سابقة منشورة بمجلة 1971
سابقة منشورة بمجلة 1971
محكمة الاستئناف المدنية
القضــاة
صاحب السعادة السيد/ عثمان الطيب رئيس القضاء رئيساً
سعادة السيد/ مهدي محمد أحمد قاضي المحكمة العليا عضواً
سعادة السيد / رمضان علي محمد قاضي المحكمة العليا عضواً
ميلاد جرجس المستأنف والمدعى عليه
ضــد
مهجه عطيــه مستأنف ضدها ومدعية
م أ/استئناف/16/70
مهجه عطيــه مستأنفة ومدعية
ضــد
ميلاد جرجس مستأنف ضده ومدعى عليه
م أ/استئناف/17/70
المبادئ
قانون الأحوال الشخصية لغير المسلمين – نفقة الزوجية البنوة- سقوط نفقة الزوجية ومغادرة الزوجة منزل الزوجية دون مسوغ شرعي- المسوغ الشرعي مسألة تتعلق بالوقائع- دعوة الزوج زوجته للرجوع لمنزل الزوجية ورفض الدعوى دون مسوغ شرعي- جدية الدعوة للرجوع لمنزل الزوجية – سريان نفقة الزوجية والبنوة المدعية والمدعى عليه زوجان ينتميان لطائفة الأقباط الأرثوذكس ولهما طفلة اختلف المدعى عليه والمدعية إذ أساء المدعى عليه معاملة المدعية وضربها وتوقف عن الإنفاق عليها وعلى طفلتها وبعد ما لجأت المدعية لمنزل والدها قام المدعى عليه بأخذ متاعه منها ثم عاد وطلبها لمنزل الزوجية ولكنها امتنعت عليه
(1)
لا يسقط حق الزوجة في النفقة عند الأقباط الارثوذكس إذا تركت الزوجة منزل الزوجية لمسوغ شرعي
(2)
وجود المسوغ الشرعي مسألة تتعلق بالوقائع تقرره المحكمة حسب ظروف كل حالة
(3)
يكون سوء سلوك الزوج مسوغاً شرعياً لترك الزوجة منزل الزوجية إذا كان مفضياً للأذى أو كان موغلاً في العداء أو كان مما يستشف منه الهجر حكما أو فعلا
(4)
يسقط حق الزوجة في النفقة إذا دعاها زوجها دعوة جادة لمنزل الزوجية وتمنعت عليه دون مسوغ شريع ولا يكون تمنعها دون مسوغ شرعي إذا كان منزل الزوجية مما لا يليق بمكانة الزوجين أو أن طبيعة الشقاق تقتضي الزوجة أن تجد ضماناً من الزوج بعدم تكرار ما حدث أو أن الدعوة كانت بعد مضي زمن غير معقول بعد الشقاق
(5)
ما إذا كان الزوج جادا في دعوة الزوجة للرجوع لمنزل الزوجية مسألة وقائع تقررها المحكمة حسب ظروف كل حالة
(6)
تسري نفقة الزوجة من تاريخ واقعة الهجر أو من تاريخ طلبها وتسري نفقة البنوة من تاريخ الإمساك عن الإنفاق
المحامــون
عبد الله نجيب عن المستأنفة المدعية
فتحي حسن كاشف عن المستأنف ضده والمدعى عليه
الحكم
18/12/1971
القاضي مهدي محمد أحمد
الاستئناف رقم 16/70 تقدمت به مهجة عطية ميخائيل المدعية في الدعوى الأصلية والاستئناف رقم 17/1970 تقدم به ميلاد جرجس المدعى عليه في الدعوى الأصلية والاستئنافان ضد الحكم الصادر من قاضي المحكمة العليا الخرطوم بتاريخ 30/10/1970 في الدعوى المدنية رقم عليا/24/1966 وتفادياً لما قد يحدث من خلط فإني سأشير للأطراف بصفتهما في الدعوى الأصلية أي المدعي والمدعى عليه
