سابقة منشورة بمجلة 1971
سابقة منشورة بمجلة 1971
محكمة الاستئناف المدنية
القضــاة
سعادة السيد/ مهدي محمد أحمد قاضي المحكمة العليا رئيساً
سعادة السيد / رمضان علي محمد قاضي المحكمة العليا عضواً
عثمان محجــوب مقدم الطلب والمدعي
ضــد
أيوب علي سليمان وآخر مقدم ضدهما الطلب والمدعى عليهما
م أ/أ ن/659/70
المبادئ
قانون تقييد تصرفات الأهالي في الأرض- بطلان البيع وإبطاله وموافقة المحافظ – تنازع الحقوق بموجب البيع والأسبقية فيها – ظروف البيع – التعويض بالنسبة لما أبطل من تصرف ومقداره باع المدعى عليه الأول أرضاًَ زراعية للمدعي في 25/3/1965 واستلم الثمن ووعد بالتسجيل ولكنه قام ببيع نفس الأرض للمدعى عليه الثاني في 2/12/65 وسجلها له طالب المدعى بتنفيذ البيع الأول له ولكن المحكمة رأت أن البيع الأول وقع باطلاً لمخالفة المادة (4) من قانون تقييد تصرفات الأهالي في الأرض
1)
موافقة المحافظ على تصرفات الأهالي في الأرض ليست شرطاً لازماًَ لاتمام العقد ولكنها شرط فاسخ للتصرف بمعنى أن العقد يقع صحيحاً ابتداء ولكنه يبطل إذا لم يكن الخصوص على الموافقة ممكناً بعد إبرامه أو في وقت لاحق له
2)
إذا وقع تصرفان أو أكثر عن بيع أرض دون أن تصاحبها موافقة المحافظ فإن الأمر يتحول إلى تنازع في الحقوق واسبقيتها ولتقرير أسبقية الحقوق وحمايتها لابد من اعتبار ظروف كل تصرف
3)
من الظروف التي تسبغ الحماية على التصرف وتوجب تنفيذه حسن النية وعدم العلم بالتصرف السابق له وليس أمام المحكمة إلا أن تحكم بالتعويض بالنسبة لما أبطلته من تصرفات ويكون التعويض مساوياً لما دفع من قيمة
الحكم
17/6/1971
هذه اعاده نظر ضد قرار القاضي الجزئي بالدويم المؤرخ 29/3/67 في الدعوى المدنية رقم 255/65 والقاضي برفض طلب التنفيذ العيني للبيع المبرم بين طرفي الدعوى والحكم لصالح مقدم الطلب بالتعويض حاصل إعادة النظر أن قرار محكمة الموضوع ببطلان عقد البيع الأول والذي ترتب عليه رفض التنفيذ العيني لعقد البيع انطوى على خطأ في تطبيق القانون
تتلخص الوقائع بالبينة في أن المدعى اشترى من المدعى عليه الأول أرضاً زراعية مساحتها 11012 فدان بالقطعة 488 مربوع أم جر مركز الدويم مقابل مبلغ ستين جنيها وقد تم البيع بتاريخ 25/3/1965 وقبض البائع الثمن ووعد بالتسجيل فيما بعد وفي يوم 2/12/1965 باع المدعى عليه الأول نفس الأرض للمدعى عليه الثاني نظير مبلغ 44 جنيها وسجلها باسم الأخير أقام المدعي الدعوى موضوع إعادة النظر هذه بطلب التنفيذ العيني للبيع وتغيير سجل القطعة إلى اسمه فرفضت محكمة الموضوع طلب التنفيذ اعتماداً على أن البيع الأول لم يتم بموافقة المحافظ كما تقتضي ذلك المادة 2 من قانون تقييد تصرفات الأهالي في الأراضي ولذلك وحسب منطوق المادة 4 من نفس القانون يقع البيع باطلاًَ ولذلك قضت بالتعويض فتقدم مقدم الطلب بإعادة للنظر ضد هذا القرار للسيد قاضي المديرية ثم لهذه المحكمة من بعده
