سابقة منشورة بمجلة 1971
سابقة منشورة بمجلة 1971
المحكمة العليا
القضاة
سعادة السيد صلاح الدين شبيكة قاضي المحكمة العليا بتفويض من رئيس القضاء
حكومة السودان ضد إبراهيم بخيت بوك وآخرين
م أ/ م ك /106/70
المبادئ
قانون الاثبات – التعرف على المتهم في طابور الشخصية – بينة التعرف – عرض صورة المتهم على الشهود ضمن صور أخرى قبل الطابور- منشور المحاكم الجنائية رقم(40) – انتحال الشخصية تلقت سلطة بنك باركليز بشارع الجامعة خطابًا بتاريخ 2/4/68 بتوقيع عبد الحميد المهدي وأولاده وعلى إحدى أوراقهم المطبوعة باسمهم يطلب إليهم تحويل مبلغ 4225 جنيه لفرعهم بمدني باسم علي بشير محمد زين وكان ذلك في حوالي 6/4/68 وفي مدني تقدم شخص يحمل جواز سفر باسم علي بشير محمد زين لسلطات البنك وتمكن من صرف المبلغ اتضح فيما بعد أن عبد الحميد المهدي وأولاده لم يرسلوا ذلك الخطاب وأن جواز السفر لم يكن يخص الشخص الذي تمكن من استلام المبلغ تم القبض على المتهم بعدما تعرف الشهود على صورته من بين مجموعة من الصور وتمكنت سلطات البوليس من العثور على جزء من المبلغ لدى المتهمين الثاني والثالث عرض المتهم في طابور للتأكد من شخصه وتم التعرف عليه
(1)
بينة الشهود وتعرفهم على المتهم في طابور الشخصية في بعض قضايا إنتحال الشخصية بينة أساسية تجوز بموجبها الإدانة
(2)
إذا تعدد الشهود فيجب إجراء طابور للشخصية منفصل لكل شاهد على حدة بغرض التعرف على شخص المتهم
(3)
تعرف الشهود أو أيهم على صورة المتهم المعروضة عليه ضمن عدة صور لا يعيب بينة التعرف عليه في طابور الشخصية بقدر ما يكون بينة منفصلة
المحامون
صلاح مرحوم عن المتهمين
الحكم
14/9/1970
حوكم المتهم الأول إبراهيم بخيت بوك والمتهم الثاني رجب توتو والمتهمة الثالثة نفيسة عبد الخير أمام محكمة كبرى عقدت بالخرطوم في يوم 8/3/1970 وأدين المتهم الأول تحت المادة 362 و410 من قانون العقوبات السودان وصدر ضده الحكم بالسجن لمدة سبع سنوات والغرامة بمبلغ 3588250 ملم ج على أن يسجن في حالة عدم الدفع لمدة ثلاث سنوات أخرى
وأدين المتهم الثاني والمتهمة الثالثة تحت المادة 353 وحكم على كل منهما بالغرامة مبلغ مائتي جنيه لكل منهما وقد دفعا الغرامة
قدم السيد صلاح مرحوم المحامي عن المتهمين استئنافا يطعن فيه في قرار المحكمة الكبرى مستندا على الأسباب الآتية:-
(1)
أن بينة طابور الشخصية لا تصلح دليلا للإدانة
(2)
لم يطبق المتحري الشروط المنصوص عليها في المنشور القضائي رقم(40) الخاص بإجراءات طابور الشخصية وأن المتحري عرض صور شمسية للمتهم الأول على الشهود قبل إجراء طابور الشخصية
(3)
ساقت المحكمة أسبابا ضعيفة للإدانة منها أن المتهم ظل متخفيا عن العدالة لمدة طويلة وان البوليس ضبط مبلغ ستمائة جنيه تخص المتهم الأول في حيازة المتهم الثاني والمتهمة الثالثة فضلاً عن ذلك فإن المحكمة توصلت إلى استنتاج خاطئ وهو أن المتهم الأول نزع صورة المواطن علي بشير محمد زين من جواز السفر رقم 99943 خاصة ذلك المواطن واثبت صورته هو ليتمكن بذلك من أن يتقدم بوثيقة لاثبات شخصيته أمام سلطات البنك بمدني
أولا:لنبدأ بالدفع المتصل بطابور الشخصية