ينعي المدعى عليه في الاستئناف رقم 17/19870 على الحكم الصادر من محكمة الموضوع تقرير النفقة للمدعية بينما هي غادرت منزل الزوجية دون مسوغ شرعي وفي هذا خروج على أحكام قانون الأحوال الشخصية لطائفة الأقباط الأرثوذكس الذي يسقط النفقة من الزوجة الناشز ويستطرد محامي المدعى عليه في مذكرة الاستئناف فيضيف بأنه لو فرضنا جدلاً أن الزوجة المدعية تستحق نفقة فهي تستحقها لمدة 9 أيام فقد إذ أن موكله شرع في السعي لاعادة العلاقة الزوجية وقد قوبل مسعاه بالرفض في يوم 18/1/1966 وكذلك ينعي المدعي عليه على الحكم المذكور تقريره للنفقة منذ تاريخ النزاع بينما يتعين تقريرها حسب ما استقر عليه قضاء المحاكم منذ تاريخ الحكم لمدة عام فقط
____________________________
* قضية أنيس إبراهيم ضد ميري جندي (1959) مجلة الأحكام القضائية 78 نوقشت ولكنها ميزت لاختلاف وقائعها
أما المدعية فهي تطعن في الحكم على أساس أنه انطوى على خطأ في تقييم الوقائع حيث جعل النفقة ابتداء من شهر أكتوبر وذلك لأن دعوة المدعى عليه لاعادة الصفاء كانت دعوة صورية ولم تكن جادة ومخلصة كما أن النفقة المقررة ضئيلة بالمقارنة من احتياجاتها واحتياجات طفلتها ودخل المدعى عليه
وبعد دراسة واستقراء المرافعات بين الطرفين يتضح أن النزاع يدور حول المسائل التالية:-
(1)
هل خروج المدعية من منزل الزوجية يفتقر إلى المسوغ القانوني وبالتالي يشكل نشوزاً يسقط في النفقة؟
(2)
إذا لم يكن الأمر كذلك فهل تتسم دعوة المدعى عليه لاعادة العلاقة الزوجية بالجدية والصدق بحيث يشكل رفضها نشوزا من جانب المدعية؟
(3)
مقدار النفقة وابتدائها وانتهائها
والآن سنتطرق لهذه المسائل بالنقاش من المتفق عليه أن الزوجين ينتميان لطائفة الأقباط الأرثوذكس وأن القانون الذي يحكمهما في هذه المسائل هو قانونها للأحوال الشخصية وهو الذي ينظم علاقات الزوجية وتنص المادة 142 من القانون السالف الذكر على أن حق الزوجة في النفقة يسقط إذا غادرت منزل الزوجية بدون مسوغ شرعي ولقد أفاد شاهد الدفاع السابع الأب أنطونيوس الرباني أن القانون لم يتطرق إلى بيان طبيعة المسوغ الشرعي غير أنه من الحالات التي تم الإجماع عليها كمسوغ شرعي حالة وجود خطر يتهدد الحياة ويشمل ذلك الإيذاء ويبدو من ذلك أن القانون الكنسي ترك تحديد المسوغ الشرعي لتقدير المحكمة حسب الظروف في كل نزاع
من المسلم به أن المدعية في هذه الدعوى غادرت منزل الزوجية والسؤال الذي يطرح نفسه هو توفر المسوغ الشرعي لهذا المسلك من جانب المدعية وفي تقديري أن هناك أكثر من ظرف ينهض مبرراً مشروعاً لسلوك الزوجة فقد اعتدى المدعي عليه عليها بالضرب ومما نجم عنه أزى في جسمها وهذا ثابت من بينة المدعية تدعمها بينة الطبيب الذي باشر علاجها بالإضافة إلى ذلك فقد غادر المدعى عليه نفسه منزل الزوجية ولم يعد إلا في رفقة البوليس لاستلام متاعه أما ادعاء المدعى عليه بأنه فعل ذلك خوفاً من والد المدعية فهو إدعاء لا يسنده دليل وقد كانت محكمة الموضوع محقة في عدم الاعتداد به هذا كما أن سلوك المدعى عليه عقب الخلاف اتسم بقدر غير قليل من الشطط فقد اثر اللجوء إلى البوليس وفتح بلاغات ضد أهل الزوجة في الوقت الذي كان يعلم فيه بمدى استعدادهم لتسليمه حوائجه بطريقة ودية وذلك كما ورد في أقواله بالصفحة40 من المحضر
