سابقة منشورة بمجلة 1971
سابقة منشورة بمجلة 1971
محكمة الاستئناف المدنية
الدائرة الجنائية
تأييد محكمة كبرى
حكومة السودان ضد جمعة أبكر محمود
م أ/م ك/290/71
:المبادئ
قانون العقوبات – المادة 249(4) – معنى العراك المفاجئ – تسبيب الموت – القتل والاحقاد السابقة – اسفل الجسم ليس بموقع حساس
في المادة 249(4) – يقصد بالمعركة المفاجئة أن تكون وليدة اللحظة التي حدثت فيها سواء تم اللقاء بين الخصمين صدفة أو بناء علي ميعاد لاي غرض غير القتل والأعتراك
الحكم
عثمان الطيب رئيس القضاء- 15/3/73
أدانت المحكمة الكبرى المتهم بالقتل العمد تحت المادة 251 ق ع وحكمت عليه بالإعدام وذلك لأنه في يوم 20/1/71 طعن المدعوة يعقوب يوسف بسكين علي فخذه الأيسر وسبب له جرحا ونزيفا حادا أديا لوفاته بعد سويعات من الحادث
قال المتهم انه تصارع والمتوفى ووقعا علي الأرض إلى أن فرق بينهما ولكنه لم يطعن المتوفى ولم يكن يحمل سكينا أثبت شاهدا الاتهام اللذان حضرا المصارعة وتدخلا بين المتصارعين بغرض إبعادهما من بعضهما أن المتوفى قال أن المتهم طعنه وفي نفس الوقت وجدت السكين في مكان الحادث وثبت أنها سكين المتهم ووجد غمدها خاليا في ذراع المتهم بهذا قد ثبت بدون أدني شك أن المتهم طعن المتوفى
كانت الطعنة بأسفل الفخذ الأيسر من الداخل وصلت الشريان الرئيسي أدت إلي نزيف وصدمة كانتا سبب الوفاة أن الفخذ ليس مكانا حساسا من الجسم ولكن السكين وهي سلاح قاتل عندما تستعمل بقوة في الجزء الأسفل من الجزء اللطيف من الفخذ وتخترقه حتى تتلف العضل وتصل إلى الشرايين ويشتد النزيف الذي يؤدي إلى الوفاة في نفس الوقت فإن العلم يكون برجحان الوفاة وليس نتيجة محتملة فقط لتلك الطعنة
إلى هذا فإن المتهم قد ارتكب جريمة القتل العمد الموصوفة في المادة 248 (ب) من قانون العقوبات وبعد هذا يثور السؤال ما إذا كان للمتهم أن يستفيد من أي واحد أو اكثر من الإستثناءات الواردة في المادة 249 من قانون العقوبات أجابت المحكمة علي هذا السؤال بالنفي أني لا أتفق معها وأري أن المتهم له أن يستفيد من الاستثناء الرابع وهو حدوث معركة مفاجئة بدون تدبير ولم يستغل فيها المتهم ظرفا غير موات للمتوفى وانه طعن المتوفى في لحظة اشتعال الحماس في تلك المعركة
الوقائع كما وجدتها المحكمة هي: كان المتوفى زوج شقيقة المتهم وكان بين الزوجين مشاكل زوجية استمرت بعض الوقت حتى بعد أن انفصلا بالطلاق وهذه المشاكل أوجدت حقدا بين المتوفى وأهل زوجته ولم يذكر شئ في البيانات عن تدخل المتهم في المشاكل بين المتوفى ومطلقته وفي يوم الحادث وفي المساء كان المتهم سائرا ومعه أسامه فضل (شأ3) في طريقهما من السوق إلى الحلة والتقيا بالمتوفى وهناك دخلا في مشادة وتصارعا ووقعا علي الأرض وفي أثناء تلك المصارعة أصيب المتهم بجرح سطحي بالأذن اليسرى وورم بلوحة الكتف اليسرى أصيب المتوفى بالجرح في الفخذ الذي أدي إلى وفاته والذي أحدثه المتهم بسكينه التي كان يلبسها في ذراعه
قالت المحكمة الكبرى الآتي (( رغم أن عراكا قد حدث بين الطرفين فلم تكن هناك مفاجأة إذ أن ما بين الطرفين معلوم لدى كل سكان الحلة قبل أسبوع أو أكثر وحتى إذا افترضنا أن هناك عراكا مفاجئا بين الطرفين فقد ثبت أن المتهم تصرف بقسوة واستعمل سكينه بقوة ظاهرة رغم انه لم يصب إلا بتورم بسيط))
قررت المحكمة أن معركة قد وقعت بين المتهم والمتوفى وقررت أن تلك المعركة لم تكن مفاجئة لوجود حالة من التوتر في العلاقات بينهما وهي حالة معروفة كما أضافت المحكمة الكبرى في فقرة سابقة أن المتهم كان قد غير طريقة قاصدا الالتقاء بالمتوفى عندما رآه علي البعد ليس هذا تعليلا مقبولا وذلك لان عنصر المفاجأة يأتي في بداية الاشتباك والدخول والاستمرار في المعركة مع عدم سبق الإصرار من جانب المتهم علي الإصابة سبب الموت
وبعبارة أخري أن المعركة كانت وليدة اللحظة التي حدثت فيها سواء أن اللقاء قد تم صدفة أم بتدبير وميعاد لأي غرض آخر غير القتال والعراك وأن حالة التوتر في العلاقات بين المتوفى وعائلة المتهم ليس إلا مقدمة للاستفزازات التي سبقت المعركة وكانت سببا له
في هذه القضية فان اللقاء قد حصل بالصدفة بدون تدبير ولا تفكير من جانب المتهم انه كان في طريقة من السوق إلى الحلة ولم يكن يخطر بباله لقاء المتوفى فضلا عن الاعتداء عليه وعندما التقيا تبادلا أحاديث الاستفزاز – البينة لا تبين ما حصل وبعدها تصارعا إلى أن وقعا في الأرض ويظهر أنها كانت مصارعة عنيفة وأصيب فيها المتهم واشتد الحماس وفي أثناء ذلك الحماس اخرج سكينه وطعن بها المتوفى
كانت السكين في ذراع المتهم وهي السلاح العادي الذي يتواجد مع كل إنسان في بيئته وفي ساعة الحماس الناشئ عن المعركة فانه أمر عادة أن يستلها ويستعملها بالرغم من أن المتوفى لم يكن يحمل سكينا مماثلة فانه لا يمكن أن يقال أن المتهم استغل ظرفا غير موات للمتوفى
أني أرى أن المتهم له أن يستفيد من الاستثناء الرابع للمادة 249 من قانون العقوبات لتخفيف الإدانة من القتل العمد للقتل الجنائي وأرى أن الحكم المناسب هو السجن لمدة أربع عشرة (14) سنة من يوم وضعه بالحراسة
إني استبدل إدانة المتهم بالقتل العمد تحت المادة 251 من قانون العقوبات بإدانته بالقتل الجنائي تحت المادة 253 قع والحكم عليه بالسجن لمدة أربع عشرة (14) سنة من يوم وضعة بالحراسة