سابقة منشورة بمجلة 1971
سابقة منشورة بمجلة 1971
المحكمة العليا
القضاة :
صاحب الفضيلة الشيخ/ محمد الجزولي نائب رئيس المحكمة العليا رئيساً
صاحب الفضيلة الشيخ/ ابراهيم الجزولي قاضي المحكمة العليا عضواً
صاحب الفضيلة الشيخ/ سيد أحمد العوض قاضي المحكمة العليا عضواً
قضية نفقة زوجية وحضانة
قرار النقض رقم 5/72
الصادر في 22 شوال 1392 هـ الموافق 28/11/1972م
:المبادئ
الأحوال الشخصية للمسلمين – نفقة الزوجية – الدفع بعدم الطاعة استبدال منزل الطاعة أو الأثاث فيه – بينة الأمن – اتهام الزوج وزوجته بالسرقة – الالتزام بالراجح من آراء الحنفية والقواعد الشرعية التي تصدرها دائرة الأحوال الشخصية
(1)
لا تبط دعوى الطاعة باستبدال المنزل الذي وصف ابتداء في الدعوى بمنزل آخر أثناء السير في القضية ولا باستبدال الأثاث فيه بآخر أن تم ذلك قبل صدور الحكم
(2)
إذا دفعت الزوجة دعوى الطاعة بعد الأمن عليها وانكر الزوج ذلك وعجزت هي عن الإثبات وحلف على النفي بناء على طلبها يكلف الزوج ببينة آمنة عليها حسب النشرة القضائية الصادرة في 7/3/1948م
(3)
المحاكم ملزمة بالفصل – فيما يعرض عليها من دعاوي بالراجح من آراء فقهاء الحنفية أو بما تصدره دائرة الأحوال الشخصية من قواعد وتمشياً مع ذلك فلا يجوز لها أن تأخذ بتفسير آية من آيات الأحكام أو بتفسير حديث من أحاديث الأحكام إذا لم يتفق ذلك التفسير والراجح من المذهب الحنفي وأصوله
(4)
اتهام الزوج زوجته بسرقة ماله وكتابته بذلك لوالدها واشاعته له بين أقاربه اساءة بالغة يحرمها القانون ويمتنع معها عرفاً وشرعاً اصدار حكم بالطاعة
الوقائع
استوفيت إجراءات الطعن في الحكم الصادر في القضية 26/س/1972م فهو مقبول شكلاً وثبت أن المطعون ضده قد تقدم بطعنين بالنقض في الحكمين الصادرين في القضيتين 27/س /1972 و 48/س /1972م لصالح الطاعنة
ولما كان بين هذين الطعنين ارتباط وثيق يجعل الحكم في واحد منهما يحسم النزاع في الآخرين فقد قررنا ضمها إلى الطعن في الحكم الصادر في القضية 26/س /72 والمقدم إلى هذه المحكمة في 16/7 /1972م
هذا وبعد الاطلاع على الأوراق فإن وقائع النزاع تتلخص في الآتي
في 9/9/ 1971 تقدمت الطاعنة للمحكمة الجزئية طالبة الحكم بنفقتها وضمن ابنها من المطعون ضده لحضانتها ونفقته دفع المدعي عليه دعواها بالنشوز لخروجها من منزل الزوجية في 25/11/1969م وصادقها على نفقة الابن ورضي بما قدرته له بررت خروجها بإساءة عشرته لها واتهامه لها بالسرقة في خطاب ارسله لوالدها وأشاع ذلك بين الناس – كما بررته بعدم شرعية المنزل لخلوه من الاثاث الضروري كما دفعت الدعوى بعدم الامن بضربة لها اقر بخلوه منزله من الاثاث الضروري وانكر الضرب وطلبت يمينه على نفيه فحلف وصدر حكم المحكمة في 27/2/1972م برفض الدعوى بالطاعة استناداً إلى عدم شرعية المنزل في أسباب المحكمة أنها عدلت من البحث في عدم الأمن لثبوت عدم شرعية المسكن الذي يبرر رفض الدعوى وفي 31/3/1972م تقدم المحكوم عليه بالطعن بالاستئناف في قرار المحكمة برفض دعوى الطاعة وقيدت له القضية 26/س/1972م
وفي 6/3/1972م صدر حكم المحكمة الجزئية في دعوى النفقة بالحكم للمدعية بنفقة زوجية اعتباراً من 17/11/69 كما شمل الحكم ضم ابنها هارون إليها وأمره بتسليمه لها ولم يتعرض الحكم إلى نفقة الولد رغم أن المدعي عليه قد رضى بما قدرته لها من مقدار في دعواها – في 21/3/1972م تقدم المحكوم عليه بالطعن بالاستئناف في حكم المحكمة بالنفقة وقيدت له القضية 27/س/1972