فهل الاعتداء بالضرب وتسبيب الأذى وهجر منزل الزوجية وتحريك العدالة الجنائية- هل كل تلك الأفعال منفردة أو مجتمعة لا تصلح سببا مشروعا يبرر مغادرة الزوجة لمنزل الزوجية؟ لا يخالجني أدنى شك في أنها تشكل مسوغاً شرعياً وإذا تدبرنا بإمعان هذه الوقائع لاتضح لنا أنها لا تنطوي على عناصر الهجر الحكمي فقط بل تتوفر أيضا عناصر الهجر الواقعي فقد ترك المدعى عليه منزل الزوجية ولم يستطع أن يقدم دليلاً على وجود المسوغ الشرعي لهذا التصرف هذا كما أن التجاءه إلى البوليس للحصول منه على أمتعته ينهض قرينة دالة على عدم رغبته في العودة
أخلص مما تقدم إلى أن المدعى عليه أقدم على الهجر حكماً وواقعاً ونتناول الآن موضوع دعوته لاعادة العلاقة الزوجية إلى ما كانت عليه ورفضها للدعوة الأمر الذي استند عليه قاضي الموضوع في إسقاط النفقة عليها وقد ورد في شهادة الأب انطونيوس الرباني أن للزوجة الحق في رفض الدعوى إذا كانت ثمة أسباب تبرر هذا الرفض ولم يتطرق الشاهد المذكور إلى بيان وشرح تلك الأسباب مما ينهض دليلاً على أن قانون الأحوال الشخصية للطرفين ترك كفاية تلك الأسباب إلى تقدير المحكمة حسب ظروف وملابسات كل حالة
والآن نتعرض بالدراسة والتمحيص إلى المحاولات التي يزعم المدعى عليه أنه بذلها في سبيل إعادة الحياة الزوجية إلى مجاريها يتبين من بينة المدعى عليه بالصفحة 40 من المحضر أن أو مبادرة قام بها لإزالة الخلاف هي ذهابه للمدعية بمنزل والدها وكانت تلك المبادرة بعد أربعة أو خمسة أشهر من الخصام وبعد إقامة دعوى النفقة كما يتبين أن المدعى عليه طلب إلى زوجته أن تعود معه إلى المنزل الذي استأجره وأنها رفضت العودة وعللت الرفض بأن المنزل المذكور تقيم فيه عائلة أخرى وتلت ذلك اتصالات تلفونية ومقابلات أمام باب المنزل انتهت بخطاب من محامي المدعى عليه بتاريخ 13/12/1970
وبعد استقراء تلك المبادرات والظروف التي لابستها أرى أن هناك العديد من الأسباب التي تبرز عدم استجابة المدعية للدعوة الموجهة لها فالمنزل الذي طلب إليها المدعى عليه العود إليه لم يكن منزلاً شرعياً يليق بمكانة الطرفين الاجتماعية فالمنزل بإقرار المدعى عليه عبارة عن صالون فقط في منزل تقيم فيه عائلة إغريقية والواضح أن الصالون المذكور أستأجره المدعى عليه للإقامة فيه كعازب ولم يستأجره لاستقبال عائلته هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فقد صاحب الخلافات بين الطرفين ظروف مشددة من ضرب وتدخل البوليس وطبيعي بعد ذلك الغلو في الخصام ألا تتهافت المدعية على أول دعوة للصفاء بل من حقها أن تطلب ضمانات تمنع تكرار الأفعال مستقبلاً وهذا كان مضمون الرد على الخطاب المؤرخ 13/12/70 فضلا عن ذلك فالمدعى عليه لم يبذل أية محاولة لإرجاع زوجته إلا بعد إقامة دعوى النفقة الحالية الأمر الذي يثير الكثير من الشكوك حول صدق نية المدعى عليه وجديته والهدف الحقيقي من وراء تلك المحاولات أما زعم محامي المدعى عليه من أن أول محاولة تمت على يد شاهد الدفاع الثاني بعد تسعة أيام من النزاع فهو زعم مردود فالشاهد المذكور لم يذهب لإجراء بل انحصرت مهمته في استرداد أمتعة المدعى عليه
