سابقة منشورة بمجلة 1973
سابقة منشورة بمجلة 1973
المحكمة العليا
القضاة
سعادة السيد صلاح الدين شبيكة قاضي المحكمة العليا رئيساً
سعادة السيد هنري رياض سكلا قاضي المحكمة العليا عضواً
سعادة السيد د محمد الشيخ عمر قاضي المحكمة العليا عضواً
الخضر محمد عبد الله الطاعن
ضد
بانقا حسن جبارة المطعون ضده
م ع/ط م/20/73
المبادئ
القانون المدني لسنة 1971 – العقود المتراخية التنفيذ – الالتزام المرهق بسبب حوادث استثنائية – رد الالتزام إلي الحد المعقول – المعيار الموضوعي في قياس الخسارة – المادة 137 (2)
-1-
العقود المتراخية للتنفيذ هي العقود التي يتم الوفاء بالالتزامات المتقابلة فيها على مراحل
-2-
وقوع حوادث استثنائية غير متوقعة تجعل من تنفيذ الالتزام مرهقاً للمدين بحيث يعرضه لخسارة فادحة يخول للمحكمة التدخل ورد الالتزام المرهق
-3-
يتطلب تدخل المحكمة أن يكون العقد متراخياً في التنفيذ وأن يطرأ قبل التنفيذ حادث استثنائي عام غير متوقع يصبح بموجبه تنفيذ الالتزام أمراً مرهقاً
-4-
عند قياس الحد المعقول الذي يرد له الالتزام تستعمل المحكمة المعيار الموضوعي البحت دون اعتبار لظروف المدين الشخصية
المحامون
رحمي عبد الله الهد عن المطعون ضده
ملحوظة المحرر
-1-
هذه القاعدة القانونية المتعلقة بالحوادث الاستثنائية غير معروفة في القانون العام الإنجليزي الذي يعتد بالظروف التي ترقى إلى فسخ العقد ولا يؤخذ بالظروف الاستثنائية الأدنى منها والتي لا تؤدي للفسخ وإن كانت تجعل التنفيذ مرهقاً
-2-
تعتبر هذه القاعدة تدخلاً كبيراً في حرية المتعاقدين التي غالباً لا يؤخذ بها القانون العام الإنجليزي ولكنها لا تعتبر شاذة في ظل القانون المدني الذي يأخذ بنظرية التعسف في استعمال الحق
3-أخذ قانون العقود لسنة 1974 بهذه القاعدة في المادة 73 منه
الحكـــم
22/5/1973
هذه الطعن بالنقض في حكم المحكمة الكلية دائرة مديرية كسلا المؤرخ 15/8/72 في إعادة النظر رقم 69/72 والقاضي بتأييد حكم محكمة القضارف الجزئية ضد الطاعن بدفع مبلغ 826500 جنيهاً
وحيث أنه مما يبين من الحكم أنه كان حصيلة المذكرات الفردية التي حررها كل من أعضاء المحكمة الكلية المنعقدة بهيئة استئنافية
ولما كان قانون المرافعات قد نص صراحة في مادته 168 على أن توقع نسخة الحكم الأصلي من القضاة الذين اشتركوا فيه وتودع فور النطق به ملف الدعوى وتحفظ به وحيث أن ذلك لا يكون إلا نتيجة مداولة سرية فإن مقتضى تطبيق ذلك كان يحتم عدم وضع مذكرات متعددة في الملف لأن وضعها يعتبر كاشفاً لسرية المداولة وإنما يجب احتواء الملف على حكم موحد موقع عليه من جميع قضاة الدائرة وكأنه صادر منهم جميعاً أما بقية المذكرات الفردية فإن مصيرها تحدده المداولة وحسم الأمر بالتصويت (راجع ط م / م ع / 4/72 وأيضاً ط م/م ع/154/72)
وحيث أن ما جاء في الحكم من تعدد للمذكرات يعتبر مجافياً لما يقتضي به قانون المرافعات فإننا نكتفي بالتنبيه على ضرورة مراعاة ذلك مستقبلاً
