سابقة منشورة بمجلة 1971
سابقة منشورة بمجلة 1971
محكمة الاستئناف المدنية
الدائرة الجنائية
تأييد محكمة كبرى
حكومة السودان ضد حماد عدلان وآخرين
م أ/ م ك/ 469/1971
:المبادئ
قانون العقوبات – المادة 88/253 – تقديرالعقوبة – دفع الدية المنشور الجنائي رقم 18 – عقوبة الاحداث
دفع الدية لا يؤثر على ما يصدر ضد الاحداث من أحكام وذلك لأن هذه الأحكام لا يقصد بها العقوبة وإنما يقصد بها الإصلاح لهم
المحامون: الأستاذ الحاج الطاهر احمد عن المتهمين
:الحكم
عمر بخيت العوض قاضي المحكمة العليا بالإنابة بتفويض من رئيس القضاء 29/4/72 هذا طلب للاستئناف تقدم به الأستاذ حاج الطاهر المحامي عن المتهمين حماد عدلان محمد وحامد عدلان محمد والمامون حماد محمد وصالح حامد أحمد طاعنا في الحكم الصادر بسجن المتهمين الثلاثة الأوائل بالسجن مدى الحياة وضد الرابع بالارسال للإصلاحية لمدة أربع سنوات
قد أصدرت الحكم محل الطعن محكمة كبرى انعقدت في رجل الفولة بتاريخ 2/12/1971م
في عريضة الاستئناف لا يوجد شئ بالنسبة لإدانة المتهم الأول حيث ذكر المحامي المستأنف أن المتهم الأول ربما يكون مذنبا تحت المادة 253 من قانون العقوبات ولكنه يرى أن عقوبته بالسجن مدى الحياة معقولة أو ملائمة لما سارت عليه السوابق
أما عن المتهمين الباقين فإن المستأنف يدعى عدم انطباق المادة 89 على هذه القضية بحجة أن المتهمين الثلاثة الآخرين لم يكونوا غائبين وقت وقوع الحادث حسب ما جاء في الفقرة السابقة من مذكرة الاستئناف
وأخيرا يرى المستأنف أن محكمة الموضوع قد أخطأت عندما لم تأخذ في الاعتبار ما أتفق عليه الأطراف من دفع دية القتيل وأن هذا لم يظهر في تخفيفها للحكم كما أنه يعيب على محكمة الموضوع أنها أعلنت في محكمة مفتوحة توصيتها بتخفيف حكم السجن المؤبد إلى مدد أقل لانه يرى حسب التعديلات الاخيرة لقانون التحقيق الجنائي وحسب المنشورات الجنائية فإن أحكام المحاكم الكبرى لا ترسل للسلطة المؤيدة إلا في حالات أحكام الاعدام
هذا هو ملخص دفوع الاستاذ المستأنف وسنتعرض لها واحدة بعد الاخرى دون محاولة لإعادة تكرار وقائع الادانة التي توصلت إليها محكمة الموضوع
(1)
فيما يتعلق بالادانة عموما فإننا نجد أن محكمة الموضوع قد توصلت للإدانة الصحيحة بالنسبة للمتهم الأول عندما وجدته مذنبا تحت المادة 253 عقوبات بإعتبار أن الموت حدث في أثناء مشاجرة بين الفريقين ومحامي المستأنف نفسه يبدون أنه مقر بهذه الحقيقة وعليه لا نجد ما يدعو للتدخل فيها
(2)
أما عن بقية المتهمين فقد ثبت من البينات اشتراك هؤلاء المتهمين في المشاجرة كما ورد في ملخص الوقائع ولكنا نتفق مع محامي المستأنف في ان المادة 89 من قانون العقوبات لا انطباق لها هنا
ان المادة سالفة الذكر تأتي في مجال التطبيق عندما تكون هناك جريمة الاشتراك قائمة بذاتها وأنها تمت قبل وقوع الجريمة الاصلية التي كانت نتيجة للإشتراك بحيث يصبح من الممكن محاكمة الشريك بصورة منفصلة
وبعد اثبات هذه الواقعة فإن حضور المتهم أثناء ارتكاب الجريمة المشترك فيها بأي وجه من وجوه المادة 82 عقوبات فإن هذا الحضور يجعله واقعا تحت نطاق المادة 89 من قانون العقوبات
أما في الحالة الأخرى عندما تكون وقائع الاشتراك قد حدثت ومعاصرة للجريمة الاصلية ففي هذه الحالة لا تنطبق المادة 89 من قانون العقوبات
وبالرجوع إلى قانون العقوبات الهندي نجد أن المادة 89 عقوبات السودان تضاهي المادة 114 من قانون العقوبات الهندي على أنه لتطبيق المادة 114 هندي لابد من اتمام جريمة الاشتراك ابتداء وبوجود فاصل زمني بينها وبين الجريمة التي تمت وبحيث يمكن محاكمة المتهم استقلالا على هذا الاشتراك وثانيا لابد من حضور ذلك الشريك أثناء وقوع الجريمة
(راجع انتلال الطبعة 21 الصفحات 259 وما بعدها)
وفي هذه القضية نجد أن المتهمين الاربعة عندما غادروا محل سكنهم لم يكن يتوفر لديهم اي عنصر من عناصر التحريض أو الاتفاق الجنائي أو أعمال المساعدة كما لم يكن لديهم قصد جنائي واحد وإنما حضروا لاسترداد عجلة بطريق سلمي ولكن نشبت المشاجرة بينهم وبين الفريق الاخر فجأة وكل واحد منهم يقصد امرا يختلف عن الاخر ولكنهم جميعا يعلمون أن الموت سيكون النتيجة الراجحة بسبب ما كانوا يحملون من اسلحة
