سابقة منشورة بمجلة 1970
سابقة منشورة بمجلة 1970
محكمة الإستئناف المدنية
حكومة السودان ضد أحمد حامد مصطفى
م أ / م ك / 541/1970
المبادئ
قانون العقوبات- الإستفزاز الشديد المفاجئ- المادة 249 (1) من قانون العقوبات- تذكير المتهم بحادث إرتكاب الفاحشة فيه مع الفاعل بعد مضي مدة طويلة من الزمن مع بعض الإصرار ما يفهم منه إن الفاعل سوف يفعلها مرة ثانية تقع تحت الإستفزاز الشديد المفاجئ
تذكير المتهم بحادث إرتكاب الفاحشة فيه مع الفاعل بعد مضي مدة طويلة من الزمن مع الترداد والتكرار و مع بعض الإصرار خاصة إذا كان التكرار فيه ما يفهم منه إن الفاعل سوف يفعلها مرة ثانية لا شك هذا ينطوي على إستفزاز شديد مفاجئ تقع تحت المادة 249 (1) من قانون العقوبات
الحكم
المحامي: الأستاذ/ محمود عزالدينعن المتهم
عثمان الطيب (رئيس القضاء)- يناير 9/1971- أنعقدت المحكمة الكبرى في أم روابة في 25/8/1970 لمحاكمة المذكور أعلاه متهماً بأنه في 4/3/1970 بسوق أم روابة طعن المتوفي رباح مريود بسكين وسبب وفاته وبذلك يكون مرتكباً جريمة القتل العمد التي يعاقب عليها تحت المادة 251 من قانون العقوبات أدانته المحكمة تحت هذه المادة وحكمت عليه بالإعدام
أصيب المتوفي بطعنة في أسفل العنق أخترقت عمق ستة بوصات وقطعت الشرايين ونتج عنها نزيف حاد أدى إلي الوفاة في نفس الوقت عندما كان المتوفي منقولاً من المكان الذي طعن فيه إلي المستشفى أعترف المتهم في كل أطوار الإجراءات بأنه طعن تلك الطعنة وقبض عليه هو في طريقه إلي نقطة البوليس لكي يسلم نفسه وأستلمت منه سكينه التي كان يحملها وهي تقطر دماً
و قد تأسفت المحكمة الكبرى- وهو ما أشاركما فيه- إن البوليس في أثناء التحري لم يجد أحداً من الناس يعطي بينة عما حدث بين المتهم والمتوفي في اللحظات الأخيرة بينما كان الحادث في السوق وبين المتاجر ولم يكن أمام المحكمة إلا أقوال المتهم توجد مقدمة تاريخية مهمة لابد من ذكرها وهي إنه في حوالي 1952 عندما كان المتهم في حوالي السادسة أو السابعة من عمره إلتقى به المتوفي في خارج الحلة وإن المتوفي إرتكب الفاحشة في المتهم و وصل الامر إلي البوليس والمحكمة وتحاكم المتوفي عن تلك الجريمة بالسجن حوالي سبعة سنوات ولم يكن المتوفي أن يدخل تلك الحلة بعد ذلك وقبل أشهر من حادث القتل حضر أحمد مريود لشقيق المتوفي الى الحله ووقعت شكله بينه وبين والد المتهم وسبب والد المتهم ازى لشقيق المتوفيوتحاكم بالسجن لمده ثلاثه اشهر
وفي يوم الحادث كان المتوفي يريد أن يأخذ بعض أغنامه إلي سوق أم روابة لبيعها فركب اللوري من حيث وجده وكان اللوري يمر على حلة المتهم وفي خارج الحلة أنزل اللوري المتوفي وأغنامه لكي يعود له فيما بعد ولعل ذلك بسبب إن المتوفي ممنوع من دخول تلك الحلة أو لأن اللوري سيشحن جوالات ومحصول والإغنام يجب أن تكون فوقها وكان المتهم يريد أن يأخذ بعض الصمغ لبيعه في السوق وركب المتهم وعندما خرج اللوري من الحلة ركب المتوفي وتحدث المتهم مع من في اللوري مستنكراً وجود المتوفي هناك و وصلوا المدينة وذهب المتوفي إلي زريبة الحيوان وذهب المتهم إلي سوق الصمغ وفي العصر تقابلا في القهوة حيث حصل الطعن
