن ثم أرى رفض الطعن وتأييد الحكم المطعـون فيه.
القاضي: عبد الرحيم عبد السيد
التاريخ: 20/11/2008م
تلاحظ أن قـرار محكمـة الموضوع كان بموجـب المـادة 141(1) من قانـون الإجراءات الجنائية لسنة 1991م وقدم استئناف بشأنه لمحكمة استئناف ولاية كسـلا وقد قبلت الاستئناف شكلاً وفـي تقديـري أن هذا الإجـراء غير صحيح ذلك لأن الحكـم محل الاستئناف لم يكـن حكـماً بالمعنى الوارد في المادة (179) من قانـون الإجراءات الجنائـية لسنة 1991م لعدم توافـر متطلبـات المادتين (166) و(167) من ذات القانون لذلك لا يجوز استئنافه إلا أنه يمكن معالجته عـن طريق الفحص راجع حكومة السودان //ضد// عثمان محمد أحمد الفكي المنشـورة بمجلة الأحكام القضائية 1977م ص 68 ولذلك كان على محكمـة الاستئناف أن تقبل الطلب باستعمال سلطتها تحـت المادة (188) إجـراءات جنائية 1991م باعتباره طلـب فحص
أعود لموضوع الطعن وأرى ما أرتاه الأخ صاحب الرأي الأول وهو تأييد الحكم المطعون فيه
القاضي: إبراهيم محمد المكي
التاريخ: 22/11/2008م
أوافق على ما انتهى إليه زميلي صاحب الرأي الأول وعلى إضافة الزميل صاحب الرأي الثاني
الأمر النهائي:
لا نرى سبباً للتدخل
إبراهيم محمـد المكــي
قاضي المحكمة العليا
ورئيس الدائرة
23/11/2008م