وتتلخص وقائع الطعن في أن المطعون ضده قد أقام الدعوى المدنية رقم 33/70 بمحكمة القضارف الجزئية يطالب فيها الطاعن باسترداد مبلغ 1120 جنيهاً أو ما يعادلها من الذرة وفي بيان دعواه يقرر أنه قد اتفق بموجب عقد كتابي بتاريخ 6/1/70 على شراء 1500 جوال ذرة بسعر الجوال 222 قرشاً على أن يدفع الثمن على أقساط أولها مبلغ 1120 جنيهاً قام المدعي بدفعها فعلاً إلا أنه لم بعد عشرة أيام من توقيع العقد وقبل استلام أي كمية من الذرة حددت الحكومة سعر الذرة بواقع 190 قرشاً للجوال وطالب المدعي إنقاص السعر بحسب التحديد الحكومي إلا أن الطاعن رفض ذلك وقد رد المدعى عليه (الطاعن) بأنه عرض الذرة على المدعي تنفيذاً للعقد قبل أن يطالب المدعي بالسعر الحكومي كما يدفع المدعى عليه بعدم انطباق السعر الجديد عليه وذلك لعدم رجعية أثرها عليه كما أقام المدعى عليه دعوى فرعية يطالب المدعي فيها بمبلغ 1433 جنيهاً تفاصيلها كالآتي :
-1-
مبلغ 600 جنيه تكبدها المدعى عليه في نقل الذرة بعربات تجارية بينما كان ينوي شراء عربة بمبالغ الشيكات التي أعطاها له المدعي كبقية لثمن الذرة المتفق عليه والتي أوقف المدعي صرفها
-2-
مبلغ 8330 جنيهاً نتيجة فرق نزول الأسعار بسبب عدم استلام المدعي للكميات المتفق عليها
بعد الاستماع إلي بينة الطرفين أصدرت المحكمة الجزئية حكمها والقاضي بدفع المدعي عليه للمدعي مبلغ 826500 جنيهاً مع شطب الدعوى الفرعية
وقد كان حكمها محلاً للاستئناف لدى المحكمة الكلية والتي أصدرت قرارها مؤيدة حكم محكمة الموضوع وكان طلب الطعن بالنقض ضد ذلك الحكم
وحاصل الطعن أن محكمة الموضوع قد تراخت في إصدار حكمها حتى صدرت القوانين المدنية الجديدة والتي جاءت لصالح المطعون ضده
كما ينعى الطاعن على الحكم في أنه جاء مخالفاً للقانون إذ قضى بتطبيق المادة 137 (2) من القانون المدني لسنة 1971 دون أن يطلب منه المطعون ضده ذلك كما أن ذلك التطبيق غير صحيح نظراً لصدور ذلك القانون في وقت لاحق لنشوء الموافقة المتفق عليها
وينعى الطاعن على الحكم في أنه قد قرر بأن سوق القضارف هو مكان التسليم بينما المتفق عليه والثابت بشهادة الشهود أن مكان التسليم هو المشروع
كما يعيب الطاعن على الحكم في أنه لم يتح له الفرصة لإثبات أن الغرض من بيع الذرة هو شراء اللوري والذي فشل في شرائه نتيجة الإخلال بالعقد المتفق عليه وأن المحكمة لم تسمح له بإحضار شاهده لإثبات ذلك الأمر
وحيث أن القانون المدني يتعين تطبيقه على جميع المسائل التي يتم الفصل فيها عند صدوره وحيث أن القضية قد حفظت للحكم في 17/4/71 وحيث أن القانون المدني أصبح سارياً منذ أكتوبر 1971 , فإنه يصبح بلا نزاع وحسب قانون إصداره هو القانون الواجب التطبيق على النزاع الذي نحن بصدده مما لا يكون معه للطاعن المتعلق بتطبيق المادة 137(2) منه مكاناً
وحيث أن الثابت أن المدعي (المطعون ضده) قد اتفق مع الطاعن (المدعى عليه) على شراء كمية من الذرة بالأسعار التي جاءت في مذكرة الدعوى وذلك في 6/1/70