أخلص من ذلك إلى أن رفض المدعية لم يكن تعسفا من جانبها بل كانت له أسبابه وفي ذلك أختلف مع السيد قاضي الموضوع
نأتي بعد ذلك إلى مقدار النفقة وتاريخ استحقاقها فالمدعية تستقلها بينما المدعى عليه يستكثرها وبعد إعمال الرأي أرى أن المبلغ الذي قررته المحكمة معقول إذا أخذنا في الاعتبار احتياجات المدعية وطفلتها وموارد المدعى عليه هذا كما يرى محامي الأخير ألا تقرر النفقة بأُثر رجعي كما يرى وجوب تقديرها لمدة سنة واحدة وتخضع بعد ذلك للمراجعة ويستند في ذلك على قضاء هذه المحكمة في السابقة القضائية أنيس إبراهيم ضد ميري جندي (1959) مجلة الأحكام القضائية صفحة 78 ويؤسفني أن أقول أنني لا أوافق على ما جاء في تلك السابقة فقد ورد في حيثيات الحكم أن النفقة تسري قانوناً ابتداء من تاريخ صدور الحكم النهائي ثم استدركت المحكمة وأضافت أن هذا المبدأ ينطبق على النفقة التي تقرر في حالات الطلاق والانفصال القضائي وأن الدعوى المطروحة أمامهاليست من هذا القبيل وبالرغم من ذلك الاستدراك وبالرغم من اختلاف الوقائع عمدت المحكمه الى تطبيق المبدأ على الدعوى المطروحه امامها طبيعي في قضايا الطلاق والانفصال أن تبدأ النفقة من تاريخ الحكم النهائي فالطلاق أو الانفصال هو السبب المنشئ للالتزام بدفع النفقة ويتحقق الطلاق أو الانفصال بصدور الحكم النهائي وطبيعي أن تترتب آثار الالتزام من تاريخ السبب المنشئ وهو صدور الحكم أما في قضايا النفقة بسبب الهجر فإن السبب المنشئ للالتزام هو الهجر ولذلك يتعين أن تسري النفقة من تاريخ واقعة الهجر أو من تاريخ طلب النفقة
لكل ما تقدم أرى إلغاء حكم قاضي المحكمة العليا وإصدار حكم يقضي بأن يدفع المدعى عليه نفقة قدرها عشرين جنيها للمدعية وثمان جنيهات للطفلة على أن تسري النفقة من تاريخ إقامة الدعوى ولحين أوامر أخرى
لا أمر بصدد الرسوم
2/1/1972
القاضي رمضان علي محمد
أوافــق
4/1/1972
القاضي عثمان الطيب
رئيس القضــاء
أثبتت البينات بطريقة معقولة أن المدعى عليه أساء معاملة زوجته المدعية وهجرها ولم يعد إليها وأمسك عن الإنفاق عليها هي وبنته منها وعلى هذا فإنها استحقت النفقة لنفسها ولبنتها
إني أرى أن نفقة الزوجة يجب أنت تحسب من تاريخ رفع الدعوى للمطالبة بها وأما نفقة البنوة فيجب أن تبدأ من تاريخ الإمساك عنها إن الزوجة ربما تعتبر متنازلة عن نفقتها قبل المطالبة بها أما الإنفاق على البنت فلا مجال للقول بالتنازل عنه يبدو لي أن النفقة التي قررت لهما وهي عشرين جنيها شهريا للزوجة وثمان جنيهات للبنت تميل إلى أن تعتبر قليلة بالنسبة لدخل المدعى عليه ولمستواهم المعيشي ولكني وجدت صعوبة في مخالفة رأي زميلي القاضي