سابقة منشورة بمجلة 1973
سابقة منشورة بمجلة 1973
المحكمة العليا
القضاة
سعادة السيد صلاح الدين شبيكة قاضي المحكمة العليا رئيسا
سعادة السيد بكري على بلدو قاضي المحكمة العليا بالانابة عضوا
سعادة السيد عبد الله الامين قاضي المحكمة العليا بالانابة عضوا
الحاج احمد محمد الطاعن
عبد الجبار حسين زاكي الدين المطعون ضده
م ع/ ط م/198/73
المبادئ
القانون العرفي – عرف (النطرة) وأثره على الحيازة
قانون الاراضي غير المسجلة لسنة 1970 – حق التقاضي – المواد 4 و 6 و 9
قانون المرافعات المدنية لسنة 1972 – مدة تقديم الطعن بالنقض – جواز التغاضي عنها – المادة 232
القانون المدني لسنة 1971 – تعريف الحيازة – المادة 761
(1)
يجوز للمحكمة العليا تحقيقا للعدالة انن تتغاضى عن مدة تقديم طلب الطعن بالنقض
(2)
القانون المدني لسنة 1971 يكسب الحائز حق الحيازة المستديم اذا حاز الارض حيازة مستمرة وهادئة وظاهرة وواضحة لمدة 10 سنوات
(3)
الحيازة هي حالة واقعية تنشأ عن سيطرة شخص على شئ او على حق عليه سيطرة فعلية بوصفه مالكاً للشئ او صاحب الحق فيه
(4)
قانون الاراضي غير المسجلة لسنة 1970 سلب المحكمة حق نظر اى دعوى متعلقة بالاراضي غير المسجلة ولما أدى ذلك الى حرمان المحاكم من نظر عدد كبير من النزاعات المتعلقة بحقوق بعض الافراد المكتسبة حقا على تلك الاراضي عدل القانون في سنة 1971 ليسمح لكل من اكتسب حقا على ارض أن يقاضى من يعتدي على ذلك الحق
5)
(النطرة) هي عرف محلي في مناطق الزراعة المطرية يدفع بموجبه مستأجر الاراض بغرض الزراعة 10% (عشرة في المائة) من قيمة المحصول واذا كان الاستئجار بغرض (طق) الهشاب يدفع المستأجر ما يعادل نصف المحصول
المحامون
محمود عز الدين عن الطاعن
احمد خير وزيادة ارباب عن المطعون ضده
الحكم
26/8/1973
اصدرت المحكمة الكلية لدائرة كردفان قراراً في الاستئناف المقدم من المدعى عليهم الطاعنين في اليوم الثاني من يناير 1973 واعلن محاميهم الاستاذ محمود عز الدين بالقرار يوم صدوره ولكن هذا الطعن لم يقدم ولم يسجل الا في 27ر2ر1973 وهذا يخالف المادة 232 من قانون المرافعات المدنية لسنة 1972 والتي حددت مدة تقديم عريضة الطعن بثلاثين يوما وبالرغم من هذا التأخير في تقديم الطلب وبالرغم من أن العريضة المرفوعة لم تثر نقاطاً قانونية جديرة بالنقض ولم يدع الطاعنون أن الحكم المطعون فيه جاء مخالفاً للقانون او على خطأ في تطبيقه حسب مقتضيات المادة 232 من قانون المرافعات المدنية وبالرغم من أن العريضة لم تحو سوى تكرار لبعض الوقائع التي رددها الطاعنون في الدعوى الا انني تحقيقا للعدالة رايت أن افصل في هذا الطلب
الارض المتنازع عليها هي ارض مطرية في منطقة ام دبيبة التابعة لمجلس ريفي البديرية بالابيض ولم تحدد للاسف مساحة الارض المنازع فيها بالضبط ولكن قدرها شاهد الادعاء الثاني نحو الثمانية عشرة او تسع عشرة زرعاً ولم يعمل كروكي لهذه الارض ولكن ثبت انها تحد من جهة الشرق باراضي احمد حسين زاكي الدين شقيق المدعى والمطعون ضده وتحد غرباً بحلة ام دبيبة وشمالا بحلة رهيوة انه لمن الثابت من البينات أن الارض المنازع فيها ورثها المطعون ضده ابا عن جد وقد وهبها له والده في عام 1929 وظل المطعون ضده منذ ذلك التاريخ حائزاً عليها وكان يدفع عليها عوائد لفترة من السنين تقدر بثلاثين جنيهاً في السنة وكان يستغلها بالزراعة وطق اشجار الهشاب وتارة يؤجرها للمزارعين أن استثمار الاراضي المطرية في مناطق كردفان يعتمد اساساً على الزراعة وجني الصمغ فعادة تزرع الارض وبعد فترة من السنين تبرد الارض اي تقل خصوبتها وينمو فيها شجر الهشاب فاذا كانت مستأجرة يسترجعها صاحبها ويطق اشجار الهشاب او يؤجرها لاخرين