وحيث أن الثابت أن العقد المتفق عليه من العقود متراخية التنفيذ إذ أنه بالنسبة للثمن فقد ثبت أن ما دفع منه مقدماً في 6/1/70 مبلغ 1120 جنيهاً ودفع الباقي على جزأين بشيكين أحدهما بمبلغ 1250 جنيهاً مستحق الدفع في 18/1/1970 والثاني بمبلغ 568 جنيهاً مستحق الدفع في 25/1/1970
وحيث أن الثابت أن الذرة المتفق عليها لن تكن وقد سلمت وقت الاتفاق بل ولم يكن قد بدء في حصادها إلا في 29/1/1970
وحيث أن الثابت أن الحكومة قد قامت بتحديد سعر أردب الذرة بمبلغ 380 قرشاً أي بتخفيض قدره 65 قرشاً عن السعر المتفق عليه وذلك في 17/1/1970
وحيث أن الثابت بمقارنة التواريخ المتقدمة أن التحديد الحكومي للسعر كان قبل بداية المدعى عليه (الطاعن) في بدء حصاد محصوله
وحيث أن محكمة الموضوع قد أعملت المادة 137(2) والتي أتاحت للمحكمة رد الالتزام المرهق إلي الحد المعقول وذلك حيث تطرأ حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها وترتب على حدوثها أن صار تنفيذ الالتزام التعاقدي مرهقاً للمدين بحيث يهدده بخسارة فادحة وذلك طبقاً للظروف وبعد الموازنة بين مصلحة الطرفين بحيث يقع باطلاً كل اتفاق على خلاف ذلك
وحيث أن رد الالتزام إلى الحد المعقول يتطلب شروطاً معينة هي أن يكون العقد متراخي التنفيذ وأن يطرأ قبل تنفيذه حادث استثنائي عام غير متوقع وأن يصبح تنفيذه بحسب ذلك مرهقاً
وحيث أنه قد تبين لنا أن العقد يعتبر فعلاً من فئة القعود المتراخية التنفيذ بالنسبة لأداءاته المتقابلة بحسب التوضيح الذي أسلفناه
حيث أن تحديد السعر الحكومي قد جاء قبل تنفيذ العقد إذ جاء ذلك التحديد في 17/1/1970 بينما الذرة لم يبدأ في حصاده إلا في 29/1/70
وحيث أن صفة العمومية متوفرة إذ أن ذلك التحديد لم يكن خاصاً بالمطعون ضده أي لم يكن متعلقاً بالمدين كمرضه أو إفلاسه وإنما كان ظرفاً عاماً ينطبق على العامة
وحيث أن الثابت أن ذلك التحديد قد جاء بصفة استثنائية وغير متوقع بل وليس في مقدور المطعون ضده دفعه ببذل الجهد المعقول
وحيث أن تنفيذ ذلك العقد يهدد الذمة المالية للمطعون ضده بخسارة مالية وغير مألوفة حتى وأن تحققت في المدين صفات شخصية قد تخفف من أثر تلك الخسارة بحيث يتعين على المحكمة اللجوء إلى معيار موضوعي بحت بحيث لا يرقي بالاً للظروف الشخصية للمطعون ضده
وحيث أنه بثبوت تلك الشروط في المادة 137 تخول المحكمة سلطة التدخل في التعديل ومن ثم فإن محكمة الموضوع بتدخلها برد الالتزام إلى الحد الذي قررته لا تكون قد أخلت بالقانون وليس في قرارها ما يشوبه قانوناً
وحيث الأمر كذلك فإن قرار محكمة الموضوع برد الالتزام يعتبر قراراً صحيحاً وموافقاً للقانون
وحيث أن الخسارة المطالب بها في الدعوى الفرعية المتعلق أمرها بمسائل الواقع مما يخرجها من سلطان المحكمة العليا
وحيث أن الأمر كذلك فإننا نأمر برفض الطعن ومصادرة الكفالة