سابقة منشورة بمجلة 1971
سابقة منشورة بمجلة 1971
محكمة الاستئناف المدنية
القضاة
سعادة السيد/ صالح محمد عتيق قاضي المحكمة العليا (بتفويض من رئيس القضاء)
حكومة السودان ضد حواء حمد حامد
م أ / م ك/ 524/70
المبادئ
قانون العقوبات-تسبيب القتل- زوال العقل بالجنون أو المرض-المادة 50(أ) من قانون العقوبات – زوال العقل قبل أو بعد الحادث – مستوى زوال العقل – المنشور الجنائي رقم(21) كانت المتهمة زوجة للمجني عليه وأما لطفلته قبل الحادث بإيام اعترى المتهمة خلل في العقل حمل ذويها على اخذها لشيخ وتولى علاجها حتى تحسنت حالتها مما مكنها من إدارة شئون بيتها حتى ليلة الحادث وفي تلك الليلة أبدى الزوج المجني عليه رغبته في أن ينام على بعد من المتهمة بينما كانت المتهمة ترغب أن يشاركها المجني عليه الفراش ويبدو أن الزوج تلفظ بما يفيد أن خليلته تفضل المتهمة كامرأة وعندما نام المجنى عليه انهالت عليه المتهمة بفأس أصابته بها عدة مرات على الرأس والعنق ثم خبأت الفأس وحاولت الفرار توفى المجني عليه بعد ساعات من الاصابة
/1/
اختلال العقل السابق أو اللاحق للفعل قد يكون بينة ظرفية توضح الحالة العقلية للمتهم ساعة إرتكاب الحادث
/2/
درج القضاء السوداني على الاكتفاء في حالات إثبات إختلال العقل بأن يكون الاثبات في مستوى الترجيح فقط وليس فوق مستوى الشك المعقول
المحامون
التجاني عمر الكارب عن المتهمة
الحكم
4/4/1971
بعد الاطلاع على إجراءات هذه المحاكمة وباستقراء البينات الواردة يتضح أن المتهمة أصيبت بعد الوضع باختلال في قواها العقلية فأصبحت كما وصفها شاهد الدفاع الذي تولى علاجها بطريقة التعاويذ تصدر أصواتا كنباح الكلاب أو صياح الديك وأن حالتها تحسنت بعض الشيء وأخيراً أخذها أهلوها لزيارة قبة الفكي ابو سارة ثم انتقلت لمنزل الزوجية وعاشت فيه ما يقرب من الأربعة أشهر ارتكبت بعدها جريمتها هذه
تنص المادة 50(أ) من قانون العقوبات على أنه لا جريمة من فعل يقع من شخص تعزوه وقت ارتكابه ذلك الفعل القدرة على إدراك ماهية أفعاله وما يترتب عليها من المسئولية الجنائية لأنه غير مدرك لنتائجها وغير قادر على تشكيل تصور إجرامي فالجنون الذي يسبق الفعل أو يخلفه لا تنعدم معه المسئولية الجنائية وإنما المقصود هو ما يكون قائما عند ارتكاب الفعل المحظور
فالحالة العقلية السابقة للفعل أو اللاحقة له قد تكون بينة لإمتدادها لوقت ارتكابه
وبالرجوع إلى التقارير الطبية لا أجد بكل أسف ما يشير إلى حالة المتهمة العقلية في وقت ارتكاب الجريمة ولم يتيسر للمحكمة استجواب أي من الأطباء الثلاثة الذين باشروا الكشف على المتهمة بسبب تغيب بعضهم عن الوطن وبسبب ترك أحدهم العمل بوزارة الصحة وإذا رجعنا إلى تصرفات المتهمة بعد الحادث مباشرة نجد أنها كانت غير عادية إذ قالت لأول شخص قابلها أن زوجها مريض وعلى وشك أن يموت هذا في الوقت الذي اعتدت فيه على الزوج بفأس وسددت إليه عدة ضربات وتركته يلفظ أنفاسه الأخيرة ويتضح أيضا من تقرير ضابط السجن أن المتهمة كانت في حالة ذهول لفترة من الزمن ثم زالت تلك الحالة تدريجيا وبدأت تزاول العمل مع السجينات الأخريات – وأخيرا تذكرت ابنها وبنتها وطلبت السماح لها بالذهاب إليهما
ويؤيد القرار الأخير مستند الاتهام الثامن الذي يوضح أنها تحسنت بعد العلاج ويمكن المثول أمام المحكمة
ولو أن منشور المحاكم الجنائية رقم 21 ينص على أنه يجب على المتهم أن يثبت بقطع الشك المعقول أنه كان فاقداً لشعوره واختياره وقت ارتكاب الفعل بسبب الجنون إلا أن السوابق القضائية جميعها قد درجت على تخفيف هذا العبء لدرجة الترجيح فقط وبعبارة أخرى فإن القدر اللازم للإثبات لا يفوق العبء الذي يقع على أحد طرفي النزاع في القضية المدنية
وتدفع المتهمة بأنها كانت تعاني من نوبات عصبية لا تعي معها شيئا وأنها قد تكون اعتدت على زوجها بتلك الوحشية في نوبة من تلك النوبات ولقد ثبت أنها كانت فاقدة الوعي قبل الحادث ولم يفلح الشيخ الذي أخذت إليه في علاجها تماما بل تركها بعد أن تحسنت حالتها بعض الشيء هذا بالإضافة إلى تصرفاتها الغريبة بعد ارتكاب الجريمة مباشرة واستمرار ذهولها عند وقوع الحادث
وعليه فإنني أعدل قرار الإدانة ليس على أن المتهمة قتلت زوجها عمداً ولكنها كانت مختلة العقل وقت ارتكاب الجريمة وأمر بإرسالها إلى محافظ المديرية المختص بكردفان بموجب المادة 285 من قانون التحقيق الجنائي