وبعد اربع او خمس سنوات تتساقط اشجار الهشاب وتنظف وتستعيد الارض خصوبتها فتزرع وهكذا دواليك والعرف السائد في تلك المناطق أن مستأجري الارض للزراعة يدفعون ما يسمى (النطرة) سنوياً لصاحب الارض وهي عشرة في المائة اي عشر المحصول اما الذين يستأجرون اشحار الهشاب لجني الصمغ يدفعون نصف المحصول لصاحب الارض
الطاعنون نزحوا من شمال كردفان في 1957 واستقروا في منطقة البديرية وفي الارض المتنازع عليها بعد أن اتفقوا مع وكيل المطعون ضده على استثمار الارض سواء بالزراعة او طق الصمغ حسب العرف السائد استمر الطاعنون في تنفيذ ذلك الاتفاق طيلة اربعة عشر او خمسة عشر سنة وكانوا يدفعون (النطرة) للمطعون ضده حتى عام 1971 حين امتنعوا عن دفعها على اساس أن الارض عقار وارض حكومة وانهم كانوا يدفعون (النطرة) للمطعون ضده رهبة وخوفا من نزع الارض منهم لان المطعون ضده كان وقت حيازتهم لتلك الارض ناظراً للبديرية وله سلطات ادارية وقضائية أن القول بان الطاعنين كانوا يدفعون (النطرة) للمطعون ضده عن طريق الارهاب لقول مردود اذ أن حقهم في التقاضي منذ ذلك الوقت كان مكفولا امام اجهزة القضاء والادارة العليا
هذا واذا نظرنا للقوانين الجائزة للتطبيق على وقائع هذه الدعوى نجد أن القانون الذي خلق بعض الالتباسات هو قانون الاراضي غير المسجلة لسنة 1970 والذي نص في المواد 4 –6 منه على أن كل الاراضي غير المسجلة تعتبر مسجلة باسم الحكومة وليس لاي محكمة الحق في نظر الدعاوى المتعلقة بهذه الاراضي وعند تطبيق هذا القانون ادى الى العديد من النزاعات في المناطق المطرية وخاصة في غرب السودان حيث اكتسب بعض الافراد حقوقا على الاراضي منذ قديم الزمان وسدا للفراغ الذي خلقه ذلك القانون وصيانة لحقوق الافراد صدر تعديل لذلك القانون في عام 1971 استطاع بموجبه كل من اكتسب حقا في ارض أن يقاضي من يعتدي عليها أن هذا التعديل هو الذي اعطى المطعون ضده حق التقاضي وجعله يحصل على حكم اولا في محكمة اوبحراز الشعبية وبعد الغاء ذلك الحكم واحالة النزاع الى المحكمة المدنية صدر الحكم المطعون فيه افلح المطعون ضده في اثبات حيازته للارض المتنازع عليها لاكثر من اربعين عاما حيازة هادئة ومستمرة وواضحة واذا رجعنا الى معنى كلمة "حيازة" في القانون المدني لسنة 1971 لوجدنا أن القانون في جانب المطعون ضده فان المادة 761 من القانون المدني تنص على الاتي :-
(1)
الحيازة حالة واقعية تنشأ عن سيطرة شخص على شئ او على حق عليه سيطرة فعلية بصفته مالكا للشئ او صاحب الحق فيه
(2)
يشترط في الحيازة أن تكون مستمرة وهادئة وظاهرة وواضحة
(3)
اذا اقترنت الحيازة باكراه او حصلت خفية او كان فيها لبس فلا يكون لها أثر قبل من وقع عليه الاكراه او اخفيت عنه الحيازة او التبس عليه امرها الا من الوقت الذي تزول فيه تلك العيوب
(4)
لا تقوم الحيازة على عمل يقوم به الشخص على انه مجرد رخصة من الحائز او على عمل يتحمله الغير على سبيل التسامح
أن حيازة الارض لعشر سنوات او اكثر تكسب حائزها حق الحيازة المستديم اذا ما ثبتت العناصر الاخرى آنفة الذكر وقد اثبت المطعون ضده حيازته للارض المنازع فيها لسنين طويلة ولم يحز الطاعنون على نفس الارض الا بترخيص من المطعون ضده وكمستأجرين ولم تكن حيازتهم مغايرة لحيازة المطعون ضده ولكن كانت مجرد رخصة لاستثمار الارض مقابل اجر معلوم
هكذا وضح لنا أن القانون في جانب المطعون ضده الا أن هناك حقيقة مرة هي أن المدعى عليهم ارتبطت حيازتهم بالارض المنازع فيها سنين طويلة وهناك كثير من امثالهم في مناطق السودان المختلفة لذلك فمن واجب السلطات المحلية وسلطات الاراضي اعادة النظر في موقف المنتفعين من مثل هذه الاراضي ووجود الحلول العادلة المناسبة لما يلاقونه من مشاكل وصعاب
يرفض الطلب وترد نصف الكفالة