إن محامي المتهم أشار إلى كتاب ساركار(الطبعة الحادية عشر ص88) مجمل شرح هذا المؤلف للقاعدة الهندية هو أن الشهادة التي يدلي بها أي شاهد بشأن تعرفه على متهم معين ليست بشهادة أساسية يستفاد منها في تأييد أو مخالفة بينة أخرى
وقد جاء هذا الشرح للمادة 9 من قانون الإثبات الهندي لسنة 1872 وهذا الشرح مبنى على سوابق قضائية هندية
في رأيي أن إتباع هذا الحذر والحيطة مرده إلى ضرورة عدم الإعتماد كلياً على إدراك الشاهد ومقدرته على التعرف على المتهم ووجوب توفر بينة أخرى تربط المتهم بالجريمة
على أنني أرى إن هذه القاعدة ليست بمطلقه ففي بعض القضايا ومنها قضايا الاحتيال فإن شخصية المتهم والتعرف عليه تكون أساسية فالتهمة تقوم على أساس إن المتهم انتحل شخصية رجل آخر وهو الركن الأساسي في المادة 358 من قانون العقوبات وفعله يعاقب عليه تحت المادة 362(أ) وعليه فإن البينة الأساسية المبدئية هي تعرف الشهود على المتهم وهنا لدينا بينتان بينة تدل على أن شهود الاتهام الثالث والرابع والخامسوهم من موظفي البنك تعرفوا على المتهم الأول حينما كان في داخل بنك بار كليز بواد مدني وقد قرروا جميعا حينما عرضت عليهم صور كثيرة بواسطة البوليس من بينها صورة المتهم الأول أن صورة المتهم تمثل أوصاف الشخص الذي دخل البنك وصرف مبلغ 4225 جنيه باعتبار أنه على بشير محمد زين صاحب جواز السفر الذي كان يحمله المتهم الأول والذي حول باسمه المبلغ من بنك باركليز شارع الجامعة الخرطوم ولو عرضت على الشهود صورة واحدة للمتهم الأول لكانت بينة الشهود معيبة وبينة الأخرى تدل على أن هؤلاء الشهود تعرفوا على المتهم الأول في طابور الشخصية الذي أجرى بعد القبض على هذا المتهم
لقـد ذكـر محامي المتهمين أن ملاحظ البوليس الذي أجرى طابور الشخصية لم يطبق الشروط الواردة في منشور المحاكم الجنائية رقم (40) وعلى وجه التحديد ذكر أن تعرف الشهود على المتهم في وقت واحد وبعد الاطلاع على الشهادة التي أدلى بها ملاحظ البوليس تبين لي أن كل شاهد تعرف على المتهم الأول في طابور للشخصية منفصل كما جاء في الفقرة 4(ج) من المنشور المذكور أما ما ذكره المحامي بشأن التعرف على صورة المتهم الأول فإن هذا لا يعيب طابور الشخصية بل يعتبر دليلا مستقلاً لتعرف الشهود على صورة المتهم الأول حسب إدراكهم وملاحظاتهم لأوصاف المتهم
أنني أرى إن البينة التي أشرت إليها كافية لإدانة المتهم الأول وبالإضافة لهذه البينة فهناك قرينة ضد المتهم وهي وجود مبلغ ستمائة جنيه تخصه في حيازة المتهم الثاني والمتهمة الثالثة ولم يستطع المتهم الأول أن يقدم تفسيراً معقولاً لمصدر هذا المبلغ
فيما يتصل بإدانة المتهم الأول تحت المادة 410 فإنني أرى أن البينة التي أدلى بها شهود الاتهام الثالث والرابع والخامس تسوغ للمحكمة أن تستنتج أن المتهم الأول استعمل جواز سفر مزور وليس ضروريا أن يقدم الاتهام جواز السفر للمحكمة بل أن بينة الشهود تكفي في حالة عدم وجود جواز السفر فمن غير المعقول عقلا أن يقدم المتهم الأول دليل إدانته بنفسه
مما تقدم نخلص إلى أن إدانة المتهمين صحيحة وأؤيد رئيس المحكمة في تقديره للعقوبة بالنسبة للمتهم الأول فإن الجريمة المخططة أمر حديث في مجتمعنا ولا بد من محاربتها بتوقيع عقوبة تردع المتهم الأول والآخرين من إرتكابها في المستقبل
وعليه يتعين تأييد الإدانة والحكم بالنسبة لجميع المتهمين