قال المتهم في يومية التحري للمتحري وللقاضي الذي دون إعترافه وكرره أيضاً أمام قاضي الإحالة وأمام المحكمة الكبرى إن المتوفي وجده جالساً في القهوة وذكره بأنه إستعمله وإنه سيستعمله بعد ذلك وإنه لا يستطيع أن يفعل له شيئاً ويقول المتهم إنه كان يحاول أن يبتعد عنه وكرر له المتوفي ذلك القول وأنه قام من القهوة وتبعه المتوفي يكرر له ذلك القول أو ما يماثله وقال المتهم إنه قد حصل له إستفزاز شديد ومفاجئ وأخرج سكينه و طعن بها المتوفي أقتصر المتهم في أقواله للمتحري وللقاضي الذي دون في أقواله في يومية التحري على هذا أما في أقواله أمام قاضي الإحالة و أمام المحكمة الكبرى فإنه بعد أن ذكر الأفعال الإستفزازية أضاف إن المتوفي كان يحمل عصاه وإنه رفع العصاة لكي يضربه بها وهو بادر بإخراج السكين وطعن المتوفي بها دفاعاً عن نفسه
رفضت المحكمة قبول أقوال المتهم عن الدفاع عن نفسه لأنها لو كانت صحيحة لقالها المتهم من أول الأمر وثانياً لم توجد حول المتوفي أي عصاه هذا معقول وإني أوافق المحكمة عليه وأيضاً لم تصدق المحكمة المتهم في أقواله عن الإستفزاز وقررت المحكمة إنه حتى لو كان المتهم صادقا فإن حادث إرتكاب الفاحشة معه كان في وقت بعيد ويفقد عنصر الفجائية
السيد محامي المتهم في مذكرة إستئنافه يركز على وجود الإستفزازز حسب أقوال المتهم وإني أميل إلي موافقته ليس الإعتماد على واقعة إرتكاب الفاحشة البعيدة ولكن الإعتماد على على تكرارها حسب ما ذكر المتهم أولاً لا يوجد ما يمنع من أخذ أقوال المتهم وتصديقها وكونه أضاف اليها قوله إن المتوفي كاني ريد أن يعتدي عليه بعصاة وإنه إستمعل حقه في الدفاع عن النفس وكوننا رفضنا الأقوال الأخيرة المضافة لا يقوم كمبرر رفض عدم تصديق تلك الأقوال
إن حادث إرتكاب الفاحشة في المتهم وهو صبي أعتقد ليس من السهل عليه نسيانه وإنه كان أعتدى على المتوفي عند رؤيته بدون أي بادرة من المتوفي فإنه يكونو معتدياً بدافع الإنتقام والتشفي ولا يحق له أن يستند على الإستفزاز الشديد المفاجئ ولكن تذكيره بها وذكرها له مع الفاعل نفسه مع الترداد والتكرار ومع بعض الإصرار خاصة إذا كان التكرار فيه ما يفهم منه سيفعلها مرة ثانية وإنه (أي المتهم) لا يستطيع أن يفعل شيئاً لا شك إن هذا ينطوي على إستفزاز شديد و مفاجئ ويحق للمتهم أن يدعي إنه فقد السيطرة على أعصابه وأستل سكينه وطعن بها المتوفي
إن المتهم والمتوفي ركبا اللوري معاً وسار بهما الساعة والساعتين ولم يحاول المتهم أي إعتداء على المتوفي عند أول مقابلة وما بعدها و أفترقا في السوق كل ذهب إلي شأنه وحضر المتهم وجلس في القهوة وجاءه المتوفي وصار ينبش له تلك الذكريات الرديئة ويكررها له ويحاول المتهم أن يبتعد يقوم من القهوة ويمشي في السوق ويلاحقه المتوفي ويكرر الحادث في إصرار ويزيد عليه إنه يمكنه أن يستعمله مرة أخرى وهو لا يستطيع أن يفعل شيئاً في هذه الظروف إن المتهم قد فقد السيطرة على أعصابه إذ إستفز إستفزازاً بشديداً ومفاجئاً مما يعطيه الحق للإستفادة من الإستثناء الاول للمادة 249 (1) من قانون العقوبات و يخفف الجريمة من القتل العمد إلي القتل الجنائي
التي أستبدل إدانة المتهم تحت المادة 251 من قانون العقوبات بالمادة 253 من قانون العقوبات وأصدر عليه الحكم بالسجن لمدة أربعة عشر (14) سنة إبتداء من يوم وضعه في الحراسة