في 9/4/1972 تقدمت الطاعنة بدعوى بطلب أجرة مسكن ودفع دعواها بخروجها من منزله الشرعي بغير مبرر وادعت أن خروجها منه كان سبب اساءته لها ولعدم شرعية مسكنه بأنه قد حكم لصالحها برفض طلب الطاعة وادعى أنه طعن بالاستئناف في الحكم المذكور ولا زال طعنه قائماً
وفي 16/5/1972 صدر حكم المحكمة الجزئية بالحكم لها بأجرة مسكن
في 29/5/1972 تقدم باستئناف للحكم المذكور وقيدت له القضية 48/س/1972 أمام المحكمة الكلية التي نظرت الاستئناف وفي جلسة 13/7/1972 اصدرت أحكامها في الطعون الثلاثة المقدمة من المستأنف بالنسبة للحكم الصادر من المحكمة الجزئية برفض الطاعة فقد قررت المحكمة الكلية الغاؤه وحكمت بالطاعة واستندت المحكمة في اسبابها إلى أن المستأنف كلف إثبات وجود الأمتعة بمنزله فأحضر شهوداً شهد منهم اثنان ولم يطعن محامي المستأنف ضدها في شهادتهما وبالنسبة للاتهام بالسرقة الذي حرر به المستأنف خطابات أقربها كما أقر بنشر ذلك إلى آخرين فقد قبلت المحكمة التفسير بأن للزوجة أن تأخذ من مال زوجها ولا يعتبر ذلك سرقة وأنه ليس في ذلك اساءة ولا ضرر وقررت المحكمة بأنها اقتنعت بأن الأخذ من مال الزوج لا يعتبر سرقة على فرض حصوله وليس فيه اساءة – عملاً بالحديث "خذي من مال أبي سفيان ما يكفيك وولدك بالمعروف
وصدر حكمها في القضية 27/س/1972 بتاييد الحكم الابتدائي لنفقة الزوجية من تاريخ 17/11/1969م إلى 13/7/72 واسقاطها من 13/7/72 ما لم تعد إلى منزل الزوجية وأيدت الحكم بالنسبة لضم الصغير لأمه وقررت له النفقة التي أغفلتها المحكمة الابتدائية وجاء في أسباب الحكم أنه قد صدر الحكم على المستأنف ضدها بالطاعة اعتباراً من 13/7/72 وأنها تستحق النفقة من تاريخ قطعها إلى تاريخ صدور الحكم بالطاعة – أما بالنسبة للمقادير فإن محامي المستأنف قد وافق عليها بالنسبة للزوجة أما الولد فقد تراضيا على مقدار نفقته أمام المحكمة الابتدائية ولم تقض بها – وصدر حكم الاستئناف في القضية نمرة 48/س/1972م بتاييد الحكم بأجرة المسكن من 17/11/1969م إلى 13/7/1972 وإلغاء الحكم من 13/7/1972م ما لم تعد إلى منزل الطاعة
الأسباب
إن الفصل في الطعن في حكم الطاعة يحسم النزاع في الطعنين الآخرين وقد بنت محكمة الاستئناف أحكامها في الطعنين الآخرين على أساس حكمها في دعوى الطاعة أن المحكمة الجزئية قد بنت قرارها برفض دعوى الطاعة على قرار المدعي بخلو منزله من الأمتعة الضرورية للمعيشة ورغم أن المدعي عليها الطاعنة قد دفعت بعدم الأمن بضرب المدعي لها الذي عجزت عن إثباته وطلبت يمينه على نفيه فحلفها
فإن المحكمة الابتدائية قد قررت العدول عن التحقيق في الدفع بعدم الأمن لأن خلو المنزل من الأمتعة كاف لاصدار قرارها برفض الدعوى ولكن ادعاء المدعي اللاحق بأنه قد أعد الأمتعة الضرورية في منزله كان يوجب على المحكمة السير في الدعوى لإثبات الادعاء خاصة وأنه قد ثبت للمحكمة بإقرار وكيل المدعي عليها أنها قد أخذت كل الأمتعة التي كانت بالمنزل عند خروجها منه بحجة أنها خاصة بها ولأنه ليس مما يبطل دعوى الطاعة استبدال المنزل الذي وصف بالدعوى بمنزل آخر أثناء السير ولا استبدال أثاث بآخر ثبت أنه كان موجوداً بالمنزل إذا تم ذلك قبل صدور الحكم فقرار المحكمة الابتدائية برفض الدعوى رغم قيام الادعاء بإعداد الاثاث الضروري قرار خاطئ
ولما كان الاستئناف هو طرح للنزاع مرة أخرى أمام محكمة الاستئناف على أساس ما أبداه الخصوم من طلبات ودفوع أمام المحكمة الابتدائية كما يقرر قانون المرافعات ذلك في المادة نمرة 217 فإن ما دفع به المحامي من ضرورة رفع دعوى جديدة بالطاعة دفع غير سليم
