سابقة منشورة بمجلة 1971
سابقة منشورة بمجلة 1971
المحكمــة العليـــا
القضاة
سعادة السيد/ مهدي محمد أحمد قاضي المحكمة العليا رئيساً
سعادة السيد/ هنري رياض سكلا قاضي المحكمة العليا عضواً
سعادة السيد/ دابراهيم الحاج موسى قاضي المحكمة العليا عضواً
بتي عبدالقادر بتي مقدم الطلب والمدعي
ضــــــــد
محمود عبدالله مقدم ضده الطلب والمدعي عليه
م ع / ط م / 58/72
المبادئ
قانون المرافعات المدنية- في إختصاص المحكمة العليا- الوقائع في الدعوى- تطبيق القانون على الدعوى وتكييفها- ما تتدخل فيه محاكم الإستئناف- قانون تقييد الإيجارات- إعادة حيازة العقار للإستعمال الشخصي أقام المدعي (مقدم الطعن) دعواه أمام المحكمة الجزئية للحكم له بإخلاء العقار الذي كان المدعي عليه (مطعون ضده) يشغله كمستأجر وأستند المدعي في دعواه على قيام الحاجة الشخصية الماسة لإستعادة حيازة العقار قضت المحكمة الجزئية بشطب الدعوى على أساس إن الحاجة الشخصية الماسة لم تثبت أمامها وأيدت المحكمة الكلية قضاء المحكمة الجزئية
-1-
تحصيل الوقائع المادية للدعوى وفهم واقع حالها مسألة موضوعية تقوم على الأدلة وتقديرها أمام محكمة الموضوع وهو ما لم تشأ المحكمة الأعلى أن تتدخل فيه أما تكييف واقع الدعوى وما يستنتج من وقائعها مما ينطوي على إجتهاد و نظر في تطبيق القانون فهو مسألة قانونية تقع ضمن ما ينعقد فيه الإختصاص للمحكمة لعليا
-2-
تقرير وجود الحاجة الشخصية الماسة لأغراض رد حيازة العقار للمالك طبقاً للمعاني التي أرستها السوابق القضائية مسألة تنطوي على إجتهاد ونظر في القانون مما ينعقد فيه الإختصاص للمحكمة العليا
الحكم
26/10/1972
يطعن مقدم الطلب بطريق الطعن في قرار محكمة الخرطوم الكلية الصادر بتاريخ 20/8/1972م في إعادة النظر 181/1972م والقاضي بتأييد حكم محكمة الموضوع بشطب دعوى الطاعن للإخلاء بسبب الحاجة الماسة للإستعمال الشخصي
تتلخص الوقائع في أن الطاعن أقام دعوى مدنية أمام محكمة الخرطوم الجزئية ضد المطعون ضده يلتمس فيها إخلاء الدكان موضوع النزاع لحاجته الماسة إليه لإستعماله في مزاولة تجارته وبعد أن أستمعت محكمة الموضوع إلي البينات التي ساقها الطرفان خلصت إلي أن الطاعن فشل في إبراز الدليل على حاجته الماسة ومن ثم قضت بشطب الدعوى وقد أيدت المحكمة الكلية قضاء محكمة الموضوع ومن ثم تقدم الطاعن بهذا الطعن
ومبنى الطعن حسبما يتضح من عريضة الطعن هو إن قضاء محكمة الموضوع المؤيد بالحكم المطعون فيه ينطوي على خطأ في القانون ويمضي الطاعن في بيان ذلك فيعدد إن الظروف بعدم توافر الحاجة الماسة لم تستخلص إستخلاصاً سليماً من الوقائع الثابتة
وفي مستهل هذا الحكم نرى إنه من المفيد إيراد مقدمة مقتضبة بغية إلقاء الضوء والتعرف على طبيعة أوجه الطعن التي أنطوى عليها هذا الطعن فيما مضى وقبل صدور قانون المرافعات المدنية لسنة 1972م لم تكن التفرقة بين ما هو قانوني وما هو موضوعي على درجة كبيرة من الأهمية فكل المحاكم بما فيها محكمة الإستئناف كانت محاكم وقائع وقانون ولذلك لم يتطور فقه قانوني وافر حول هذه التفرقة إلا أنه رغم عدم وجود نص يحظر الخوض في المسائل الموضوعية فقد أستقر قضاء محكمة الإستئناف حينذاك على إحترام قضاء محاكم الموضوع في المسائل الموضوعية ولم تكن تتعرض له إلا في أحوال نادرة هنا ليس مجال حصرها وقد أنتهجت محكمة الإستئناف هذا النهج إستناداً على إن قاضي الموضوع أقدر على تقدير الدليل بحكم سماعه للشهود ومراقبتهم أثناء تأدية الشهادة والأحكام في القضايا التالية تنهض دليلاً على ذلك: الجالية الأغريقية ضد بتيت بازار (1956) المجلة القانونية ص4 وقطان ضد قطان (1957م) المجلة القانونية ص35
