سابقة منشورة بمجلة 1971
سابقة منشورة بمجلة 1971
محكمة الاستئناف المدنية
(الدائرة الجنائية )
تأييد محكمة كبري
حكومة السودانضدطه هارون إبراهيم
م أ/م ك/201/71
:المبادئ
قانون العقوبات- استعمال حق الدفاع الشرعي عن النفس – المادة61(2)ق عس – التخوف من حدوث الموت أو الأذي الجسيم – يكفي أن يكون التخوف تصورياً علي وشك الوقوع- لايشترط عند استعمال حق الدفاع التكافؤء الفعلي بين العدوان والرد عليه
(1)
لاستعمال حق الدفاع عن النفس عند حدوث تخوف قد يفضي إلي الموت أو الاذي الجسيم لايشترط أن يكون الاعتداء حقيقا وأنما يكفي أن يتصور من يستعمل حق الدفاع أن الاعتداء وشيك الوقوع شريطة أن يكون تصوره قد بني علي أسباب معقولة
(2)
لايشترط فيمن يستعمل حق الدفاع الشرعي أن يكون رده علي العدوان متكافئا تكافوءا دقيقا مع العدوان وانما يجوز بذل القدر المناسب من القوه تبعا للظروف القائمة
الحكم
صالح محمد علي عتيق قاضي المحكمة العليا بتفويض من رئيس القضاء – 15/12/1971
بعد الاطلاع علي إجراءات هذه المحكمة وباستقراء البينات الواردة أري انه لا يمكنني الموافقة علي القرار بإدانة هذا المتهم تحت المادة 251 من قانون عقوبات السودان أو أية مادة أخرى
أنني أوافق المحكمة في قرارها بان حقا للدفاع الشرعي عن النفس قد نشأ لصالح هذا المتهم ولكنني أخالفها الرأي بأنه استعمل قدرا أكثر من اللازم في ممارسته لهذا الحق
لقد ثبت أن المتهم أصيب بضربة أحدثت جرحا في الجانب الأيمن من رأسه طوله أربع بوصات وعمقه الطبقات الطرية للرأس وانه احدث نزيفا غزيرا وعلى كل حال فان نشوء حق الدفاع الشرعي عن النفس لا يتطلب بالضرورة حدوث الأذى بل ينشأ بمجرد بدء التخوف علي أسباب معقولة ولا يشترط أن يكون الاعتداء حقيقيا بل يكفي أن يكون تصوريا علي وشك الوقوع ومبنيا علي أسباب معقولة
ولما كان هذا الحق مبنيا علي المبدأ الذي يلزم الشخص بمساعدة نفسه فلا يتطلب منه أن ينتظر مكتوف اليدين إلي أن يصاب بالأذى بل عليه أن يبادر بدرء الخطر قبل وقوعه وكما لا يلزمه باختبار نوع السلاح المناسب أو أن يكيل الضربة بضربة بل عليه أن يقضي على خصمه قبل أن يقضى الأخير عليه
ولا يفهم من هذا إساءة استعمال هذا الحق ببذل قدر أكثر من اللازم لرد العدوان بل يجب أن يكون مناسبا ولا يعني التناسب هنا المطابقة أو التكافؤ بين القوتين وإنما يعني قدرا مناسبا من القوة أو الأذى تبعا للظروف القائمة حتى ولو كان أكثر من العدوان في الواقع بشرط ألا تزيد بشكل واضح فالمسألة تقديرية مع ملاحظة أنه لا يمكن أن يطلب من الدفاع أن يكيل ضرباته بميزان من الذهب
ويمتد هذا الحق تحت شروط معينة إلي تعمد تسبيب الموت إذا كان الفعل المراد دفعه اعتداء بتخوف أن يحدث منه الموت أو الأذى الجسيم إذا قام هذا التخوف علي أسباب معقولة أو كان اغتصابا أو تهجما لإشباع شهوة غير طبيعية أو خطفا لإنسان أو استدراجا له – المادة 61 من القانون
وعليه فان حق الدفاع الشرعي عن النفس يبدأ فور خوف معقول من حدوث الموت أو الأذى الجسيم ناجم عن الشروع في اعتداء أو تهديد باعتداء ولو لم يكن قد وقع بالفعل فالمعيار الصحيح هو بدء التخوف من حدوث أي منهما من اعتداء واقع أو علي وشك الوقوع وان يكون ذلك التخوف مبنيا على أسباب معقولة وفي هذه الحالة علي المدافع أن يستعمل قدرا مناسبا من القوة لدرء الخطر عنه ولا يعني ذلك كما ذكرت سابقا أن يكيل الضربة بضربة مماثلة
لقد جاء في اعتراف المتهم أن ثلاثة أشخاص قابلوه في الطريق واعتدوا عليه بالضرب واثبت القرار الطبي وجود جرح بالجبهة ناتج عن استعمال آله صلبة فالشخص الذي يهاجم بتلك الطريقة وفي تلك الساعات من الليل لابد أن يتخوف من حدوث الموت أو الأذى الجسيم وله أن يبادر بدرء الخطر عنه وعلاوة علي ذلك فان المتهم لم يسدد للمجني عليه سوى طعنه واحدة من مدية كان يحملها
وعليه فإنني اقرر أن هذا المتهم لم يستعمل قدرا أكثر من اللازم للدفاع عن النفس ولذا استبدل قرار الإدانة بالبراءة وأمر بإطلاق سراحه في الحال