وقد أغفلت المحكمة الكلية التحقيق في عدم الأمن المدعى به أمام المحكمة الجزئية إذ أن الإدعاء بالضرب وإن كان ينتفي بيمين المدعي عليه أمام المحكمة الابتدائية إلا أن الأمن المطلوب لاصدار الحكم بالطاعة لا يثبت الا بينة تشهد به وكان على المحكمة الكلية أن تكمل هذا النقص ولا يعفي المحكمة من ذلك عدم مراعاة الادعاء بالضرب امامها لان قضية الاستئناف في واقعها امتداد للقضية الابتدائية وقد قصرت المحكمة في تحقيقها في عدم الأمن في واقعة الاتهام بالسرقة التي تضمنتها الخطابات المرسلة ضده إلى الطاعنة وإلى والدها والتي أقر بها المطعون ضده في محضر القضية الابتدائية بالنفقة وقد قررت المحكمة اقتناعها بأنه ليس في ذلك اساءة واستندت في ذلك إلى تفسيرها للحديث خذي من مال أبي سفيان ما يكفيك وولدك بالمعروف بأن ما تأخذه الزوجة من مال زوجها لا يعتبر سرقة وعلى هذا فليس هناك اساءة فيما وجه إلى الطاعنة من الاتهام بالسرقة
وإذا كان المحامي وهوموقف الدفاع عن موكله قد دفع عن موكله الاتهام للطاعنة بالسرقة استناداً إلى القانون القائم فإن استناد المحكمة إلى الحديث الذي ساقته كدليل لتأييد الدفع وبيدها المراجع التي تعينها على فهمه إن كان تفسيرها يصلح للاستدلال به في وقائع النزاع استدلالا خاطئ لا يسيقه منطوق الحديث اومفهومه للأسباب الآتية
1-
أن تفسيرها الحديث المذكور لا يصلح دليلا لتبرير الاتهام بسرقة من مال زوجها ولكن يرخص لها أن تأخذ من مال زوجها لنفقتها ونفقة أولادها بالمعروف وأن الاتهام بسرقة 400 جنيه بعيد عن لفظ الحديث ومعناه بعيد عن الأخذ بالمعروف
-2
اذا صح تقدير المحكمة أن للزوجة أن تاخذ من مال زوجها ما تريد ولا يعتبر ذلك سرقة فكان اولى أن تدين الاتهام الذي صدر من مال المطعون ضده بانه اساءة بالغة واذى لا يمكن التجاوز عنه لأنه قذف للزوجة بسرقة مال يجيز لها الشرع أن تأخذه
-3
أن المحكمة ملزمة – قاعدة عامة- أن تفصل فيما يعرض أمامها وفق الرأي الراجع في مذهب الحنفية – وإذا رات أن تقضي استناداً إلى آية أو حديث معين ينطبق على وقائع النزاع فعليها أن توضح صراحة أنه موافق للرأي الراجح في المذهب وإلا كان قضاؤها باطلاً
-4
أن الحديث المذكور يصلح حجة ودليلاً للزوجة إذا أخذت من مال زوجها لنفقتها وكان أخذها بالمعروف ثم عارضها زوجها في ذلك ولا يتصور عقلاً أن يبرر به المطعون ضده رميه للزوجة بالسرقة
إن المحكمة قد ارتكبت اخطاء ما كان يليق وقوعها فيها اذ أن قيام البينة على الامن بعد انتفاء الضرب باليمين من الإجراءات التي لا يسع قاضي حديثا جهلها كما أن الاستدلال بالحديث المشار اليه وحسم النزاع بين الطرفين على اساس التأويل الخاطئ الذي لا يحتمله الحديث خروج عن القواعد الفقهية التي يجب على المحكمة تطبيقها
إن هذه المحكمة اذ تلفت النظر إلى هذه الأخطاء تقرر بأن الاتهام الذي وجهه المطعون ضده إلى زوجته بسرقة 400 جنيه والكتابة بذلك إلى والدها ونشر ذلك بين أقاربه اساءة بالغة يحرمها القانون ويمتنع معها شرعاً وعرفاً الحكم بالطاعة
لهـذا
قررنا قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع تقرر ما يلي
(1)
الغاء حكم الاستئناف الصادر في القضية 26/س/72 بالحكم بالطاعة
(2)
تأييد حكم الاستئناف الصادر في القضية 27/س/1972 بنفقة الزوجة الطاعننة وابنها – والغاء قرار المحكمة بايقاف نفقة الزوجة اعتباراً من 13/7/ 1972 وسريانها دون قيد
(3)
تأييد حكم الاستئناف الصادر في القضية 48/س/1972 بأجرة مسكن للطاعنة والغاء القرار بإيقاف الأجرة المذكورة اعتباراً من 13/7/72 وسريانها دون قيد
(4)
الزام المطعون ضده بمصاريف الدعوى
(5)
قررنا رد الكفالة