سابقة منشورة بمجلة 1971
سابقة منشورة بمجلة 1971
المحكمة العليا
القضاة
صاحب الفضيلة الشيخ/ محمد الجزولي نائب رئيس المحكمة العليا رئيساً
صاحب الفضيلة الشيخ/ احمد محمد ابوالقاسم قاضي المحكمة العليا عضواً
صاحب الفضيلة الشيخ/ سيد أحمد العوض قاضي المحكمة العليا عضواً
قضية فسخ زواج
قرار النقض رقم 7/72
الصادر في 12 ذي القعدة سنة 1392 هـ الموافق 18/12/ 1972م
:المبادئ
الأحوال الشخصية للمسلمين – عدم الرضا في الزواج – ما يدل على الرضا الضمني – التزام القاضي بتطبيق القانون وصحة أحكامه
-1
حصول شقاق بين الزوجين وأهلهما وبعد مدة قصيرة من وقت عقد الزواج يمنع استخلاص الرضا بالزواج مهما طالت الفترة بين العقد ورفع الدعوى ما داما لم يتعاشرا ولم يحصل دخول
-2
الأمثلة التي وردت بملحق المنشور الشرعي نمرة 54 في الدلالة على قبول الزواج انما ذكرت على سبيل المثال لمعيار الدلالة التي يمكن أن يستخلص منها القبول الضمني بشرط أن يكون ذلك التصرف مترتباً على عقد الزواج أو أثراً من آثاره
-3
مهمة القاضي هي تطبيق القانون سواء اقتنع بعدالته أم لم يقتنع ولا يشكل عدم اطمئنانه الشخصي سبباً مانعاً لتطبيقه بواسطته وله أن يبدي رأيه في تدوين أسباب حكمه أو في مقترحات للجهة التي لها حق التشريع
الوقائع
استوفيت إجراءات الطعن الشكلية
وبعد الاطلاع على الأوراق اتضح أن وقائع النزاع تتلخص فيما يلي
طلبت المطعون ضدها من المحكمة الجزئية بدعوى قدمتها في 30/11/1971- فسخ زواجها من الطاعن الذي تم في 13/8/1969 على يد والدها دون استشارتها أورضاها به مع أنها بالغ ولم يدخل بها بعد صادق والد المطعون ضدها على أنه زوجها من الطاعن بعد أن أخذ رأيها ورفضت صراحة الزواج من الطاعن وأنه أقدم على زواجها بعد تدخل والحاح من الأهل – صادق محامي الطاعن على حصول الزواج في التاريخ المذكور آنفاً وادعى أن الزواج تم بمشورتها ورضاها كلف اثبات قبولها بالزواج من الطاعن فسمى عددا من الشهود وقبل سماع شهادتهم رفضت المحكمة الدعوى وجاء في أسباب رفضها أن المادة السابعة من المنشور نمرة 54 تنص على أن البكر تستشار في زواجها فإذا رفضت القبول صراحة فلا تزوج إذا زوجت وهي غير راضية يفسخ العقد والزواج المطعون فيه تم في سنة 1969 ورفعت الدعوى في 30/11/1971 ومضى على ذلك أكثر من عامين ويجب ملاحظة الزمن الطويل الذي مضى بين عقد الزواج ورفع الدعوى وقررت المحكمة أنها ترى أنه على الرغم من أن ما يصدره قاضي القضاة يعتبر تشريعاً يجب اتباعه الا انها ترى في المنشور المذكور ما يجعلها تتردد في اصدار حكم تطمئن اليه النفس ولا يصح اطلاقا أن تصدر المحكمة حكما يخلو من الاطمئنان وترى أن المنشور المشار إليه لم يوضح المصادر التشريعية التي اعتمد عليها حتى يمكن الرجوع اليها وعليه فترى المحكمة عدم الأخذ بالمنشور في هذه القضية وأمثالها لأنه قد استغل استغلالا بشعاً في التفريق بين الأزواج – صدر الحكم الابتدائي في 6/3/1972م في 11/3/1972 تقدمت المحكوم عليها باستئناف الحكم الابتدائي واعادت دعواها امام المحكمة الاستئنافية وطلبت للأسباب التي ذكرتها امام المحكمة الجزئية فسخ زواجها والغاء الحكم الابتدائي – اصر محامي المستأنف ضده على قبولها بالزواج وادعى أنه اختلى بها خلوة صحيحة ولكن لم يدخل بها وأنه قام بكسوتها ثلاث مرات من تاريخ العقد وكلف اثبات قبولها بالزواج فجاء بثلاثة من الشهود أحدهم عمها وكيل والد الزوجة في العقد والثاني وكيل الزوج في العقد والثالث شاهد من شهود العقد – وشهد الأول أن والد المطعون ضدها وكله في مباشرة عقد زواجها من الطاعن وأنه لم يأخذ رأي المطعون ضدها أو يستشيرها في زواجها قبل العقد وشهد الثاني بأنه كان وكيل الطاعن في العقد عقد زواجه من المطعون ضدها وشهد الثالث بأنه حضر المجلس الذي تم فيه عقد الزواج الطرفين المتنازعين وأنه توجه بعد العقد إلى منزل والد الزوجة وبارك لها الزواج فردت عليه بقولها – بارك الله فيك – اثبتت المحكمة محتويات وثيقة الزواج نمرة 44 من الدفتر نمرة 15475 عمل مأذون الخرطوم – الخضر محمد مدني – الصادر في 13/8/1969 وهي تثبت زواج الطاعن بمخطوبته البكر البالغ المطعون ضدها بولاية والدها الذي أحضر عنه وكيلاً لمباشرة العقد وقبض المهر بعد مشورة الزوجة ورضاها بشهادة شاهدين وأجلت القضية بناء على طلب المستأنف ضده لإحضار شهود ا لإثبات على قبول المستأنفة بالزواج