ولما كانت البينات قد أوضحت أن الشخص الذي طعن المرحوم هو المتهم الاول فإن بقية المتهمين مذنبون تحت المادة 253/88 من قانون العقوبات وعليه فإنني اؤيد ادانة المتهم الأول تحت المادة 253 وأعدل ادانة المتهم الثاني والثالث والرابع لتكون تحت المادة 253/88 من قانون العقوبات
عند هذه النقطة سنتعرض لدفع المستأنف بشأن أحكام الدية وعن دفعه بشأن التوصية وارسال الأحكام للسلطة المؤيدة
في هذه القضية قد أثبت أن هناك عرفا قبليا بين هؤلاء المتهمين والمجنى عليه بدفع الدية وأنهم يعيشون حياة قبلية تحترم هذه العادة وقد ثبت أمام محكمة الموضوع أن الاطراف قد اتفقوا على دفع الدية وأن محكمة الموضوع قد قبلت ذلك وأصدرت حكمها بتوصية بتخفيف العقوبة إذا دفعت الدية
إن محكمة الموضوع لم تخطئ في شئ من حيث تطبيق القانون عندما راعت الظروف الخاصة بدفع الدية وأنها أوصت بالتخفيف مع ارسال الأوراق للسيد رئيس القضاء للتأييد لانها أصدرت عقوبة بالسجن المؤبد
وليس صحيحا أن الأوراق ترسل للتأييد في حالة الحكم بالإعدام فقط كما ورد في مرافعة المحامي المستأنف لان المادة 251 من قانون التحقيق الجنائي(تعديل 1970) أوجب إرسال الإجراءات للتأييد في حالتي الاعدام والسجن المؤبد
وعليه فإن المحكمة الكبرى عندما أرسلت الأوراق للتأييد لم تكن مخطئة
وتبقى لدينا الآن مسألة ملاءمة العقوبة بالسجن المؤبد ضد المتهمين الأول والثاني والثالث وأمر الارسال للإصلاحية لمدة أربع سنوات ضد المتهم الرابع
إن عقوبة السجن المؤبد هي أقصى درجات العقوبة تحت المادة 253 عقوبات ومحكمة الموضوع لم توضح لنا الأسباب التي جعلتها توقع هذه العقوبة القصوى وقد جرت السوابق على أن تكون العقوبة بين عشر سنوات وأربعة عشر سنة سجنا
وفي هذه القضية لم نلاحظ شيئا شاذا يجعل المحكمة تميل إلى تطبيق الحد الاقصى وعليه نرى أن تكون عقوبة المتهم الأول هي السجن لمدة عشرة سنوات
أماالمتهمان الثاني والثالث فإن دورهما في المشاجرة كان كبيرا إلى حد ما ولكنه لم يصل إلى دور المتهم الأول وعليه فإنني أرى أن تكون عقوبتها السجن لمدة سبع سنوات لكل وفي حالة المتهم الرابع فإننا نرى أن هذا المتهم حدث لم يتجاوز عمره الرابعة عشر والنظر إليه مختلف عن بقية المتهمين لانه لا يرسل للسجن في هذا العمر ولكنه يحتاج إلى رعاية أخرى وهذه الرعاية تتقرر بعد الحصول على تقارير مراقبي الأحداث إن وجدوا في المنطقة أو من مشايخ المنطقة ولكن المحكمة الكبرى لم توضح لنا شيئا عن هذا الحدث ولما كان من دون سوابق فإننا نفترض فيه حسن السلوك ولكن ما زالت هناك نقطة وهي هل تتأثر معاملة الحدث بأحكام دفع الدية؟؟
1- ان المتهمين الراشدين يستفيدون في أحيان كثيرة من ذلك بتخفيف العقوبة إذا دفعت الدية ومنظورا إلى ما صدر ضدهم من أحكام إنما هي عقوبات ولكن ما يصدر ضد الاحداث والذين تقل أعمارهم عن السادسة عشرة لا يمكن ان يكون بأي حال من الأحوال عقوبة وإنما هو إصلاح
ولذلك فنحن لا نرى لدفع الدية من أثر على الأحداث الذين تقل أعمارهم عن السادسة عشر بخلاف الاحداث الذي تزيد سنهم عن السادسة عشر وترى المحكمة أنه من الملائم إرسالهم للسجن ففي الحالة الأخيرة يمكن أن تتدخل فكرة الدية لتخفيف ما صدر ضده من عقوبة
وعليه فإنني أرى أن يرسل المتهم الرابع للإصلاحية لمدة سنتين بإعتبارها الحد الادنى ولان جريمته ليست من الجرائم التي يستحسن أن تطبق فيها الإجراءات الاخرى وعليه فإنني أعدل العقوبات كالآتي:
المتهم الأول السجن لمدة عشر سنوات وإذا دفعت الدية يعدل السجن لثلاث سنوات من تاريخ وضعه بالحراسة
المتهمون الثاني والثالث تعدل العقوبة للسجن لمدة سبع سنوات تحت المادة 88/253 من قانون العقوبات وإذا دفعت الدية يسجن كل منهما سنتين من تاريخ إيداعهما بالحراسة
المتهم الرابع يرسل للإصلاحية لمدة عامين فقط