سابقة منشورة بمجلة 1971
سابقة منشورة بمجلة 1971
محكمة الاستئناف المدنية
القضاة
سعادة السيد صالح محمد عتيق قاضي المحكمة العليا( بتفويض من رئيس القضاء)
حكومة السودان ضد محمد على الحسين
م أ/ م ك/ 188/71
المبادئ
قانون الإثبات – اقوال الشهود- الإختلاف في اقوال الشهود في النقاط الجوهرية- الإختلاف في الاقوال وما له من أثر كان المجني عليه يشغل منزل المتهم كمستأجر له وفي ليلة الحادث جاء المتهم ليستخلص بعض الايجار المتأخر من المجني عليه ولكن الاخير كما يبدو لم يتمكن من الدفع لهذا ثار المتهم وامسك بتلابيب المجني عليه واساء إليه ومزق ملابسه كان المتهم قد تعاطى بعض السكر قبل حضوره لمنزل المجني عليه ثم كانت مشاجرة ومصارعة كانت نتيجتها أن اصيب المجني عليه بجرح في الراس ادى إلى الوفاة فيما بعد اختلفت أقوال الشهود بالنسبة للأداة التي استعملت في الاذى كما اختلفوا على اشياء اخرى
الاختلاف في اقوال الشهود لا يؤثر على وزن البينة بحيث يجعل المحكمة تشكك فيها الا إذا كان متعلقا بالمسائل الجوهرية ولا أثر له إذا كان متعلقا بالمسائل الجانبية
المحامون
محمد يوسف مضوي – على إبراهيم الامام عن المتهم
الحكم
11/12/1971
بعد الاطلاع على إجراءات هذه المحكمة وباستقراء البينات الواردة فإنني أوافق المحكمة الكبرى في قرارها بادانة المتهم تحت المادة 254 من قانون العقوبات
لقد ثبت بالبينة الطبية وجود جرح صغير بفروة الرأس وأن الجمجمة كانت سليمة غير أن التشريح اثبت وجود تورم بالمخ مع نزيف داخلي وتمزق بالجزء الايمن منه ومن هنا يتضح ان القوة التي بذلت لتسبيب الاذى كانت خفيفة
يدفع المتهم بأن القتيل وقع على العمود الرئيسي للسرير"مرق العنقريب" الذي كان المتهم والمجني عليه يتجاذبانه وذلك بعد أن سقط بينهما وهذه الرواية لا يقبلها العقل فإذا تجاذب شخصان عصاة أو عودا فلابد من أن احدهما يفوز بها أو به دون غريمه ولا يمكن ان يسقط بينهما فلو كانت الرواية ان القتيل تمكن من أخذ الاداة بعد أن بذل قوة كبيرة وسقط على الارض وهي في يده أو وقع عليها لجاز قبول ذلك
وعلى كل حال فالبين المباشرة تؤكد بقطع الشك المعقول ان المتهم هو الذي سدد تلك الضربة التي اصابت القتيل على رأسه هذا بالإضافة لأقوال القتيل نفسه
أما الدفع بأن هناك اختلافاً بين أقوال شاهدي الاتهام فلا يؤثر ذلك في الوزن الذي يجب أن يعطى لشهادتهما شيئا
إن الإختلاف في المسائل الجوهرية هو الذي يجعل المحكمة تشك في الشهادة أما الاختلاف في المسائل الجانبية فلا يؤثر على وزن البيئة فقد اكد الشاهدان ان المتهم والمجني عليه كانا يتجاذبان في العمود بينهما أو كان العمود موصولاً باحدى أرجل السرير وأن المتهم استطاع ان يفصل القطعة الموصولة بالعمود ليضرب بها المجني عليه ضربة واحدة على الرأس
صحيح أن هناك اختلاف واضح بين شهادات الشهود فبينما تقول الشهادة"منى" في موضوع زجاجه رفض شاهد المحكمة ان يسلمها لها انها طلبت من شاهد المحكمة ولكنه رفض ولذلك اخذتها منه عنوة ورمت بها بعيدا إلا أن الشاهد الثاني للاتهام يقول ان"منى" طلبت منه ان يرميها ورماه بها فعلا وأنا أميل هنا لتصديق رواية الشاهدة "منى" لان شاهد الاتهام الثاني وهو رجل تدخل لفض النزاع لابد أن يكون مشغولا وان يكون ذهنه منصرفا كليا إلى فض النزاع دون ملاحظة المسائل الجانبية
وعلى كل حال فهذه الحادثة تتعلق بالملاحظات العامة أثناء المعركة ولا تؤثر في قيمة أو وزن البينة فعقل المشاهد لأية معركة يكون منحصراً في مصدر الخوف ولا يمكن ان يلم بالتفاصيل الدقيقة الجانبية التي تحصل من المتفرجين وعلاوة على ذلك فقوة الملاحظة تتفاوت بين الناس ويمكن لشخص واقف في مكان معين ألا يلاحظ ما يلاحظه الذي يقف معه في نفس المكان
لقد جمع الشاهدان على ان شاهد المحكمة"محمد احمد" كان يحمل زجاجة وان الشاهدة "منى" طلبت منه تسليمها لها أو رميها بعيدا يقول الشاهد انه رماها استجابة لها وهي تقول أنها أخذتها منه عنوة ورمتها بعد أن امتنع عن رميها وهذا الاختلاف لا يؤثر كثيرا كما ذكرت في قيمة ووزن البينة فيكفي أن الشاهد كان يحمل زجاجة وانها رميت بعيدا ولا يهم من هو الذي رماها
لقد ذهب هذا المتهم ووكيله شاهد المحكمة إلى منزل المجني عليه في ساعة متأخرة من الليل للمطالبة بالأجرة بخلاف المألوف ولابد أنهما كانا ينويان شراً ولذا يجب أن يكون العقاب رادعاً ولكن أخذت المحكمة في الاعتبار ظروف المتهم وخلو صحيفته من السوابق وأصدرت ضده حكما خفيفا وعلى كل فلا أرى ما يستوجب تدخلي لتخفيفه