وبعد صدور قانون المرافعات المدنية لسنة 1972م وإنشاء المحكمة العليا بولايتها المتخصصة أصبحت التفرقة بين المسائل القانونية والموضوعية ضرورة لازمة لأنه عن سبيل هذه التفرقة ينعقد الإختصاص للمحكمة العليا بحكم أنها محكمة قانون فقط
لقد سلفت الإشارة إلي أن مبنى الطعن هو خطأ قرار قاضي الدعوى بعدم توافر الحاجة الماسة ومن ثم يتعين علينا تحليل قضاء محكمة الموضوع بغية التعرف على ما أنطوى عليه ذلك القضاء من إجتهاد في القانون ومدى الخطأ والصواب في ذلك الإجتهاد إن وجد في قضية الجالية الأغريقية ضد بتيت بازار التي سبقت الإشارة إليها تطرقت محكمة الإستئناف إلي التمييز بين الوقائع والقانون فقد فرقت بين إثبات الوقائع المادية التي تستند عليها الدعوى وبين النتائج التي يتم التوصل إليها عن طريق الإستنباط من تلك الوقائع وخلصت إلي إن التحقق من الوجود المادي للوقائع أو ما يطلق عليه تحصيل فهم الواقع مسألة موضوعية تقوم على تقدير الأدلة وقضاء محكمة الموضوع فيها محل الإحترام أما النتائج التي تستنبط من تلك الوقائع وهو ما يطلق عليه تكييف واقع الدعوى فقد ينطوى على إجتهاد ونظر في القانون ولذلك فهي في حل من التعرض له وقد كانت المسألة المطروقة أمام المحكمة هي إستمرار المستأجر في حيازة العقار المؤجر وقد ثبت إن المستأجر ظل يحتفظ بمفاتيح العقار وأستخلصت محكمة الموضوع من تلك الواقعة إستمرار الحيازة وقد أنتهت محكمة الإستئناف إلي أن ذلك الإستخلاص لم يكن سائغاً وقضت بنقض الحكم المطعون فيه
والمسائل المطروحة في الدعوى محل الطعن الحالي تدور حول الحاجة الماسة وجوداً وعدماً وتقرير وجود أو عدم وجود تلك الحاجة طبقاً للمعاني التي أرستها السوابق القضائية يدخل في نطاق تكييف واقع الدعوى وبالتالي فهو ينطوي على نظر وإجتهاد في القانون مما يقع في إختصاص هذه المحكمة
الثابت بإقرار الطاعن أنه ظل يعمل في تجارة الفحم منذ 20 عاماً وأنه ظل يمارس تلك التجارة في الأماكن المخصصة لها سواء في سوق الخرطوم بحري الرئيسي أو سوق المزاد المقفول أو سوق منطقة كوبر وثابت أيضاً وبإقرار الطاعن إن تجارته ظلت على ما كانت عليه ولم يتضمن المحضر أدنى دلالة على إن الطاعن قد توسع وأنتعش أو أستجد عليه أمر خلق الحاجة الماسة لمكتب خاص جوار عمله كما لم يتضمن المحضر دليلاً على وقوع ضرر من جراء عدم وجود مكتب لإدارة العمل
وما دام الأمر كذلك فإن النتيجة التي توصل إليها قاضي الدعوى هي النتيجة التي يؤدى إليها عقلاً إستقراء تلك الوقائع فالوقائع الثابتة بالمحضر لا تبرز أية حاجة ماسة لإستعمال المدعي للدكان المتنازع عليه ومن ثم لا محل للقول بأن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون
لما تقدم يتعين رفض الطعن وإلزام الطاعن بالمصاريف مع مصادرة الكفالة