في جلسة 6/7/ 1972 باشرت نظر القضية وتولت التحقيق المحكمة الكلية وذلك بعد سريان قانون المرافعات الجديد واستفسرت من المستأنف ضده إن كان له بينة لإثبات الخلوة الصحيحة والقيام بكسوتها بعد العقد وأنها قبلت التهنئة بالزواج بعد حصوله وذلك بعد أن أنكرت ذلك فقرر أنه لا بينة له على ذلك وطلب يمينها على نفي ذلك فحلفت وفي 27/7/1972م صدر حكم المحكمة الكلية بإلغاء الحكم الابتدائي وبفسخ الزواج والأمر بالافتراق
في 26/8/1972م تقدم محامي الطاعن بالطعن بالنقض مستنداً في طعنه إلى الخطأ في تأويل القانون لعدم أخذ المحكمة بما يدل على قبول الزوجة بالزواج وذلك من أقوالها في محاضر جلسات القضيتين الابتدائية والاستئنافية وقبولها للتهنئة من أحد الشهود وما كان يشيع في الدار من مظاهر الفرح بالزواج وفي رد المطعون ضدها على شاهد التهنئة – كما أن واقعة علمها بالزواج قبل سنتين ونصف من رفع الدعوى الابتدائية فيها دلالة ضمنية على القبول بالزواج –نفت المطعون ضدها ما جاء في عريضة الطاعن
الأسباب
أن الأسباب التي يستند اليها الطعن بالنقض هي وجود الأمارات التي تدل على حصول القبول الضمني – لا الصريح – بالزواج من جانب المطعون ضدها وأن الأمارات المذكورات حدثت كما تشير عريضة الطعن بعد حصول العقد ومن هذه الأمارات التي أشار إليها الطاعن رد المطعون ضدها على أحد الشهود بقولها الله يبارك فيك – بعد تمام العقد ردا على قوله لها مبروك" وما جاء في ردها على الشاهد الذي كان وكيلاً عن والدها بعد سنة من حصول العقد وبعد قيام الشقاق بين الزوجين وأهلها بقولها ( أنا اعمل شنو بينكم) وصحيح ما ذكره الطاعن من أن الأمثلة التي وردت في ملحق المنشور نمرة 54 للقبول الضمني لم ترد على سبيل حصر ولكن قوتها في الدلالة على القبول هي المعيار الذي يقاس عليه غيرها من التصرفات التي يستخلص منها القبول الضمني وليس فيما ساقه من شواهد على القبول الدلالة الكافية التي تشير إلى وجوده فالعبارة الأولى موجهة إلى الشاهد وهو عمها على سبيل المجاملة هذا هو المعنى القريب الذي تحتمله والذي تفسر به أما العبارة الثانية فليس فيها ما يشير إلى الرضا بالزواج أو عدم الرضا به ولم يشر الطاعن إلى ماورد في شهادة الشاهد الذي شهد بأن المطعون ضدها طلب منها بعد يمين أن تقول (بخيت) يعني مبروك ولم ترد عليه وذلك عقب الفراغ من عقد الزوج – كما شهد بأن والدة المستأنف ضده (الطاعن) هي التي كانت تزغرد ابتهاجا بالمناسبة وأن مظاهر الفرح والابتهاج وأن اشترك فيها أهل الزوجين فلا يقبل أن تكون دلالة على رضا المطعون ضدها بالزواج لان اهلها هم الذين باشروا زواجها دون رضاها به إن التصرف الذي يستخلص منه القبول بالزواج بعد حصوله يجب ألا يحتمل معاني أخرى يمكن صرفه إليها كما يجب أن يكون التصرف مترتباً على عقد الزواج أو أثراً من آثاره وهذا المعنى هو ما تؤكده الأمثلة التي جاءت في ملحق المنشور أما ما أشار إليه الطاعن والحكم الابتدائي من مضي مدة سنتين ونصف على عقد الزواج حين طالبت المطعون ضدها بفسخه فلا نرى أن في ذلك دلالة ضمنية على الرضا بالزواج إذ ثبت بتصادق الزوجين أنهما لم يتعاشرا ولم يحصل الدخول وقد انتفى ادعاء الزوج أنه اختلى بها خلوة صحيحة دون دخول بيمينها وبطلبه وكما أن الشقاق الذي قام بين الزوجين وأهلهما بعد فترة قصيرة من عقد الزواج كما أشارت إلى ذلك شهادة بعض الشهود يمنع استخلاص الرضا بالزواج من المدة التي مضت بين عقد الزواج ورفع الدعوى مهما طالت تك المدة
أما ما جاء في الحكم الابتدائي من رفض المحكمة العمل بالمنشور وتطبيقه على وقائع النزاع في القضية الابتدائية فلا يعدو أن يكون جهلاً من القاضي لوضعه كمنفذ للقانون سواء اقتنع أم لم يقتنع ولم يكن عدم اطمئنان القاضي إلى عدالة القانون سبباً من أسباب عدم تنفيذه في يوم من أيام أوفي محكمة من المحاكم إنما على القاضي أن ينفذ القانون وأن يبدئ رأيه في الإضرار المترتبة على تنفيذه في أسباب حكمه أو في مقترحات يبديها للجهة التي لها حق تشريع القوانين أما أن يرفض القاضي تطبيق تشريع قائم لمجرد أنه لا يطمئن إليه فهذا سوء فهم لمهمة القاضي الأساسية أو لمهمة القضاء ولما تقدم من أسباب
لهذا قررنا
(1)
تاييد حكم المحكمة الكلية الصادر في القضية 21/س/1972م
(2)
مصادرة خمسة جنيهات من الكفالة ورد الباقي للطاعن