والسؤال المطروح الآن أمام المحكمة هو مدى الآثار القانونية المترتبة على التصرفات في الأطيان بين السودانيين إذا تمت هذه التصرفات قبل الحصول على موافقة المحافظ وبعبارة أخرى هل يقع مثل هذا التصرف باطلاً أم يبطل في حالة رفض المحافظ الموافقة عليه؟ من المسلم به أن قانون تصرفات الأهالي قصد به حماية صغار الملاك من تغولات واستغلال أصحاب رؤوس الأموال خاصة الأجانب كما قصد به الحد من المضاربة في الأرض التي كانت تشكل المصدر الوحيد للرزق لأغلبية السكان والواضح أن المخاوف التي كانت في تصور الشارع حين سن القانون في 1918 لم تعد تشكل خطراً حقيقياً في الوقت الراهن بدليل أن محافظ مديرية الخرطوم منذ عام 1948 أعطى موافقة عامة على كل التصرفات في العقارات التي تتم بين السودانيين (أنظر الغازيتة رقم 793 بتاريخ 15/8/1948) كما أن المحافظين في المديريات الأخرى قد خولوا سلطاتهم تلك لرجال الإدارة الأهلية ورؤساء المحاكم الأهلية قبل إلغائها وهذا يبرز بوضوح أن تصديق المحافظ أصبح مسألة شكلية إذا كان الأطراف من السودانيين
هذا ومن ناحية أخرى فإن المادة 2(1) من قانون تقييد تصرفات الأهالي لا تنص على وجوب الحصول على موافقة المحافظ سلفا وأن المادة 4 من نفس القانون لا تنص على بطلان التصرف إذا لم يتم بموافقة المحافظ المسبقة وبخلاف عبارات المادة نفسها فإن بقية مواد القانون تبرز هذه الحقيقة كمان أن المادة 3 تبيح للمحافظ إعطاء موافقته اللاحقة لأي تصرف سابق تم بين سودانيين وبحسن نية نخلص من ذلك إلى أن موافقة المحافظ ليس شرطاً لازما لاتمام التصرف بل هي شرط فاسخ بمعنى أن العقد أو التصرف يقع صحيحاً ولكنه يبطل إذا فشل المتعاقدان في الحصول على موافقة المحافظ بعد إبرام العقد مباشرة أو في أي وقت لاحق
لذلك فإني أخالف محكمة الموضوع الرأي فيما ذهبت إليه بأن البيع الأول وقع باطلاً لعدم وجود موافقة المحافظ فهذه الموافقة يمكن الحصول عليها في أي وقت ولا يبطل البيع إلا إذا امتنع المحافظ عن الموافقة عليه وإذا كان البيع الأول صحيحاً ولا تنقصه سوى موافقة المحافظ التي يمكن الحصول عليها فتصبح المسألة المطروحة للفصل فيها مسألة تنازع حقوق وأسبقية بمعنى أي البيعين أولى بالحماية والتنفيذ وهذا يتطلب معرفة ظروف البيع الثاني فإذا كان المشتري الثاني قد اشترى بحسن نية ودون علم بالبيع السابق فهو أولى بالحماية وفي هذه الحالة لا يبقى أمام المحكمة سوى التعويض والذي لا يقل في نظري بأي حال عن المبلغ الذي دفع ثمناً للأرض أما إذا تبين أن المشتري الثاني لم يكن حسن النية وأنه اشترى مع علمه بالبيع السابق فيصبح البيع الأول أحق بالتنفيذ وفي هذه الحالة يمكن الكتابة للمحافظ وطلب موافقته وإصدار حكم ابتدائي معلق على موافقة المحافظ حسب السابقة القضائية إبراهيم فضل المولى ضد محمد بشير (1965) مجلة الأحكام القضائية ص 84
ولذلك أرى إلغاء حكم محكمة الموضوع وإعادة الأوراق للفصل في موضوع تفضيل الحقوق موضوع الدعوى والسير في الدعوى حسب ما جاء في هذه المذكرة